روائع أخلاق الرسول الأمانة1 - رَدُّ الأمانات إلى أهلها عند الهجرة:
عن عائشة رضي الله عنها في هجرة النبي r قالت: وأمر - تعنى رسول الله r - عليا t أن يتخلف عنه بمكة، حتى يؤدى عن رسول الله r الودائع التي كانت عنده للناس، وكان رسول الله r وليس بمكة أحد عنده شيء يخشى عليه إلا وضعه عنده، لما يعلم من صدقه وأمانته... فخرج رسول الله r، وأقام علي بن أبى طالب t ثلاث ليال وأيامها، حتى أدَّى عن رسول الله r الودائع التي كانت عنده للناس، حتى إذا فرغ منها لحق رسولَ الله r.[1]
2 – ردُّ مفتاح الكعبة إلى عثمان بن طلحة t:
عن ابن جريج قوله تعالى:"إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا"[2]r مفتاح الكعبة، ودخلَ به البيت يوم الفتح، فخرج وهو يتلو هذه الآية، فدعا عثمان فدفع إليه المفتاح.[3] ، قال: نزلت في عُثمان بن طلحة بن أبي طلحة، قَبض منه النبي
3 – لا يأكل "تمرة" ربما سقطت من الصدقة:
عن أبي هريرة عن محمد رسول الله r أنه قال: "وَاللَّهِ إِنِّي لأَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِي فَأَجِدُ التَّمْرَةَ سَاقِطَةً عَلَى فِرَاشِي - أَوْ فِي بَيْتِي - فَأَرْفَعُهَا لآكُلَهَا ثُمَّ أَخْشَى أَنْ تَكُونَ صَدَقَةً - أَوْ مِنَ الصَّدَقَةِ - فَأُلْقِيهَا"[4].
[1] البيهقي: السنن الكبرى 6/289 (12477)، ابن كثير: البداية والنهاية 3/218، 219، الطبري: تاريخ الأمم والملوك 1/569.
[2] (النساء: 58).
[3] الطبري: جامع البيان في تأويل القرآن 8/491، 492، وابن كثير: تفسير القرآن العظيم 2/340.
[4] البخاري: كتاب اللقطة، باب إذا وجد تمرة في الطريق (2300)، مسلم: كتاب الزكاة، باب تحريم الزكاة على رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله (1070).
التواضع1 – الأمَةُ من إماء المدينة تنطلق به حيث شاءت:
عن أنس بن مالك t قال: كانت الأمة من إماء أهل المدينة لتأخذ بيد رسول الله r فتنطلق به حيث شاءت.[1]
2 - يَا أَبَا عُمَيْرٍ مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ:
يقول أنس بن مالك t كان النبي r يدخل على أم سُلَيْم[2] يُكَنَّى أبا عمير، وكان يمازحه، فدخل عليه فرآه حزينًا، فقال: ما لي أرى أبا عمير حزينًا؟! فقالوا: مات نُغْرُه[3] الذي كان يلعب به، قال: فجعل يقول: "أبَا عُمَيْر، مَا فَعَلَ النُّغَيْر؟"[4]. ، ولها ابن من أبي طلحة
والنغير: تصغير نغر، وهو طائر يشبه العصفور، أحمر المنقار، يسميه أهل المدينة "البلبل".
3 - يخصف نعله ويخيط ثوبه:
عن عائشة أنها: سئلت ما كان رسول الله r يعمل في بيته قالت: كَانَ يَخِيطُ ثَوْبَهُ وَيَخْصِفُ نَعْلَهُ وَيَعْمَلُ مَا يَعْمَلُ الرِّجَالُ فِي بُيُوتِهِمْ[5].
4 – أَنْتَ أَحَقُّ بِصَدْرِ دَابَّتِكَ مِنِّي:
عن عبد الله بن بريدة قال: سمعت أبا بريدة يقول: بينما رسول الله r يمشي جاء رجل ومعه حمار فقال: يا رسول الله اركب، وتأخر الرجل، فقال رسول الله r: "لاَ أَنْتَ أَحَقُّ بِصَدْرِ دَابَّتِكَ مِنِّي إِلاَّ أَنْ تَجْعَلَهُ لِي" قال: فإني قد جعلته لك، فركب r[6].
5 – ويمزح مع زاهر:
عن أنس t أن رجلا من أهل البادية كان اسمه زاهرا، كان يهدي للنبي r الهدية من البادية فيجهزه رسول الله r إذا أراد أن يخرج، فقال النبي r: "إِنَّ زَاهِرًا بَادِيَتُنَا وَنَحْنُ حَاضِرُوهُ" وكان النبي r يحبه، وكان رجلا دميمًا، فأتاه النبي r يومًا وهو يبيع متاعه، فاحتضنه من خلفه وهو لا يبصره، فقال الرجل: أرسلني، من هذا؟ فالتفت فعرف النبي r، فجعل لا يألو ما ألصق ظهره بصدر النبي r حين عرفه، وجعل النبي r يقول: "مَنْ يَشْتَرِي الْعَبْدَ" فقال: يا رسول الله إذًا والله تجدني كاسدًا، فقال النبي r: "لَكِنْ عِنْدَ اللهِ لَسْتَ بِكَاسِدٍ" أو قال: "لَكِن عِنْدَ اللهِ أَنْتَ غَالٍ"[7].
[1] البخاري: كتاب الأدب، باب الكبر (5724).
[2] أم سُلَيْم اسمها سهلة، ويقال: الغُمَيْصاء. كانت تحت مالك بن النضر أبي أنس بن مالك في الجاهلية. فولدت له أنس بن مالك، فلما جاء الله بالإسلام أسلمت مع قومها، ثم تزوجت بعده أبو طلحة الأنصاري، وتوفيت في حدود 40هـ في خلافة معاوية. الإصابة الترجمة (12066).
[3] طائر صغير يشبه العصفور منقاره أحمر.
[4] البخاري: كتاب الأدب، باب الكُنْيَة للصبي وقبل أن يولد للرجل (5850)، ومسلم: كتاب الآداب، باب استحباب تحنيك المولود عند ولادته (2150)، وأبو داود (4969)، والترمذي (333).
[5] أحمد (23756)، وقال شعيب الأرناءوط: حديث صحيح.
[6] رواه أبو داود: كتاب الجهاد، باب رب الدابة أحق بصدرها (2572)، وقال الشيخ الألباني: صحيح انظر صحيح الجامع (1478).
[7] رواه أحمد (12669)، وقال شعيب الأرناءوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين.
الحلم1 – اذهبوا فأنتم الطلقاء:
لما فتح رسول الله r مكة جمع قريشًا فقال لهم: يا معشر قريش، إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظمها بالآباء الناس من آدم وآدم من تراب ثم تلا هذه الآية "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ.."[1] الآية كلها. ثم قال يا معشر قريش ما ترون أني فاعل فيكم؟ قالوا: خيرا، أخ كريم وابن أخ كريم. قال "اذهبوا فأنتم الطلقاء"[2].
2 – جَذَبَهُ أعرابي فأمر له بعطاء!!
عن أنس بن مالك t قال: كنت أمشي مع النبي r وعليه برد نجراني غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي فجذبه جذبة شديدة، حتى نظرت إلى صفحة عاتق النبي r قد أثرت به حاشية الرداء من شدة جذبته، ثم قال: مر لي من مال الله الذي عندك، فالتفت إليه فضحك، ثم أمر له بعطاء[3].
3 - يدعو بالهداية لمن آذاه:
عن عبد الله بن عبيد قال: لما كسرت رباعية[4]r، وشُجَّ[5]r: "إِنَّ اللهَ تَعَالَى لَمْ يَبْعَثْنِي طَعَانًا وَلا لَعَّانًا، وَلَكِن بَعَثَنَي دَاعِية وَرَحْمَة، اللهُمَّ اغْفِر لِقَومِي فَإنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ"[6]r، قال أبو هريرة t: قدم طفيل بن عمرو الدوسي وأصحابه على النبي r فقالوا يا رسول الله إن دوسا عصت وأبت فادع الله عليها فقيل هلكت دوس قال: "اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا وَأْتِ بِهِمْ"[7]. وعندما عَصَتْ قبيلةُ دوسٍ في بداية أمرها أَمَرَ رسول الله في جبهته، فجعلت الدماء تسيل على وجهه، قيل: يا رسول الله، ادع الله عليهم، فقال رسول الله
4 – من يمنعك مني:
يروي جابر بن عبد الله، يقول: قَاتَلَ رَسُولُ اللَّهِ r: مُحَارِبَ خَصَفَةَ[8]غِرَّةً؛ فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ: غَوْرَثُ بْنُ الْحَارِثِ حَتَّى قَامَ عَلَى رَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ r بِالسَّيْفِ؛ فَقَالَ: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قَالَ: "اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ"؛ فَسَقَطَ السَّيْفُ مِنْ يَدِهِ فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ r فَقَالَ: "مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟" قَالَ: كُنْ كَخَيْرِ آخِذٍ. قَالَ: "أَتَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ؟" قَالَ: لا. وَلَكِنِّي أُعَاهِدُكَ أَنْ لاَ أُقَاتِلَكَ، وَلاَ أَكُونَ مَعَ قَوْمٍ يُقَاتِلُونَكَ؛ فَخَلَّى سَبِيلَهُ. قَالَ: فَذَهَبَ إِلَى أَصْحَابِهِ قَالَ: قَدْ جِئْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ خَيْرِ النَّاسِ"[9]. بِنَخْلٍ فَرَأَوْا مِنَ الْمُسْلِمِينَ
5 - دَعُوهُمْ يَكُنْ لَهُمْ بَدْءُ الْفُجُورِ وَثِنَاهُ:
يقول سلمة بن الأكوع t: ".. ثُمَّ إِنَّ الْمُشْرِكِينَ رَاسَلُونَا الصُّلْحَ حَتَّى مَشَى بَعْضُنَا فِي بَعْضٍ وَاصْطَلَحْنَا قَالَ: وَكُنْتُ تَبِيعًا لِطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَسْقِي فَرَسَهُ وَأَحُسُّهُ وَأَخْدِمُهُ وَآكُلُ مِنْ طَعَامِهِوَتَرَكْتُ أَهْلِي وَمَالِي مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ r قَالَ: فَلَمَّا اصْطَلَحْنَا نَحْنُ وَأَهْلُ مَكَّةَ وَاخْتَلَطَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ أَتَيْتُ شَجَرَةً فَكَسَحْتُ شَوْكَهَا فَاضْطَجَعْتُ فِي أَصْلِهَا قَالَ: فَأَتَانِي أَرْبَعَةٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ فَجَعَلُوا يَقَعُونَ فِي رَسُولِ اللَّهِ r فَأَبْغَضْتُهُمْ فَتَحَوَّلْتُ إِلَى شَجَرَةٍ أُخْرَى وَعَلَّقُوا سِلاَحَهُمْ وَاضْطَجَعُوا فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ نَادَى مُنَادٍ مِنْ أَسْفَلِ الْوَادِي يَا لِلْمُهَاجِرِينَ قُتِلَ ابْنُ زُنَيْمٍ قَالَ:فَاخْتَرَطْتُسَيْفِي ثُمَّ شَدَدْتُ عَلَى أُولَئِكَالأَرْبَعَةِ وَهُمْ رُقُودٌ فَأَخَذْتُ سِلاَحَهُمْ فَجَعَلْتُهُ ضِغْثًا[10]r قَالَ: وَجَاءَ عَمِّي عَامِرٌ[11] بِرَجُلٍ مِنْ الْعَبَلاَتِ[12]يُقَالُ لَهُ مِكْرَزٌ يَقُودُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ r عَلَى فَرَسٍ مُجَفَّفٍ[13]r فَقَالَ: دَعُوهُمْ يَكُنْ لَهُمْ بَدْءُ الْفُجُورِ وَثِنَاهُ فَعَفَا عَنْهُمْ رَسُولُ اللَّهِ r[14]"[15]. فِي سَبْعِينَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ فِي يَدِي قَالَ: ثُمَّ قُلْتُ: وَالَّذِي كَرَّمَ وَجْهَ مُحَمَّدٍ لاَ يَرْفَعُ أَحَدٌ مِنْكُمْ رَأْسَهُ إِلاَّ ضَرَبْتُ الَّذِي فِيهِ عَيْنَاهُ قَالَ: ثُمَّ جِئْتُ بِهِمْ أَسُوقُهُمْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ
6 – أَعْطُوهُ سِنًّا مِثْلَ سِنِّهِ:
عن أبي هريرة t أن رجلاً تقاضى رسول الله r فَأَغْلَظَ فَهَمَّ بِهِ أَصْحَابُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: دَعُوهُ فَإِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالاً ثُمَّ قَالَ: أَعْطُوهُ سِنًّا مِثْلَ سِنِّهِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلاَّ أَمْثَلَ مِنْ سِنِّهِ فَقَالَ: أَعْطُوهُ فَإِنَّ مِنْ خَيْرِكُمْ أَحْسَنَكُمْ قَضَاءً"[16].
7 – لا يزيده شدة الجهل عليه إلا حلمًا:
قال زيد بن سعنة – وكان من أحبار اليهود قبل أن يسلم -: إنه لم يبق من علامات النبوة شيء إلا وقد عرفتها في وجه محمد r حين نظرت إليه، إلا اثنتين لم أخبرهما منه: يسبق حلمه جهله، ولا يزيده شدة الجهل عليه إلا حِلمًا، فكنت أتلطف له لأن أخالطه فأعرف حلمه وجهله.
قال: فخرج رسول الله r من الحجرات، ومعه علي بن أبي طالب، فأتاه رجل على راحلته كالبدوي، فقال: يا رسول الله، قرية بني فلان قد أسلموا ودخلوا في الإسلام، وكنت أخبرتهم أنهم إن أسلموا أتاهم الرزق رغدًا، وقد أصابهم شدة وقحط من الغيث، وأنا أخشى - يا رسول الله - أن يخرجوا من الإسلام طمعًا كما دخلوا فيه طمعًا، فإن رأيت أن تُرسِل إليهم من يُغيثهم به فعلت. قال: فنظر رسول الله r إلى رجل جانبه - أراه عمر - فقال: ما بقي منه شيء يا رسول الله.
قال زيد بن سعنة: فدنوت إليه، فقلت له: يا محمد، هل لك أن تبيعني تمرًا معلومًا من حائط بني فلان إلى أجل كذا وكذا؟ فقال: "لاَ يَا يَهُودِيّ، وَلَكِن أَبِيعُكَ تَمْرًا مَعْلُومًا إِلَى أَجَلِ كَذَا وَكَذَا، وَلا أُسَمِّي حَائِطَ بَنِي فُلانٍ"، قلت: نعم. فبايَعَنِي r، فأطلقت همياني، فأعطيته ثمانين مثقالاً من ذهب في تمر معلوم إلى أجل كذا وكذا، قال: فأعطاها الرجل وقال: "اعجل عليهم وأغثهم بها".
قال زيد بن سعنة: فلما كان قبل محل الأجل بيومين أو ثلاثة، خرج رسول الله r في جنازة رجل من الأنصار ومعه أبو بكر وعمر وعثمان، ونفر من أصحابه، فلما صلَّى على الجنازة دنا من جدار فجلس إليه، فأخذت بمجامع قميصه، ونظرت إليه بوجه غليظ، ثم قلت: ألا تقضيني - يا محمد - حقي؟ فوالله إنكم - يا بني عبد المطلب - قوم مُطْل، ولقد كان لي بمخالطتكم علم!!
قال: ونظرتُ إلى عمر بن الخطاب وعيناه تدوران في وجهه كالفلك المستدير، ثم رماني ببصره وقال: أي عدو الله، أتقول لرسول الله r ما أسمع، وتفعل به ما أرى؟! فوالذي بعثه بالحق، لولا ما أحاذر قوته لضربت بسيفي هذا عنقك. ورسول الله r ينظر إلى عمر في سكون وتؤدة، ثم قال: "إنَّا كنا أحوج إلى غير هذا منك يا عمر، أن تأمرني بحسن الأداء، وتأمره بحسن التباعة؛ اذهب به - يا عمر - فاقضه حقَّه، وزده عشرين صاعًا من تمر مكان ما رُعْتَهُ".
قال زيد: فذهب بي عمر فقضاني حقي، وزادني عشرين صاعًا من تمر، فقلت: ما هذه الزيادة؟ قال: أمرني رسول الله r أن أزيدك مكان ما رُعْتُكَ، فقلت: أتعرفني يا عمر؟ قال: لا، فمن أنت؟ قلت: أنا زيد بن سعنة. قال: الحَبْر؟ قلت: نعم، الحبر. قال: فما دعاك أن تقول لرسول الله r ما قلت، وتفعل به ما فعلت؟
فقلت: يا عمر، كل علامات النبوة قد عرفتُها في وجه رسول الله r حين نظرت إليه إلا اثنتين لم أختبرهما منه: يسبق حلمه جهله، ولا يزيده شدة الجهل عليه إلا حلمًا، فقد اختبرتهما، فأُشهدك - يا عمر - أني قد رضيت بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد r نبيًّا، وأشهدك أن شطر مالي - فإني أكثرها مالاً - صدقة على أمة محمد r.
فقال عمر: أو على بعضهم؛ فإنك لا تسعهم كلهم. قلت: أو على بعضهم. فرجع عمر وزيد إلى رسول الله r، فقال زيد: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله r"[17].
[1] (الحجرات: 13).
[2] ابن هشام: السيرة النبوية 2/ 411، وابن القيم: زاد المعاد 3/ 356، والسهيلي: الروض الأنف 4/ 170، وابن كثير: السيرة النبوية 3/ 570، وكذلك ابن حجر: فتح الباري 8/ 18، وقال الألباني: سنده ضعيف مرسل.
[3] البخاري: كتاب الخمس، باب ما كان النبي r يعطى المؤلفة قلوبهم وغيرهم من الخمس ونحوه (2980).
[4] الرباعية: السن بين الثنية والناب، وهي أربع، رباعيتان في الفك الأعلى، ورباعيتان في الفك الأسفل.
[5] شُج: جرَحه غيرُه.
[6] البخاري، كتاب الأنبياء، باب "أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم" (3290)، ومسلم: كتاب الجهاد والسير، باب غزوة أحد (1792) والبيهقي في شعب الإيمان (1447) واللفظ له.
[7] البخاري: كتاب الجهاد والسير، باب الدعاء للمشركين بالهداية ليتألفهم (2300)، ومسلم: كتاب فضائل الصحابة y، باب من فضائل غفار وأسلم... (2524).
[8] محارب خصفة بن قيس بن غيلان من بطون عدنان.
[9] البخاري: كتاب المغازي، باب غزوة ذات الرقاع (3905)، ومسلم في الفضائل، باب توكله على الله تعالى وعصمة الله تعالى له من الناس (843).
[10] الضِّغْث: الحُزْمة.
[11] هو عامر بن سنان الأنصاري، عم سلمة بن عمرو بن الأكوع، استشهد يوم خيبر، وهو الذي جعل يرتجز حين خرج يومها ويقول: بالله لولا الله ما اهتدينا ... ولا تصدقنا ولا صلينا. أسد الغابة 2/19 – الإصابة، الترجمة (4391).
[12] العَبَلات: مِنْ قُرَيْش، وَهُمْ أُمَيَّة الصُّغْرَى، وَالنِّسْبَة إِلَيْهِمْ (عَبَلِيّ)، لأنَّ اِسْم أُمّهمْ عَبْلَة. انظر: شرح النووي على مسلم 6/267.
[13] أَيْ عَلَيْهِ تِجْفَاف بِكَسْرِ التَّاء، وَهُوَ ثَوْب يَلْبَسهُ الْفَرَس لِيَقِيَهُ مِنَ السِّلاح. شرح مسلم للنووي 6/267.
[14] الْبَدْء: أَيْ اِبْتِدَاؤُهُ، وثِنَاهُ: أَيْ عَوْدَة ثَانِيَة.
[15] مسلم، كتاب الجهاد والسير باب غزوة ذي قرد وغيرها (1807)، وأحمد (16566).
[16] البخاري: كتاب الاستقراض وأداء الديون والحجر والتفليس، باب استقراض الإبل (2260)، ومسلم كتاب المساقاة، باب من استلف شيئا فقضى خيرًا منه (1601).
[17] ابن حبان (288)، والحاكم (6547)، والبيهقي ( 11066)، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: روى ابن ماجة منه طرفًا، ورواه الطبراني ورجاله ثقات.
الحياء1 – "فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ":
عن أنس بن مالك t قال مر بنا في مسجد بني رفاعة فسمعته يقول: كان النبي r إذا مر بجنبات أم سليم دخل عليها فسلم عليها ثم قال كان النبي r عروسا بزينب فقالت لي أم سليم لو أهدينا لرسول الله r هدية فقلت لها افعلي فعمدت إلى تمر وسمن وأقط فاتخذت حيسة في برمة فأرسلت بها معي إليه فانطلقت بها إليه فقال لي ضعها ثم أمرني فقال ادع لي رجالا سماهم وادع لي من لقيت قال ففعلت الذي أمرني فرجعت فإذا البيت غاص بأهله فرأيت النبي r وضع يديه على تلك الحيسة وتكلم بها ما شاء الله ثم جعل يدعو عشرة عشرة يأكلون منه ويقول لهم: "اذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ وَلْيَأْكُلْ كُلُّ رَجُلٍ مِمَّا يَلِيهِ" قال حتى تصدعوا كلهم عنها، فخرج منهم من خرج وبقي نفر يتحدثون، قال: وجعلت أغتم ثم خرج النبي r نحو الحجرات، وخرجت في إثره فقلت: إنهم قد ذهبوا، فرجع فدخل البيت وأرخى الستر وإني لفي الحجرة وهو يقول: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلاَ مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ[1]" [2].
2 – سبحان الله تطهري!!
عن عائشة أن امرأة سألت النبي r عن غسلها من المحيض فأمرها كيف تغتسل قال: "خُذِي فِرْصَةً[3] مِنْ مَسْكٍ فَتَطَهَّرِي بِهَا" قالت: كيف أتطهر قال: " تَطَهَّرِي بِهَا" قالت: كيف، قال: "سُبْحَانَ اللَّهِ تَطَهَّرِي" فاجتبذتها إلي، فقلت: تتبعي بها أثر الدم[4].
قال ابن حجر في الفتح: قوله "سبحان الله" زاد في الرواية الآتية: "استحيا وأعرض"[5].
3 – ويستحيي من عثمان:
عن عائشة قالت: كان رسول الله r مضطجعا في بيتي كاشفا عن فخذيه أو ساقيه فاستأذن أبو بكر فأذن له وهو على تلك الحال فتحدث، ثم استأذن عمر فأذن له وهو كذلك فتحدث، ثم استأذن عثمان فجلس رسول الله r وسوى ثيابه - قال محمد ولا أقول ذلك في يوم واحد - فدخل فتحدث، فلما خرج قالت عائشة: دخل أبو بكر فلم تهتش له ولم تباله ثم دخل عمر فلم تهتش له ولم تباله ثم دخل عثمان فجلست وسويت ثيابك فقال: "أَلاَ أَسْتَحِي مِنْ رَجُلٍ تَسْتَحِي مِنْهُ الْمَلاَئِكَةُ"[6].
[1] (الأحزاب: 53).
[2] البخاري: كتاب النكاح، باب الهدية للعروس (4868)، ومسلم، كتاب النكاح، باب زواج زينب بنت جحش (1428).
[3] أي قطعة من صوف أو قطن، أو جلدة عليها صوف.
[4] البخاري: كتاب الحيض، باب دلك المرأة نفسها إذا تطهرت من المحيض.. (308)، ومسلم: كتاب الحيض، باب استحباب استعمال المغتسلة من الحيض فرصة من مسك في موضع الدم (332).
[5] ابن حجر: فتح الباري 1/416.
[6] مسلم: كتاب فضائل الصحابة رضي اله عنهم، باب فضائل عثمان بن عفان t (2401)، أحمد (484).
الرحمة1 – يرحم غلام أبي مسعود الأنصاري:
يروي أبو مسعود الأنصاري t فيقول: كُنْتُ أَضْرِبُ غُلاَمًا لِي فَسَمِعْتُ مِنْ خَلْفِي صَوْتًا: اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ لَلَّهُ أَقْدَرُ عَلَيْكَ مِنْكَ عَلَيْهِ فَالْتَفَتُّ فَإِذَا هُوَ رَسُولُ اللَّهِ r فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هُوَ حُرٌّ لِوَجْهِ اللَّهِ فَقَالَ: أَمَا لَوْ لَمْ تَفْعَلْ لَلَفَحَتْكَ النَّارُ أَوْ لَمَسَّتْكَ النَّارُ"[1].
2 – "يا أنيس اذهب حيث أمرتك":
عن أنس بن مالك قال: "كان رسول r من أحسن الناس خلقا فأرسلني يوما لحاجة فقلت: والله لا أذهب وفي نفسي - أن أذهب لما أمرني به نبي الله r قال فخرجت حتى أمر على صبيان وهم يلعبون في السوق فإذا رسول الله r قابض بقفاي من ورائي؛ فنظرت إليه، وهو يضحك فقال: "يَا أُنَيْسُ اذْهَبْ حَيْثُ أَمَرْتُكَ" قلت: نعم أنا أذهب يا رسول الله، قال أنس: والله لقد خدمته سبع سنين أو تسع سنين ما علمت قال لشيء صنعت: لم فعلت كذا وكذا ولا لشيء تركت: هلا فعلت كذا وكذا"[2].
3 – وَيُقَبِّلُ "الحسن بن علي" رَحْمَةً بِهِ:
قَبَّل النبي r الحسن بن علي، وعنده الأقرع بن حابس[3]r فقال: "مَنْ لا يَرْحَمْ لا يُرْحَمْ"[4].، فقال الأقرع: إن لي عشرة من الولد ما قبَّلتُ منهم أحدًا، فنظر إليه رسول الله
4 – يطيل السجود رحمة بالصبي:
عن شداد بن الهاد[5]r في إحدى صلاتي العشاء، وهو حامل حَسَنًا أو حسينًا، فتقدم رسول الله r فوضعه ثم كبر للصلاة فصلَّى فسجد بين ظهراني صلاته سجدة أطالها قال أبي: فرفعت رأسي وإذا الصبي على ظهر رسول الله r وهو ساجد، فرجعت إلى سجودي، فلما قضى رسول الله r الصلاة قال الناس: يا رسول الله إنك سجدت بين ظهراني صلاتك سجدة أطلتها حتى ظننا أنه قد حدث أمر، أو أنه يوحى إليك، قال: "كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ وَلَكِنَّ ابْنِي ارْتَحَلَنِي فَكَرِهْتُ أَنْ أُعَجِّلَهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَاجَتَهُ"[6]. قال: "خرج علينا رسول الله
5 – ويرحم زوجه عائشة رضي الله عنها:
اسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ t عَلَى النَّبِيِّ r فَسَمِعَ صَوْتَ عَائِشَةَ رضي الله عنها - ابنته – عَالِيًا، فَلَمَّا دَخَلَ تَنَاوَلَهَا لِيَلْطِمَهَا، وَقَالَ أَلاَ أَرَاكِ تَرْفَعِينَ صَوْتَكِ عَلَى رَسُولِ اللَّه r، فَجَعَلَ النَّبِيُّ r يَحْجِزُهُ وَخَرَجَ أَبُو بَكْرٍ مُغْضَبًا فَقَالَ النَّبِيُّ r حِينَ خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ: "كَيْفَ رَأَيْتِنِي أَنْقَذْتُكِ مِنَ الرَّجُلِ؟ "قَالَ: فَمَكَثَ أَبُو بَكْرٍ أَيَّامًا ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ r فَوَجَدَهُمَا قَدِ اصْطَلَحَا فَقَالَ لَهُمَا: أَدْخِلاَنِي فِي سِلْمِكُمَا كَمَا أَدْخَلْتُمَانِي فِي حَرْبِكُمَا فَقَالَ النَّبِيُّ r: قَدْ فَعَلْنَا قَدْ فَعَلْنَا"[7].
6 – اذهب فأطعمه أهلك:
عن أبي هريرة t قال: جاء رجل إلى رسول الله r فقال هلكت فقال وما ذاك قال وقعت بأهلي في رمضان قال تجد رقبة قال لا قال هل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين قال لا قال فتستطيع أن تطعم ستين مسكينا قال لا قال فجاء رجل من الأنصار بعرق والعرق المكتل فيه تمر فقال اذهب بهذا فتصدق به قال أعلى أحوج منا يا رسول الله والذي بعثك بالحق ما بين لابتيها أهل بيت أحوج منا ثم قال اذهب فأطعمه أهلك[8].
7 - عن أبي مسعود الأنصاري قال: جاء رجل إلى رسول الله r فقال يا رسول الله إني والله لأتأخر عن صلاة الغداة من أجل فلان مما يطيل بنا فيها قال فما رأيت النبي r قط أشد غضبا في موعظة منه يومئذ ثم قال: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ فَأَيُّكُمْ مَا صَلَّى بِالنَّاسِ فَلْيُوجِزْ فَإِنَّ فِيهِمُ الْكَبِيرَ وَالضَّعِيفَ وَذَا الْحَاجَةِ"[9].
8 – فَإِنَّ اللهَ قَد غَفَرَ لَكَ:
عن أبي أمامة t قال: بينما رسول الله r في المسجد ونحن قعود معه إذ جاء رجل فقال يا رسول الله إني أصبت حدا فأقمه علي فسكت عنه رسول الله r ثم أعاد فقال يا رسول الله إني أصبت حدا فأقمه علي فسكت عنه وأقيمت الصلاة فلما انصرف نبي الله r قال أبو أمامة فاتبع الرجل رسول الله r حين انصرف واتبعت رسول الله r أنظر ما يرد على الرجل فلحق الرجل رسول الله r فقال يا رسول الله إني أصبت حدا فأقمه علي قال أبو أمامة فقال له رسول الله r "أَرَأَيْتَ حِينَ خَرَجْتَ مِنْ بَيْتِكَ أَلَيْسَ قَدْ تَوَضَّأْتَ فَأَحْسَنْتَ الْوُضُوءَ" قال بلى يا رسول الله قال: "ثُمَّ شَهِدْتَ الصَّلاَةَ مَعَنَا" فقال نعم يا رسول الله، قال فقال له رسول الله r: "فَإِنَّ اللهَ قَد غَفَرَ لَكَ حَدَّكَ" - أو قال – "ذَنْبَكَ"[10].
9 – يخفف الصلاة رحمة بأم الصبي:
عن أبي قتادة عن النبي r قال: "إِنِّي لأَقُومُ فِي الصَّلاَةِ أُرِيدُ أَنْ أُطَوِّلَ فِيهَا فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ فَأَتَجَوَّزُ فِي صَلاَتِي كَرَاهِيَةَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمِّهِ"[11].
[1] مسلم: كتاب الأيمان، باب صحبة المماليك وكفارة من لطم عبده (1659)، وأبو داود (5159)، والترمذي (1948)، وأحمد (22404)، والبخاري في الأدب المفرد (171)، والطبراني في الكبير (683)، وعبد الرزاق (17933).
[2] مسلم: كتاب الفضائل، باب كان رسول الله r أحسن الناس خُلُقًا (2310)، وأبو داود (4773).
[3] الأقرع بن حابس هو: ابن عقال التميمي المجاشعي الدرامي، وفد على النبي r، وشهد فتح مكة وحُنينًا والطائف، وهو من المؤلفة قلوبهم، وقد حَسُنَ إسلامُه. شهد فتح العراق وفتح الأنبار وكان على مقدمة خالد بن الوليد. الاستيعاب1/193، أسد الغابة1/149، الإصابة: الترجمة (229).
[4] البخاري كتاب الأدب، باب رحمة الولد وتقبيله ومعانقته (5651)، ومسلم: كناب الفضائل باب رحمته r بالصبيان والعيال. . (2318).
[5] شداد بن الهاد، واسم الهاد: أسامة بن عمرو وسمي كذلك لأنه كان يوقد النار ليلاً للأضياف. شهد الخندق وسكن المدينة، وتحول إلى الكوفة، وله رواية عن النبي r عن ابن مسعود. انظر الإصابة (3856)،أسد الغابة: (2/374).
[6] النسائي (1141)، وأحمد (27688)، الحاكم (4775)، وصححه ووافقه الذهبي، وابن خزيمة (936)، وابن حبان (2805)، واستدلَّ به الألباني في إطالة الركوع. انظر: صفة صلاة النبي للألباني ص148.
[7] أبو داود (4999)، وأحمد (18418)، والنسائي في السنن الكبرى (8495)، وقال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط مسلم.
[8] البخاري: كتاب كفارات الأيمان، باب من أعان المعسر في الكفارة (2460)، مسلم: كتاب الصيام، باب تغليظ تحريم الجماع في نهار رمضان... (1111).
[9] البخاري: كتاب الأحكام، باب هل يقضي القاضي أو يفتي وهو غضبان (6740)، ومسلم: كتاب الصلاة، باب أمر الأئمة بتخفيف الصلاة (466).
[10] مسلم: كتاب التوبة، باب قوله تعالى"إن الحسنات يذهبن السيئات" (2765).
[11] البخاري: كتاب الجماعة والإمامة (15)، باب من أخف الصلاة عند بكاء الصبي (675)، ومسلم: كتاب الصلاة (4)، باب أمر الأئمة بتخفيف الصلاة (470).
الشجاعة1 – لم تراعوا لم تراعوا:
عن أنس t قال: كان النبي r أحسن الناس وأشجع الناس ولقد فزع أهل المدينة ليلة فخرجوا نحو الصوت فاستقبلهم النبي r، وقد استبرأ الخبر، وهو على فرس لأبي طلحة عري، وفي عنقه السيف، وهو يقول: "لَمْ تُرَاعُوا لَمْ تُرَاعُوا" ثم قال: "وَجَدْنَاهُ بَحْرًا[1]" أو قال: "إِنَّهُ لَبَحْرٌ"[2].
2 – الأقرب إلى العدو عند الحرب:
عن علي t قال لقد رأيتنا يوم بدر ونحن نلوذ برسول الله r وهو أقربنا إلى العدو وكان من أشد الناس يومئذ بأسًا[3].
3 – تسترضيه قريش خوفا منه:
عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال قلت له ما أكثر ما رأيت قريشا أصابت من رسول الله r فيما كانت تظهر من عداوته قال: حضرتهم وقد اجتمع أشرافهم يوما في الحجر فذكروا رسول الله r فقالوا ما رأينا مثل ما صبرنا عليه من هذا الرجل قط سفه أحلامنا وشتم آباءنا وعاب ديننا وفرق جماعتنا وسب آلهتنا لقد صبرنا منه على أمر عظيم أو كما قالوا قال فبينما هم كذلك إذ طلع عليهم رسول الله r فأقبل يمشي حتى استلم الركن ثم مر بهم طائفا بالبيت فلما أن مر بهم غمزوه ببعض ما يقول قال فعرفت ذلك في وجهه ثم مضى فلما مر بهم الثانية غمزوه بمثلها فعرفت ذلك في وجهه ثم مضى ثم مر بهم الثالثة فغمزوه بمثلها فقال: "تَسْمَعُونَ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ أَمَا وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِالذَّبْحِ" فأخذت القوم كلمته حتى ما منهم رجل الا كأنما على رأسه طائر واقع حتى ان أشدهم فيه وصاه قبل ذلك ليرفأه بأحسن ما يجد من القول حتى إنه ليقول: انصرف يا أبا القاسم، انصرف راشدًا، فوالله ما كنت جهولاً، قال: فانصرف رسول الله r...[4].
4 – لم يفر r يوم حنين:
عن أبي إسحاق: قال رجل للبراء بن عازب رضي الله عنهما أفررتم عن رسول الله r يوم حنين؟ قال: لكن رسول الله لم يفر، إن هوازن كانوا قوما رماة وإنا لما لقيناهم حملنا عليهم فانهزموا فأقبل المسلمون على الغنائم، واستقبلونا بالسهام، فأما رسول الله r فلم يفر، فلقد رأيته وإنه لعلى بغلته البيضاء، وإن أبا سفيان آخذ بلجامها والنبي r يقول: "أَنَا النَّبِيُّ لاَ كَذِبْ أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ"[5].
[1] أي واسع الجري.
[2] البخاري: كتاب الجهاد والسير، باب الحمائل وتعليق السيف بالعنق (5098)، ومسلم: كتاب الفضائل، باب شجاعة النبي r وتقدمه للحرب (2307).
[3] أحمد: (619)، وابن أبي شيبة (32614).
[4] أحمد (6739) تعليق شعيب الأرناءوط: إسناده حسن.
[5] البخاري: كتاب الجهاد والسير (60)، باب من قاد دابة غيره في الحرب (2709)، ومسلم: كتاب الجهاد والسير (32)، باب غزوة حنين (1776).
الكرم1 – لا تجدوني بخيلاً:
عن جبير بن مطعم أنه بينما هو يسير مع رسول الله r ومعه الناس مَقْفَلَهُ مِنْ حُنَيْنٍ فَعَلِقَهُ النَّاسُ يَسْأَلُونَهُ حَتَّى اضْطَرُّوهُ إِلَى سَمُرَةٍ فَخَطِفَتْ رِدَاءَهُ فَوَقَفَ النَّبِيُّ r فَقَالَ: "أَعْطُونِي رِدَائِي لَوْ كَانَ لِي عَدَدُ هَذِهِ الْعِضَاهِ نَعَمًا لَقَسَمْتُهُ بَيْنَكُمْ ثُمَّ لاَ تَجِدُونِي بَخِيلاً وَلاَ كَذُوبًا وَلاَ جَبَانًا"[1].
2 – يعطي عطاء من لا يخشى الفاقة:
عن موسى بن أنس عن أبيه قال: ما سئل رسول الله r على الإسلام شيئا إلا أعطاه قال: فجاءه رجل فأعطاه غنما بين جبلين، فرجع إلى قومه، فقال: يا قوم أسلموا، فإن محمدا يعطي عطاء من لا يخشى الفاقة
3 – أجود بالخير من الريح المرسلة:
عن ابن عباس قال: كان رسول الله r أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلرسول الله r أجود بالخير من الريح المرسلة[2].
4 – يعطي بردته لأحد أصحابه:
عن سهل بن سعد قال: جاءت امرأة إلى النبي r ببردة، فقال سهل للقوم: أتدرون ما البردة؟ فقال القوم: هي الشملة، فقال سهل: هي شملة منسوجة فيها حاشيتها، فقالت: يا رسول الله أكسوك هذه فأخذها النبي r محتاجا إليها فلبسها، فرآها عليه رجل من الصحابة، فقال: يا رسول الله ما أحسن هذه فاكسنيها، فقال: "نَعَمْ" فلما قام النبي r لامه أصحابه، قالوا: ما أحسنت حين رأيت النبي r أخذها محتاجا إليها، ثم سألته إياها، وقد عرفت أنه لا يسأل شيئا فيمنعه، فقال: رجوت بركتها حين لبسها النبي r لعلي أكفن فيها[3].
5 - سألته فأعطاني ثمّ سألته فأعطاني:
عن عروة بن الزبير وسعيد بن المسيب أن حكيم بن حزام t قال: سألت رسول الله r فأعطاني ثم سألته فأعطاني ثم سألته فأعطاني ثم قال: "يَا حَكِيمُ إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ فَمَنْ أَخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلاَ يَشْبَعُ الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى" قال حكيم: فقلت يا رسول الله والذي بعثك بالحق لا أرزأ أحدا بعدك شيئا حتى أفارق الدنيا فكان أبو بكر t يدعو حكيما إلى العطاء فيأبى أن يقبله منه ثم إن عمر t دعاه ليعطيه فأبى أن يقبل منه شيئا فقال عمر إني أشهدكم يا معشر المسلمين على حكيم أني أعرض عليه حقه من هذا الفيء فيأبى أن يأخذه فلم يرزأ حكيم أحدا من الناس بعد رسول الله r حتى توفي[4].
6 – لست بباخل:
عن سلمان بن ربيعة قال: قال عمر بن الخطاب t قسم رسول الله r قسما فقلت والله يا رسول الله لغير هؤلاء كان أحق به منهم. قال "إِنَّهُمْ خَيَّرُونِي أَنْ يَسْأَلُونِي بِالْفُحْشِ أَوْ يُبَخِّلُونِي فَلَسْتُ بِبَاخِلٍ"[5].
8 – عن أنس t قال: أتي النبي r بمال من البحرين فقال: "انْثُرُوهُ[6] فِي الْمَسْجِدِ". وكان أكثر مال أتي به رسول الله r فخرج رسول الله r إلى الصلاة ولم يلتف إليه فلما قضى الصلاة جاء فجلس إليه فما كان يرى أحدا إلا أعطاه إذ جاءه العباس فقال: يا رسول الله أعطني فإني فاديت[7] نفسي وفاديت عقيلا، فقال له رسول الله r "خُذْ". فحثا[8] في ثوبه ثم ذهب يقله[9] فلم يستطع فقال يا رسول الله مر بعضهم يرفعه إلي قال "لاَ". قال فارفعه أنت علي قال: "لاَ". فنثر منه ثم ذهب يقله فقال: يا رسول الله مر بعضهم يرفعه علي قال: "لا". قال فارفعه أنت علي قال: "لاَ". فنثر منه ثم احتمله فألقاه على كاهله[10] ثم انطلق فما زال رسول الله r يتبعه بصره حتى خفي علينا عجبًا[11] من حرصه، فما قام رسول الله r وثَمَّ[12] منها درهم[13].
[1] البخاري: كتاب الجهاد والسير، باب الشجاعة في الحرب (2666)، والنسائي (3688).
[2] البخاري: كتاب بدء الوحي، باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله r (6)، ومسلم: كتاب الفضائل، باب كان النبي r أجود الناس بالخير (2308).
[3] البخاري: كتاب الأدب، باب حسن الخلق والسخاء وما يكره من البخل (5689)، والطبراني في الكبير (5785).
[4] البخاري: كتاب الزكاة، باب الاستعفاف عن المسألة (1403)، والترمذي (2463).
[5] مسلم: كتاب الزكاة، باب إعطاء من يسأل بفحش وغلظة (1056).
[6] أي صُبوه.
[7] دفعت الفداء يوم بدر حيث أخذ أسيرًا هو وعقيل ابن أخيه.
[8] من الحثية وهي ملء اليد.
[9] يرفعه ويحمله.
[10] ما بين كتفيه.
[11] تعجبًا.
[12] أي هناك، أي أنه صلى الله عليه وسلم وزعها جميعًا ولم يبق درهمًا واحدًا لنفسه.
[13] البخاري: أبواب المساجد (11)، باب القسمة وتعليق القبو في المسجد (411)،
الصبر1 – أُوذِيَ مُوسَى بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَصَبَرَ:
قسم النبي r قسمة كبعض ما كان يقسم فقال رجل من الأنصار والله إنها لقسمة ما أريد بها وجه الله قلت أما أنا لأقولن للنبي r فأتيته وهو في أصحابه فساررته فشق ذلك على النبي r وتغير وجهه وغضب حتى وددت أني لم أكن أخبرته ثم قال: "قَدْ أُوذِيَ مُوسَى بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَصَبَرَ"[1].
2 – "أُوعَكُ كَمَا يُوعَكُ رَجُلاَنِ مِنْكُمْ"
عن عبد الله بن مسعود t قال: دخلت على رسول الله r وهو يوعك فقلت يا رسول الله إنك توعك وعكا شديدا. قال "أَجَلْ إِنِّي أُوعَكُ كَمَا يُوعَكُ رَجُلاَنِ مِنْكُمْ". قلت: ذلك أن لك أجرين قال: "أَجَلْ ذَلِكَ كَذَلِكَ، مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى شَوْكَةٌ فَمَا فَوْقَهَا، إِلاَّ كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا سَيِّئَاتِهِ، كَمَا تَحُطُّ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا".
3 – الصبر عند الصدمة الأولى:
عن أنس بن مالك t قال مر النبي r بامرأة تبكى عند قبر فقال: "اتَّقِي اللَّهَ وَاصْبِرِي". قالت: إليك عني، فإنك لم تصب بمصيبتي، ولم تعرفه. فقيل لها إنه النبي r. فأتت باب النبي r فلم تجد عنده بوابين فقالت لم أعرفك. فقال: "إِنَّمَا الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولَى"[2].
4 – الصبر على أذى قريش:
عن عبد الله بن مسعود t قال: بينما رسول الله r قائم يصلي عند الكعبة وجمع قريش في مجالسهم إذ قال قائل منهم: ألا تنظرون إلى هذا المرائي، أيكم يقوم إلى جزور آل فلان فيعمد إلى فرثها ودمها وسلاها فيجيء به ثم يمهله حتى إذا سجد وضعه بين كتفيه؟ فانبعث أشقاهم، فلما سجد رسول الله r وضعه بين كتفيه وثبت النبي ساجدا فضحكوا حتى مال بعضهم إلى بعض من الضحك فانطلق منطلق إلى فاطمة عليها السلام، وهي جويرية فأقبلت تسعى وثبت النبي r ساجدا حتى ألقته عنه وأقبلت عليهم تسبهم فلما قضى رسول الله r الصلاة قال: "اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ". ثم سمَّى: "اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِعَمْرِو بْنِ هِشَامٍ وَعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَشَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَالْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ وَأُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ وَعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ وَعُمَارَةَ بْنِ الْوَلِيدِ". قال عبد الله: فوالله لقد رأيتهم صرعى يوم بدر ثم سحبوا إلى القليب قليب بدر ثم قال رسول الله r: "وَأُتْبِعَ أَصْحَابُ الْقَلِيبِ لَعْنَةً"[3].
[1] البخاري: كتاب الأدب، باب الصبر على الأذى (5749)، ومسلم: كتاب الزكاة، باب إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام، وتصبر من قوي إيمانه (1062).
[2] البخاري: كتاب الجنائز، باب زيارة القبور (1223)، ومسلم: كتاب الجنائز، باب في الصبر على المصيبة عند الصدمة الأولى (1223).
[3] البخاري: أبواب سترة المصلي (12)، باب المرأة تطرح عن المصلي شيئًا من الأذى (498)، ومسلم: كتاب الجهاد والسير (32)، باب ما لقي النبي r من أذى المشركين والمنافقين (1794).
العدل1 – لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا:
عن عائشة رضي الله عنها أن قريشا أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت فقالوا ومن يكلم فيها رسول الله r فقالوا ومن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حب رسول الله r فكلمه أسامة فقال رسول الله r أتشفع في حد من حدود الله ثم قام فاختطب ثم قال: "إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا" [1].
2 – ويأمر بالعدل بين الأولاد:
عن عامر قال سمعت النعمان بن بشير رضي الله عنهما وهو على المنبر يقول: أعطاني أبي عطية فقالت عمرة بنت رواحة لا أرضى حتى تشهد رسول الله r فأتى رسول الله r فقال إني أعطيت ابني من عمرة بنت رواحة عطية فأمرتني أن أشهدك يا رسول الله قال "أَعْطَيْتَ سَائِرَ وَلَدِكَ مِثْلَ هَذَا" قال لا قال: "فَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلاَدِكُمْ" قال فرجع فرد عطيته[2].
3 – ويعدل بين أزواجه r:
عن هشام بن عروة عن أبيه قال قالت عائشة: يا ابن أختي كان رسول الله r لا يفضل بعضنا على بعض في القسم من مكثه عندنا وكان قل يوم إلا وهو يطوف علينا جميعا فيدنو من كل امرأة من غير مسيس، حتى يبلغ إلى التي هو يومها فيبيت عندها ولقد قالت سودة بنت زمعة حين أسنت وفرقت أن يفارقها رسول الله r: يا رسول الله يومي لعائشة فقبل ذلك رسول الله r منها قالت نقول في ذلك أنزل الله تعالى وفي أشباهها أراه قال: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا[3]}[4].
[1] البخاري: كتاب الأنبياء، باب أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم (3288)، ومسلم: كتاب الحدود، باب قطع السارق الشريف وغيره (1688).
[2] البخاري: كتاب الهبة وفضلها، باب الإشهاد في الهبة (2447)، ومسلم: كتاب الهبات، باب كراهة تفضيل بعض الأولاد في الهبة (1623).
[3] (النساء: 128).
[4] أبو داود: كتاب النكاح، باب في القسم بين النساء (2135).
أخلاق أخرى رائعة1 - لم أكن لأجلس إذ وقع الشيطان:
عن سعيد بن المسيب أنه قال: بينما رسول الله جالس ومعه أصحابه وقع رجل بأبي بكر فآذاه فصمت عنه أبو بكر ثم آذاه الثانية فصمت عنه أبو بكر ثم آذاه الثالثة فانتصر منه أبو بكر فقام رسول الله r حين انتصر أبو بكر فقال أبو بكر: أوجدت (أي غضبت) علي يا رسول الله؟ فقال رسول الله : "نزل ملك من السماء يكذبه بما قال لك فلما انتصرت وقع الشيطان فلم أكن لأجلس إذ وقع الشيطان"[1].
2 – افْتَحْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ:
عن أبي موسى t أنه كان مع النبي r في حائط من حيطان المدينة وفي يد النبي عود يضرب به بين الماء والطين فجاء رجل يستفتح، فقال النبي : "افْتَحْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ". فذهبت فإذا أبو بكر ففتحت له وبشرته بالجنة ثم استفتح رجل آخر فقال: " افْتَحْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ". فإذا عمر ففتحت له وبشرته بالجنة ثم استفتح رجل آخر وكان متكأ فجلس فقال: "افْتَحْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ عَلَى بَلْوَى تُصِيبُهُ أَوْ تَكُونُ". فذهبت فإذا عثمان ففتحت له وبشرته بالجنة، فأخبرته بالذي قال، قال: الله المستعان[2].
3 – ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ:
عن أبي هريرة t أن رسول الله r دخل المسجد فدخل رجل فصلى فسلم على النبي فرد وقال: "ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ" فرجع يصلي كما صلى ثم جاء فسلم على النبي r فقال: "ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ" ثَلاَثًا فقال: والذي بعثك بالحق ما أحسن غيره فعلمني فقال: "إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلاَةِ فَكَبِّرْ ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا وَافْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلاَتِكَ كُلِّهَا"[3].
4 – اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلاَ عَلَيْنَا:
عن أنس بن مالك قال بينما رسول الله يخطب يوم الجمعة إذ جاءه رجل فقال يا رسول الله قحط المطر فادع الله أن يسقينا فدعا فمطرنا فما كدنا أن نصل إلى منازلنا فما زلنا نمطر إلى الجمعة المقبلة قال فقام ذلك الرجل أو غيره فقال يا رسول الله ادع الله أن يصرفه عنا فقال رسول الله r "اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلاَ عَلَيْنَا" قال فلقد رأيت السحاب يتقطع يمينا وشمالا يمطرون ولا يمطر أهل المدينة[4].
5 - النظافة:
عن جابر بن عبد الله قال: أتانا رسول الله فرأى رجلا شعثا قد تفرق شعره فقال أما كان يجد هذا ما يسكن به شعره ورأى رجلا آخر وعليه ثياب وسخة فقال: "أَمَا كَانَ هَذَا يَجِدُ مَاءً يَغْسِلُ بِهِ ثَوْبَهُ"[5].
6 - غارت أمكم:
عن أنس قال: كان النبي r عند بعض نسائه فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين بصحفة فيها طعام فضربت التي النبي في بيتها يد الخادم فسقطت الصحفة فانفلقت فجمع النبي فلق الصحفة ثم جعل يجمع فيها الطعام الذي كان في الصحفة ويقول غارت أمكم ثم حبس الخادم حتى أتي بصحفة من عند التي هو في بيتها فدفع الصحفة الصحيحة إلى التي كُسِرَت صحفتها، وأمسك المكسورة في بيت التي كَسَرَت[6].
7 – فَإِذَا عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ:
عن عبد الله بن مسعود قال: قال لي النبي r "اقْرَأْ عَلَيَّ". قلت: يا رسول الله، آقرأ عليك وعليك أنزل قال: "نَعَمْ" فقرأت سورة النساء حتى أتيت إلى هذه الآية "فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاَءِ شَهِيدًا[7]" قَالَ: "حَسْبُكَ الآنَ" فالتفت إليه، فإذا عيناه تذرفان.
[1] رواه أبو داود (4896)، وأحمد (9622)، وقال الألباني: حسن، انظر صحيح الجامع (6758).
[2] البخاري: كتاب الأدب (81)، باب من نكت العود في الماء والطين (5862)، ومسلم: كتاب فضائل الصحابة (44)، باب من فضائل عثمان بن عفان t (5862).
[3] البخاري: كتاب صفة الصلاة (16)، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم (724)، ومسلم: كتاب الصلاة (4)، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة (397).
[4] البخاري: كتاب الاستسقاء (21)، باب الاستسقاء على المنبر (969)، ومسلم: كتاب صلاة الاستسقاء (9)، باب الدعاء في الاستسقاء (897).
[5] أبو داود: كتاب اللباس، باب في غسل الثوب (4062)، وابن حبان (5483).
[6] البخاري: كتاب النكاح، باب الغيرة (4)، والنسائي (3955)، وأحمد (11589).
[7] (النساء: 41).