أحسن الإخوان صنعا إذ أعلنوا إنسحابهم من جولة الإعادة فى انتخابات مجلس الشعب المصرى بعد ما تم فى الجولة الأولى من مهزلة كبرى ..و لعلنا أدركنا الآن ماحققت المشاركة من فضح للنظام و نزع للشرعية عنه و أن ما تم فى هذا الإطار هو أكبر بكثير مما كانت المقاطعة ستحققه فما تم من اجراءات قمعية فى حق الاخوان و إهدار أحكام القضاء واجبة التنفيذ و أعمال البلطجة و العنف و التزوير التى مارسها الحزب الوطنى - الذى يستحق عن جدارة لقب حزب التزوير- و التى انتشرت مقاطع الفيديو الخاصة بها على النت فضلا عن الأحكام القضائية التى تقضى ببطلان الانتخابات و ضرورة الاعادة فى الكثير من الدوائر و التى يتجاهلها النظام ..كل ذلك طعن أكيد فى شرعية هذا النظام و شرعية المجلس القادم و ما ينبنى عليه
و لعل مشهد الانتخابات له دلالات يجب الوقوف عندها فالنظام لم يكتف باقصاء الاخوان فقط بل قام بإقصاء المعارضة بكافة أطيافها بما فى ذلك حزب الوفد الذى توقع الكثيرون فوزه بعدد لا بأس به من المقاعد و لم يخرج من الجولة الاولى الا بمقعدين فقط وصار وعد رئيسه بتصدر المشهد السياسى خلال ستة اشهر فى مهب الريح كما تم اقصاء كل المستقلين الذين كان لهم تواجد فى المجلس السابق و منها أسماء كانت علامات بارزة فى المجلس السابقبغض النظر عن اتفقنا او اختلفنا معها
و دلالة ذلك أن النظام لم يعد يريد أن يسمع إلا صوته و لا يريد أن يرى إلا صورته و أن الاقصاء لكل معارض هو شعار هذه المرحلة و هذا يوجب على القوى الوطنية التوحد على فكرة التحول الديمقراطى و الإصلاح و التغيير كضرورة يفرضها الواقع و مراجعة اولوية هذه المسألة فى برامج كل القوى الوطنية
الإخوان استطاعوا حشد قطاعات واسعة للمشاركة الإيجابية فى الانتخابات رغم ما عانوه من تضيق و ملاحقة أمنية وتجاوزات وصلت الى حد الاعتداء على اعضاء فى البرلمان و مرشحين فضلا عن تمزيق الدعاية و تعذيب الانصار فى مقار أمن الدولة و أظهرت النتائج الحقيقية اتساع شعبية الاخوان و فشل حملات التشويه الاعلامية التى مارسها النظام و التى تفلح هذه الحملات فى صرف الناس عنهم
من ناحية اخرى بدا أن هناك تطور نوعى فى توثيق و رصد كافة المخالفات و أعمال البلطجة و التزوير الأمر الذى فضح النظام أمام العالم و تناقلت الفضائيات مقاطع الفيديو التى تم التقاطها بكاميرات الموبايل بعد أن تم التضييق على هذه القنوات و منعت من التصوير فى الشارع
الاعلام من جهته بدا فى فترة الانتخابات مقيدا مكبلا حتى الإعلام المستقل تجاهل الانتخابات بأحداثها و بدا و كأنه من دولة أخرى و لا شك أن الضغوط الحكومية و ما قام به النظام من عمليات تخويف و إغلاق للقنوات و إنذارات قد آتت اكلها فى انصراف القنوات عن الانتخابات و الالتفات الى قضايا جانبية أو تغطية الانتخابات بصورة باهتة
الاحزاب الرسمية مازالت تراوح مكانها ولم تشهد الانتخابات أى تقدم ملحوظ فى أدائها فى الشارع و هى مازالت مقيدة داخل جدران المقرات و صفحات الجريدة دون ان يكون له أثر حقيقى على أرض الواقع و منها من راهن على الفتات الذى يسمح به النظام الا أن النظام لم يعد حتى يعطى هذا الفتات فهل يكون هذا التزوير دافعا لهذه الأحزاب لكى تخرج من فلك الحزب الوطنى ؟؟ هل تكون ما حدث دافعا لها للعمل الحقيقى على الارض من أجل حاضر و مستقبل مصر؟؟ هل تتجاوز الخطوط الحمراء لتعمل فى الشارع و خارج الجدران؟؟
القوى الوطنية المقاطعة بدا العديد منها متفهما لاختلاف وجهة النظر حول المشاركة من عدمها الا ان هناك خطاب اتسم بالهجوم و المزايدة و التخوين و حتى بعد الانسحاب ظهر خطاب بدا شامتا رغم ان الاحداث تشير الى صحة قرار المشاركة التى فضحت النظام و نزعت عنه كل شرعية و رغم أن الاختلاف واضح بين الانسحاب الآن و المقاطعة من البداية!!
الآن هل تستطيع قوى المعارضة أن تنهى خطاب المزايدة و التخوين ؟؟ هل فى استطاعتها أن توحد مشروعها فى اطار التحول الديمقراطى؟؟ هل تستطيع ان تحسن تقدير الواقع و تبنى عليه بعيدا عن الظاهرة الحنجورية و المزايدة؟؟ هل تستطيع أن تقبل الخيارات المختلفة فى اطار الاتجاه الواحد؟؟
كلنا يقين فى المستقبل و أن مصر لا يمكن أن تستمر فى هذا الوضع المؤسف الذى صنعه حزب التزوير و أعوانه
(و الله غالب على أمره و لكن أكثر الناس لا يعلمون)