ما هو الطارق النجم الثاقب؟
ينطبق الوصف القرآني' بالطارق النجم الثاقب' علي مصادر الإشعاع الراديوي المميز بالسماء الدنيا ومن أهمها النجوم النيوترونية شديدة التضاغط (Theultra-compact Neutronstars)
والمعروفة باسم النجوم النابضة (Pulsating Stars)
أو النابضات أو النوابض (Pulsars)
وهي نجوم ذات كثافة وجاذبية فائقة وحجم صغير, ولذا فإنها تدور حول محورها بسرعات فائقة مطلقة كميات هائلة من الموجات الراديوية ولذا تعرف باسم النوابض الراديوية (Radio Pulsars)
لأنها ترسل نبضات منتظمة من الأشعة الراديوية في كل جزء من الثانية أو في كل عدد قليل من الثواني حسب حجمها, وسرعة دورانها حول محورها, وقد يصل عدد نبضات تلك النجوم إلي ثلاثين نبضة في الثانية الواحدة, ويعتقد أن النابض الراديوي يطلق نبضة واحدة من الموجات الراديوية في كل دورة كاملة حول محوره, وتسجل المقربات( التليسكوبات) الراديوية تلك النبضات بدقة فائقة.
ومن رحمة الله بنا أن أقرب النوابض الراديوية إلينا يبعد عنا بمسافة خمسة آلاف من السنين الضوئية, و إلا لكان لنبضاتها المتسارعة أثر مدمر للحياة علي الأرض.
ومن مصادر الإشعاع الراديوي المتميز أيضا أشباه النحوم (Quasars)
وهي أجرام سماوية شديدة البعد عنا, ضعيفة الإضاءة( ربما لبعدها البالغ عنا), ومنها مايطلق أقوي الموجات الراديوية المعروفة في السماء الدنيا, ولذا تعرف باسم أشباه النجوم المصدرة للموجات الراديوية
(Radio Sources Quasars)
تمييزا لها عن غيرها من أشباه النجوم التي لاتصدر موجات راديوية
(Radio-Quiet Quasi-Stellarobjects (QSOs)
وعلي الرغم من بعدها الشاسع عنا فإن أشباه النجوم تتباعد عنا بسرعات فائقة, وتعتبر أبعد ما قد تم رصده من أجرام السماء بالنسبة لنا, وتبدو وكأنها علي أطراف السماء الدنيا تطرق أبوابها لتوصل إشاراتها الراديوية إلينا.
وأشباه النجوم في حالة من حالات المادة الخاصة غير المعروفة لنا, وتقدر كتلة شبيه النجم بنحو مائة مليون ضعف كتلة الشمس, وهو قليل الكثافة جدا إذ تقدر كثافته بحدود واحد من ألف مليون مليون من الجرام للسنتيمتر المكعب(1510/1 جم/سم3), وتقدر الطاقة الناتجة عنه بمائة مليون مليون مرة قدر طاقة الشمس, وقد تم الكشف عن حوالي ألف وخمسمائة من أشباه النجوم علي أطراف الجزء المدرك من الكون, ويتوقع الفلكيون وجود آلاف أخري منها لم تكتشف بعد.
وكلتا المرحلتين من مراحل حياة النجوم:
النوابض الراديوية (Radio Pulsars)
وأشباه النجوم الراديوية (Radio Quasars)
يعتبر من أهم المصادر الراديوية (Radio Sources)
في السماء الدنيا, وكلتاهما من مراحل احتضار النجوم وانكدارها التي تسبق الطمس والخنوس, كما في حالة النوابض, أو من مراحل التحول إلي دخان السماء اللاحقة علي مرحلة الخنوس كما في حالة أشباه النجوم.
ولعل هذه المراحل الراديوية المتميزة في ختام حياة النجوم هي المقصودة بالوصف القرآني الطارق النجم الثاقب لأنها تطرق صفحة السماء وتثقب صمتها بنبضاتها السريعة التردد, وموجاتها الراديوية الخاطفة, والله تعالى أعلم.
وإن في سبق القرآن الكريم بالإشارة إلي تلك المراحل من حياة النجوم والتي لم يعرفها الإنسان إلا في العقود المتأخرة من القرن العشرين لهو من الشهادات الناطقة بربانية القرآن الكريم, وبنبوة خاتم الأنبياء والمرسلين( صلي الله وسلم وبارك عليه وعلي آله وصحبه أجمعين), الذي تلقي هذا الوحي الخاتم من قبل ألف وأربعمائة من السنين بهذه الدقة العلمية المبهرة في مجتمع لم يكن له من العلم أي نصيب.
وبعد هذا القسم بالسماء والطارق يأتي جواب القسم:
إن كل نفس لما عليها حافظ ( الطارق:4)
أي أن كل نفس عليها من الله( تعالى) حافظ موكل بها من الملائكة, يحفظها بأمر الله, ويحفظ عنها بأمر الله كذلك, في مراقبة دائمة, فكما يصلنا طرق النوابض وأشباه النجوم عبر بلايين السنين الضوئية تعرج أعمالنا لحظة بلحظة إلي الله( تعالى) علام الغيوب الذي لا تخفي عليه خافية في الأرض ولا في السماء!!
ثم أتبع تعالى ذلك بدعوة الإنسان( في نفس السورة) إلي النظر في نشأته الأولي كي يعلم أن خالقه قادر علي إعادة بعثه, وعلي محاسبته وجزائه, فيجتهد في عمل الخير حتى يجد ما ينجيه في الآخرة, حيث إن الأمر ليس بالهزل, ولذلك يختتم السورة الكريمة بعدد من الآيات الكونية الأخرى وبقوله تعالى: إنه لقول فصل* وما هو بالهزل*
ثم بإنذار ووعيد للكافرين بالله والمشركين به والمتمردين علي أوامره( تعالى) بهذا الجزم الآلهي القاطع:
( إنهم يكيدون كيدا* وأكيد كيدا* فمهل الكافرين أمهلهم رويدا*)
( الطارق:17 ـ19).