موضوعات أدبية - فن المقالة : تعريف المقالة
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 2000-01-02
بسم الله الرحمن الرحيم
المخطط هو كما يلي :
المقالة : أولاً سوف نتحدث عن تعريفها و بعدها ننتقل إلى أهميتها و كيف أنها فن عصري ، بعدها نتحدث عن عناصرها و عناصر المقالة تتألف من المادة و الأسلوب و الخطة .
فالمادة هناك تعريف لها و هناك حديث عن شروطها ، و بعض الشواهد .
و الأسلوب فيه عناصر ثلاثة : الوضوح و القوة و الجمال .
و في الخطة مقدمة و عرض و خاتمة .
يا إخوتنا الطلاب و يا أعزاءنا المشاهدين :
جواب سؤال التعبير الأدبي في امتحان الشهادة الثانوية يشبه أن يكون مقالة أدبية متواضعة لشاب مغمور هو أنت أيها الطالب ، لذلك فقرات هذا الدرس و هذا اللقاء هي نفسها فقرات أصول كتابة موضوع في التعبير الأدبي ، الحديث عن فن المقالة عن تعريفها و عن مقوماتها هو حديث يشبه الحديث عن أصول كتابة مقالة أدبية أي جواب سؤال التعبير في الامتحان .
فالمقالة كما يعرفها إدموند جونسون و لنخرج قليلاً عن تعريف الكتاب: المقالة كما يعرفها إدموند جونسون فن من الفنون الأدبية و هي قطعة إنشائية ذات طول معتدل تكتب نثراً و تلم بالمظاهر الخارجية للموضوع بطريقة سهلة سريعة و لا تعنى إلا بالناحية التي تمس الكاتب عن قرب .
هذا التعريف تعريف إدموند جونسون فماذا عن تعريف الكتاب المقرر؟
تعريف الكتاب المقرر المقالة قطعة من النثر معتدلة الطول تعالج موضوعاً ما معالجة سريعة من وجهة نظر كاتبها ، سوف أشرح لكم هذا التعريف بالتفصيل و سوف أقف عند الكلمات التي تحتها خط في هذا التعريف .
فكلمة تعالج موضوعاً ما هنا جاءت عامة هي موضوعاً ما ، في التعريف تعني أن المقالة من أكثر الفنون الأدبية استيعاباً و شمولاً لشتى الموضوعات ، فموضوعات كالتضخم النقدي و أساليب الإعلان و التخدير بالإبر لا يمكن أن تحملها أجنحة الشعر ، و لا حوادث القصة ، و لا حوار المسرحية ، و المقالة وحدها تتقبل مثل هذه الموضوعات و أية موضوعات أخرى ، و تجيد توضيحها و تحسن عرضها ، إذاً الفن الأدبي الذي يتسع لأي موضوع يخطر في خاطر كاتبه هو فن المقالة ، إذاً تعالج موضوعاً ما ، و لكن هذه المعالجة ليست معالجة متأنية كالبحث العلمي إنها معالجة سريعة ، فكلمة معالجة سريعة في التعريف تعني أن كاتب المقالة ما زاد عن أنه شجّر تأملات أو تصورات أو مشاهدات تغلب عليها العفوية و السرعة ، فلو كانت المعالجة متأنية إذ جُمعت الحقائق و محصت و صنفت و اعتمد على الإحصاء و التجربة و المتابعة لعدَّ هذا العمل بحثاً علمياً و ليس مقالة أدبية ، فلو قرأت في مجلة علمية أن طيور البلاكبورد تطير في الخريف إلى شاطئ المحيط الأطلسي و من هناك تقوم برحلة جوية لا تصدق ، ما هي هذه الرحلة ؟ تقوم برحلة جوية لا تصدق فوق البحار في اتجاه أمريكا الجنوبية مجتازة مسافة أربعة آلاف كيلو متر بلا توقف خلال ست و ثمانين ساعة على ارتفاع يزيد عن ستة آلاف متر ، لو قرأت هذه الفقرة في مجلة علمية لعرفت أن هذه الأسطر قد كلفت العلماء سنوات طويلة من الملاحظة و المتابعة ، إذاً هذه الفقرة هي جزء من بحث علمي و ليس مقالة أدبية .
و أما كلمة من وجهة نظر كاتبها تعني أن المقالة تعبر عن ذات كاتبها أكثر مما تعبر عن موضوعها لأن كاتب المقالة يرى الأشياء من خلال ذاته و ما يعتمل فيها من مشاعر و انفعالات ، استمعوا معي إلى مي زيادة تتحدث عن طائرها :
" طائر صغير أحببته شهوراً طوالا ، غرد لكآبتي فأطربها ، ناجى وحشتي فآنسها ، غنى لقلبي فأرقصه ، نادم وحدتي فملأها ألحانا "
والحمد لله رب العالمين