كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون.هكذا خلق الله الانسان ليعصي ثم يتوب ولذلك سمي الله نفسه التواب.وللتوبة طرق وسبل تعين الانسان علي ترك المعصية والرجوع إلي الله سبحانه وتعالي.وإليك بعض هذه الطرق عل الله ينفعنا بها جميعاً
الوسائل التي تعينك على ترك المعصية:
1- الدعاء.. وهو أعظم دواء وأنفع علاج لكل بلاء.
يا أيها التائب.. يا أيتها التائبة يا من يريد ترك الذنوب ارفع يديك إلى الذي يسمع الدعاء ويكشف البلاء، لعل الله أن يرى صدقك ودموعك وتضرعك فيعينك ويمنحك القوة على ترك الذنوب.
قال تعالى: (( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ))[غافر:60] وقال: (( أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ أءلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ ))[النمل:62].
وكم من رجل وامرأة كانا يجدان صعوبة في ترك بعض الذنوب ولكنهم لما التجئوا إلى الله وجدوا التوفيق والعون الرباني، وما أجمل الدعاء في السجود في تلك اللحظة " وأنت ساجد تكون قريباً من الله ".
قال صلى الله عليه وسلم: ( أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا من الدعاء ) رواه مسلم [ 744 ] . فيا غالي ويا غالية " ابك في سجودك وأبشر بخير ".
2- المجاهدة؛ لا تظن أن ترك المعصية يكون بين يوم وليلة.. إن ذلك يحتاج إلى مجاهدة وصبر ومصابرة، ولكن اعلم أن المجاهدة دليل على صدقك في ترك الذنوب وربنا تبارك وتعالى يقول: (( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ))[العنكبوت:69].
3- معرفة عواقب المعصية ونتائجها؛ إنك كلما تفكرت في النتائج المترتبة على الذنوب فإنك حينها تستطيع تركها.
فمن عواقب الذنوب " الهم والغم والحزن والاكتئاب والضيق، والوحشة بينك وبين الله.. وغيرها من عواقب الذنوب " انظر كتاب " الجواب الكافي " لترى مجموعة من عواقب الذنوب التي ذكرها ابن القيم رحمه الله تعالى.
4- البعد عن أسبابها ومقوياتها؛ فإن كل معصية لها سبب يدفع لها ويقويها ويساهم في الاستمرار فيها، ومن أصول العلاج: البعد عن كل سبب يقوي المرض.
5- الحذر من رفيق السوء؛ فإن بعض الشباب يريد ترك المعصية ولكن صديقه يدفعه، وفي الحديث الصحيح: ( الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل ) حسن. صحيح الجامع [ 5858 ] .
فوصيتي لك: " ابتعد عن صديق السوء " قبل أن تكون ممن قال الله فيهم (( وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولًا ))[الفرقان:27-29] .
6- تذكر فجأة الموت (( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ))[آل عمران:185] فهل تخيلت أن الموت قد يأتيك وأنت تنظر إلى القنوات؟ لو جاءك الموت وأنت تكلم تلك الفتاة؟ يا ترى لو فاجأك الموت وأنت نائم عن الصلاة؟ حينها ماذا تتمنى؟.
(( حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ))[المؤمنون:99-100] إنه يتمنى الرجوع إلى الحياة لا ليستمتع بها ولا ليسهر على القنوات بل ليعمل صالحاً.. نعم ليتوب.. ليصلي.. ليترك المحرمات.
7- تذكر عندما توضع على مغسلة الأموات عندما توضع على السرير لكي يغسلونك وأنت جثة هامدة لا تتحرك وهم يحركونك، هناك لن تنفعك الذنوب ولا السيئات.
8- تذكر عندما تحمل على الأكتاف سوف يحملونك وأنت جنازة، فيا سبحان الله أين قوتك ؟ أين شبابك ؟ أين كبرياءك ؟ أين أصدقاءك ؟؟ لن ينفعك هناك إلا عمل صالح قد فعلته.
9- تذكر عندما توضع في القبر هناك يتركك الأهل والأصحاب ولكن أعمالك ستدخل معك في قبرك.. فيا ترى ما هي الأعمال التي ستكون معك في قبرك.. هل هي القنوات؟ والملهيات؟ والصور والمجلات؟.
10- تذكر العرض على الله (( وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ))[البقرة:281] سوف تقف بين يدي الله يا من يسهر على القنوات.. نعم والله ستقف يا من ينام عن الصلوات.. يا من يسافر إلى بلاد الآثام.. (( يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ ))[الحاقة:18].
هناك من ينفعك؟ هناك من ينصرك؟ وأنت يا أختاه هناك من الذي سيقف إلى جانبك؟ يا من أهملت الحجاب.. يا من نمصت.. يا من لبست العباءة الضيقة والمطرزة أنسيت ذلك الموقف؟ ((وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ))[البقرة:223].
11- إذا أردت أن تترك المعصية فتذكر المرور على الصراط.. ذلك الجسر الذي يوضع على متن جهنم.. " أحد من السيف وأدق من الشعرة " قال تعالى: (( وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا ))[مريم:71].
قال العلماء: هذه الآية دليل على المرور على النار؛ هناك تضع قدمك لكي تعبر عليه والنار من تحتك والمكان مظلم.. والناس يتساقطون ويصيحون ويبكون.
ومن الناس من يثبته الله على الصراط لأنه " كان ممن يراقب الله ويخاف من الله ويعمل بطاعة الله ويبتعد عن معصية الله " قال تعالى: (( يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ ))[إبراهيم:27].
هناك تعرف قيمة الصلاة وقيمة الحسنات, في ذلك المكان تندم على كل نظرة وعلى كل كلمة لا ترضي الله هناك تبكي ولكن لا ينفع البكاء.
12- تذكر الميزان الذي يوضع يوم القيامة، وتوزن فيه الحسنات والسيئات.. إنه ميزان دقيق (( وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ))[الأنبياء:47].
يا ترى هل تفكرت في هذا الميزان أخي الشاب؟ وأنت يا أختاه هل حاسبت نفسك على ذنوبك التي ستوضع في ذلك الميزان؟ (( فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ))[المؤمنون:102].
إنهم الذين حافظوا على طاعة الله.. إنهم الذين ابتعدوا عن الذنوب والعصيان... (( وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ ))[المؤمنون:103] إن الذي خف ميزانه هو الذي أساء في تعامله مع ربه.. هو الذي أعرض عن ربه.. هو الذي كثرت سيئاته وقلت حسناته.
13- تذكر الحوض الذي يكون لنبينا صلى الله عليه وسلم؛ طوله شهر وعرضه شهر, أحلى من العسل وأبيض من اللبن، وأطيب من المسك، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبداً، إن ذنوبك قد تمنعك من الشرب من ذلك الحوض، فاترك الذنوب الآن.
14- معرفة حقارة الدنيا ((وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ))[آل عمران:185] فكيف تؤثر الدنيا الحقيرة على الآخرة الباقية التي لانهاية لها، كيف تعمل معصية قد تحرمك من جنة عرضها السماوات والأرض؟.
15- الإرادة القوية؛ لا بد أن تكون صاحب إرادة قوية لكي تقوى على ترك الذنوب والشهوات.
16- تذكر اسم الرقيب ((وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا ))[الأحزاب:52] فالله يراقبك ويعلم بحالك ويراقب تحركاتك ونظراتك وسمعك وقلبك ((وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ ))[الأحزاب:51] فإذا دفعتك نفسك للذنوب فقل لنفسك: " إن الله يراني ".
17- احذر من أن تكون من هؤلاء: قال صلى الله عليه وسلم: ( ليأتين أقوام من أمتي بحسنات أمثال جبال تهامة يجعلها الله هباء منثوراً. قال الصحابة: منهم يا رسول الله ؟ قال: أما نهم مثلكم يصلون كما تصلون ويصومون كما تصومون ولهم من الليل مثل مالكم ولكنهم إذا خلو بمحارم الله انتهكوها ) صحيح. صحيح الترغيب والترهيب [ 2346 ].
نعم.. إنهم عندما يكونون لوحدهم يبدءون في ممارسة الذنوب والشهوات، فهذا يسهر على القنوات ولا يحب أن يعلم به أحد من أهله، وتلك الفتاة ترتكب السيئات عندما تغلق الباب على نفسها.. إنهم الذين لم يفكروا في نظر الله لهم ولم يبالوا باطلاع الله على أعمالهم.
18- تذكر شهادة الجوارح عليك.. تذكر يا أخي قبل أن تفعل أي معصية أن الجوارح التي سوف تعمل المعصية بها أنها ستشهد عليك وستفضحك ليس هنا بل في أرض المحشر (( الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ))[يس:65].
يا سبحان الله.. من أنطق اليدان؟ من أنطق القدمان؟ إنه الله جل في علاه.. وقال تعالى: (( حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ))[فصلت:20](( وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ ))[فصلت:21]. فلا إله إلا الله ما أعظم الله.
وأنت يا أختاه تذكري عندما تنطق الجوارح في ذلك اليوم العصيب، فيا حسرتاه على تلك النظرات، ويا أسفاه على تلك الكلمات.
يتبع.......،،،،