الطفل هو اللبنة الأولي في بناء المجتمع..إن تم وضعها بشكل سليم وأحسن صقلها كان البناء كله متينا مهما تعاظم وارتفع.. وأطفال اليوم هم دعائم الأمة في المستقبل, هم الذين سيحملون رايتها, ويأخذون بناصيتها, والذين سيتولون قيادتها في الغد هم صغارها اليوم.. وبقدر صفاء عقيدتهم وسمو أخلاقهم وسلامة نشأتهم بقدر ما تحقق الأمة من آمالها وأهدافها.. فمن صحت بدايته أشرقت نهايته..
ولذا فإن تسطيح اهتمامات الأطفال فلا تتجاوز أفلام الكرتون وتحجيم ثقافتهم فلا تتسع لأكثر من أخبار الرياضة والرياضيين, وتلويث آمالهم فلا تتعدي أن يكونوا كأحد المشهورين في مستنقعات السفاهة, كل هذا يعني جيلا من أشباه الرجال في المستقبل تتهاوي أمام أعينهم عزة الأمة ورفعتها فلا تهتز لهم شعرة, ولا تتوقد لهم غيرة.. وهذا العدد الضخم من أشباه الرجال في الأمة اليوم, إنما هو بسبب سوء التربية بالأمس, وسيظل هذا العدد يتصاعد كثرة حتي يلتفت المسلمون إلي فلذات أكبادهم, وزينة حياتهم التفاتة تتجاوز الاهتمامات البهيمية من توفير الأكل والشراب وتستعلي علي التربية القاصرة التي لا تتعدي تعليم الطفل القراءة والكتابة.. تتجاوز ذلك كله لتغرس فيه معالم هذا الدين والعمل له..
سألت مدرسة في إحدي المدارس التلاميذ أن يذكر كل واحد منهم أمنيته, ففعلوا.. هذا يتمني أن يكون مهندسا وهذا طبيبا وذاك طيارا وآخر لاعب كرة.. ووصل الدور إلي طفل صغير لم يتجاوز الخامسة قالت له المدرسة: وأنت ماذا تتمني? قال: أتمني أن أكون صحابيا نعم صحابيا من أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم. وهنا اندهشت المدرسة لما سمعت ذلك. فاتصلت بوالدة الطفل وأخبرتها بما قال. فقالت الأم: لا غرابة في ذلك, فإن أباه كل يوم يقص عليه من قصص الصحابة رضي الله عنهم, حتي أصبح كأنه بينهم ويعيش معهم, ومع بطولاتهم. لذلك فالأم والأب مسئولان عن إنشاء جيل الجهاد.. جيل لا يهاب الموت.. جيل لا يعتريه الوهن وحب الحياة.. جيل سيرفع رأس عاليا بإذن الله.