نشأة سيدنا إبراهيم

بســم الله الـرحمــن الرحيــم

السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــه ،،


بداية.. سيدنا إبراهيم توجد علاقة خاصة جدا بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم على الرغم من أن بينهم مئات السنين، فقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم فقيل له: "يا رسول الله حدثنا بأوّل أمرك، فقال: "دعوة أبي إبراهيم".

والنبي عندما سمى ابنا من أولاده ولد له بعد بعثته سماه إبراهيم، فكل أبنائه الذكور وُلدوا له قبل البعثة لكن الوحيد الذي وُلد بعد بعثة النبي هو ابنه إبراهيم فاختار له اسم أبيه سيدنا إبراهيم.

وأيضا هناك الكثير من السنن والأفعال التي نقوم بها أصلها يرجع إلى سيدنا إبراهيم، فمثلا النبي كان حريصا أحيانا على أن يقص الشارب أو يحفّه فقالوا لمَ يا رسول الله؟، قال: "هكذا فعل إبراهيم"، وأكثر من ذلك فقد سأل الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم: لمَ هذه الأضاحي؟، فقال: "سُنة أبيكم إبراهيم"..

وحدث أن جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: "يا خير البرية"، فقال له النبي: "خير البرية ذلك إبراهيم أبي".
ولاحظوا أن النبي عندما يتحدث عن سيدنا إبراهيم يقول عليه السلام أو صلوات الله عليه أو يقول أبي، ولكن عمره ما قال: فعل إبراهيم أو قال إبراهيم.. والأجمل أن في علاقة النبي صلى الله عليه وسلم وسيدنا إبراهيم أنهما قابلا بعضهما في رحلة الإسراء والمعراج في السماء السابعة، عندما رأى البيت المعمور فوق الكعبة مباشرة يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه إلى يوم القيامة كما يقول النبي صلى الله عليه وسلم، ويستكمل النبي فيقول: "ثم نظرت فإذا رجل قد أسند ظهره إلى البيت المعمور، فقلت: من هذا يا جبريل؟، فقال: "هذا أبوك إبراهيم"، وانظر إلى الآية الكريمة: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} [الحج: 78].

فما كان من سيدنا إبراهيم في رحلة معراج النبي إلا أن قال له: مرحبا بالنبي الصالح والابن الصالح، فانظر، إن كل الأنبياء في رحلة معراج النبي لم يوصوا النبي بوصية معينة فقط اكتفوا بالتسليم عليه وتحيته، لكن سيدنا إبراهيم قال له: "يا محمد أقرئ أمتك مني السلام، وقل لهم إن الجنة طيبة التربة عذبة الماء وإن غِراسها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر".
وآخر شيء في علاقة النبي صلى الله عليه وسلم بسيدنا إبراهيم عليه السلام هو أن النبي هو أكثر الأنبياء شبها بسيدنا إبراهيم وليس أبناؤه إسماعيل وإسحاق، فيقول النبي في حديث صحيح: "عُرض عليّ الأنبياء فرأيت موسى ضربا من الرجال -"أي متوسط بين الرجال"- ورأيت عيسى بن مريم فإذا من رأيت أقرب شبها له عروة بن مسعود، ثم رأيت إبراهيم فإذا أقرب الناس إليه شبها صاحبكم -وأشار إلى نفسه- ورأيت جبريل عليه السلام فإذا أقرب من رأيت به شبها دحية الكلبي "أحد صحابة النبي".

تعالوا نعرف سيدنا إبراهيم..

هو إبراهيم بن تارخ وآزر هو لقب أبيه، وسماه القرآن بهذا الاسم؛ لأنه آزر قومه في صناعة الأصنام، أي يعينهم على صناعة الأصنام فكان تاجر أصنام. وهناك أناس مختلفون حول آزر هل هو أبوه أم عمه؟ ولكن هذا لا يهم كثيرا خاصة أن لدينا قاعدة تقول: "كل مسألة لا ينبني عليها عمل تكلّف".. ومع ذلك هناك جدل كبير في الكتب حول ما إذا كان آزر أباه أو عمه ولكن ليس هناك شك في صحة كلام القرآن حينما يقول: {وَإِذْ قَالَ إبراهيم لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [الأنعام: 47].

كم مرة ورد فيها ذكر سيدنا إبراهيم في القرآن الكريم؟
ورد ذكره في القرآن 69 مرة في 25 سورة.

من هو جده الأول؟
جده الكبير هو سيدنا نوح ولذلك يقول لك القرآن الكريم: {وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لِإبراهيم} [الصافات: 83].

أين عاش سيدنا إبراهيم؟
نشأ في العراق في بابل وقد كانت مشهورة بصناعة الأصنام، وأشهر صانع لها كان أباه، فوضْع سيدنا إبراهيم الصعب ونشأته في بيت كلهم يعبدون الأصنام يعطيك إشارة إلى أنه لا حجة لدى من يقول إن أهلي لا يساعدونني على الصلاح والتوبة.

سيدنا إبراهيم لم يسجد لصنم قط حتى قبل أن يصبح نبيا مرسلا فيقول الله تبارك وتعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا إبراهيم رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ} [الأنبياء: 51].

وأنجب سيدنا إبراهيم ولدين: إسماعيل وإسحاق ولكن هناك ملحوظة أن كل الأنبياء من ذرية إبراهيم جاءوا من ذرية إسحاق ابن سيدنا إبراهيم ما عدا واحدا فقط جاء من ذرية سيدنا إسماعيل وهو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

وأنزل الله على سيدنا إبراهيم كتابا مع آدم وإدريس وموسى وعيسى وداوود عليهم السلام، ولكن هناك معلومة أن سيدنا إبراهيم وكل الأنبياء كان ينزل عليهم مرة واحدة، والوحيد الذي نزل كتابه مجزأ هو النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن الله أراد أن يكون منهجا تدريجيا لتربية الأمة.

ولكن ما الذي كانت تقوله صحف إبراهيم؟
القرآن قال بعض الآيات عن الموجود في صحف سيدنا إبراهيم، يقول الله تبارك وتعالى: {أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى وَإبراهيم الَّذِي وَفَّى أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى} [النجم: 39]. وسأل سيدنا أبو هريرة مرة النبي صلى الله عليه وسلم: "يا رسول الله ماذا كان في صحف إبراهيم؟" فقال له: "كانت أمثالا كلها، وكان منها: [على العاقل ما لم يكن مغلوبا على عقله أن يكون له أربع ساعات: ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يتفكر فيها في صنع ربه، وساعة يخلو فيها بنفسه]".
كانت هذه مقدمة عامة