بسم الله الرحمن الرحيم
مع الجزء السابع من القرآن العظيم
ومبدأ التوحيد
(2)
ومع بعض آيات من سورة الأنعام
مع الجزء السابع من القرآن العظيم
ومبدأ التوحيد
( 3 )
ومع بعض آيات من سورة الأنعام
إن الإنسان حين يتعرض لبلاء شديد أو يتعرض للهلاك
يتجه قلبه للذي خلقه وينسى الشركاء
هذه الفطرة التي يجب أن يلاحظها الإنسان حتى يدرك معنى التوحيد
قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمْ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ (40)
بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ (41)
قل -أيها الرسول- لهؤلاء المشركين: أخبروني إن جاءكم عذاب الله في الدنيا أو جاءتكم الساعة التي تبعثون فيها: أغير الله تدعون هناك لكشف ما نزل بكم من البلاء, إن كنتم محقين في زعمكم أن آلهتكم التي تعبدونها من دون الله تنفع أو تضر؟
بل تدعون -هناك- ربكم الذي خلقكم لا غيره, وتستغيثون به, فيفرج عنكم البلاء العظيم النازل بكم إن شاء; لأنه القادر على كل شيء, وتتركون حينئذ أصنامكم وأوثانكم وأولياءكم
*****
إن الأهواء والشهوات وشياطين الإنس والجن
تخدع الإنسان حيث تحسن له سلوك طريق الكفر والشرك
فحين يفعل المعاصي يفعلها وهو مطمئن بأن سدنة الألهة المزعومة
يمكن خداعهم أو أرضائهم بالمال ليصدروا له وثيقة بالمغفرة
والذين يعبدون الأصنام أو يعبدون الكواكب ماذا أعدت لهم من ثواب أو عقاب ؟
لا شئ .. إنما هي الأهواء
قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ , قُلْ لا أَتَّبِعُ أَهْوَاءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذاً وَمَا أَنَا مِنْ الْمُهْتَدِينَ (56)
قل -أيها الرسول- لهؤلاء المشركين: إن الله عز وجل نهاني أن أعبد الأوثان التي تعبدونها من دونه, وقل لهم: لا أتبع أهواءكم قد ضللت عن الصراط
المستقيم إن اتبعت أهواءَكم, وما أنا من المهتدين.
إن رسالة التوحيد وهي الإسلام
جاءت من عند الله خالق الكون وعليها ادلتها التي
لا ينكرها إلا من ظلم نفسه وحجب عن عقله وقلبه نور الإيمان
فنحن المسلمون على بينة من ربنا
نعبد الله الواحد الذي أرسل لنا كتابه العظيم
القرأن الكريم يبين لنا فيه الحلال والحرام
يبين فيه أحوال الأمم السبقة وما آلت اليه
يبينا لنا حقيقة رسالات الله من لدن أدم
أنزل فيه شريعة صالحة لكل زمان ومكان
بينا لنا فيه بداية خلق الإنسان وبين ما أعده له يوم القيامة
نحن نعيش في النور بكل ما تعنيه هذه الكلمة
قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَكَذَّبْتُمْ بِهِ , مَا عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنْ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ (57)
قُلْ لَوْ أَنَّ عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ (58)
******
ومن الأمور العجيبة أن علم الغيب لله وحده
ويدرك ذلك كل البشر فهو وحده يعلم عدد ما في البحار
وعدد مافي البر . وهو وحده الذي يعلم عدد ومصير أوراق الأشجار ..
وكل جماد وكل متحرك له قانون وضعه الخالق له .
فأين من ينكر ذلك ليرد علينا ؟ ويقولوا لنا أن مايعبدونهم من دون الله
يعلمون مثل هذا ؟ سكتت الألسنة وبهت الذي كفر
وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ , وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ , وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (59)
وعند الله -جل وعلا- مفاتح الغيب أي: خزائن الغيب, لا يعلمها إلا هو, ومنها: علم الساعة, ونزول الغيث, وما في الأرحام, والكسب في المستقبل, ومكان موت الإنسان, ويعلم كل ما في البر والبحر, وما تسقط من ورقة من نبتة إلا يعلمها, فكل حبة في خفايا الأرض, وكل رطب ويابس, مثبت في كتاب واضح لا لَبْس فيه, وهو اللوح المحفوظ
والله هدى العقل الإنساني لصناعة الحاسب الألي
ويعرف من يصنعون البرامج أنه يجب إدخال كل صغيرة وكبيرة
وجميع المعلومات المتاحة حتى تظهر لمن يدير ذلك البرنامج .
ونحن نسمع ونرى هذا الكون الهائل بما فيها عقل الإنسان
الذي يحتوي على ذاكرة أكبر بكثير من الحسوب
وقوانين تحكم كيان الإنسان ذاتة حيث لا يولد إلا وفق إرادة الله تعالى
ولا يعمل قلبه إلا وفق إرادة الله , ولا يتنفس إلا وفق إرادة خالقه
حتى اللسان الذي يكفر به لا يتحرك إلا وفق قانون الله
ولا ينام ولا يستيقظ إلا بإرادة الله المنعم
المتفضل علينا بنعمة الوجود من العدم وخلق لنا وسخر لنا
ما في السماوات والأرض جميعا منه
وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (60)
وهو سبحانه الذي يقبض أرواحكم بالليل بما يشبه قبضها عند الموت, ويعلم ما اكتسبتم في النهار من الأعمال, ثم يعيد أرواحكم إلى أجسامكم باليقظة من النوم نهارًا بما يشبه الأحياء بعد الموت; لتُقضى آجالكم المحددة في الدنيا, ثم إلى الله تعالى معادكم بعد بعثكم من قبوركم أحياءً, ثم يخبركم بما كنتم تعملون في حياتكم الدنيا, ثم يجازيكم بذلك.
وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ (61)
ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ 62
والله تعالى هو القاهر فوق عباده, فوقية مطلقة من كل وجه, تليق بجلاله سبحانه وتعالى. كل شيء خاضع لجلاله وعظمته, ويرسل على عباده ملائكة, يحفظون أعمالهم ويُحْصونها, حتى إذا نزل الموت بأحدهم قبض روحَه مَلكُ الموت وأعوانه, وهم لا يضيعون ما أُمروا به.
ثم أعيد هؤلاء المتوفون إلى الله تعالى مولاهم الحق. ألا له القضاء والفصل يوم القيامة بين عباده وهو أسرع الحاسبين.
قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنْ الشَّاكِرِينَ (63)
قُلْ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ (64)
قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ (65)
******
وللترمذي وحسنه عن أنس رضي الله عنه قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
قال الله تعالى: يا ابن آدم؛ لو أتيتني بقراب الأرض خطايا،
ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة.
******
وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى
إن مبدأ التوحيد في سورة الأنعام يتجلى من أول آية
حتى أخر الآيات وذلك لترسيخ ذلك الأمر كعقيدة للمؤمن
يعيش بها حرا قويا لا يركع إلا لله الخالق الرازق المحيي المميت
ينطلق في ربوع الأرض ناشرا رسالة ربه بأخلاق التوحيد
ليخرج الناس من عبادة العبيد إلى عبادة رب العالمين
ومع بعض من هذه الآيات نعيش في أنوار التوحيد
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (1)
الثناء على الله بصفاته التي كلّها أوصاف كمال، وبنعمه الظاهرة والباطنة، الدينية والدنيوية، الذي أنشأ السموات والأرض وما فيهن, وجعل الظلمات والنور,
فالنور واحد وهو عقيدة التوحيد التي تنير القلوب الى الله الواحد الأحد,
أما الظلمات فهي كثيرة يضيع فيها الإنسان بين الشرك والكفر والإلحاد
ويتردى في المحرمات حيث لا رادع من عقيدة ولا خوف من حساب..
إن نور التوحيد ينقذ الإنسان , ولذلك تأكد هذا المعنى بصور عديدة
في القرآن العظيم
ورغم وضوح الدلائل المادية والآيات القرآنية التي تدل
على عظمة الله تعالى, واستحقاقه وحده العبادة . فإن الكافرين يسوون بالله غيره, ويشركون به.
هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ (2)
وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَوَاتِ وَفِي الأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ (3)
هو الذي خلق أباكم آدم من طين وأنتم سلالة منه, ثم كتب مدة بقائكم في هذه الحياة الدنيا, وكتب أجلا آخر محدَّدًا لا يعلمه إلا هو جل وعلا وهو يوم القيامة, ثم أنتم بعد هذا تشكُّون في قدرة الله تعالى على البعث بعد الموت.
*****
إن الحق ظاهر واضح ثابت ولهذا نرى كثيرا من آيات الله تطلب منا
أن نتوجه بالسؤال إلى الفطرة في الإنسان
وإن عميت عن الإجابة الواضحة وضوح الشمس في السماء
فإن الإجابة يأتي بها الله في القرآن العظيم رحمة بعباده
قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (12)
وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (13)
قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيّاً فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلا تَكُونَنَّ مِنْ الْمُشْرِكِينَ (14)
قل -أيها الرسول- لهؤلاء المشركين: لمن مُلكُ السموات والأرض وما فيهن؟ قل: هو لله كما تقرون بذلك وتعلمونه, فاعبدوه وحده. كتب الله على نفسه الرحمة فلا بعجل على عباده بالعقوبة. بل فتح باب التوبة للإنسان , فلا عذر على من مات كافرا
ليجمعنكم إلى يوم القيامة الذي لا شك فيه للحساب والجزاء. الذين أشركوا بالله أهلكوا أنفسهم, فهم لا يوحدون الله, ولا يصدقون بوعده ووعيده, ولا يقرون بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم.
ولله ملك كل شيء في السموات والأرض, سكن أو تحرك, خفي أو ظهر, الجميع عبيده وخلقه, وتحت قهره وتصرفه وتدبيره, وهو السميع لأقوال عباده, الحليم بحركاتهم وسرائرهم.
قل -أيها الرسول- للمشركين: أغير الله تعالى أتخذ وليًّا ونصيرًا, وهو خالق السموات والأرض وما فيهن, وهو الذي يرزق خلقه , قل -أيها الرسول- : إني أُمِرْتُ أن أكون أول مَن خضع وانقاد له بالعبودية من هذه الأمة, ونهيت أن أكون من المشركين معه غيره.
قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (15)
مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ (16)
وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (17)
وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (18)
قل -أيها الرسول-: إني أخاف إن عصيت ربي, فخالفت أمره, وأشركت معه غيره في عبادته, أن ينزل بي عذاب عظيم يوم القيامة.
من يصرف الله عنه ذلك العذاب الشديد فقد رحمه, وذلك الصرف هو الظفر البين بالنجاة من العذاب العظيم.
وإن يصبك الله تعالى -أيها الإنسان- بشيء يضرك كالفقر والمرض فلا كاشف له إلا هو, وإن يصبك بخير كالغنى والصحة فلا راد لفضله ولا مانع لقضائه, فهو -جل وعلا- القادر على كل شيء.
والله سبحانه هو الغالب القاهر فوق عباده; خضعت له الرقاب وذَلَّتْ له الجبابرة, وهو الحكيم الذي يضع الأشياء مواضعها وَفْق حكمته, الخبير الذي لا يخفى عليه شيء. ومن اتصف بهذه الصفات يجب ألا يشرك به.
والله سبحانه هو الإله المعبود في السموات والأرض. ومن دلائل ألوهيته أنه يعلم جميع ما تخفونه -أيها الناس- وما تعلنونه, ويعلم جميع أعمالكم من خير أو شر ; ولهذا فإنه -جلَّ وعلا- وحده هو الإله المستحق للعبادة.
******
وروي الطبراني بإسناده أنه كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم منافق يؤذي المؤمنين، فقال بعضهم: قوموا بنا نستغيث برسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا المنافق. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنه لا يستغاث بي، وإنما يستغاث بالله عز وجل).
********
وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى