اسامه جاد مشرف سوبر
عدد الرسائل : 3356 العمر : 53 العمل/الترفيه : معلم اول احياء وعلوم بيئه وجيولوجيا نقاط : 13747 تاريخ التسجيل : 14/02/2009
| موضوع: حديث ( اتقوا الله وأجملوا في الطلب) الثلاثاء ديسمبر 22, 2009 7:40 pm | |
| عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:أَيُّهَا النَّاسُ ، اتَّقُوا اللهَ ، وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ ، فَإِنَّ نَفْسًا لَنْ تَمُوتَ حَتَّى تَسْتَوْفِيَ رِزْقَهَا ، وَإِنْ أَبْطَأَ عَنْهَا ، فَاتَّقُوا اللهَ ، وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ ، خُذُوا مَا حَلَّ ، وَدَعُوا مَا حَرُمَ. - وعند الحاكم , عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله قال ليس من عمل يقرب من الجنة إلا قد أمرتكم به ولا عمل يقرب من النار إلا وقد نهيتكم عنه فلا يستبطئن أحد منكم رزقه فإن جبريل ألقى في روعي أن أحدا منكم لن يخرج من الدنيا حتى يستكمل رزقه فاتقوا الله أيها الناس وأجملوا في الطلب فإن استبطأ أحد منكم رزقه فلا يطلبه بمعصية الله فإن الله لا ينال فضله بمعصيته . أخرجه ابن ماجة (2144), والحاكم (2/5 ، رقم 2135) .صحيح ، التعليق الترغيب ( 3 / 7 ) ، أحاديث البيوع ، الصحيحة ( 2607 ) ، المشكاة ( 5300 ). 1- الإجمال والتأدب في الطلب من الله : الأدب مع الله تعالى من صفات المؤمن الصادق , فهو يستحيي من الله تعالى حق الحياء، لأن من الأدب أن لا تعصي الله وهو يراك، وأن لا تعصه على أرضه، وإن من الأدب مع الله تعالى، والذي لا يستقيم إيمان عبد بدونه، أن تؤمن بالقدر، وأن تسلم لأمر الله، فإن من تذمر من قضاء الله أو تشكى، أو قال: لماذا أنا من دون الناس؟ فقد أساء الأدب مع الله وكفر بالقدر. وإن من سوء الأدب مع الله تعالى أيضا ما يفعله البعض في الطلب والدعاء من الله فمن الناس من يتعجل إجابة الدعاء، ولقد قال النبي فيما رواه أبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه \" يُسْتَجَابُ لأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ ، فَيَقُولُ : قَدْ دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي\" .أخرجه مالك ((الموطأ\" 569. و\"أحمد\" 2/396(9137) و\"البُخاري\" 6340 وفي \"الأدب المفرد\" 654 و\"مسلم\" 7034 و\"أبو داود\" 1484 و\"التِّرمِذي\" 3387 . وإن من إساءة الأدب أن يرفع المرء صوته بالدعاء كما يفعل البعض في صلاة القيام والتراويح من صياح وصراخ بالتأمين وغيره، فعَنْ أَبِي مُوسَى ، قال:كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ فِي سَفَرٍ، فَكُنَّا إِذَا عَلَوْنَا كَبَّرْنَا . فَقال : أربعوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ ، فَإِنَّكُمْ لاَ تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلاَ غَائِبًا ، تَدْعُونَ سَمِيعًا بَصِيرًا ، قَرِيبًا.أخرجه أحمد 4/394 والبخاري 4/69 . وإن من سوء الأدب في الطلب والدعاء: الدعاء بما لا يجوز من القول ولذا كان من ، النبي المشهور: ( والشر ليس إليك ) . رواه مسلم (771)، وأحمد(805)، والترمذي(3422)، والنسائي(897)، وأبو داود(760)، والدارمي(1314). وحينما مات إبراهيم ابن النبي ضرب النبي مثلاً رائعاً في حسن الأدب مع الله فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ دَخَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَبِي سَيْفٍ الْقَيْنِ وَكَانَ ظِئْرًا لِإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَام فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِبْرَاهِيمَ فَقَبَّلَهُ وَشَمَّهُ ثُمَّ دَخَلْنَا عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِبْرَاهِيمُ يَجُودُ بِنَفْسِهِ فَجَعَلَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَذْرِفَانِ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ يَا ابْنَ عَوْفٍ إِنَّهَا رَحْمَةٌ ثُمَّ أَتْبَعَهَا بِأُخْرَى فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الْعَيْنَ تَدْمَعُ وَالْقَلْبَ يَحْزَنُ وَلَا نَقُولُ إِلَّا مَا يَرْضَى رَبُّنَا وَإِنَّا بِفِرَاقِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ [رواه البخاري]. ومن هنا فقد دعانا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى تقوى الله والإجمال في الطلب من الله , فالمؤمن يحسن الطلب من ربه فلا يدعو بإثم ولا قطيعة رحم و ولا يدعو بشر ولا ضر , ولا يدعو برزق فيه شبهة . فهو عزيز النفس لا يبع دينه بعرض من الدنيا, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ قَالَ : بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِى كَافِرًا وَيُمْسِى مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا يَبِيعُ أَحَدُهُمْ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا. أخرجه أحمد2/303(8017) و\"مسلم\" 1/76 و\"التِّرمِذي\" 2195 . قال الخليفة هشام بن عبد الملك لسالم بن عبد الله بن عمر عند الكعبة: سلني حاجتك، فقال: والله إني لأستحي أن أسأل في بيته غيره.فلما خرج من المسجد قال هشام الآن خرجت من بيت الله فاسألني، فقال: من حوائج الدنيا أم الآخرة؟ قال: من حوائج الدنيا، فقال سالم: ما سألتها ممن يملكها، فكيف أسالها ممن لا يملكها.( الصفدي : الوافي بالوفيات 15 / 54). كان مالك بن دينار يمشي في سوق البصرة فرأى التين فاشتهاه و لم يكن معه نقود فخلع نعله و أعطاه لبائع التين فقال : لا يساوي شيئا فأخذ مالك نعله و انصرف فقيل للرجل إنه مالك بن دينار فملأ الرجل طبقا من التين و أعطاه لغلامه ثم قال له : ألحق بمالك بن دينار فإن قبله منك فأنت حر.... فعدا الغلام وراءه فلما أدركه قال له اقبل مني فإن فيه تحريري . فقال مالك : إن كان فيه تحريرك فإن فيه تعذيبي . فألح الغلام عليه فقال : أنا لا أبيع الدين بالتين ولا آكل التين إلى يوم الدين. قال الواقدي : فلما أشرف خالد بن الوليد رضي الله عنه ومن معه على عساكر الروم نظر المسلمون إلى عساكر الروم وهم خمسة فراسخ في العرض وعن نوفل بن دحية أن خالد بن الوليد لما ترجل عن جواده وترجل المائة جعلوا يتبخترون في مسيرهم ويجرون حمائل سيوفهم ويخترقون صفوف الحجاب والبطارقة ولا يهابون أحدًا إلى أن وصلوا إلى النمارق والفراش والديباج ولاح لهم ماهان وهو جالس على سريره فلما نظر أصحاب رسول الله إلى ما ظهر من زينته وملكه عظموا الله تعالى وكبروه وطرحت لهم الكراسي فلم يجلسوا عليها بل رفع كل واحد منهم ما تحته وجلسوا على الأرض فلما نظر ماهان إلى فعلهم تبسم وقال : يا معاشر العرب لم تأبون كرامتنا ولم أزلتم ما تحتكم من الكراسي وجلستم على الأرض ولم تستعملوا الأدب معنا ودستم على فراشنا .قال : فقال خالد بن الوليد : إن الأدب مع الله تعالى أفضل من الأدب معكم وبساط الله أطهر من فرشكم لأن نبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم قال : جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا ثم قرأ لقوله تعالى : { منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى } [ طه : 55 ] .( الواقدي : فتوح الشام 281). جاء في بعض الآثار أن الله أوحى إلى موسى - عليه السلام - : يا موسى لا تخافنَّ غيري ما دام ليَ السُّلطان ، وسلطاني دائمٌ لا ينقطعُ ، يا موسى ، لا تهتمَّنَّ برزقي أبداً ما دامت خزائني مملوءةً ، وخزائني مملوءةٌ لا تفنَى أبداً ، يا موسى لا تأنس بغيري ما وجدتَني أنيساً لك ، ومتى طلبتني وجدتني ، يا موسى ، لا تأمن مكري ما لم تَجُزِ الصِّراطَ إلى الجنة .( ابن رجب : شرح جامع العلوم والحكم 28). قال أبو العتاهية : لا تخضعن لمخلوق على طمع * * فإن ذلك نقص منك في الدين لا يستطيع العبد أن يعطيك خردلة * * إلا الذي سواك من طين فلا تصاحب غنيا تستعز به* * وكن عفيفا وعظم حرمة الدين واسترزق الله مما في خزائنه* * فإن رزقك بين الكاف والنون واستغن بالله عن دنيا الملوك كما* * استغن الملوك بدنياهم عن الدين 2- اليقين بأن الرزق والأجل بيد الله وحده : الاعتقاد بأن الرزق والأجل بيد الله وحده جزء من الإيمان بالقضاء والقدر، فالإيمان بالقدر أن يؤمن الإنسان أن كل شيء في هذا الكون قد قدره الله –عز وجل- فلا يقع غير ما قدره قَالَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ لاِبْنِهِ يَا بُنَىَّ إِنَّكَ لَنْ تَجِدَ طَعْمَ حَقِيقَةِ الإِيمَانِ حَتَّى تَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ وَمَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ:إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمَ فَقَالَ لَهُ اكْتُبْ قَالَ رَبِّ وَمَاذَا أَكْتُبُ قَالَ اكْتُبْ مَقَادِيرَ كُلِّ شَىْءٍ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ يَا بُنَىَّ إني سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ مَنْ مَاتَ عَلَى غَيْرِ هَذَا فَلَيْسَ مِنِّى. أخرجه أبو داود (4700). فالرزق مقسوم والأجل محتوم، ولا يمكن أن يزيد أحد في رزقك ولا أن ينقص منه، ولا يمكن أن يؤخر أحد في أجلك أو يقدم منه . عن عبد اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال : حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ أَنَّ : خَلْقَ أَحَدِكُمْ يُجْمَعُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَوْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَهُ ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَهُ ثُمَّ يُبْعَثُ إِلَيْهِ الْمَلَكُ فَيُؤْذَنُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ فَيَكْتُبُ رِزْقَهُ وَأَجَلَهُ وَعَمَلَهُ وَشَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ ثُمَّ يَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى لَا يَكُونُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ إِلَّا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُ النَّارَ وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ إِلَّا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا . رواه البخاري ومسلم والترمذي وأبو داود وابن ماجة وأحمد . قال الشاعر : لو كان في صخرة صماء راسية * * * في البحر ملمومة ملس نواحيها رزق لعبد براه الله لانصدعت * * * حتى يؤدي إليه كل ما فيها أو كان تحت طباق السبع مسلكها * * * لسهل الله من قرب مراقيها حتى ينال الذي في اللوح حظ له * * * إما أتته وإلا كان يأتيها قيل إن نبي الله سليمان عليه السلام سأل نملة : كم تأكلين في العام؟ قالت: آكل حبتين من القمح، فوضع لها نبي الله سليمان حبتين من القمح، ومضى عام كامل، فنظر إليها فوجدها قد أكلت حبة واحدة من القمح وأبقت على الأخرى، فقال لها: أيتها النملة ألم تخبريني أنك تأكلين في كل عام حبتين من القمح؟! فلماذا أكلت حبة واحدة؟ فقالت النملة: يا نبي الله سليمان، كنت آكل حبتين من القمح وأنا متيقنة وواثقة بأن الله الرازق سيبعث إليّ بغيرها، لكنني لما علمت أنك الذي توليت أمر رزقي خفت أن تنساني فأكلت حبة وادخرت الحبة الأخرى للعام القادم. يقول الشاعر :دع المقادير تجري في أعنتها * * * ولا تبيتن إلا خالي البال ما بين طرفة عين وإنتباهتها * * * يغير الله من حال إلى حال فكن بين الناس كالميزان معتدلا * * * ولا تقولن ذا عمي وذا خالي لا يقطع الراس إلا من يركبها * * * ولا يرد المنايا كثرة المال 3- ما عند الله لا يطلب إلا بطاعته: بعض الناس يتعجل في قضية الرزق , فإذا أبطأ عليه الرزق أخذ في طلبه بغير ما أحل الله , وصار همه الحصول على الرزق بما شرع وما لم يشرع , وهذا يأتي من ضعف الثقة والإيمان بأن الله هو الرزاق ذو القوة المتين,فيبدأ بالتشكي وعدم الرضا . كتب عمر إلى أبي موسى الأشعري -رضي الله عنهما-: أما بعد: فإن الخير كله في الرضا، فإن استطعت أن ترضى وإلا فاصبر. وما أجمل قول ابن القيم حين قال:وإذا اعترتْكَ بليةٌ فاصبرْ لها * * صــبرَ الكريمِ فإنَّه بكَ أكرمُ وإذا شكوتَ إلى ابْنِ آدمَ إنما * * تشكو الرَّحيمَ إلى الذي لا يرحم ثم بالبحث عن أي سبيل لكسب المال معللا ذلك بأن الغاية تبرر الوسيلة , وأن الله كتب عليه ذلك السبيل . أُتي بسارق إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، فسأله عمر: لم سرقت؟ فقال: قدر الله ذلك. فقال عمر -رضي الله عنه-: اضربوه ثلاثين سوطًا، ثم اقطعوا يده) فقيل له: ولِمَ؟ فقال: يقطع لسرقته، ويضرب لكذبه على الله.فنجد أن هذا الرجل احتج بالقدر على معصية الله، فأمر أمير المؤمنين عمر -رضي الله عنه- بجلده ثلاثين جلدة، بالإضافة إلى قطع يده تعذيرًا له، لأنه كذب على الله، فعلى الإنسان أن يؤمن أن كل شيء يحدث له أو منه إنما هو معلوم لله، ومسجل في كتاب القدر، ولابد أن يقع كما علمه الله تعالى وسجله في كتاب القدر من قبل، لكن الله لم يطلع الناس على كتاب القدر. قال تعالى : \" مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ \" سورة النحل : (97) . قيل في معنى الحياة الطيبة : الرزق الحلال الطيب . وقيل : عبادة الله مع أكل الحلال ، وقيل : القناعة ، وقيل : رزق يوم بيوم كان النبي يقول في دعائه : « قنعني بما رزقتني » وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يدعو : « اللهم اجعل رزق آل محمد كفافاً » قال الواحدي وقول من يقول : إن القناعة حسن مختار لأنه لا يطيب عيش أحد في الدنيا إلا عيش القانع وأما الحريص فإنه يكون أبداً في الكد والعناء .( تفسير الرازي 9/463). ولقد ضرب الصحابة أمثلة رائعة في الحرص على أكل الحلال واجتناب ما فيه ولو شبهة حرام . فها هو الصديق أبو بكر الصديق رضي الله عنه يجيئه غلامه بشيء فيأكله فيقول الغلام: أتدري ما هو؟ تكهنت في الجاهلية لإنسان وما أُحسن الكهانة: ولكني خدعته، فلقيني فأعطاني بذلك، فهذا الذي أكلت. فأدخل أبو بكر يده في فمه فقاء كل شيء في بطنه\" وفي رواية أنه قال: ((لو لم تخرج إلا مع نفسي لأخرجتها. اللهم إني أعتذر إليك مما حملت العروق وخالطه الأمعاء)). صحيح، أخرجه البخاري: كتاب المناقب - أيام الجاهلية، حديث (3842). وشرب عمر لبناً فأعجبه، فقال للذي سقاه: من أين لك هذا؟ قال: مررت بإبل الصدقة وهم على ماء، فأخذت من ألبانها، فأدخل عمر يده فاستقاء. وتوصي بعض الصالحات زوجها وتقول: يا هذا اتق الله في رزقنا فإننا نصبر على الجوع، ولا نصبر على النار. دخل الإمام على بن أبي طالب رضي الله عنه مسجد الكوفة يوما وقال لرجل كان واقفا على باب المسجد : أمسك بغلتي فأخذ الرجل لجام البغلة وتركها فخرج الإمام علي من المسجد وفي يده درهمين ليكافئ بهما الرجل على إمساكه بغلته فوجد البغلة واقفة بغير لجام فركبها ومضى ثم دفع لغلامه قنبر الدرهمين ليشتري بهما لجاما جديدا للبغلة فلما ذهب قنبر إلى السوق وجد اللجام في السوق وقد باعه السارق بدرهمين فقال الإمام علي رضي الله عنه : إن العبد ليحرم نفسه الرزق الحلال بترك الصبر . ويحكى أن رجلاً بسيطاً كان يرعى غنماً لأحد الأغنياء ويأخذ أجرته يومياً بمقدار خمسة دراهم ، وفي أحد الأيام جاء الغني إلى الراعي ليخبره أنه قد قرر بيع الغنم لأنه يود السفر وبالتالي فقد استغنى عن خدماته وأراد مكافأته فأعطاه مبلغاً كبيراً من المال غير أن الراعي رفض ذلك وفضل أجره الزهيد الذي تعود أن يأخذه مقابل خدمته كل يوم والذي يرى بأنه تمثل مقدار جهده..وأمام اندهاش الغني واستغرابه أخذ الراعي الخمسة دراهم وقفل عائداً إلى بيته ، ظل بعدها يبحث عن عمل ولكنه لم يوفق وقد احتفظ بالخمسة دراهم ولم يصرفها أملاً في أن تكون عوناً له يوماً من الأيام ..وكان هناك في تلك القرية رجل تاجر يعطيه الناس أمولاً فيسافر بها ليجلب لهم البضائع وعندما حان موعد سفره أقبل عليه الناس كالمعتاد يعطونه الأموال ويوصونه على بضائع مختلفة فكر الراعي في أن يعطيه الخمسة دراهم عله يشتري له بها شيئاً ينفعه ، فحضر في من حضروا وعندما أنصرف الناس عن التاجر أقبل عليه الراعي وأعطاه الخمسة دراهم سخر التاجر منه وقال له ضاحكاً : ماذا سأحضر لك بخمسة دراهم؟ فأجابه الراعي: خذها معك وأي شيء تجده بخمسة دراهم أحضره لي .استغرب التاجر وقال له : إني ذاهبٌ إلى تجار كبار لا يبيعون شيئاً بخمسة دراهم هم يبيعون أشياء ثمينة .غير أن الراعي أصر على ذلك وأمام إصراره وافق التاجر،..ذهب التاجر في تجارته وبدأ يشتري للناس ما طلبوه منه كلٌ حسب حاجته وعندما انتهى وبدأ يراجع حساباته لم يتبقى لديه سوى الخمسة دراهم التي تعود للراعي ولم يجد شيئاً ذا قيمة يمكن أن يشتريه بخمسة دراهم سوى قط سمين كان صاحبه يبيعه ليتخلص منه فاشتراه التاجر وقفل راجعاً إلى بلاده ..وفي طريق عودته مر على قرية فأراد أن يستريح فيها وعندما دخلها لاحظ سكان القرية القط الذي كان بحوزته فطلبوا منه أن يبيعهم إياه واستغرب التاجر إصرار أهل القرية على ضرورة أن يبيعهم القط فسألهم فأخبروه بأنهم يعانون من كثرة الفئران التي تأكل محاصيلهم الزراعية ولا تبقي عليهم شيئاً وأنهم منذ مدة يبحثون عن قط لعله يساعدهم في القضاء عليها وأبدوا له استعدادهم بشراء القط بوزنه ذهباً وبعد أن تأكد التاجر من صدق كلامهم وافق على أن يبيعهم القط بوزنه ذهباً وهكذا كان ..عاد التاجر إلى بلاده وأستقبله الناس وأعطى كل واحدٍ منهم أمانته حتى جاء دور الراعي فأخذه التاجر جانباً واستحلفه بالله أن يخ بره عن سر الخمسة دراهم ومن أين تحصل عليها استغرب الراعي من كلام التاجر ولكنه حكى له القصة كاملة عندها أقبل التاجر يقبل الراعي وهو يبكي ويقول بأن الله قد عوضك خيراً لأنك رضيت برزقك الحلال ولم ترضى زيادة على ذلك وأخبره القصة وأعطاه الذهب فرح الراعي كثيراً وحمد الله تعالى . فاعلم –رعاك الله – أن طلب الحلال واجب على كل مسلم , وأن الحرام لا يدوم , قال أحدهم : جمع الحرام على الحلال ليكثره * * * دخل الحرام على الحلال فبعثره وقال آخر : دعِ الحرصَ على الدنيا ……وفي العيش فلا تطمَع فلا تجمع من المال ……فما تدري لمَن تجمع فإن الرزق مقسوم ……وسوءَ الظنِّ لا ينفع اللهم اكفني بحلالك عن حرامك , و أغنني بفضلك عمن سواك , وارزقنا الحلال وبارك لنا فيه , وجنبنا الحرام وبغضنا فيه .
| |
|