عجب الذنب.. اكتشافات جديدة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ثم ينزل من السماء ماء فينبتون كما تنبت البقل وليس في الإنسان شيء إلا بلى إلا عظم واحد وهو عجب الذنب) أخرجه البخاري ومسلم ومالك في الموطأ وأبو داود والنسائي.
وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله قال: (كل ابن آدم يأكله التراب إلا عجب الذنب منه خلق وفيه يركب) أخرجه البخاري والنسائي وأبو داود وابن ماجه وأحمد في المسند ومالك في الموطأ. عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن رسول الله صلى اللهعليه وسلم : (وإن في الإنسان عظماً لا تأكله الأرض أبداً فيه يركب يوم القيامة قالوا أي عظم يا رسول الله؟ قال عجب الذنب). رواه البخاري والنسائي وأبو داود وابن ماجه واحمد في المسند وأخرجه مالك.
يُستنتج من الأحاديث الصحيحة الحقائق التالية:
1. أن عجب الذنب مكون أساس خلق منه الجنين في مراحله الأولية.
2. عجب الذنب لا يبلى.
3. فيه يركب الخلق يوم القيامة.
إن ثبوت الاستنتاج الأول علمياً (عجب الذنب مكون أساسي يتركب منه الجنين في مراحله الأولية) يكفى لقبول الاستنتاج الثالث (فيه يركب الخلق يوم القيامة) والذي هو قطعاً من الغيب الذي لا يمكن الخوض فيه، وفى ذلك أدلة على أمور عديدة منها:
1. دليل على أن البعث حق ومثال ذلك في القراَن الكريم قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الأَرْحَامِ مَا نَشَاء إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً وَتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ)(الحج: 5). فلما ثبت ما أخبرت عنه الآيات من أمور كونية كانت غيباً في زمن التنزيل، لزم ثبوت ما أخبرت به من أمور ما زالت غيبياً من أمر الآخرة وبذلك ينتفي الشك في البعث.
2. الدليل على نبوة الرسول لما ثبت من صدق حديثه.
3. الدليل على سلامة منهج سلف هذه الأمة في سلامة النقل عن رسول الله حتى وصلت إلينا الأحاديث النبوية الشريفة كما أخبر عنها .
لقد بني علماء المسلمين في النصف الثاني من القرن العشرين فهمهم للإعجاز في هذا حديث عجب الذنب على قاعدتين علميتين أساسيتين هما:
1. أن العصعص هو ما تبقي من جزء أولى من الجنين يعرف باسم (the Primitive streak) وهو جزء محوري عرف بأنه يظهر في أوائل الأسبوع الثالث وتمر منه خلايا من طبقة الإكتوديرم لتكون طبقة الميزوديرم ثم يتقلص (the Primitive streak) وما يتبقي منه إلى أجزاء ضئيلة تكون ممثلة في الإنسان في فقرات العصعص (شكل1).
2. أن الدليل على أصل قدرة هذا الجزء على تكوين مختلف الأنسجة بالجسم هو أنه في حالة حدوث ورم في هذا الجزء لدى الطفل المولود (teratoma) فإن هذا الورم يحوى نماذج من جميع أنسجة الجسم المختلفة (شعر ـ أسنان ـ غدد ...) (شكل2). والنقطتين السابقتين سليمتين في مجملها ولكن ظهرت في السنوات الأخيرة دقائق مبهرة توضح تفاصيل هامة وتحمل دلائل إعجازي سنوجزها فيما يلي في صورة أربعة نقاط أساسية تمثل في مجملها الجديد في فهم تكون العصعص في المرحلة الجنينية:
النقطة الأولى: أ) تبدأ البويضة المخصبة في انقسامات متتالية من بداية الإخصاب الذي يحدث في الطرف الخارجي لقناة فالوب مروراً بمراحل الخليتان والأربع والثمانية والستة عشر (بداية مرحلة التوتة التي تدخل إلى الرحم) ثم مرحلة البلاستوسست المكونة من طبقة خارجية من الخلايا (التي تكون الأغشية المحيطة بالجنين والتي ستشارك مع بعض أنسجة من الأم في تكوين المشيمة) وكتلة داخلية من الخلايا (والتي ستكون مسؤولة عن تكوين الجنين نفسه) (شكل4 و3).
ب) لم يعد الوصف القديم في تطور كتلة الخلايا الداخلية في مرحلة (Blastocyst) إلى طبقتي (Ectoderm& Endoderm) سارياً من الناحية العلمية. ولكن يتم التميز أولاً إلى طبقتين أوليتين عليا وسفلى تعرفان باسم (Epiblast & Hypoblast) وذلك في بداية الأسبوع الثاني (شكل ـ 5).
ج) في بداية الأسبوع الثالث يظهر في طبقة (The Epiblast) تكوين جديد هو ال Primitive streak (شكل ـ 6).
د) تتكاثر خلايا The Epiblast ويقل الترابط فيما بينها ثم تمر من خلال (The Primitive streak) لتحل أولا محل خلايا طبقة The Hypoblastوتكون نسيج (The Endoderm) ثم تنتشر خلايا بينية لتكون نسيج (The Mesoderm) ويطلق منذ هذا التوقيت على طبقة الإبيبلاست اسم الإكتوديرم The ectoderm وبذلك تتكون الطبقات الثلاث المعروفة للجنين وهي (Ectoderm, Mesoderm and Endoderm) من طبقة أولية واحدة هي طبقة (The Epiblast) ويكون الأساس في تكون خلايا الطبقات هو مرورها خلال (The Primitive streak). وهذا التوضيح الجديد يتوافق تماماً مع فهم الحديث الشريف أن الإنسان قد (خُلِقَ) من العصعص (او أصل العصعص) حيث أن الحديث في إطار مرحلة التكوين ويكون الأساس في تكون خلايا الطبقات هو مرورها خلال (The Primitive streak) (شكل 8, 97).
|
|
|
شكل رقم (1) العصعص هو مجموعة من الفقرات الضامرة في نهاية العمود الفقري |
شكل رقم (2) ورم خارج منطقة العصعص في طفلة ويحتوي على نماذج من جميع أنسجة الجسم المختلفة |
شكل رقم (3) التطورات الحادثة خلال الأسبوع الأول من الإخصاب والتي تشمل الانقسامات المتتالية للبوضة المخصبة أثناء مرورها بقناة فالوب حتى المنطقة العليا من الرحم ويوضح أطوار البويضة المخصبة والخليتان والأربعة والثمانية والستة عشر (بداية مرحلة التوتة) التي تدخل الرحم من الانقسام المتكرر حتى طور (the blastocyst) الذي يقوم بالانغراس في بطانة الرحم. (Moore and Persaud 1998,P:44) |