اسامه جاد مشرف سوبر
عدد الرسائل : 3356 العمر : 53 العمل/الترفيه : معلم اول احياء وعلوم بيئه وجيولوجيا نقاط : 13745 تاريخ التسجيل : 14/02/2009
| موضوع: وَالسَّمَآءِ ذَاتِ الرَّجْعِ الخميس يناير 07, 2010 6:58 pm | |
| وَالسَّمَآءِ ذَاتِ الرَّجْعِ الأستاذ الدكتور زغلول النجار هذه الآية الكريمة التي جاءت في منتصف سورة الطارق هي من آيات القَسَم في القرآن الكريم, والقَسَم في كتاب الله يأتي من قبيل تنبيهنا إلى أهمية الأمر الذي جاء به القَسَم, لأن الله ـ تعالى ـ غني عن القَسَم لعباده. والقَسَم هنا بالسماء، وبصفة خاصة من صفاتها، وهي أنها (ذات الرجع), وفي ذلك قال قدامى المفسرين: إن (رجع) السماء هو المطر, وإنه سمي (رجعًا)؛ لأن بخار الماء يرتفع أصلاً من الأرض إلي السماء حيث يتكثف ويعود إلى الأرض مطرًا ـ بإذن الله ـ في عملية دائمة التكرار والإعادة, ولفظة (الرجع) هنا مستمدة من الفعل رجع بمعنى: عاد وآب، ولذا سمي المطر (رجعا) كما سمي أوبًا لأن (الرجوع) هو العود إلى ما كان منه البدء. ومع تسليمنا بصحة هذا الاستنتاج يبقى السؤال المنطقي: إذا كان المقصود بالتعبير (رجع السماء) هو المطر فقط، فلماذا فضل القرآن الكريم لفظة الرجع على لفظة المطر؟ ولماذا لم يأت القسم القرآني بالتعبير (والسماء ذات المطر) بدلاً من (وَالسَّمَآءِ ذَاتِ الرَّجْعِ)؟. واضح الأمر أن لفظة (الرجع) في هذه الآية الكريمة لها من الدلالات ما يفوق مجرد نزول المطر ـ على أهميته القصوى لاستمرارية الحياة على الأرض ـ مما جعل هذه الصفة من صفات السماء محلاًّ لِقَسَم الخالق ـ سبحانه وتعالى ـ وهو الغنيّ عن القسم ـ تعظيمًا لشأنها وتفخيمًا. فما هو المقصود (بالرجع) في هذه الآية الكريمة؟.يبدو ـ والله تعالى أعلم ـ أن من معاني (الرجع) هنا: الارتداد أي أن من الصفات البارزة في سمائنا أنها ذات رجع أي ذات ارتداد, بمعنىي أن كثيرًا مما يرتفع إليها من الأرض ترده إلى الأرض ثانية, وأن كثيرًا مما يهبط عليها من أجزائها العليا يرتد ثانية منها إلى المصدر الذي هبط عليها منه, فالرجع صفة أساس من صفات السماء, أودعها فيها خالق الكون ومبدعه, فلولاها ما استقامت على الأرض حياة, ومن هنا كان القسم القرآني بها تعظيمًا لشأنها, وتنبيهًا لنا للحكمة من إيجادها وتحقيقها...!!! الرجع في اللغة العربية:يقال في اللغة العربية: (رجع يرجع رجوعًا) بمعنى: عاد يعود عودًا, وغيره (رجعه) غيره أو (أرجعه) بمعنى أعاده ورده, و(الرجوع) العودة إلى ما كان منه البدء, ويقال: (رجعه, يرجعه رجعًا). كما يقال: (رجع يرجع رجعًا وترجيعًا) بمعنى ردّ يردّ ردًّا, (فالرجع) لغة هو العود, والارتداد, والرد, والانصراف والإفادة, والإعادة, ولذلك يقال للمطر (رجعًا) لردّ الهواء ما تناوله من ماء الأرض بطريقة مستمرة, كما يقال للغدير (رجعًا) بنسبته إلى المطر الذي ملأه, أو لتراجع أمواجه وترددها في مكانه، ويستند في ذلك إلى قول الحق ـ سبحانه وتعالى: (وَالسَّمَآءِ ذَاتِ الرَّجْعِ) أي ذات المطر، وقيل فيها أيضًا: أي ذات النفع.ويقال (رجع يرجع ترجيعًا) أي ردد يردد ترديدًا, (فالترجيع ترديد الصوت في الحلق بالقراءة وفي الغناء, وتكرير القول مرتين فصاعدًا, ومنه (الترجيع) في الأذان, وكل تكرار في الكلام فهو (رجع) و(رجيع) ومعناه (مرجوع) أي: مردود, و(الرجع) أيضًا صدى الصوت, ويقال (راجع) أي: عاود, و(المراجعة) المعاودة, ويقال (راجعه) الكلام أي ردَّ عليه.و(الرجعة) العودة من الطلاق, والعودة إلى الدنيا بعد الممات. يقال: (رجعت) عن كذا (رجعًا) و(رجوعًا) أي رفضته بعد قبوله, و(رجعت) الجواب أي رددت عليه, و(المرجع) و(الرجعي) هو (الرجوع) والعود أو مكان العود، وذلك من مثل قوله تعالى: (إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا) (المائدة: 48). وقوله ـ سبحانه وتعالى: (وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (الأعراف: 174) أي يرجعون عن الذنب أو يعودون إلى الله تعالى وهدايته الربانية وقوله ـ عز وجل: (فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ) (النمل: 35) من الرجوع أو من رجع الجواب, وقوله ـ سبحانه وتعالى: (يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ) (سبأ:31) أي يتلاومون، وقوله تعالى: (ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ) (النمل: 28)، ويقال ليس لكلامه (مرجوع) أي مردود أو جواب, ودابة لها (مرجوع) أي لها مردود بمعنى أنه يمكن بيعها بعد استخدامها. و(الراجع) المرأة يموت عنها زوجها فترجع إلى أهلها (أما المطلقة فيقال لها مردودة).صورة للغلاف الغازي للأرض بسحبة ورياحهو(الاسترجاع) الاسترداد, و(التراجع) الارتداد إلى الخلف أو (الرجوع) عن الأمر. يقال (استرجع) فلان منه الشيء أي أخذ منه ما كان قد دفعه إليه, و(استرجع) عند المصيبة أي قال: (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّآ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ)، و(الرجيع) الاستفراغ أو الرفث ويستخدم كناية عن أذى البطن عند كل من الإنسان والحيوان, وهو من (الرجوع) ويكون بمعنى الفاعل, أو من (الرجع) ويكون بمعنى المفعول؛ و(الرجيع) من الكلام المردود إلى صاحبه أو المكرر. المفسرون ورجع السماء:في تفسير قوله تعالى: (وَالسَّمَآءِ ذَاتِ الرَّجْعِ) (الطارق:11) ذكر ابن كثير ـ رحمه الله ـ أن رجع السماء هو المطر, ذكره ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ وعنه أيضًا أن (الرجع) هو السحاب فيه المطر, وأشار ابن كثير أيضًا إلى رأي قتادة ـ يرحمه الله ـ في (السماء ذات الرجع) أنها ترجع رزق العباد كل عام, ولولا ذلك لهلكوا وهلكت مواشيهم, وذكر الصابوني ـ أمد الله في عمره ـ نفس المعاني. ويؤكد صاحب الظلال ـ يرحمه الله ـ على هذا المعنى بقوله: الرجع: المطر ترجع به السماء المرة بعد المرة. وذكر مخلوف ـ يرحمه الله: (والسماء) أي المظلة, (ذات الرجع) أي المطر, وسمي رجعًا لأن السحاب يحمل الماء من بخار البحار والأنهار, ثم يرجعه إلى الأرض مطرًا, أو لأنه يعود ويتكرر, من (رجع): إذا عاد, ولذا يسمى أوبًا, وتكررًا, وكذلك ذكر أصحاب المنتخب في تفسير القرآن الكريم أن القسم هنا بالسماء ذات المطر الذي يعود ويتكرر.الفعل رجع في القرآن الكريم:ورد الفعل (رجع) بمشتقاته في القرآن الكريم مئة وأربع مرات (104) في الصيغ التالية:(رجع, رجعتم, رجعك, رجعنا, رجعناك, رجعوا, أرجع, ترجعونها, ترجعوهن, يرجع, يرجعون, ارجع, أرجعنا, ارجعوا, أرجعون, ارجعي, رجعت, ترجع, ترجعون, يرجع, يرجعون, يتراجعا, رجع, الرجع, رجعه, الرجعى, راجعون, مرجعكم, مرجعهم).وجاءت لفظة رجْع فيها ثلاث مرات على النحو التالي:(أَءِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ) (ق:3). (إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ) (الطارق:. (وَالسَّمَآءِ ذَاتِ الرَّجْعِ) (الطارق:11).وكلها بمعنى الرجوع, والعودة, والارتداد, والرد, والإعادة, وهو ما يمكن أن يعيننا في فهم دلالة الرجع في قوله تعالى: (وَالسَّمَآءِ ذَاتِ الرَّجْعِ) (الطارق: 11)، وهو معنى أوسع وأشمل من مجرد رجوع ماء الأرض المتبخر من سطحها ومن تنفس إنسها وحيواناتها، ونتح نباتاتها, وإلا لكان القَسَم بالسماء ذات المطر.السماء في اللغة العربية:(السماء) لغة: اسم مشتق من (السمو) بمعنى الارتفاع والعلو, تقول: (سما, يسمو, سموًّا), فهو (سامٍ) بمعنى علا, يعلو, علوًّا, فهو عالٍ أو مرتفع, لأن السين والميم والواو أصل يدل على الارتفاع والعلو, يقال: (سَمَوْت وَسَمَيْت) بمعنى: علوت وعليت للتنويه بالرفعة والعلو, وعلى ذلك فإن سماء كل شيء أعلاه، ومن هنا قيل: كل ما علاك فأظلك فهو سماء. ولفظة (السماء) في العربية تذكّر وتؤنث (وإن كان تذكيرها يعتبر شاذًّا), وجمعها (سماوات) كما جاء في القرآن الكريم، وهناك صيغ أخرى لجمعها ولكنها غريبة.وانطلاقًا من هذا التعريف اللغوي قيل لسقف البيت: (سماء) لارتفاعه, وقيل للسحاب (سماء) لعلوه, واستعير اللفظ للمطر بسبب نزوله من السحاب, وللعشب لارتباط نبته بنزول ماء السماء.و(السماء) لدينا: هي كل ما يقابل الأرض من الكون, والمراد بها ذلك العالم العلوي من حولنا، والذي يضم الأجرام المختلفة من الكواكب والكويكبات, والأقمار والمذنبات, والنجوم والبروج, وغيرها من مختلف صور المادة والطاقة التي تملأ الكون بصورة واضحة جلية أو مستترة خفية.وقد خلق الله تعالى السماء ـ وهو سبحانه خالق كل شيء ـ ورفعها بغير عمد نراها, وجعل لها عُمّارًا من الملائكة ومما لا نعلم من الخلق, وحرسها من كل شيطان مارد من الجن والإنس, فهي محفوظة بحفظه تعالى إلى أن يرث الكون بما فيه ومن فيه. السماء في القرآن الكريمتكرر ورود لفظة (السماء) في القرآن الكريم ثلاثمائة وعشر مرات, منها مئة وعشرون بالإفراد (السماء), ومئة وتسعون بالجمع (السماوات), والجمع في غالبيته إشارة إلى كل ما حول الأرض من خلق أي: إلى الكون في جملته, والإشارات المفردة منها ثمان وثلاثون يفهم من مدلولها الغلاف الغازي للأرض بسحبه ورياحه وكسفه, واثنتان وثمانون يفهم منها السماء الدنيا غالبًا والكون أحيانًا.وقد جاءت الإشارة القرآنية إلى السماوات والأرض وما بينهما في عشرين موضعًا من كتاب الله, وأغلب الرأي أن المقصود بما بين السماوات والأرض هو الغلاف الغازي للأرض بصفة عامة, والجزء الأسفل منه (نطاق المناخ) بصفة خاصة, وذلك لقول الحق ـ سبحانه وتعالى): (وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَآءِ وَالأَرْضِ..) (البقرة: 164). والسحاب يتحرك في نطاق المناخ الذي لا يتعدى سُمكُه 16 كيلو مترًا فوق مستوى سطح البحر عند خط الاستواء, والذي يحوي أغلب مادة الغلاف الغازي للأرض (75% بالكتلة)، والقرآن الكريم يشير إلى إنزال الماء من السماء في أكثر من آية, وواضح الأمر أن المقصود بالسماء هنا هو السحاب، أو النطاق المحتوي على السحاب والمعروف علميًّا بنطاق المناخ. العلوم الكونية ورجع السماء:إذا كان المقصود بـ(السماء ذات الرجع) في سورة الطارق هو الغلاف الغازي للأرض بنطاق من نطاقاته (مثل نطاق الطقس) أو بكل نطقه ـ فإن دراسة ذلك الغلاف الغازي قد أكدت لنا أن كثيرًا مما يرتفع من الأرض إليه من مختلف صور المادة والطاقة (من مثل: هباءات الغبار المتناهية الدقة في الصغر, بخار الماء, كثير من غازات أول وثاني أكسيد الكربون, أكاسيد النيتروجين, النوشادر, الميثان وغيرها, الموجات الحرارية كالأشعة تحت الحمراء, والراديوية كموجات البث الإذاعي, والصوتية, والضوئية والمغناطيسية وغيرها) كل ذلك يرتد ثانية إلى الأرض راجعًا إليها.كذلك فإن كثيرًا مما يسقط على الغلاف الغازي للأرض من مختلف صور المادة والطاقة يرتد راجعًا عنها بواسطة عدد من نطق الحماية المختلفة التي أعدها ربنا ـ سبحانه وتعالى ـ لحمايتنا وحماية مختلف صور الحياة الأرضية من حولنا.وإذا كان المقصود بـ(السماء ذات الرجع) في هذه السورة المباركة هو كل السماء الدنيا التي زينها ربنا ـ سبحانه وتعالى ـ بالنجوم والكواكب ـ فإن علوم الفلك قد أكدت لنا أن كل أجرام السماء قد خلقها الله تعالى من الدخان الكوني (دخان السماء) الذي نتج عن عملية الانفجار العظيم التي يسميها القرآن الكريم: عملية الفتق (أو فتق الرتق), وأن كل أجرام السماء الدنيا تمر في دورة حياة تنتهي بالعودة إلى دخان السماء عن طريق الانفجار أو الانتثار, لتتخلق من هذا الدخان السماوي أجرام جديدة تعيد الكرة في دورات مستمرة من تبادل المادة والطاقة بين أجرام السماء ودخانها (المادة المنتشرة بين النجوم في المجرة الواحدة, المجرات وتجمعاتها المختلفة, وفي السدم وفي فسحة السماء الدنيا, وربما في كل الكون الذي لا نعلم منه إلا جزءًا يسيرًا من السماء الدنيا). وهذه صورة مبهرة من صور الرجع التي لم يدركها العلماء إلا بعد اكتشاف دورة حياة النجوم في العقود المتأخرة من القرن العشرين. وسواء كان المقصود بـ(السماء ذات الرجع) إحدى الصورتين السابقتين أو كليهما معًا ـ فهو سبق قرآني مبهر بحقيقة كونية لم يدركها العلماء إلا منذ عشرات قليلة من السنين، وذلك مما يشهد للقرآن الكريم بأنه كلام الله الخالق, ويشهد لخاتم الأنبياء والمرسلين ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأنه كان موصولاً بالوحي ومعلّمًا من قبل خالق السماوات والأرض.نطق الغلاف الغازي للأرض:تحاط الأرض بغلاف غازي يقدر سُمكُه بعدة آلاف من الكيلومترات, ويتناقص فيه الضغط مع الارتفاع من واحد كيلوجرام على السنتيمتر المكعب تقريبا (1.0336 كج/سم3) عند مستوى سطح البحر إلى قرابة الصفر عند ارتفاع ستين كيلومترًا تقريبًا فوق مستوى سطح البحر.ويقسم هذا الغلاف الغازي للأرض على أساس من درجة حرارته إلى عدة نطق من أسفل إلى أعلى على النحو التالي:(1) نطاق التغيرات الجوية (نطاق الطقس أو نطاق الرجع) (TheTroposphere ):ويمتد من سطح البحر إلى ارتفاع 16 كيلومترًا فوق خط الاستواء, ويتناقص سُمكُه إلى نحو عشرة كيلومترات فوق القطبين وإلى أقل من ذلك فوق خطوط العرض الوسطى (7ـ8 كيلومترات)، وعندما يتحرك الهواء من خط الاستواء في اتجاه القطبين يهبط فوق هذا المنحنى الوسطي فتزداد سرعته, وتجبر حركة الأرض في دورانها حول محورها من الغرب إلى الشرق كتل الهواء على التحرك تجاه الشرق بصفة عامة بسرعة فائقة، تجعل من هذا التيار ما يعرف باسم التيار النفاث (The Jet Stream ). وتنخفض درجة الحرارة في هذا النطاق باستمرار مع الارتفاع حتى تصل إلى ستين درجة مئوية تحت الصفر في قمته, فوق خط الاستواء، وذلك نظرًا للابتعاد عن سطح الأرض الذي يعمل على تدفئة هذا النطاق بعد غياب الشمس، فسطح الأرض يمتص حوالي 47% من أشعة الشمس فترتفع درجة حرارته أثناء النهار، وعند غياب الشمس يبدأ في إعادة إشعاع الحرارة التي امتصها على هيئة أشعة تحت حمراء إلى الغلاف الغازي للأرض, خاصة إلى بخار الماء وجزيئات ثاني أكسيد الكربون الجويين في السحب فتردد هذه السحب 98% من تلك الأشعة على هيئة رجع حراري لولاه لتجمدت الأرض بما عليها من مختلف صور الحياة بمجرد غياب الشمس. وهذا الرجع الحراري لم يدرك إلا في العقود المتأخرة من القرن العشرين؛ ومن هنا تنخفض درجة حرارة نطاق التغيرات الجوية مع الارتفاع ـ للبُعد عن مصدر الدفء وهو سطح الأرض، كما ينخفض الضغط إلى عُشر الضغط الجوي في قمة نطاق الرجع.
| صورة للسحب وهي مصدر من مصادر رجع السماء | | نطاق الغلاف الغازي للأرض والتغير في درجة الحرارة فيها مع الإرتفاع | | بعض نطق الغلاف الغازي للأرض | | نطاق الإشعاع من الغلاف الغازي للأرض |
وعندما تهب كتلة من هواء بارد فوق كتلة أخرى من هواء ساخن فإن الهواء البارد يهبط إلى أسفل، بينما يصعد الهواء الساخن إلى أعلى محدثًا تيارات حمل مستمرة في هذا النطاق أعطته اسم (The Troposphere ) كما يعبر عن ذلك الأصل اليوناني للكلمة. ولولا الانخفاض المطّرد لدرجات الحرارة في هذا النطاق السفلي من نطق الغلاف الغازي للأرض ـ لفقدت الأرض مياهها بمجرد اندفاع أبخرة تلك المياه من فوهات البراكين ولاستحالت الحياة على الأرض.(2) نطاق التطبق (The Stratosphere ):ويمتد من فوق نطاق التغيرات الجوية إلى ارتفاع حوالي خمسين كيلومترًا فوق مستوى سطح البحر, وترتفع فيه درجة الحرارة من ستين درجة مئوية تحت الصفر في قاعدته إلى الصفر المئوي في قمته, ويعود السبب في ارتفاع درجة الحرارة إلى امتصاص وتحويل الأشعة فوق البنفسجية القادمة من الشمس بواسطة جزيئات الأوزون التي تتركز في قاعدة هذا النطاق (حول ارتفاع يتراوح بين18 و30كم) مكونة طبقة خاصة تعرف باسم طبقة, أو نطاق الأوزون (The Ozonosphere ). (3) النطاق المتوسط (The Mesosphere ):ويمتد من فوق نطاق التطبق إلى ارتفاع 80ـ90 كيلومترًا فوق مستوى سطح البحر, وتنخفض فيه درجة الحرارة لتصل إلى مئة وعشرين درجة مئوية تحت الصفر.(4) النطاق الحراري (The Thermosphere ):ويمتد من فوق النطاق المتوسط إلى عدة مئات من الكيلومترات فوق مستوى سطح البحر, وترتفع فيه درجة الحرارة باستمرار إلى خمسمائة درجة مئوية عند ارتفاع مئة وعشرين كيلومترًا فوق مستوى سطح البحر, وتبقى درجة الحرارة ثابتة عند هذا الحد إلى أكثر من ألف كيلومتر فوق مستوى سطح البحر, ولكنها تقفز إلى 1.500 درجة مئوية في فترات نشاط البقع الشمسية.وفي جزء من هذا النطاق (من ارتفاع مئة كيلومتر إلى أربعمائة كيلومتر فوق مستوى سطح البحر) تتأين جزيئات الغلاف الغازي بفعل كل من الأشعة فوق البنفسجية والسينية القادمتين من الشمس, ولذا يسمى باسم النطاق المتأين (The Ionosphere ).وفوق نطاق التأين يعرف الجزء الخارجي من النطاق الحراري باسم النطاق الخارجي (The Exosphere ) ويقل فيه الضغط ويزداد في التداخل مع دخان السماء أو ما يعرف تجاوزًا باسم الفضاء الخارجي.(5) أحزمة الإشعاع (The Radiation Belts ):وهي عبارة عن زوجين من الأحزمة الهلالية الشكل التي تحيط بالأرض إحاطة كاملة وتزداد في السُّمك حول خط الاستواء, وترق رقة شديدة عند القطبين, وتحتوي على أعداد كبيرة من البروتونات والإليكترونات التي اصطادها المجال المغناطيسي للأرض. ويتركز الزوج الداخلي من هذه الأحزمة حول ارتفاع 3.200 كيلومتر فوق مستوى سطح البحر, بينما يتركز الزوج الخارجي من هذه الأحزمة حول ارتفاع 25.000 كيلومتر فوق مستوى سطح البحر. من صور رجع السماء:باعتبار المقصود من السماء في الآية الكريمة (وَالسَّمَآءِ ذَاتِ الرَّجْعِ) أنه الغلاف الغازي للأرض نجد الصور التالية من رجع السماء:(1) الرجع الاهتزازي للهواء (الأصوات وصداها):تحتوي الطبقة الدنيا من الغلاف الغازي للأرض (نطاق التغيرات الجوية) على 75% من كتلة ذلك الغلاف ويتكون أساسًا من غاز النيتروجين (78% حجمًا), والأوكسجين (21.95% حجمًا)، وآثار خفيفة من بخار الماء, وثاني أكسيد الكربون, والأوزون, وبعض هباءات الغبار, وآثار أقل تركيزًا من الإيدروجين, الأرجون, الهيليوم, وبعض مركبات الكبريت.وكل من التركيب الكيميائي والصفات الفيزيائية لهذا النطاق يعتبر من الضرورات الأساس للحياة الأرضية, ومنها القدرة على السمع، فلو لم يكن لنطاق الرجع هذه الكثافة الغازية المحددة ما أمكن للاهتزازات المحدثة للأصوات وصداها أن تُسمع, فعندما تهتز أحبالنا الصوتية تحدث اهتزازاتها ضغوطًا في الهواء تنتشر على هيئة أمواج تتحرك في الهواء في كل الاتجاهات من حولنا, فتصطدم بالجوامد وترتد على هيئة صدى الصوت أو تتلقاها طبلة الأذن لأفراد آخرين فتحدث بها من الاهتزازات والارتدادات ما يمكنهم من سماعها بوضوح، ولولا التركيب الكيميائي والصفات الفيزيائية المحددة لذلك النطاق ما سمع بعضنا بعضًا، ولاستحالت الحياة. وذلك لأن الصوت لا ينتقل في الفراغ لعدم وجود جزيئات الهواء القادرة على نقل الموجات الصوتية.وتتحرك الموجات الصوتية في الهواء بسرعة 1.200 كيلومتر في الساعة عند مستوى سطح البحر, وتزداد سرعة الصوت كلما زادت كثافة الوسط الذي يتحرك فيه, وتقل بقلة كثافته, ففي الماء تتضاعف سرعة الصوت أربع مرات تقريبًا عنها في الهواء, وفي النطق العليا من الغلاف الغازي للأرض تتناقص حتى لا تكاد تسمع, ولذلك يتخاطب رواد الفضاء مع بعضهم بعضًا بواسطة الموجات الراديوية التي يمكنها التحرك في الفراغ. وعندما تصطدم الموجات الصوتية بأجسام أعلى كثافة من الهواء, فإنها ترتد على هيئة صدى للصوت الذي له العديد من التطبيقات العملية. والرجع الاهتزازي للهواء على هيئة الأصوات وصداها هو أول صورة من صور رجع السماء, ولولاه ما سمع بعضنا بعضًا وما استقامت الحياة على الأرض.(2) الرجع المائي: يغطي الماء أكثر قليلاً من 71% من المساحة الكلية للكرة الأرضية، وتبلغ كميته 1.4 (1.36) مليار كيلومتر مكعب (منها97.2% في المحيطات والبحار, 2.15% على هيئة جليد حول القطبين وفي قمم الجبال, 0.65% في المجاري المائية المختلفة من الأنهار والجداول وغيرها, وفي كل من البحيرات العذبة وخزانات المياه تحت سطح الأرض.وهذا الماء اندفع كله أصلاً من داخل الأرض عبر ثورات البراكين, وتكثف في الأجزاء العليا من نطاق التغيرات الجوية والتي تتميز ببرودتها الشديدة, فعاد إلى الأرض ليجري أنهارًا على سطحها, ويفيض إلى منخفضاتها مكونًا البحار والمحيطات؛ ثم بدأ هذا الماء في حركة دائبة بين الأرض والطبقات الدنيا من الغلاف الغازي حفظته من التعفن ومن الضياع إلى طبقات الجو العليا؛ وتعرف هذه الدورة باسم (دورة الماء حول الأرض).وماء الأرض يتبخر منه سنويًا (380.000) كيلومتر مكعب أغلبها (320.000كم3) يتبخر من أسطح المحيطات والبحار والباقي (60.000كم3) يتبخر من سطح اليابسة, وهذا البخار تدفعه الرياح إلى الطبقة الدنيا من الغلاف الغازي للأرض، وتحمله السحب حيث يتكثف ويعود إلى الأرض مطرًا أو ثلجًا أو بَرَدًا، وبدرجة أقل على هيئة ندى أو ضباب. وحينما ترجع أبخرة الماء من الجو إلى الأرض بعد تكثفها يجري قسم منها في مختلف أنواع المجاري المائية على اليابسة, وتصب هذه بدورها في البحار والمحيطات, كما يترشح جزء منها خلال طبقات الأرض ذات المسامية النفاذية ليكون مخزون الماء تحت سطح الأرض, وهناك جزء يعاود تبخره إلى الجو مرة أخرى.والماء المخزون تحت سطح الأرض هو أيضًا في حركة دائبة حيث يشارك في تغذية بعض الأنهار والبحيرات والمستنقعات, وقد يخرج إلى سطح الأرض على هيئة ينابيع تحفر عليه الآبار, أو ينتهي بها المطاف إلى البحار والمحيطات.وماء المطر يسقط على المحيطات والبحار بمعدل 284.000 كيلومتر مكعب في السنة, وعلى اليابسة بمعدل 96.000 كيلومتر مكعب في السنة، وذلك في دورة معجزة في كمالها ودقتها, ومن صور ذلك أن ما يتبخر من أسطح المحيطات والبحار في السنة يفوق ما يسقط فوقها بمعدل 36.000 كيلومتر مكعب وأن ما يسقط من مطر على اليابسة سنويًّا يفوق ما يتبخر منها بنفس المعدل (36.000كم3)، ولما كان الفارق في الحالتين متساويًا تمامًا فإنه يفيض من اليابسة إلى البحار والمحيطات ليحفظ منسوب الماء فيها عند مستوى ثابت في الفترة الزمنية الواحدة.هذه الدورة المعجزة للماء حول الأرض هي الصورة الثانية من صور رجع السماء, ولولاها لفسد كل ماء الأرض الذي يحيا ويموت فيه بلايين الكائنات في كل لحظة، ولتعرض كوكبنا لحرارة قاتلة بالنهار, ولبرودة شديدة بالليل. | | شكل يوضح نطق الغلاف الغازي للأرض | شكل يوضح نطق الغلاف الغازي للأرض | (3) الرجع الحراري إلى الأرض وعنها إلى الفضاء بواسطة السحب:يصل إلى الأرض من الشمس في كل لحظة شروق كميات هائلة من طاقة الشمس, ويعمل الغلاف الغازي للأرض كدرع واقية لنا من حرارة الشمس أثناء النهار, لأن ذراته وجزيئاته تمتص وتشتت وتعيد إشعاع أطوال موجات محددة من الأشعة الشمسية في كل الاتجاهات بعيدًا عن الأرض. كما يعمل النطاق الأسفل منه (نطاق الرجع) كغطاء بالليل يمسك بحرارة الأرض من التشتت ويردها إلى الأرض.وتعرف كمية الطاقة الشمسية التي تقع على السنتيمتر المربع من سطح الأرض في كل ثانية من فترات إشراقها وهي على متوسط المسافة بينها وبين الأرض باسم الثابت الشمسي (The Solar Constant )، ويقدر ذلك بحوالي 0.033 كالوري/ سم2/ ثانية (أي حوالي 2 كالوري/ سم2/ دقيقة) بافتراض عدم وجود غلاف غازي للأرض، علمًا بأن غالبية هذه الطاقة تفقد بمرورها في هذا الغلاف الغازي.ومن الأشعة الشمسية القادمة إلى الأرض يمتص ويشتت ويعاد إشعاع حوالي 53% منها بواسطة الغلاف الغازي للأرض, وتمتص صخور وتربة الأرض حوالي 47% منها, ولولا هذا الرجع الحراري إلى الخارج لأحرقت أشعة الشمس كل صور الحياة على الأرض, ولبخرت الماء وخلخلت الهواء.وعلى النقيض من ذلك فإن السحب التي تردّ عنّا ويلات حرارة الشمس في نهار الصيف هي التي ترد إلينا (98%) من أشعة الدفء بمجرد غروب الشمس، فصخور الأرض تدفأ أثناء النهار بحرارة الشمس بامتصاص حوالي 47% من أشعتها فتصل درجة حرارتها إلى 15 درجة مئوية في المتوسط، وبمجرد غياب الشمس تبدأ صخور الأرض في إعادة إشعاع حرارتها على هيئة موجات من الأشعة تحت الحمراء تمتصها جزيئات كل من بخار الماء وثاني أكسيد الكربون فتدفئ الغلاف الغازي للأرض, كما تعمل السحب على إرجاع غالبية الموجات الطويلة التي ترتفع إليها من الأرض (98%) مرة أخرى إلى سطح الأرض وبذلك تحفظ الحياة الأرضية من التجمد بعد غياب الشمس.ولو لم يكن للأرض غلاف غازي لأحرقتها حرارة الشمس بالنهار، ولولا السحب المتكونة في الجزء السفلي من غلاف الأرض الغازي ما رجع إلينا الدفء المنبعث من صخور الأرض بعد تعرضها لحرارة الشمس، ولتشتتت هذه الحرارة إلى فسحة الكون، وتجمدت الأرض وما عليها من صور الحياة في نصف الكرة المظلم بمجرد غياب الشمس. وهذا الرجع الحراري بصورتيه إلى الخارج وإلى الداخل مما يحقق صفة الرجع لسماء الأرض. (4) رجع الغازات والأبخرة والغبار المرتفع من سطح الأرض:عندما تثور البراكين تدفع بملايين الأطنان من الغازات والأبخرة والأتربة إلى جو الأرض الذي سرعان ما يرجع غالبية ذلك إلى الأرض, كذلك يؤدي تكون المنخفضات والمرتفعات الجوية إلى دفع الهواء في حركة أفقية ينشأ عنها الرياح التي يتحكم في هبوبها ـبعد إرادة الله تعالى ـ عدة عوامل منها: مقدار الفرق بين الضغط الجوي في منطقتين متجاورتين, ومنها دوران الأرض حول محورها من الغرب إلى الشرق, ومنها تنوع تضاريس الأرض والموقع الجغرافي للمنطقة.والغالبية العظمى من المنخفضات الجوية تتحرك مع حركة الأرض (أي من الغرب إلى الشرق) بسرعات تتراوح بين20 و30 كيلومترًا في الساعة، وعندما تمر المنخفضات الجوية فوق اليابسة تحتكّ بها فتبطؤ حركتها قليلاً وتحمل بشيء من الغبار الذي تأخذه من سطح الأرض, وإذا صادف المنخفض الجوي في طريقه سلاسل جبلية معترضة فإنه يصطدم بها مما يعين على إبطاء سرعتها وعلى عود الهواء إلى أعلى, ولما كان ضغط الهواء يتناقص بالارتفاع إلى واحد من ألف من الضغط الجوي العادي ـ أي عند سطح البحر ـ إذا وصلنا إلى ارتفاع 48 كيلومترًا فوق ذلك المستوى، وإلى واحد من مئة ألف من الضغط الجوي إذا وصلنا إلى ارتفاع ألف كيلومتر، فإن قدرة الهواء على الاحتفاظ بالغبار المحمول من سطح الأرض تضعف باستمرار مما يؤدي إلى رجوعه إلى الأرض وإعادة توزيعه على سطحها بحكمة بالغة, وتعين على ذلك الجاذبية الأرضية.(5) الرجع الخارجي للأشعة فوق البنفسجية بواسطة طبقة الأوزون:تقوم طبقة الأوزون في قاعدة نطاق التطبق بامتصاص وتحويل الأشعة فوق البنفسجية القادمة مع أشعة الشمس بواسطة جزيئات الأوزون (O3 ) وترد نسبًا كبيرة منها إلى خارج ذلك النطاق، وبذلك تحمي الحياة على الأرض من أخطار تلك الأشعة المهلكة التي تحرق كلاًّ من النبات والحيوان والإنسان، وتتسبب في العديد من الأمراض من مثل سرطانات الجلد وإصابات العيون وغيرها، ويمكن أن تؤدي إلى تبخير ماء الأرض بالكامل.أحزمة الإشعاع التي ترجع عنا الإشعة الكونية(6) رجع الموجات الراديوية بواسطة النطاق المتأين:في النطاق المتأين (بين100 و400 كم فوق مستوى سطح البحر) ـ تمتص الفوتونات النشيطة القادمة مع أشعة الشمس من مثل الأشعة السينية فتؤدي إلى رفع درجة الحرارة وزيادة التأين, ونظرًا لانتشار الإليكترونات الطليقة في هذا النطاق فإنها تعكس الإشارات الراديوية القادمة مع أشعة الشمس إلى خارج نطاق الأرض، كما تعكس موجات الراديو المبثوثة من فوق سطح الأرض وتردها إليها فتيسر عمليات البث الإذاعي والاتصالات الراديوية، وكلها تمثل صورًا مختلفة من الرجع. (7) رجع الأشعة الكونية بواسطة كل من أحزمة الإشعاع والنطاق المغناطيسي للأرض:يمطر الغلاف الغازي للأرض بوابل من الأشعة الكونية الأولية التي تملأ فسحة الكون فتردها, إلى الخارج كل من أحزمة الإشعاع والنطاق المغناطيسي للأرض فلا يصل إلى سطح الأرض منها شيء، ولكنها تؤدي إلى تكون أشعة ثانوية قد يصل بعضها إلى سطح الأرض فتؤدي إلى عدد من ظواهر التوهج والإضاءة في ظلمة الليل من مثل ظاهرة الفجر القطبي.والأشعة الكونية بأنواعها المختلفة تتحرك بمحاذاة خطوط المجال المغناطيسي للأرض، والتي تنحني لتصب في قطبي الأرض المغناطيسيين, وذلك لعجزها عن عبور مجال الأرض المغناطيسي, ويؤدي ذلك إلى رد غالبية الأشعة الكونية القادمة إلى خارج نطاق الغلاف الغازي للأرض، وما يمكن أن يفلت منها ترده أحزمة الإشعاع، وهذه صورة من صور الرجع لم تعرف إلا بعد ريادة الفضاء في منتصف الستينيات من القرن العشرين.كذلك فإن بقية هذه الصور المتعددة لرجع السماء لم تعرف إلا في العقود المتأخرة من القرن العشرين، وعلى ذلك فإن وصف السماء بأنها (ذات رجع) في القرآن الكريم من قبل ألف وأربعمائة من السنين ـ يجمع كل هذه الصور التي نعرفها اليوم، وربما العديد من الصور التي لم نعرفها بعد في كلمة واحدة وهي (الرجع)، وهذه الكلمة الجامعة هي شهادة صدق بأن القرآن الكريم هو كلام الله الخالق، وأن سيدنا محمدًا ـ صلى الله عليه وسلم ـ الذي تلقى هذا الوحي الحق هو خاتم أنبياء الله ورسله ـ صلى الله وسلم وبارك عليه وعليهم أجمعين ـ وأنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان موصولاً بالوحي ومعلّمًا من قبل خالق السماوات والأرض؛ وصدق الله العظيم الذي وصف خاتم أنبيائه ورسله بقوله الحق: (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْىٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى). | |
|