اسامه جاد مشرف سوبر
عدد الرسائل : 3356 العمر : 53 العمل/الترفيه : معلم اول احياء وعلوم بيئه وجيولوجيا نقاط : 13748 تاريخ التسجيل : 14/02/2009
| موضوع: مسجد باب المردوم (كنيسة كريستو دو لالوث اليوم)بطليطلة ذو أصول إسلامية و إسلامية فقط السبت يناير 09, 2010 7:38 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على محمد و على آله و صحبه أجمعين.
رغم مرور 923 سنة كاملة على سقوط طليطلة لازالت هذه المدينة, العزيز اسمها على القلب, تحفظ آثارا تشي أنها كانت لفترة طويلة حصنا من حصون الإسلام و رافعة للواء التوحيد في وجه الشرك النصراني و ثغرا كان سقوطه فاتحة انهيار دولة الإسلام بالأندلس .
و رغم محاولات النصارى الدءوبة لإبادة المعالم الإسلامية لطليطلة و تشويهها فقد أبت بضع معلمات إلا التذكير بأسياد طليطلة القدامى. و من هذه الشواهد العمرانية : مسجد "باب المردوم" أو ما يسمى اليوم كنيسة "Ermita de San Cristo de la Luz " . هذا المسجد رغم ما قام به الأسبان ليخفوا جذوره الإسلامية فقد أبى إلا أن يُظهر لهم أنه مسلم و إن اخترعوا الأساطير و وضعوا الصلبان و رسموا الصور بين أحشائه ربما كأولئك الأندلسيين الذين بقوا هناك بعد زوال دولة الإسلام.
لكن هاهم الأسبان اليوم يعيدون له هويته الإسلامية و يلقبونه بMezquita أي مسجد رغم قرون طويلة من تحويله إلى كنيسة بل و حفظوا له حتى اسمه العربي حيث يسمونه بالإسباني Valmardón.
يقول الأستاذ محمد عبد الله عنان رحمه الله عن محاولات التمسيح هذه التي تعرّض لها هذا المسجد : " و لا توجد في طليطلة آثار أندلسية محضة, سوى بقايا المسجد الصغير, التي حولت إلى كنيسة تسمى اليوم "Cristo de la luz". و يقع هذا الأثر في داخل المدينة, تفضي إليه دروب ضيقة منحدرة, و يبدو لأول وهلة أنه بقية مسجد إسلامي تتألف من ثلاث عقود في مثلها بأعمدتها و زخارفها العربية. و الظاهر أن المسجد كان صغيرا و قد محيت نقوش القبة الإسلامية و رسمت مكانها صورة شخص أو قديس. و رسمت في حنايا النوافذ القديمة, بعد أن سدت, صور العذراء, و لا يوجد بالمكان هيكل, و لكن يوجد صليبان متقابلان, و هو خال, و إلى جواره حديقة مهملة و مساكن متواضعة". (1)
بل قام النصارى بتغطية الشواهد الإسلامية بالبناء عليها لطمسها لكن شاء الله عز وجل أن تفتضح هذه المؤامرة في بداية القرن العشرين عن طريق أسبان أنفسهم حاولوا ترميم الكنيسة. و أخيرا سنة 2006 أكدت أبحاث أثرية أن موقع المسجد لم تكن به أي كنيسة قبل قيام المسجد.
و هذا المسجد الصغير من المساجد الأندلسية التي لم تسعد طويلا بذكر الله و إقام الصلاة فيها حيث تأسس سنة 390هجرية (999 ميلادي) و تحول إلى كنيسة بعد سقوط طليطلة بقليل سنة 1085م . و نسبته إلى "باب المردوم" يرجع لمجاورته لباب مازال قائما بهذا الاسم.
1- الهندسة المعمارية للمسجد
يقول الدكتور سيد عبد العزيز سالم أستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة الإسكندرية :"و يتألف المسجد من تسع أساطين تقسمها أربعة أعمدة تيجانها قوطية قديمة, و تقوم عليها اثنا عشر عقدا متجاوزة. و تتفتح في الشمال الشرقي للمسجد ثلاثة عقود متجاوزة تفضي إلى البهو تعلوها سته عقود متجاوزة يتناوب في سنجاتها اللونان الأبيض و الأحمر نتيجة لتعاقب قوالب الحجر و الآجر على نفس نظام عقود المسجد الجامع بقرطبة. و يحيط بكل عقد منها عقد زخرفي مثلث الفصوص. و قد تعرضت هذه الواجهة لإصلاحات كثيرة, أما الواجهة الجنوبية الغربية و هي الرئيسية فتطل على الطريق المؤدي إلى الباب المردوم بثلاثة عقود أخرى في أعلاها النقش الذي أشرنا إليه و يتفق أسلوبه و التقاليد العراقية الفارسية. و العقد الأوسط مجدد أما العقدان الجانبيان له فأحدهما و هو الأيمن متجاوز على نظام عقود المسجد الجامع بقرطبة و الأيسر مفصص. و يعلو العقود الثلاثة عقود متجاوزة و تتقاطع هذه العقود فيما بينها مرتكزة على سبعة مساند بارزة. و يعلو هذا الصف من العقود افريز تشغله شبكة مخرمة من المعينات تتألف من قطع الآجر الموضوعة جانبيا. و نظام التقبيب به قائم على تقاطع الضلوع المتجاوزة في صور مختلفة, منها ما يمثل شكلا رباعيا منحرفا ذا أقطار بحيث يبدو كأنه قبوتان من الطراز القوطي , إحداهما داخل الأخرى, ومنها ما يبدو على شكل مثمن, و منها ما يقلد تقاطع القبة المخرمة الكبرى بجامع قرطبة." (2)
2- المسجد ذو أصول إسلامية و ليست قوطية
و نظرا لطرازه المختلف عن باقي مساجد الأندلس اعتقد البعض أن أولية هذا المسجد كان كنيسة قوطية حولت إلى مسجد عند الفتح الإسلامي و ألّف أصحاب النيات السوداء الأساطير في ذلك كما سأذكر فيما بعد إنشاء الله. و قد ردّ الدكتور سيد سالم جزاه الله خيرا عن هذه الشبهة حيث ذكر :" و نظام البناء يشبه نظام الكنائس البيزنطية إذ أن تصميمه يتخذ شكل الصليب الإغريقي المدرج في مربع يتوسطه أسطوان تعلوه قبة من حولها ثمانية أساطين مقببة. و يعتقد الأستاذ لامبير أن البناء في مجموعه يشبه الكنيسة الكارولنجية بجيرميني دي بري على أننا نرى أنه إذا كان المسجد يقترب في تخطيطه من النظام المصلب فليس هذا ناشئا عن تقليد للكنائس البيزنطية أو كما يزعمون من أن هذا المسجد كان كنيسة قوطية, و إنما هو ناشئ من الفكرة التطورية إذ الاهتمام القوي بالتناسق و الاحترام الشديد للمحراب, فإن جدران المسجد أقيمت خصيصا لبناء مسجد يتجه نحو الجنوب الشرقي." (3)
3- أسطورة إسبانية
ترجع تسمية المسجد بكنيسة San Cristo de la Luz (و تعني بالعربية .."القديس المسيح ذو الأنوار") أن ألفونسو السادس الذي أخذ طليطلة من يد المسلمين ذهب إلى مسجد "باب المردوم" فانحنى به فرسه و جلس تحت حجارة يشع منها نور فلما حمل الحجر وجد صورة ذات نور شديد تعود لفترة ما قبل الدخول الإسلامي للأندلس سنة 711م. فسموه بهذا الاسم. و هذه لا تعدو أن تكون قصة خرافية للعودة بأصل المسجد إلى الحقبة القوطية و أنه كان معبدا نصرانيا.
و اليوم أصبح هذا المسجد مزارا للسياح الراغبين في زيارة أقدم معلمة دينية في أوربا –حسب زعمهم -و قد تمّت إحاطته بسياج حديدي ربما لحمايته من عبث العابثين و ربما للتأكيد أنه أسير حتى إشعار آخر.
على أن هذا السياج قد كان عاليا قبل قرن من الزمن فتم استبداله مؤخرا بآخر أقل جودة و أقل علوا
4- اكتشاف الكتابة العربية على الجدار الخارجي للمسجد بيّن زيف ادعاءات النصارى
في 22 فبراير سنة 1899م تم تدمير الحائط الخارجي الذي كان يغطي البناء الإسلامي فتم اكتشاف كتابة عربية منقوشة على الواجهة الرئيسية للمسجد و كأنها تريد أن تفند ادعاءات النصارى مؤكدة الهوية الإسلامية لمشيد هذه المعلمة الإسلامية. و قد ذكر الدكتور سالم السيد تفاصيل هذا الدليل القاطع على الأصل الإسلامي لمسجد "باب المردوم" حيث ذكر : " و كل ما نعرفه عن هذا المسجد نقش تاريخي يعلو الواجهة و نصه: " بسم الله الرحمان الرحيم أقام هذا المسجد أحمد بن حديدي من ماله ابتغاء ثواب الله, فتم بعون الله على يد موسى بن علي البناء و سعادة. فتم في المحرم سنة تسعين و ثلاثمائة" (ديسمبر 999-يناير 1000م). و يؤلف هذه الكتابة قطع من الآجر بارزة على سطح البناء في أفريز يقع بين صفين من الأسنة البارزة. .. و كان مسجدا ثانويا بالمدينة حوّل إلى كنيسة بعد استرداد طليطلة بقليل, ثم أطلق عليه اسم سانتا كروث ووهبه ألفونسو الثامن لإحدى الجمعيات الدينية ثم أضيف إليه بعد ذلك من جانبه الشمالي الشرقي رأس على هيئة حنية على الطراز المدجن." (4)
و قد قام بهذا الاكتشاف مانويل كونزاليس سيمانكاس و كان أول من قرأ هذه الكتابة رودريغو أمادور دو لوس ريوس. و في ماي 1899م قام مانويل بتقديم هذا الاكتشاف الأثري إلى الأكاديمية الملكية للتاريخ عبر الوثيقة المصورة في الرابط أدناه:
http://www.flickr.com/photos/6559551...84639/sizes/o/
الكتابة العربية على جدار المسجد
5- حفريات تحت مسجد باب المردوم للعثور على دليل للكنيسة القوطية
لم ييأس الأسبان من العثور على دليل يزكي قوطية المسجد حيثفي أبريل سنة 2006 انطلقت أشغال حفرية تحت مسجد باب المردوم و ترأس هذه الأشغال المهندس فرانسيسكو خورادو و مساعدة عالما الآثار رؤول أريباس و أرتورو رويز , و قد تمخّضت الأبحاث على العثور على بقايا ممر روماني و مجرى مائي يعود لنفس التاريخ. يعني أسطورة ألفونسو و الكنيسة القوطية القديمة ليست سوى أحلام نصرانية تبخّرت نهائيا بعد هذه الأبحاث الأركيولوجية.
و الصورة أدناه تبين الممر و الأشغال الحفرية.
و الحمد لله رب العالمين.
كتبه أبوتاشفين هشام بن محمد المغربي غفر الله له و لوالديه و لجميع المسلمين و المسلمات.
الهوامش
(1) "الآثار الأندلسية الباقية في إسبانيا و البرتغال" لمحمد عبد الله عنان. ص 88.
(2) "المساجد و القصور في الأندلس" تأليف د. السيد عبد العزيز سالم. ص 33-34.
(3) "المساجد و القصور في الاندلس" تأليف د. السيد عبد العزيز سالم. ص 33-34.
(4) "المساجد و القصور في الاندلس" تأليف د. السيد عبد العزيز سالم. ص 33-34 . ملحق صور لمسجد "باب المردوم"
__________________ للأمانه منقوووول | |
|