اسامه جاد مشرف سوبر
عدد الرسائل : 3356 العمر : 53 العمل/الترفيه : معلم اول احياء وعلوم بيئه وجيولوجيا نقاط : 13746 تاريخ التسجيل : 14/02/2009
| موضوع: محطات من السيرة النبوية الجمعة يناير 15, 2010 7:42 pm | |
| [size=29]محطات من السيرة النبوية
فضل أهل طليعة الإسلام عندما يتفكّر ويتمعن أي مسلم عن مدى فضل تنعمه بآلية إرساء ووصول نور فكر الإسلام العظيم الذي أتى به الحبيب المصطفى وحمله وأرساه إلى البشرية جمعاء والى أي فرد منّا والى أسلافه السابقين جيلا بعد جيل لابد انه سيجد إن الأثر البالغ والواضح لذلك الإرساء ومنطلقه هو في أهمية وفضلى إيمان السابقين الأولين والرعيل الأول من كبار طليعة الإسلام العظام من الصحابة ومن تبعهم بخير رضوان الله عليهم أجمعين فيما اجمع عليه أدب السيرة الذي نقر ونوقر ونسلم بما أوصله إلينا جيلا بعد جيل وقد تجلت تلك الأهمية عند تحول الدعوة إلى الإسلام جهارا وبالدعوة إلى الاقربين حين توجه الرسول محمد إلى أقاربه داعيا لهم ممتثلا لأمر الله عز وجل فدعا بني هاشم وحضروا ومعهم نفر من بني عبد المطلب بن عبد مناف فكانوا خمسة وأربعون رجلا ولكن الرسول لم يتحدث في ذلك الاجتماع بعدما بدر من حديث أبى لهب التحريضي بحسب موقفه المعلوم , ثم دعاهم ثانية وتحدث إليهم قائلا (الحمد لله احمده واستعين به وأومن به وأتوكل عليه واشهد أن لا اله إلاّ الله وحده ولا شريك له فإني رسول الله إليكم خاصة والى الناس عامة والله لتموتن كما تنامون ولتبعثن كما تستيقظون ولتحاسبن بما تعملون وأنها الجنة أبدا أو النار أبدا) أو كما قال وهنا قال أبو طالب ما احب إلينا معاونتك واقبلنا لنصيحتك واشد تصديقنا لحديثك وهؤلاء بنو أبيك مجتمعون وانما أنا أحدهم غير إني أسرعهم إلى ما تحب فامض لما أمرت به فوالله لا أزال أحوطك وأمنعك غير إن نفسي لا تطاوعني على فراق دين عبد المطلب وقال أبى لهب بحسب موقفه من الدعوة هذه والله السوأة خذوا على يديه قبل أن يأخذ غيركم فقال أبو طالب والله لنمنعنه ما بقينا وشتان بين موقف الرجلين بالطبع حتى انهما جسدا تيارين تعامل مع الدعوة إلى الإسلام أولهما مساند والآخر معارض وهنا وجب علينا إن نستوصي خيرا بعرى ديننا الذي بين يدينا وان ندافع عنه بكل ما نحوز من سبل وكل ذلك لن يستوفي حق الأولين من أهل طليعة الإسلام وهذا مهم ولكن الذي وجدته مهما أيضا وأردت أن أبينه هنا للإفادة هو إنني كنت قد قرأت كلمة الحبيب المصطفى إلى أقربائه قبل أيام في كتاب الرحيق المختوم فتوقفت عندها مليا لاقف إجلالا وتعظيما لفرط بلاغة وحكمة منطق خير البشر حين لخّص الرسالة كلها بكليمات يدرك سامعهن من فوره وحتى أيامنا الراهنة عمق هذه الدين ويسره بنفس الوقت . دور الصحابة بانطلاقة الإسلام
ما من مسلم سوي سليم العقيدة والنوايا وغير مدفوع يستطيع أن ينال أو يقلل من دور الصحابة في مطلع الدعوة الإسلامية وفضلهم على الأمة من خلال تبني نشر نور الإسلام وسنحاول الاستمرار في سرد محطات من السيرة ردا على مساعي بعض مرضى النفوس الحاقدين على الإسلام الحقيقي المنتهل من النبع والذين يحاولون جعل حراك الرسالة مقتصرا بمجهود فئوي وليس جمعي مدعين إن أهل بيت النبي هو لوحدهم أصحاب فضل على الإسلام على عكس ما ارسي لنا فهنالك الكثير الكثير من دعائم التواضع والمحبة على جنح الزهد والتورع وانهم كانوا يرون أنفسهم بين الصحابة فذلك الذي أرسته تلك العترة الطاهرة ولا مجال هنا لذكر كثيرا منه وسنقتصر على شهادة وقول سيدنا علي أبا الحسن والحسين رضوان الله عليهم الذي قال مذكّرا وهو على المنبر وفي خلافته متسائلا من أشجع الناس؟؟ فرد بنفسه إن أشجع الناس هو أبى بكر مبررا ذلك بذكر دور أبى بكر رضي الله عنه وشجاعته في التصدي لحادثة الاعتداء على النبي من قبل المشركين ودوره حين كان أول من فاء إلى النبي في يوم أحد وقد أرسى كرم الله وجهه الاحترام والتوقير لصحابة النبي صلى الله عليه وسلم على عكس من يوحي بخبث لتعويم دور الصحابة متسائلا بين الفينة والأخرى عن سبب التركيز على دور الصحابة رضوان الله عليهم وما أهمية تواجدهم إن كانوا أصحابا وحسب وكأن دولة الإسلام لم تبنى على كواهلهم الشريفة ولم يساهم فيها مع النبي إلا القليل !!فنقول هنا إن دور الصحابة كان تكافليا على جنح التضحية بالغالي والرخيص ابتداء من المخاطرة بالأرواح والأنفس وحتى المهاجرة وترك الديار والكيان والفرار على جنح الهجرة والعوز ثم فداء النبي ورسالة الإسلام من نطق الشهادة حتى الممات على جنح الجهاد بالغزوات التي دعمت تلك الدولة الفتية ثم المضي في ذلك على جنح الإيمان بعرى فتح منير كبير ابتدأ بتنوير مكة واستمر بنشر النور حتى طال بأذرع الشجعان من الصحابة والتابعين ومن تلاهم جل هذه الحدباء لهذا أردنا التركيز على سير أولئك الرجال أحياءً لأدوارهم الطيبة التي أرست الجهاد بفداء نبيل قلما وجد وافلح من قبل ومن بعد . غزوة المُرَيسيع لقد كانت تلك الغزوة على بنو المصطلق ورئيسهم هو الحارث بن أبي ضرار والتي حدثت في شعبان من سنة ست للهجرة إذ كان خروج الرسول صلى الله عليه وسلم فيها لليلتين خلتا من شعبان وقد خرج معه فيها جماعة من المنافقين لم يكونوا قد اشتركوا بغزوة من قبل فلما بلغ الحارث ومن معه أخبار مسير الغزوة إليهم خافوا خوفا شديدا وهرب وتفرق عنهم من كان معهم من العرب فوصل الرسول إلى المريسيع وهو ماء في ناحية قديد إلى الساحل فصف الرسول أصحابه وراية المهاجرين بيد أبى بكر وراية الأنصار بيد سعد بن أبي عبادة فتراموا بالنبل ساعة ثم أمر الرسول فحملوا حملة رجل واحد فكانت النصرة وانهزم المشركون وقتل من قتل وسبى الرسول النساء والذراري والنعم والشاء ولم يقتل من المسلمين إلا رجل واحد قتل خطأ وقد كان ممن سبي جويرية بنت الحارث سيد القوم والتي تزوجها النبي فأطلق المسلمون بسبب هذا الزواج مائة أهل بيت من بني المصطلق قد اسلموا وقالوا أصهار النبي(زاد المعاد2/112/113ابن هشام2/295/299) سرية عبد الرحمن بن عوف وهي إلى دومة الجندل وقد جرت في شعبان سنة ست للهجرة حين أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن عوف وبعض الصحابة رضي الله عنهم أجمعين إلى ديار الاصبغ وهو ملك بنو كلب بدومة الجندل وكان وقد أقعد عبد الرحمن بين يديه وعممه وأوصاه بأحسن الأمور في الحرب وقال له إن أطاعوك فتزوج ابنة ملكهم فلما وصل إليهم مكث يدعوهم إلى الإسلام فاسلم القوم وتزوج عبد الرحمن تماضر بنت الاصبغ وهي التي أنجبت فيما بعد أبي سلمة رضي الله عنه. سرية علي بن أبي طالب وهي إلى بني سعد بفدك ورئيسهم هو وبر بن عليم وقد جرت في شعبان سنة ست للهجرة حين سمع الرسول صلى الله عليه وسلم بان بها جمعا يريدون أن يمدوا اليهود فبعث إليهم عليا رضي الله عنه في مائتي رجل من الصحابة رضوان الله عليهم فكانوا يسيرون بالليل ويكمنون بالنهار فأصابوا عينا لبني سعد فدلهم على موضع تجمع القوم فأغار عليهم علي والصحابة فأصابوا خمسمائة بعير مع ألفي شاة وهربت بنو سعد بالظعن. سرية أبي بكر الصديق وهي الى وادي القرى وقد جرت في رمضان سنة ست للهجرة فقد كان بطن فزارة يريد اغتيال الرسول صلى الله عليه وسلم فبعث الرسول إليهم أبي بكر الصديق رضي الله عنه وزيد بن حارثة وقال سلمة بن الاكوع وقد خرجت معه حتى إذا صلينا الصبح امرنا فشننا الغارة فوردنا الماء فقتل أبو بكر من قتل ورأيت طائفة وفيهم الذراري فخشيت أن يسبقونني الى الجبل فادركتهم ورميت بسهم بينهم وبين الجبل فوقفوا لما رأوا السهم وفيهم امرأة هي أم قرفة عليها قشع من أديم ومعها ابنتها من احسن العرب فجئت بهم أسوقهم الى أبى بكر فنفلني ابنتها فلم اكشف لها ثوبا وقد سأله الرسول بنت أم قرفة فبعث بها الى مكة وفدى بها أسرى من المسلمين هناك(صحيح مسلم2/89).
جبابرة العداء لرسول الله
لقد تفاقم العداء والحقد على الرسول محمّد من قبل المشركين خاصة بعد إسلام الحمزة بن عبد المطلب وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما وقد كان إعلان إسلام الحمزة عندما انتصر رضي الله عنه لابن أخيه النبي الكريم بان هوى بالقوس على راس الحكم بان أبى جهل وشج رأسه متحديا له ولكل السفهاء والجبابرة من حوله حينما صرح بتلك العبارة الشجاعة الشهيرة التي دخلت التاريخ (ردها علي إن استطعت) فخرج الحمزة من ذلك الموقف مسلما فقوى بإسلامه جمع المسلمين ومسار الدعوة إلى الإسلام أما إسلام الفاروق فكان له كبير الأثر أيضا فكانا حقا عمودين من أعمدة خيمة دعوة الإسلام الكريمة التي أراد الله لها أن تنشر النور للبشرية عقبة بن أبي جهل لقد كان هذا الرجل من أعداء النبي وقد أساء إليه في أحد المرات إساءة أليمة مذكورة بغالب كتب التاريخ والسيرة وسنترفع هنا عن ذكرها احتراما لشخص الحبيب لكن النبي كان قد دعا عليه فقال( اللهم سلّط عليه كلبا من كلابك) فخرج مرة إلى الشام مع نفر من قريش فنزلوا في منطقة الزرقاء ولما حان الليل طاف بهم الأسد بتلك الليلة وهو يزأر من حولهم فجعل عقبة يقول يا ويل أخي هو والله آكلي كما دعى محمد علي قتلني وهو بمكة وأنا بالشام فغدا عليه الأسد من بين القوم فأخذ برأسه وذبحه(تفهيم القرآن6/522 مختصر سيرة الرسول للشيخ عبد الله النجدي ص 135) عقبة بن أبي معيط وهو ذلك المسيء الذي وطئ على رقبة الرسول وهو ساجد في الصلاة حتى كادت عيناه تبرزان( مختصر سيرة الرسول للشيخ عبد الله النجدي ص113)
أبى جهل لقد كان أبى جهل جالسا بين أصحابه من المشركين في إحدى جلسات العداء والمكائد للنبي فقال( واني أعاهد الله لاجلبن له بحجر ما أطيق حمله فإذا سجد في صلاته فضخت به رأسه فاسلموني عند ذلك أو امنعوني فليصنع بي بعد ذلك بنو عبد مناف ما بدا لهم) قالوا والله لا نسلمك لشيء أبدا فامضِ لما تريد فلما اصبح الصباح قام أبو جهل واخذ حجرا كما وصف ثم جلس لرسول الله ينتظره وغدا الرسول كما كان يغدو كل يوم فقام يصلي وقد غدت قريش فجلسوا في أنديتهم ينتظرون ما أبو جهل فاعل فلما سجد النبي احتمل أبو جهل الحجر ثم اقبل نحوه حتى إذا دنا منه رجع منهزما منتقعا لونه مرعوبا وقد يبست يداه إلى حِجره حتى قذف الحجر من يده وقامت إليه رجال قريش فقالوا مالك يا أبا الحكم قال قمت إليه لافعل به ما قلت لكم البارحة فلما دنوت منه عرض لي دونه فحل من الإبل لا والله ما رأيت مثل هامته ولا قصرته ولا أنيابه لفحل قط فهمّ بي أن يأكلني ( قال ابن اسحق فذكر لي رسول الله قال ذلك جبريل عليه السلام لو دنا لأخذه(ابن هشام1/298/299
محاولة اعتداء جمع الجبابرة هنالك حادثة هامة تشير لمدى حقد وعداء كبار المشركين وتآمرهم على الرسول وقد روى ابن اسحق عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال حضرتهم وقد اجتمعوا في الحجر فذكروا رسول الله فقالوا ما رأينا مثل ما صبرنا عليه من أحد هذا الرجل لقد صبرنا على أمر عظيم فبينما هم كذلك إذ طلع الرسول فاقبل يمشي حتى استلم الركن ثم مر بهم طائفا بالبيت فغمزوه ببعض القول فعرفت ذلك في وجه النبي فمر بهم الثانية فغمزوه بمثلها فعرفت ذلك في وجهه فمر بهم الثالثة فغمزوه مثلها فوقف ثم قال(اتسمعون يا معشر قريش أما والذي نفسي بيده لقد جئتكم بالذبح)فأخذت القوم كلمته حتى ما منهم رجل إلا كأنما على رأسه طائر واقع حتى إن أشدهم فيه ليرفؤه بأحسن ما يجد ويقول انصرف يا أبا القاسم فوالله ما كنت جهولا,ولما كان الغد اجتمعوا كذلك يذكرون أمر النبي ذا طلع عليهم فوثبوا إليه وثبة رجل واحد أحاطوا به ولقد رأيت رجلا منهم اخذ بمجمع ردائه وقام أبو بكر دونه وهو يبكي ويقول أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله ثم انصرفوا عنه فان ذلك لأشد ما رأيت قريشا نالوا منه قط( ابن هشام1/289/290 أبطال بدر أسد الإسلام الحمزة فتيل وقود المعركة لقد كان أول من قتل بالمعركة هو الأسود بن عبد الأسد المخزومي وكان رجلا سيئ الخلق شرس الطباع ولما خرج قال (أعاهد الله لأشربن من حوضهم أو لأهدمنه أو لأموتن دونه) (يقصد حوض الماء الذي كان بحوزة القوات الإسلامية فخرج إليه أسد الإسلام الحمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه ضربه فاطنّ قدمه بنصف ساقه وهو دون الحوض فوقع على ظهره ورجله تشخب دما تجاه أصحابه فعالجه الحمزة بثانية حين زحف إلى الحوض فقضى عليه نهائيا. الحمزة وعلي وعبيدة بعد أن قتل الأسود بن عبد الأسد اتقد فتيل المعركة فخرج ثلاثة من خيرة فرسان قريش ومن عائلة واحدة هم عتبة وشيبة والوليد أولاد عقبة فخرج إليهم ثلاثة من شبان الأنصار وهم عبد الله بن رواحة وعوف ومعوذ وهم أبناء الحارث بن عبد المطلب وأمهما عفراء فسألهم المشركين من انتم قالوا رهط من الأنصار قالوا أكفاء كرام ما لنا بكم حاجة وإنما نريد بني عمنا ثم نادى مناديهم يا محمد اخرج إلينا أكفائنا من قومنا فقال الرسول صلى الله عليه وسلم قم يا عبيدة وقم يا حمزة وقم يا علي رضي الله عنهم وأرضاهم فبارز حمزة شيبة وبارز سيدنا علي الوليد وبارز عبيدة عتبة فقتل كل من الحمزة وعلي رضي الله عنهما خصميهما أما عبيدة وخصمه فقد اثخن كل منهما الآخر وجرحا فكرَّ كلّ ٌ من حمزة وعلي على عتبة فقتلاه وحملا عبيدة وأخلياه إلى الخلف. عمر بن الخطّاب في تلك المعركة قاتل سيدنا عمر رضي الله عنه وقد قتل بتلك الواقعة خاله الذي كان بين قوات قريش وهو العاص بن هشام بن المغيرة ولم تأخذه به حمية ولا عنصرية ولا رأفة (وهو صاحب الرأي الذي طالب فيما بعد بان يقتل كل من المسلمين قريبه من المشركين كي يرسوا العبرة بذلك للأعداء ) العمير بن حمام لما اندلعت المعركة واشتدت رحاها وبعد أن رماهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالحصباء في أعينهم فأصابهم بقدرة الله وذهلوا بما أتاهم وارتفعت معنويات المسلمين كثيرا أراد بعدها الرسول أن يغير مسار المعركة فقال لصحبه شِدّوا أي أراد الهجوم المضاد على الأعداء فقال قوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض وحينئذ قال العمير بن حمام بخٍ بَخ فقال له الرسول ما يحملك على قولك بخ بخ قال لا يا رسول الله إلاّ رجاء أن أكون من أهلها قال فانك من أهلها فاخرج تمرات فجعل يأكل منهن ثم قال لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياة طويلة فرمى ما كان معه من تمر فقام وقاتلهم حتى استشهد( رواه مسلم) . عوف بن الحارث وهو الذي سأل الرسول صلى الله عليه وسلم قائلا (يا رسول الله ما يضحك الرب من عبده) قال (غمسه يده في العدو حاسرا) فنزع درعا كانت عليه فقذفها ثم اخذ سيفه فقاتل حتى نال الشهادة. الفَتَيان اللذان تمكنا من أبا جهل قال عبد الرحمن بن عوف إني لفي الصف يوم معركة بدر وتلفتّ فإذا عن يميني ويساري فَتيَان من الأنصار فقال لي أحدهما سرّا عن صاحبه يا عم ارني أبا جهل فقلت يا ابن أخي فما تصنع به قال أُخبرت انه يسبّ الرسول والذي نفسي بيده لئن رأيته لا يفارق سوادي سواده حتى يموت الاعجل منا فتعجبت منه فإذا بصاحبه الآخر يقول بمثل ما قال الأول فلما شاهدت أبا جهل قلت ألا تريان هذا صاحبكما الذي تسألاني عنه فابتدراه بسيفيهما فضرباه حتى قتلاه). عكاشة بن محصن لقد كسر سيف عكاشة بن محصن الاسدي فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاه جذلا من حطب فقال قاتل بهذا يا عكاشة فلما أخذه من الرسول هزّهُ بيده فعاد سيفا طويل القامة شديد المتن ابيض الحديدة قاتل به عكاشة حتى فتح الله للمسلمين وقد سمي ذلك السيف بالعَون ولم يزل عند عكاشة يقاتل به ويشهد به المشاهد حتى استشهد وهو في يده في حروب الردة. عيد الفطر الأول للمسلمين إن من أروع المناسبات التي مرت على المسلمين كانت هي بحلول عيد الفطر الأول لأول رمضان مرّ عليهم الذي فرض في السنة الثانية للهجرة وهذا لم يتأتى لكونه يهل أول مرة عليهم وحسب بل لكونه أتى أثر الفتح المبين الذي تحصلوا عليه في معركة بدر فما أروع ذلك العيد السعيد الذي توجت به هامات المسلمين بتاج النصر والفتح والعز وما أروع منظر تلك الصلاة التي صلوها في فجر ذلك العيد حين خرجوا من منازلهم رافعين أصواتهم بالتكبير والتوحيد والحميد وقد فاضت قلوبهم رغبة إلى الله وحنينا إلى رحمته ورضوانه بعدما أولاهم من النعم وأيدهم بذلك النصر . فليتنا أحرار اليوم ونحن قلة غرباء في أوطاننا ومجتمعاتنا نحظى بشرف رؤية بشائر الأمل بنصرة الله لرد كيد أعداؤنا فنحن جميعا بين كبير وصغير رئيس ومرؤوس حاكم ومحكوم مهددون ومستهدفون لا لشيء إلا بسبب غيرتنا ودفاعنا على الدين وصالح الأوطان في أتون كل هذا الضعف والجراح المثخنة نحظى بتأييد الله في رد كيد الأعداء الذين يرومون القضاء بالتدريج على كامل امتنا العربية والإسلامية وقد قال الباري عزّوجَل ( واذكروا إذ انتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس فآواكم وأيدكم بنصره ورزقكم من الطيبات لعلكم تشكرون) وهذه سجدة لله بعد شكره علّه يمن علينا بتأييده وسنيده لأحرار امتنا الغيارى اللذين يضعون نصب أعينهم قضية استرداد حقوق أمة جرحت كرامتها في غير مكان من أوصالها الممزقة. رؤية الرسول قبيل معركة أُحدْ ((ليتفقه بعض الرعاديد من أدعياء كف الضرر وما إليه بما أرساه لنا الحبيب عن وجوب الثبات في مدننا الإسلامية والتحصن بها والدفاع عنها من قبل الرجال وحتى النساء كل حسب طاقته وقدرته بما يشبه حرب الأزقة والشوارع في حال تطلب الأمر )). وفي مجلس الحرب الذي عقده الرسول محمد صلى الله عليه وسلم مع قادة جيشه قبيل معركة بدر عندما وصل المشركين وعسكروا في عنين قرب جبل أحد, اخبر النبي صحبه عن رؤية رآها فقال(اني قد رأيت والله خيرا,رأيت بقرا تذبح ورأيت في ذباب سيفي ثلما ورأيت اني أدخلت يدي في درع حصينة) وتأويل البقر نفر من أصحابه يقتلون وتأويل الثلمة في سيفه برجل يصاب من أهل بيته وتأويل الدرع بالمدينة, فكان رأي الرسول صلى الله عليه وسلم يقضي بوجوب البقاء بالمدينة والتحصن بها وعدم الخروج منها فإن أقام المشركون بمعسكرهم أقاموا بشرّ مقام وان دخلوا المدينة قاتلهم المسلمون على أفواه الأزقة وحتى النساء من فوق المنازل وهنا أولى الرسول الكريم وجوب اشتراك الرجال والنساء بالدفاع عن حياض المدينة كل حسب مقدرته . ولكن الأغلبية في ذلك المجلس أرادت الخروج للقتال وعلى رأسهم الحمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه حيث قال للنبي (والذي انزل عليك الكتاب لا أطعم طعاما حتى أجالدهم بسيفي خارج المدينة) فغير النبي رأيه نزولا عند رأي الأغلبية واستقر الرأي على الخروج من المدينة واللقاء في ميدان القتال فصلى النبي صلى الله عليه وسلم بالناس الجمعة ووعظهم وأمر بالتهيوء لقتال الأعداء ففرح الناس بذلك ثم بالناس العصر وقد تحشد الناس فدخل بيته ومعه صاحباه أبو بكر وعمر رضي الله عنهما فعمماه والبساه وتدجج بالسلاح وظاهر بين درعين أي لبس درعا فوق درع وتقلد السيف ثم خرج على الناس وكان في الخارج يتداولون أمرا فقد قال لهم سعد بن معاذ وأُسيد بن حضير( استكرهتم رسول الله على الخروج فردوا الأمر إليه) فندموا على ما صنعوا فلما خرج النبي قالوا له يا رسول الله ما كان لنا أن نخالفك فاصنع ما شئت وان أحببت أن تمكث بالمدينة فافعل فقال رسول الله ( ما ينبغي لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يحكم الله بينه وبين عدوه) والمقصود الدرع فأمر النبي بتقسيم الجيش إلى ثلاث كتائب الأولى كتيبة المهاجرين وأعطى لوائها إلى مصعب بن عمير العبدري والثانية هي كتيبة الأوس من الأنصار وأعطى لوائها لأسيد بن حضير والثالثة هي كتيبة الخزرج وأعطى لوائها للحباب بن المنذر ولما خرج الرسول بجيشه وبعد أن جاوز ثنية الوداع شاهد في طريقه كتيبة حسنة التسليح منفردة عن سواد الجيش فسأل عنها فاخبر انهم اليهود من حلفاء الخزرج يرغبون المساهمة بالقتال ضد المشركين من قريش فسأل النبي( هل اسلموا) فقالوا لا فأبى أن يستعين بأهل الكفر على أهل الشرك(وقد روى ذلك ابن سعد2/34) وكان جيش المشركين بقيادة أبو سفيان صخر بن حرب وعلى الميمنة خالد بن الوليد قبل إسلامه وعلى الميسرة عكرمة بن أبي جهل وعلى المشاة صفوان بن أمية وعلى رماة النبل عبد الله بن ربيعة أما اللواء فكان موكلا إلى مفرزة من بنو عبد الدار ومن المعلوم إن ذلك كان هو منصبهم منذ أن اقتسمت بنو عبد مناف المناصب لكن أبا سفيان أراد استفزازهم وحثهم على حفظ اللواء فذكرهم بما كان منهم يوم بدر حين اُسِرَ منهم حامل اللواء النضر بن الحارث فقال لهم ( يا بني عبد الدار قد وليتم لواءنا يوم بدر فأصابنا ما قد رأيتم وإنما يؤتى الناس من قبل راياتهم إذا زالت زالوا فأما أن تكفون لواءنا أو أن تخلوا بيننا وبينه فنكفيكموه) فغضب بنو عبد الدار وقالوا له ستعلم في غد كيف نصنع فثبتوا على اللواء حتى قتلوا جميعا وأبيدوا عن بكرة أبيهم في تلك المعركة. من عبقرية قيادة الرسول بالحرب عندما يراجع أي قارئ ملم بخطط الحرب والأركان العسكرية لمحطات المعارك والقتال والحرب بالسيرة النبوية المباركة فلا بد أن يتوقف بإعجاب بالغ عند عبقرية قيادة الرسول محمّد صلى الله عليه وسلم وحسن إدارته لمعالجة الأزمات والمحن وسنقف هنا عند محطة هامة هي خطة حرب معركة أُحد تلك الخطة الرائعة التي يقف إزائها دوما بذهول كل من يطلع عليها من خلال التفات الرسول الكريم بجيشه حول الأعداء وجعل ظهورهم مكشوفة له كما سيلي . فحينما حل فجر المعركة وكان الرسول صلى الله عليه وسلم قائم يصلي قام كبير المنافقين عبد الله بن أُبَي بحركة خبيثة مقصودة غايتها إرباك القوات الإسلامية لصالح تقوية معنويات الأعداء حين ابدر بسحب قواته البالغة ثلاثمائة مقاتل أي ما يعدل ثلث جيش المسلمين وقفل راجعا بها إلى المدينة في اللحظة الحاسمة بحجة يعلوها النفاق والكذب سيرد ذكرها في موضع آخر . لكن النبي صلى الله عليه وسلم لم يلتفت لهذا الأمر بل ركز تفكيره في حسن أعداد خطة الحرب المحكمة التي تناسب تلك المعركة غير المتكافئة خاصة بعد الانسحاب المفاجئ والفراغ الذي أحدثه خروج ذلك المنافق وصحبه لذا أراد النبي على عجل أن يتخذ أدق خطة أركان حرب كما نعرفها اليوم وان يحسن التعبئة وينتخب افضل ميدان يفرضه على المعركة وبعدها يوزع القوات على أساس الدفاع والهجوم على أساس أفضل تقدير موقف يناسب مثل تلك الواقعة العزوم فقام ونظر بنفسه إلى جحافل جيش المشركين أمامه على ذلك البعد فكان كأن الوضع لم يعجبه فقد قال( أمن رجل يخرج بنا على القوم من كثب ,أي جوار أو مقربة, من طريق لا يمر بنا عليهم) فقام أبو خيثمة وقال أنا يا رسول الله فاختار طريقا قصيرا يمر بحرّة بني حارث وبمزارعهم تاركا جيش المشركين إلى الغرب حتى مرّ الجيش الإسلامي بحائط مربع بن قيطي أي مزرعته أو ما شابه والذي لم يرق له ذلك وقتئذٍ لكن الجيش نفذ حتى نزل الشعب من جبل أحد في عدوة الوادي فعسكر النبي صلى الله عليه وسلم بجيشه مستقبلا المدينة جاعلا ظهر الجيش إلى هضاب جبل أحد كساتر ظهير بينما وضع جيش الأعداء قبالته في موضع أدنى وهنا كان انتخاب الميدان جيدا وفق أعلى التقديرات العسكرية عندئذٍ تحول الرسول الكريم إلى خطة توزيع قواته فعبأ جيشه بعد أن انتخب ابتداء خمسون راميا من امهر الرماة ليجعلها كتيبة حماية تسيطر على ثغرة الموضع الذي التفوا منه من خلال تواجدها في موقع ستراتيجي منتخب بدقة للمراباة من على سفح جبل يقع على الضفة الجنوبية من وادي قناة وعرف ذلك السفح والجبل فيما بعد بجبل الرماة وتوزع الرماة هناك ليكفلوا حماية الجيش الإسلامي من الخلف وكانوا على مسافة مائة وخمسون مترا من مؤخرة الجيش الإسلامي وقد أوكل قيادتها إلى لعبد الله بن جبير بن النعمان الأنصاري بعد أن أوصاهم النبي صلى الله عليه وسلم بان لا يبرحوا أماكنهم لأي سبب من الأسباب إلا حين يأتيهم أمره بالانسحاب. وبذا يكون النبي بحسب إعداد خطته قد أمن من الالتفاف على جيشه إن التزم الرماة في تلك الكتيبة بواجبهم وانتهى من ذلك الأمر ثم جعل على الميمنة المنذر بن عمرو وجعل على الميسرة الزبير بن العوام يسانده المقداد بن الأسود ثم جعل في المقدمة والقلب نخبة ممتازة من شجعان المسلمين الأبطال من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين وبذلك يكون الرسول صلى الله عليه وسلم قد انتهى من توزيع قواته وتهيئتها للحرب بأفضل خطة عسكرية تناسب واقعة كتلك لا يمكن لأحد أن يضع مثلها في ظرف مماثل فقد تغلب بذلك على خصمه من ناحية الإعداد والتخطيط حيث أمن ظهر قواته بأكملها باحتضان المرتفعات من كل الجوانب من خلال سد الثغرة الوحيدة في الخلف وقد انتخب الموضع المرتفع للسيطرة والاحتماء في حال تقهقر القوات حتى لا تلجأ إلى الفرار وينكشف ظهرها فتقتل أو تقع بالأسر فقد احسن الرسول الكريم بكل ما أعده لتلك الواقعة بعكس أعدائه الذين فات عليهم كل ذلك إذ هم كانوا قبله في الموضع ولم يحسنوا القيادة ولا انتخاب الميدان ولا تحصين قواتهم وفاتهم بذلك جدوى سبق تواجدهم على ارض المعركة من قبل . لله درّك يا حواري الرسول عندما تقارب الجمعان قبيل اندلاع معركة أحد التاريخية سُجل كذلك موقفا تاريخيا فريدا فقد خرج من المشركين وتقدم للمنازلة حامل لوائهم طلحة بن أبي طلحة العبدري الذي كان من أشجع فرسان قريش ويسميه المسلمون كبش الكتيبة الذي خرج راكبا على جمله متحديا يدعوا إلى المبارزة فأحجم عنه الناس لفرط شجاعته فخرج إليه الزبير وتقدم مسرعا إليه بكل شجاعة وإقدام ولم يمهله للترجل بل وثب عليه وثبة الليث حتى صار معه على ظهر جمله ثم اقتحم به الأرض وألقاه عن ظهر الجمل ثم ذبحه بسيفه وقد رأى النبي صل الله عليه وسلم ذلك الموقف والتصارع الرائع فكبّر وكبّر المسلمون وأثنى على الزبير وقال في حقه(إن لكل نبي حواريا وحواريي هو الزبير) رضي الله عنه وأرضاه.(ذكره صاحب السيرة الحلبي2/18) ***** أبطال حول الرسول حين يراجع المسلم المنصف السيرة النبوية لابد أن يلاحظ بأن هنالك من امتاز بالبطولة والفداء حد الإيثار على النفس من قبل مسلمين أبطال تواجدوا حول النبي وعاهدوا أنفسهم على فدائه في أحنك المواقف وقد تجلى ذلك بمواقف عديدة وشخوص سنمر على بعضها وعندما نقول أبطال لا نعني هنا انهم رجال من المؤمنين فقط بل إن فيهم نساء مؤمنات اثبتن إنهن محط توقير وافتخار على مدى الدهر. ليث الليوث وأسد الإسلام لقد كان الحمزة بن عبد المطلب متحمسا لخروج المسلمين لملاقاة المشركين لذا فلما كانت المعركة فانه اندفع إلى قلب جيش المشركين وقاتل قتال الليوث المهتاجة وغامر بلا حدود تنكشف عنه الأبطال كما تتطاير أوراق الشجر أمام العاصفة فهو بالإضافة لدوره الكبير في إبادة فصيلة حملة لواء المشركين استمر يقاتل بلا هوادة حتى صرع غدرا على يد ذلك العبد الحبشي وحشي بن حرب الذي خرج لينال عتقه بغدر الأسد من بعيد وقد اختير لذلك لأنه كان ماهرا بالإصابة بحربته على البعد فاستتر يتحين الفرصة كي ينال من الأسد بحربته تلك تارة وراء الحجر وتارة وراء الشجر وكان الحمزة مشغولا بالقتال فتقدم إليه سباع بن عبد العزى فلما رآه الحمزة قال له هلم ألي يا بن مقطعة البظور فضربه ضربة بالغة في الإصابة فاستغل وحشي ذلك فهزّ حربته ودفعها تجاه الأسد فاخترقت أحشاءه فاتجه الأسد صوبه ولكنه لم يلحق فوقع صريعا مغدورا لا قتالا وجها بوجه ونال الشهادة وقد دخل التاريخ لبطولته وشجاعته الفذة ومواقفه بنصرة الدين. معركة أحد بعد استشهاد الحمزة رغم الخسارة الكبيرة التي مني بها المسلمون في استشهاد الحمزة إلا انهم بقوا مسيطرين على الموقف وبقي باقي كبار الصحابة يقاتلون ببسالة وهم أبو بكر وعمر وعلي والزبير ومصعب بن عمير وطلحة بن عبيد الله وأبا دجانة الذي حمل سيف أعطاه إليه الرسول بحقه وهو أن يحنيه على رؤوس المشركين فتعصّب بعصابته الحمراء وكان قد تبختر بين الصفوف قبيل اندلاع المعركة فقال الرسول إنها لمشية يبغضها الله إلا في هذا الموضع ولكنه بقي يقاتل ويهد الصفوف هدا وقد قاتل إلى جانبه أبطال آخرين كسعد بن معاذ وعبد الله بن جحش وسعد بن عبادة وسعد بن الربيع وانس بن النضير واخرين كثر حتى نهاية المعركة ومنهم أيضا حنظلة الغسيل الذي كان حديث عهد بالعرس فكان قد تزوج للتو ولما سمع بهاتف الحرب سارع إلى الجهاد واشترك بالمعركة وقاتل وقد شق الصفوف حتى خلص إلى قائد المشركين أبو سفيان ونازله وشد عليه وكاد أن يقضي عليه حين استعلاه وتمكن منه فرآه شداد بن الأسود فضربه غدرا فقتله ونال ذلك العريس الشهادة في سبيل الله. منطلق دور فصيلة جبل الرماة لقد كان لفصيلة الرماة التي عينها النبي صلى الله عليه وسلم وانتخب لها موقعا ستراتيجيا دورا مهما بإدارة دفة المعركة لصالح المسلمين من خلال تأمين ظهير الجيش الإسلامي في بداية ووسيط المعركة حيث قام فرسان مكة بقيادة خالد بن الوليد بثلاث محاولات فاشلة للالتفاف على الجيش الإسلامي ولكن تلك الفصيلة البطلة أفشلتها تباعا فكلما حاول خالد وفرسانه اختراق الجناح الأيسر ليلتفوا على المسلمين ويأتوهم من الخلف ليربكوا أدائهم تصدى لهم عبد الله بن جبير وباقي الرماة من فصيلته وأمطروهم بوابل من السهام تجعلهم يردون على أعقابهم ويدفعون مزيدا من التضحيات لثلاث مرات (فتح الباري7/346) فيعودوا خائبين وهكذا دارت رحى الحرب الزبون بذلك اليوم وظلت القوات الإسلامية القليلة تسيطر على الموقف حتى تخورت قوى المشركين وأخذت صفوفهم تتبدد وتتفرق في شتى الاتجاهات وكانت الحالة غريبة وكأنها معكوسة وليس المسلمون هم نحو ثلاثة آلاف يواجهون بحزم ثلاثين ألف فأحست قوات المشركين بالعجز والخور وانكسرت همتها حتى لم يعد أحد يجترأ على حمل الراية الملقاة على الأرض بينما المسلمون يهجمون كالفيضان وهم يرددون شعارا حماسيا مدويا هو(أمت أمت) فأخذت قوات المشركين تتقهقر وتنسحب ولجأت إلى الفرار وقد قال ابن إسحاق (ثم انزل الله نصره على المسلمين وصدقهم وعده فحسّوهم بالسيوف حتى كشفوهم عن المعسكر وكانت الهزيمة لا شك فيها) وقد روى عبد الله بن الزبير عن أبيه انه قال والله لقد رأيتني انظر إلى خدم سوق هند بنت أبي عتبة وصواحبها مشمرات هوارب مادون آخذهن قليل ولا كثير(ابن هشام) وفي حديث البراء بن عازب عند البخاري في الصحيح ( فلما لقيناهم هربوا حتى رأيت النساء يشدون في الجبل يرفعن سوقهن قد بدت خلاخيلهن . وقد تبعهم المسلمون يضعون فيهم السلاح ويأخذون الغنائم وهنا أصبحت الخسارة واقعا أكيدا وإلا فكيف تؤخذ منهم الغنائم لولا انهزامهم فأحرج موقف أبو سفيان وفكرا في الانسحاب عندما رأى جيشه يهرب من ارض المعركة ولواءه مطروحا لكن حصل أمرا غير من واقع المعركة فقد انسحب دون أمر نحو أربعون راميا من على جبل الرماة في الجناح الأيسر الذي كان خالد يستهدفه ليشتركون بجمع الغنائم فلاحظ خالد بن الوليد ذلك وتيقن انه الأمل بإدارة دفة المعركة فتحرك للالتفاف للمرة الرابعة فوجد عبد الله بن جبير ومعه قلة من الرماة فأبادهم على عجل واندفع يضرب جموع المسلمين من الخلف فارتبكت القوات الإسلامية وعمتها الفوضى فعاد المشركون ونظموا صفوفهم للهجوم كي يضعوا المسلمين بين فكي الرحى وهنا لم يبقى لقادة المسلمين من أولوية قصوى سوى نجدة النبي والحفاظ على حياته خاصة حين علموا إن المشركين يتحرقون لتصفيته وانه يقاتل بنفسه ولم يبقى حوله سوى طلحة وسعد من القرشيين يذودان عنه بعد أن استشهد ستة أبطال من الأنصار كانوا حوله ولم يبقى حوله سوى ثلاث وقد أثخنتهما الجراح وكرّت طائفة من الأبطال لتحمي النبي سنوالي ذكرهم لمرتين احتجاجا على كل من ينكر دورهم في ذلك اليوم وهم أبو بكر وأبو عبيدة بن الجراح وعمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وسهل بن حنيف ومالك بن سنان وأم عمارة نسيبة كعب المازنية وقتادة بن النعمان وحاطب بن بلتعة وأبو طلحة وأبو دجانة وجعلوا يحمون الرسول ويفتدونه ويذودون عنه بكل ما أوتوا من بأس وقوة وبسالة . حماة النبي رجال وامرأة يفيضون فداءً وجرأة إنها لحظات خاطفة لكنها حرجة وخطيرة تلك التي تجمع فيها المؤمنون من أهل الفداء والبسالة من حول النبي صلى الله عليه وسلم ليفتدوه بأرواحهم ويفكوا حصارا فرضه الظرف ببراثن الأعداء بعد انحراف دفة المعركة لصالح الأعداء بذلك الالتفاف الأخير الذي قامت به كتيبة فرسان خالد فاصبح موقف القوات الإسلامية حرج بذلك فاندفعوا للاستبسال وعن قتادة بن النعمان إن الرسول كان يباشر الرماية بنفسه وقد رمى من قوسه حتى اندقّت سيتها وأخذها قتادة فكانت عنده وقد أصيبت يومئذ عينه حتى وقعت على وجنته فردّها الرسول بيده الشريفة فكانت احسن عينيه واحدّهما بصرا وقد لقي الرسول ما لقي من الجراحات وقد استشهد من حوله ستة من الأنصار الأبطال الذين كان لهم سبق الفداء لأجله والسابع قد أرهقته الجراح ومن المهاجرين القرشيين كان سعد وطلحة يذودان عنه ويكافحان اشد الكفاح لوحدهما وبالغا بالبسالة دونه برد أعدائه الساعين وراء حياته الغالية فثبتوا على ذلك الموقف حتى أعانهم الله بالنجدة فقد كان الصحابة كلهم مشغولون بالقتال وقد كان أول من فاء بهم والتحق من ميدان المعركة هو أبو بكر الصديق وقد قال عن ذلك فيما بعد( كنت أول من فاء إلى النبي فرأيت بين يديه رجلا يقاتل عنه ويحميه فقلت كن طلحة فداك أبي وامي وقد قال الرسول لسعد يومها بعد أن نثلَ له كنانته (أرمِ فداك أبي وأمي) ولم يكن النبي قد جمع أبويه تناديا لأحد من قبل وقد كان سعد وطلحة من امهر رماة العرب فتناضلا حتى أجهزا على مفرزة المشركين ثم يقول أبى بكر أيضا( وسرعان ما أدركني أبو عبيدة بن الجراح وهو يشتد كأنه طير حتى لحقني ) وقد أصيب طلحة كما تقدم نحو بضعة عشر إصابة ثم تجمع من حول الرسول في تلك اللحظات الحرجة عصبةً من أبطال الإسلام تباعا وهم مصعب بن عمير وأبو دجانة وعلي بن أبي طالب وعمر بن الخطاب وسهل بن حنيف ومالك بن سنان والبطلة أم عمارة وقتادة بن النعمان وحاطب بن أبي بلتعة وأبي طلحة وقد كان هذا البطل يسور نفسه بين يدي الرسول ويرفع صدره ليقيه سهام الأعداء وكان الرسول من خلفه يشرف ليرى القوم من أمامه فيقول له أبو طلحة بابي وامي يا رسول الله لا تشرف لئلا يصيبك سهم من سهام القوم(نحري دون نحرك) وهو محجب عليه بجوقة له وكان رجلا راميا شديد النزع كسر يومئذٍ قوسين أو ثلاث وكان موزع النبل يمر بجعبة النبل فيقول انثرها لأبي طلحة وقد كان حسن الرماية فكان إذا رمى تشرف النبي إلى موقع نبله( صحيح البخاري) ,أما أبو دجانة فقد تواجد أيضا أمام الرسول وترّس عليه بظهره والنبل يقع عليه وهو لا يتحرك وقد تبع حاطب بن أبي بلتعة عقبة الذي رمى رباعية الرسول وكسرها فضربه بالسيف حتى طرح رأسه أرضا واخذ فرسه وسيفه أما سهل بن حنيف أحد الرماة الأبطال من حول النبي فكان قد بايع النبي على الموت فكان دوره يومه فعالا أما مالك بن سنان والد أبي سعيد الخدري فقد امتص الدم من وجنة النبي حتى أنقاه فقال له النبي ( مجّه) فقال لا والله لا أمجه أبدا ثم توجه ليقاتل فقال النبي من أراد أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا الرجل وما لبث حتى خر شهيدا أما البطلة المؤمنة التي وجب أن لا تنسى فهي أم عمارة التي قاتلت دفاعا عن دين الله والنبي فاعترضت لابن قمئة في أناس من المسلمين فضربها ابن قمئة على عاتقها ضربة تركت جرحا بليغا أجوف فضربته عدة ضربات بسيفها لكنه كانت عليه درعان فنجا من ضرباتها وقد بقيت تلك المرأة الشجاعة البطلة تقاتل حتى أصابها اثنا عشر جرحا فدافعت عن النبي مع إخوانها الأبطال البواسل , وقد قاتل مصعب بن عمير حامل اللواء بضراوة واستبسل بحق يدافع عن النبي ليرد هجوم أبي قمئة وزمرته فقد ضربوه على يده اليمنى حتى قطعت فاخذ اللواء بيده اليسرى وصمد بوجه المشركين حتى قطعت يده اليسرى ثم برك على اللواء بصدره وعنقه حتى نال الشهادة والذي قتله هو ابن قمئة وكان يظنه رسول الله لشبهه بالنبي وهنا صاح بن قمئة إن محمدا قد قتل. وفي ذلك الظرف العصيب والموقف الحرج حصل ارتباك شديد وعمت الفوضى بإشاعة ذلك الخبر المفجع أما الرسول فانه لما قتل مصعب فانه أعطى اللواء لعلي بن أبي طالب ذلك البطل الهمام الذي قاتل قتالا شديدا واثبت بطولة فذة إلى جانب بقية إخوانه من الصحابة الذين دافعوا عن النبي رضي الله عنهم أجمعين وكان الجيش الإسلامي قد حوصر وتطوق بذلك الالتفاف الذي تحصل جراء إهمال الرماة وما حصل بعد ذلك من فوضى بسبب إشاعة خبر مقتل النبي فاضطر النبي للمجازفة بشق طريقه بين صفوف المشركين متجها صوب جيشه المحاصر حتى وصل قرب أصحابه فلما اقبل عليهم عرفه كعب بن مالك أولا فنادى من فوره وبأعلى صوته يا معشر المسلمين ابشروا هذا رسول الله فأشار إليه الرسول أن اصمت فسمع المسلمون وتجمعوا على عجل من حوله نحو ثلاثين رجلا من الصحابة وبعد نجاح تلك المحاولة الإحيائية لرفع المعنويات والتي قام بها الحبيب بأعلى درجات البطولة وهنا أراد النبي إنجاز مسعاه بهذا الظرف الحرج لإنقاذ جيشه وهو بداية تنفيذ الانسحاب فأخذ بالانسحاب التدريجي المنظم بجيشه تجاه شعب أحد وهو يشق الطريق بصعوبة بالغة بين صفوف قوات المشركين الذين اشتدوا لعرقلة الانسحاب لما علموا بما يرده النبي إلا انهم فشلوا أمام بسالة ليوث وأبطال الإسلام الذين ضربوا طوقا منيعا حول الرسول حتى تم الانسحاب وفي طريق الصعود إلى الشعب لحق بالمسلمين عثمان بن عبد الله وهو أحد فرسان قريش وتقدم نحو النبي وهو يقول لا نجوت إن نجا فأراد الرسول مواجهته إلا إن الفرس قد عثرت في بعض الحفر فنازله الحارث بن الصمة وضربه على رجله فأقعده ثم ذفف عليه واخذ سلاحه لكن أحد المشركين وهو عبد الله بن جابر عطف على الحارث وضربه فجرحه وحمله المسلمون فانقضّ البطل أبو دجانة لينتصر لأخاه في الدين فضرب عبد الله هذا ضربة أطارت برأسه عن جسده فلما اسند رسول الله في الشعب أدركه أبي بن خلف وهو يقول أيضا أين محمد لا نجوت إن نجا فقال الصحابة يا رسول الله أيعطف عليه رجل منا فقال الرسول دعوه فلما دنا منه تناول الرسول الحربة من الحارث فلما أخذها منه انتفض واستقبله وقد ابصر ترقوته من فرجة بين سابغة الدرع والبيضة فطعنه طعنة تدأدأ منها عن ظهر فرسه مرارا فهرب نازلا إلى قريش وقد خدش في عنقه خدشا غير كبير لكن الدم قد احتقن فيه فاخذ يصيح قتلني والله محمد فانه قال لي بمكة أنا أقتلك إن شاء الله فواله لو بصق علي لقتلني فمات فيما بعد بسرف وهو يخور كالثور بطريق عودتهم , وهكذا فقد تعرقل لحاق المشركين بالمسلمين على سفح الجبل وتم كامل الانسحاب بنجاح إلى الشِعب ثم انسحب باقي الجيش إلى هذا الموضع المأمون فتحصنت القوات الإسلامية ففشلت عبقرية قادة قريش العسكرية إزاء عبقرية الرسول الفذة . النعاس أمنة من الله لقد كان المسلمون في واقعة أحد يأخذهم النعاس امنة من الله كي تهدأ نفوسهم وتستقركما تحدث القرآن الكريم وقد قال أبو طلحة كنت فيمن يغشاهم النعاس يوم أحد حتى سقط سيفي من يدي مرارا يسقط وآخذه ويسقط وآخذه(البخاري2/582)
شماتة أبو سفيان ورد عمر بن الخطاب اشرف أبو سفيان على الجبل فنادى افيكم محمد فلم يجيبوه فقال افيكم ابن أبي قحافة فلم يجيبوه فقال افيكم عمر بن الخطاب فلم يجيبوه وكان النبي قد منعهم من الإجابة فقال أبو سفيان لقومه شامتا أما هؤلاء فقد كفيتموهم فلم يملك عمر نفسه أن صاح قائلا بجرأته المعلومة (يا عدو الله إن الذين ذكرتهم أحياء وقد أبقى الله ما يسوؤكم) فقال قد كان فيكم مثلة لم آمر بها ولم تسوؤني ثم قال اعلُ هبل فرد عليه عمر والمؤمنون على لسان النبي ( الله أعلى واجلّ) فقال لنا العُزّى ولا عزّى لكم فكان الردّ هنا مدويا أن ( الله مولانا ولا مولى لكم) فقال أنعمت منال يوم بدر والحرب سجال فأجابه عمر قائلا ( لا سواء قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار فقال أبو سفيان هلم إلي يا عمر فأشار عليه الرسول بالذهاب فقال أنشدك الله يا عمر اقتلنا محمدا فقال عمر اللهم لا وانه ليستمع لكلامك الآن فقال أنت اصدق عندي من بن قمئة وابرّ(ابن هشام2/93زاد المعاد2/94 صحيح البخاري2/579) الهجوم الأخير على الشِعَب للمشركين لما أتم المسلمين انسحابهم إلى شعب أحد وقبل أن تنسحب قوات المشركين من ارض المعركة وتقفل راجعة أراد قادتهم أن يشنوا هجوما أخيرا يستهدف محاولة القضاء على جحافل المسلمين فقد قال ابن إسحاق ( بينما رسول الله في الشعب إذ علت عالية من قريش الجبل يقودهم أبو سفيان وخالد بن الوليد فقال الرسول لا ينبغي لهم أن يعلونا) فبرز لهم عمر بن الخطاب ورهط معه من المهاجرين فقاتلهم قتالا شديدا حتى أهبطهم من الجبل أي اضطرهم للهبوط من على الجبل (سيرة ابن هشام2/86), كما شارك سعد بالتصدي للمشركين وقد اخذ سهما من كنانته فرمى به رجلا فقتله ثم أخذه فرمى به أخرا فقتله ثم أخذه فرمى به أخيرا فقتله فقال هذا سهم مبارك فجعله في كنانته فكان عند سعد حتى مات ثم كان عند بنيه(زاد المعاد2/95) ففشل الهجوم الأخير لقريش وتقهقر لاستماتة الصحابة بالدفاع عن موقع الرسول الدفاعي ولم يعد باستطاعة قوات المشركين الوصول لمسعاهم أبدا فنزلوا من سفح الجبل وخاب هجومهم الفاشل. استعداد الرسول والصحابة للدفاع عن المدينة لما يأس المشركين هموّا بالرحيل وقفلوا راجعين وعندها بعث النبي بسيدنا علي بن أبي طالب وقال اخرج في آثار القوم فانظر ماذا يفعلون وما يريدون فان كانوا قد امتطوا الإبل فانهم يريدون مكة وان ركبوا الخيل فانهم يريدون المدينة والذي نفسي بيده لئن أرادوها لأسيرنّ إليهم فيها ثم لأناجزهم قال علي فخرجت انظر ماذا يصنعون فجنبوا الخيل وامتطوا الإبل ووجهوا إلى مكة . الانتصار لحق كرامة أجساد الشهداء ولله درّك يا أبو دجانة قال كعب بن مالك (عندما كان المشركين يمثلون بأجساد شهداء المسلمين ويشوهونها شاهدت رجلا يجمع اللأم أي الدروع يجوز بين المسلمين ويقول استوسقوا كما استوسقت جزر الغنم وإذا برجل ملثم من المسلمين ينتظره وعليه لأمته فلما وصل قربه قام إليه وضربه في رأسه ضربة بلغت وركه فتفرق جسده إلى فرقتين ثم كشف عن وجهه وقال كيف ترى يا كعب أنا أبو دجانة (البداية والنهاية4/17) فلله درّك يا أبا دجانة فقد أعطيت ذلك السيف حقه حقا ودخلت التاريخ كغيرك من الأبطال في نواصع صفحاته التمثيل بأجساد الشهداء لقد كان منظر الشهداء مريعا جدا يفتت الأكباد وان الرسول لما رأى ما بحمزة عمه وأخوه من الرضاعة اشتد حزنه وجاءت عمته صفية تريد أن تنظر أخاها حمزة فأمر النبي ابنها الزبير أن يصرفها فقالت ولمَ وقد بلغني انه قد مُثّل بأخي وذلك في الله فما أرضانا بما كان من ذلك لاحتسبن ولأصبرن إن شاء الله فأتته فنظرت إليه فصلّت عليه ودعت له واسترجعت واستغفرت له. دفن الشهداء ثم انصرف المسلمون للدفن وقال خباب إن حمزة لم يوجد له كفن إلا بردة ملحاء إذا جعلت على رأسه قلصت قدميه وبالعكس فجعلت على رأسه وجعل على قدميه الاذخر وقد أمر النبي بدفنه مع عبد الله بن جحش وكان ابن أخته وأخاه من الرضاعة وقال ابن مسعود ما رأينا رسول الله باكيا قط اشد من بكائه على الحمزة وضعه في القبلة ثم وقف على جنازته وانتحب حتى نشع من البكاء (رواه ابن شاذان,مختصر السيرة) النشع هو الشهيق. مداواة جراح النبي لقد كان علي وفاطمة رضي الله عنهما هم من غسل جراح النبي فقد جلب سيدنا علي الماء للنبي فعافه فجعلت فاطمة تغسل جراح النبي به وعلي يسكبه بالمجن فلاحظت إن الماء لا يزيد الدم إلا كثرة فأخذت قطعة من حصير فأحرقتها وألصقتها على الجرح فاستمسك الدم( البخاري2/584) ثم جاء محمد بن مسلمة بماء عذب سائغ فشرب النبي ودعا له بالخير وصلى الظهر قاعدا من اثر الجراح وصلى المسلمون خلفه قعودا (ابن هشام2/87).
تداعيات صُلح الحديبية بعد أن تم الاتفاق على صلح الحديبية وعاد المسلمون أدراجهم إلى المدينة في ذلك العام تغير ميزان القوى والتعامل معهم إذ انهم كسبوا اكثر مما خسروا من خلال الاعتراف بهم وبحقوقهم وانهم اصبحوا ندا لقريش وجبروتها من خلال المعاهدة المبرمة التي تولي الالتزام بها وببنودها خاصة حول مسالة الحلفاء التي حصل الخلاف بسببها عندما تم خرق الهدنة وابطل الصلح فيما بعد. ثم انطلق الرسول صلى الله عليه وسلم لترسيخ وتثبيت ركائز دولة الإسلام المتنامية وتوسيع رقعتها بعرى الفتح العظيم فبدأ بإرسال الرسل الذين يحملون دعوته إلى الملوك والقياصرة داخل الجزيرة العربية وخارج ديار العرب وتوالت جولات رسل الحبيب واختلفت موازين الاستجابة والرفض بين المتلقين لكن الخط العام شهد تناميا رائعا لدولة الإسلام ودعوته الكبرى وكان من بين تلك الدعوات إلى الإسلام رحلة الحارث بن عمير الازدي حاملا كتاب الرسول صلى الله عليه وسلم إلى شرحبيل بن عمرو الغساني عامل قيصر في بلقاء بلاد الشام الذي ثار وأوثق الحارث رسول النبي وضرب عنقه مما اغضب النبي والمسلمين كثيرا.
واقعة مؤتة عندما تهب ريح الإيمان فإنها تأتي بالعجائب
وقعت تلك المعركة في شهر جمادى الأول من سنة ثمانية للهجرة الموافق سبتمبر 629م ومؤتة هي قرية بأدنى بلقاء الشام وبينها وبين بيت المقدس مرحلتان وجسدت ا | |
|