بدأت قرطبة الأندلسية تأخذ أهميتها عندما أقام بها عبدالرحمن الداخل، وجعلها عاصمة للدولة الجديدة عام 756م . وازدهرت هذه المدينة في العصر الذهبي للأندلس، تحت حكم عبد الرحمن الثالث، وازدانت فيها المعالم والمنشآت التي يمثل الجامع الكبير أبرز معالمها . حيث تعاقب على بنائه أربعة حكام ليكملوا ما بدأه عبد الرحمن الداخل عام 785م.
تأثر تصميم جامع قرطبة بالمنشآت التي بنيت في أيام العصر الأموي الأول، وبالأخص الجامع الأموي في دمشق، حيث يشترك معه في وجود الحرم المسبوق بالصحن، ووجود مئذنة واحدة في الواجهة، شأن مئذنة العروس في دمشق، ومئذنة جامع القيروان، وقد تم بناء مئذنة جامع قرطبة في عهد هشام بن عبد الرحمن الداخل عام (788م)، ثم تم تبديلها في عهد عبد الرحمن الناصر (951م). وهي مئذنة ذات شكل مربع طول ضلعه 48,8 أمتار. وقد تهاوت هذه المئذنة، ولم يبق منها إلا جزؤها الأسفل .
وفي عهد الخليفة الحكم المستنصر عام (961م) تم إجراء بعض الإضافات الفنية الرائعة والمشابهة للفن الدمشقي، كجدار المحراب، والسقوف المزخرفة، والعقود المفصصة، إضافة إلى العقد الحذوي. واحتوى حرم المسجد تسعة أجنحة باتجاه العمق، والجناح الأوسط هو أكثر الأجنحة عرضا ً.
وأهم ما يميز الجامع هو غابة الأعمدة الموجودة في الصحن، والتي تحمل سقوف الصحن من خلال طبقتين من الأقواس المتطابقة، إضافة إلى وجود الشرفات التي تعلو سقوف الجامع في الواجهة الغربية، المتدرجة والمثلثة الأشكال، المشابهة لأسنان المشط. وقد تمت استعارتها من الفن الزخرفي الشرقي لتصبح فيما بعد شكلا ً أساسيا ً من ملامح الفن الأندلسي.
وهناك نوعان من تيجان الأعمدة، الأول هو ذلك النوع الموجود في الجزء الذي تم بناؤه في عهد عبد الرحمن الناصر، حيث الطابع الإسلامي الأندلسي المميز، كما تمتاز تيجان أعمدة الجزء المضاف في عهد الحكم بالأصالة وعدم التأثر بالفنون الغربية.
أما الجدران الداخلية فأهم ما يميزها هو المشبكات التي تغطي النوافذ كما هو سائد في بعض المباني بدمشق، في حين تحتوي الجدران الخارجية على روائع فنية زخرفية تتمثل في الأعمدة والأقواس المأطرة، وهو الشكل السائد في الأبواب الخارجية. وتغطي الفسيفساء المذهبة، والأحجار الرقيقة والصغيرة ذات الشكل المربع، سقف القبة وإطار المحراب، وكذلك الأبواب المجاورة للمحراب. وقد أعطى استعمال الأشكال والخطوط العربية الأصيلة تميزًا فريدًا ورائعًا لهذه الزخارف الفسيفسائية.
وبهذا يمكن القول بأن فن العمارة الإسلامية ولد في عصر بني أمية ثم نما وترعرع سريعا بعد أن استفاد المسلمون من فتوحاتهم ووحدوا كثيرا من العناصر الفنية في أجزاء دولتهم ,وألفوا منها طرازا ممتازا .ثم يأتي الطراز العباسي في العمارة الإسلامية الذي امتاز باستخدام الآجر، وبالتأثر بالأساليب المعمارية الساسانية ,وبتفضيل الأكتاف أو الدعامات علي الأعمدة في حمل البوائك، كما يمتاز أيضا بالأقبال على استخدام الجص في كسوة العمائر . وأهم ما خلفه لنا هذا الطراز من العمائر الدينية المسجد الجامع في سامراء ، وأبي دلف في العراق ثم جامع أحمد بن طولون في مصر .
تاريخ الجامع على عهد عبد الرحمن (الداخل)عبد الرحمن الاول هواول من شيدهذا الجامع عام 170 هجرية وكانت ابعاده على شكل مستطيل ابعاده 75×65م وكانت ظلة القبلة تتكون من عدد 8 بائكة تكون فيما بينهما 9 اروقة يجرى جميع ذلك عمودياعلى جدار القبلة اما صحن الجامع فكان يشغل مساحة تعادل مساحة جناح القبلة تقريبا ولم يكن يوجد مؤخر ولم يرد فى المصادر التاريخية مايفيد بوجود مئذنة ولاطبيعتها ان كانت موجودة
الجامع على عهد هشام بن عبد الرحمن قبل عام180 هجريةاضاف هشام الاول بائكة جديدةمن رواق واحد حول الصحن فيما عدا وجهة جناح القبلة المطلة على الصحن وكذلك مؤخر الجامع وقد نتج عن ذلك وجود مجنبة شرقية واخرى غربية من بائكة واحده ورواق واحد اضاف للجامع مئذنة غير موجودة حاليا
الجامع على عهد عبد الرحمن الثانى (الاوسط)فى عام 218 هجريةزاد من مساحة الجامع من جهة الشرق رواق واحد من بائكة واحدة وكذلك زاد من مساحتة من جهة الغرب فاضاف رواق من بائكة واحدة وبذلك اصبح جناح القبلة يتكون من 11رواقا وعدد10بائكة يجرى جميع ذلك عمودياعلى جدار القبلة
فى عام234 هجرية قام بتوسعة الجامع منجهة جدار القبلة وعمل محرابا جديدا فتضاعفت مساحة جناح القبلة اضاف لصحن الجامع مؤخر من رواق واحدوبائكة واحدة واصبح للجامع 7ابواب
اعمال الامير محمد بن عبد الرحمن الثانى (الاوسط)241 هجريةاكمل الامير محمد زخارف الاجزاء التى اضافها والده عبد الرحمن الثانى وسجل ذلك فوق العقد الافقى(العتب) المستقيم الذى يعلو المدخل المعروف باسم (بويرتا دى سان استيبان)
اعمال الامير عبد الله بن محمد 275/300 هجريةشيد هذا الامير ساباط يصل مابين قصر الامارة ومدخل الجامع المعروف باسم (بوابة سان ميجويل) شيد هذا الامير ايضا مقصورة بالقرب من المحراب والمنبر وقد صنعت من الخشب المنقوش وقد بلغ طولها 35م وعرضها11م وارتفاعها 4م
اعمال عبد الرحمن الناصر (الثالث)اجريت فى عهده اصلاحات وتجديدات ولم يزد فية ولم يتغير تخطيطه ولقد بنى المئذنة فى عام 340هجرية وكانت ذات مرقى مزدوج وجعل اعلى المئذنة ثلاث شمسات يسمونها رمانة وقد تعرضت المئذنة للتلف فى القرن 17م لذلك عمل غلاف للمئذنة
اعمال الحكم المستنصر(الحكم الثانى)قام بتوسعة الجامع من جهة جدار القبلة حيث بلغ جناح القبلة 75×105 م=7875 م
شيد هذا الامير الساباط وظل هذا الساباط قائما حتى عام 1575 م
شيد هذا الامير القبة التى امام المحراب364هجرية كماشيد المحراب الحالى وزخرف المحراب بالفسيفساء
اعمال الحاجب المنصور بن ابى عامر على عهد هشام الثانىقام بتوسعة الجامع وبلغ مساحتة 125×178= 22.250 م وهذه المساحة التى استقر عليها الجامع ويعتبر هذا الجامع الثالث من حيث المساحة فى دار الاسلام
إن المتصفح لتاريخ الأندلس ليجد في كل كتاب يتحدث عن الأندلس هذه الجمل ” و ذهب إلى غرناطة .. و أستولى على قرطبة .. و زحف بجيوشه إلى اشبيليه ..! ” لذلك أحببت أن نعرف بمسارح الأحداث حتى يكون للعرض رونقا أروع .. مبتدئين هنا بقرطبة .. فما هي قرطبة ؟! و ما أبرز ملامح التواجد الإسلامي فيها ؟!
قـرطـبـة :مدينة أندلسية كان اسمها “إيبيري بحت” وترجم بالعربية إلى قرطبة.
و في عام 93 هـ فتحت قرطبة أبوابها للجيوش الإسلامية بقيادة مُغيث الرومي أحد قواد جيوش طارق بن زياد و قد بدأ رونق قرطبة منذ تحويلها إلى العاصمة في عهد الوالي أيوب اللخمي و في شهدت تطوراً ملموساً في عهد الوالي السمح الخولاني .وازدادت اهمية قرطبة بعدما اعلنها عبدالرحمن الداخل عاصمة لدولته الفتيةو وصلت أوج ما وصلت إليه في عهد عبدالرحمن الناصر و ابنه الحكم المستنصر..وظلت قرطبة تتفوق على سائر المدن زمنا حتى سقطت الخلافة الأموية عام 404هـ حين ثار جند البربر على الخلافة ودمروا قصور الخلفاء فيها، وهدموا آثار المدينة وسلبوا محاسنها ..لتنطفأ شعلة تفوقها، ولتتخلى عن مكانتها السامية لإشبيلية ، ورغم هذه العواصف التي هزت كيانها استطاعت أن تحتفظ ببعض عظمتها وتفوقها في المجال الفني والصناعي والأدبي حتى أسقطها فرناندو الثالث 633 هـ الذي حوّل جامعها الكبير إلى كنيسة ..