حكي احد الحكماء فقال:ركب رجل البحر مع جماعة كثيرة وبينما هم في عرض البحر هبت عليهم ريحا شديدة أغرقت السفينة بمن فيها ولم يبق إلا لوح من ألواح السفينة طفا على سطح الماء فتعلق به هذا الرجل وصارت الأمواج تتقاذفه حتى اقترب من شاطئ جزيرة وهناك رأى عجبا فقد وجد جموعا كثيرة على الشاطئ تنتظره ومعهم تاج الملك وعند وصوله تصايحوا فرحين والبسوه التاج ونادوا به ملكا عليه وهتفوا بحياته وساروا به حتى أوصلوه إلى القصر الملكي وبعد انصراف تلك الجموع احضر كبار مساعديه وسألهم فاخبروه بأن هذه عادتهم المتبعة كل عام حيث يستقبلون ناج من البحر وينصبوه ملكا عليه لمدة عام ويقومون بعدها بقذفه في وسط غابة مليئة بالوحوش الكاسرة ويبحثون عن غيره وهكذا دواليك فاستوضحهم عن الصلاحيات المخولة له فأخبروه أن كل أمر له مطاع طوال سنة حكمه فعين احدهم وزيرا واصدر إليه قرارات أمره بتنفيذها فورا وهى....1: إزالة هذه الغابة بالكلية 2--بناء قصر مكانها يلاءم أبهة الملك3--زراعة حديقة حول القصر تحوى كل خيرات الأرض وعند انتهاء العام طالبهم بتنفيذ عادتهم فقالوا لقد فوت الأمر علينا بحكمتك وحسن تصرفك ...... وتشير هذه القصة أيها المسلم إلى قصة كل مولود يخرج إلى هذه الحياة فالطفل في بطن أمه كالغريق في وسط البحر وعند ولادته ينزل ملاك فيخرجه بلطف ورقة وحنان على ريشة من جناحه كالغريق الذي تعلق بلوح الخشب الجنين في بطن أمه يحيطه الله بالماء من جميع الجهات حتى لا يتأثر بحركتها واهتزازاتها ويتولاه الرزاق فيواصله بالهواء والماء والدواء والطعام عن طريق الحبل السري ويخرج منه بواسطته كذلك الفضلات وبعد نزوله إلى الأرض يلتف حوله الأهل والأحباب ويقيمون الزينات والاحتفالات ويكون له السلطان على كل من حوله وعلى الأعضاء التي معه طوال عمره في الدنيا فان أساء في تصرفاته وفى سلوكه قذفوا به إلى جهنم ويئس المصير وان أحسن لنفسه واستبدل مقعده في النار بقصر في الجنة بناه بعمله الصالح وبره وتقواه فهنيئا له الحياة الطيبة الأبدية في جوار الله وفى ذلك يقول القائل: لا دار للمرء بعد الموت يسكنها --- إلا التي كان قبل الموت يبنيها---- فان بناها بخير طاب مسكنه وان بناها بشر خاب بانيها------ عصام العديسى