لماذا العودة إلي الطبيعة والأعشاب ؟
يعتقد بعضهم أن الرجوع إلي الأعشاب والنباتات في معالجة الأمراض ضرب من التخلف والردة ..وقد يتساءل لماذا نستعمل الأعشاب التي كان يستعملها أجدادنا في الوقت الذي قطع الطب فيه أشواطا بعيدة جدا في الصحة والعلاج ؟ فلهؤلاء نقول إن هذا التساؤل كان يمكن أن يحمل في مضمونه كثيرا من الحق لو أن هذا الطب استطاع أن يقهر المرض ويمنح الصحة والشباب إلي هؤلاء الذين يقاسون عناء المرض وشقاء الألم بل العكس نري أن الطب الحديث يقف عاجزا لا يملك لهم شيئا .
وكان يمكن أن نسمي العودة إلي العلاج بالأعشاب تخلفا لو أن عدد المرضي قد قل وخيمت الصحة علي وجوه الأصحاء من بني البشر .
إلي أن ما حدث هو العكس كما قلنا فالأدوية الكثيرة التي بتناولها المريض خدرت قوي الجسم الطبيعية وعملت علي إضعافها وإضعاف قدرتها علي مقاومة المرض والفتك به.
الأخطر من ذلك هو أن الأدوية في أغلب الأحيان تعمل علي إخفاء أعراض المرض فقط مثل ارتفاع الحرارة والصداع والألم في حين أن المرض يبقي كامنا ليتحول من الحالة الحادة الي الحالة المزمنة لذلك بتنا نري ازديادا مستمرا في نسبة الامراض كالروماتزم والسكري والنقرس وارتفاع ضغط الدم وغيرها .
صحيح أن الادوية الحديثة ما هي الا أشكال مركزة للمادة الفعالة في الأعشاب والنباتات لكن هذا التركيز ابتعد بها عن حيز النفع الصحيح الذي أعدتها الطبيعة وصار غير مستغرب ألا يفيد المريض إذا تناوله أو أن يضر به أحيانا .
وتوضيحا لهذا الكلام نذكر مثالا واحدا لكي يتبين للقارئ الكريم أن كل نبتة أو عشبه هي في الواقع صيدلية كاملة بما تحويه من مواد فعالة قد توزعت بنسب متوازنة وضعها الله سبحانه وتعالي فيها .
حكمته وتقديره ومثالنا هو عن البصل .
والبصل من الأطعمة المعروفة فأية قيمة غذائية طبية للبصل ؟• قد ندهش اذا عرفنا أن البصل يحتوي علي أنواع من مادة(الفيرمنت ) وهو العامل الهاضم للغذاء في عصارات المعدة .
• ويحتوي علي مادة (الكوكونين ) التي لها ما للأنسولين المعروف من قدرته علي تنظيم عملية حرق المواد السكرية في الجسم واستهلاكها .
• ويحتوي علي زيت عطري يكسبه رائحته الخاصة وهو مطهر قوي المفعول يقتل جراثيم التقيح بأنواعها وجراثيم التيفوئيد والجمرة الخبيثة والدمامل أو يفقدها الكثير حيويتها .
• ويحتوي علي أملاح تقوي الأعصاب وتجلب النوم كما أن في البصل مواد أخري تقي الشرايين من التصلب وتراكم المواد الكلسية فيها في سن الشيخوخة فتحسن بذلك الدورة الدموية بما في ذلك الشريان التاجي في القلب مصدر الذبحة الصدرية وسببها .
• واخيرا يحتوي البصل علي مواد تزيد في القوي الجنسية وتغذي بصيلات الشعر وتحول دون تساقطه .
ان هذه الفوائد الطبية تختزن في بصلة واحدة فهل يمكن لعقار واحد أن يملك كل هذه الفوائد مجتمعة ؟
لقد نشأ استعمال الأعشاب والنباتات في العلاج علي يد العطارون يعملون علي بيع الأعشاب والعطارات المستعملة للعلاج الشعبي .
وقد تم تقسيم المواد العطرية الي مجموعات مختلفة تحوي علاج مختلف الأمراض كما أن بعضها يستعمل لعيوب سوء التغذية وقد خضع كثير من هذه الأعشاب والنباتات لبحوث علمية وماتزال لتثبت تأثيرها الشافي .
لقد استخرجنا هذه المقدمة لطب الأعشاب من مقدمة الدكتور سامي محمود في كتابه ( الصحة والعلاج في الطبيعة والأعشاب ) المركز العربي الحديث للنشر والتوزيع.
المرجع :
د.سامية حمزة عزام ، 1988م ، دليل البدائل الطبية (الطب التكميلي) ، دار الافاق الجديدة ،بيروت