طيب المجلس الذي صلي فيه على النبي صلى الله عليه وسلم:
قال ابن الجوزي في بستان الواعظين ص:353: روي عن النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم أنه قال: (ما جلس قوم مجلساً فتفرقواْ عن غير صلاة علي إلا تفرقواْ عن أنتن من جيفة حمار)، فإذا كان المجلس الذي لا يصلى فيه على النبي صلى الله عليه وسلم تفرق أهله عن أنتن من جيفة حمار، فلا غرو أن يتفرق المصلون عليه من مجلسهم عن أطيب من خزامة العطار. وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أطيب الطيبين وأطهر الطاهرين، وكان إذا تكلم امتلأ المجلس بريح المسك، فكذلك مجلس يذكر فيه النبي صلى الله عليه وسلم نمت فيه رائحة تخترق السماوات السبع حتى تنتهي إلى العرش ويجد كل من خلق الله ريحها في الأرض غير الإنس والجن فإنهم لو وجدوا تلك الرائحة اشتغل كل منهم بلذته عن معيشته، ولا يجد تلك الرائحة ملك أو خلق من خلق الله تعالى إلا استغفر لأهل المجلس، ويكتب لهم بعدد هذا الخلق كلهم حسنات، ويرفع لهم درجات، سواء كان بالمجلس واحد أو ألف كل واحد يأخذ من الأجر مثل هذا العدد، وما عند الله تعالى أكثر. فيا أحباب رسول الله صلى الله عليه وسلم صلوا على حبيب غُذي بماء الوصال، وكُسي ثوب الجمال والكمال، وزين بكتاب الكريم المتعال. "...."
وأنشدوا:نـــور النبي عـلا على الأنـوار *** فهو الدلـيل لسبل دار قـرار
صلـوا علـيه لعـلكم تنـجوا بـه *** يوم الحساب وكشفه الأسـرار
صلـوا على القمر الـمنير إذا بـدا *** فهـو الحبـيب لربنا الجـبار
صـلوا على نـور تكـون بالهـدى *** فهو الشـفيع لصاحب الأوزارعباد الله ارغبوا فيما رغبكم فيه الملك القهار، من فضل الصلاة على نبيه المختار ولا تغفلوا عن الصلاة عليه بالليل والنهار، فإن الله ينجيكم بها من عذاب النار، ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار، الصلاة على النبي فضيلة جزيلة، والصلاة على أصحابه سنة وفضيلة، والصلاة على الملائكة قربة ووسيلة، صلوا رحمكم الله على النبي الرفيع، والنور البديع والحبيب الشفيع، أكرم من ولد، وأعز من فقد،
وانشدوا: صـلاة رب مـاجـد وهـاب *** على النبي الصـادق الأواب
صلوا على المختار أنوار الهدى *** صلوا عليه معـشر الأحباب
صلوا على النـور البهي محمد *** صلوا عليه جماعة الأصحاب
عـجيبـة:
ذكرها ابن الجوزي في بستان الواعظين ص:341: (قلت: ولدي أكثر من رواية لمثل هذا الحديث) روي عن محمد بن النعمان رضي الله عنه أنه قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فجاءه فتى من الأنصار في حاجة فوسع له رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا أبا بكر لعلك يشق عليك أن أجلست هذا الفتى بيني وبينك؟ فقال أبو بكر رضي الله عنه: إي والله يا رسول الله إنه ليشق علي أن يكون بيني وبينك أحد.
فضل المصلي وأبو بكر:
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا أبا بكر هذا الفتى يصلي علي صلاة، ما يصليها علي أحد من أمتي، فقال أبو بكر رضي الله عنه: كيف يقول يا رسول الله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول: اللهم صل على محمد عدد من صلى عليه، وصل على محمد عدد من لم يصل عليه، وصل على محمد كما أمرت بالصلاة عليه، وصل على محمد كما تحب أن يصلى عليه، وصل على محمد كما ينبغي أن يصلى عليه). واعلم يا أخي علما يقينا لا شك فيه أنه ليس أحد أحظى عند نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ولا عند ربنا سبحانه بعد النبيين من أبي بكر الصديق رضي الله عنه، ثم عمر بعده كذلك، ثم عثمان، ثم علي رضي الله عنهم أجمعين، وصلوات الله ورحمته عليهم وعلى العشرة وجميع الصحابة، ولكن خص النبي صلى الله عليه وسلم الفتى بإقعاده بينه وبين أبي بكر لما ألهمه الله من تلك الصلاة فأكرمه النبي كذلك، صلوات الله وسلامه عليه، ما حن مشتاق إليه."..." ص: 343:
وأنشدواْ:لهـجت بذكـرك مهجتي ولساني *** وحللت من قلـبي بكل مـكان
فـأنا بذكـرك في البـرية كـلها *** علـم وحـبك آخـذ بعـناني
سلطان حبك في الهوى عين الهوى *** وبه تعزز في الهوى سلطاني
أنـت النـبي الهاشـمي محــمد *** صلى الإله عليك في القـرآن
أنـت الحبـيب لأهل ديـنك كلهم *** يـوم المعاد وموقف الخسران
أنـت الشفيع لمن عصى رب العلا *** أنـت الـدليل لجنة الرضوان
فلأ ذكـرنك ما بقـيـت معـمرا *** حتى الممات ولا يـمل لساني
فصـلاة ربي ماجـد ومهـيـمن *** تترى عليك تعاقـب المـلوان
بعض الوصايا والآداب
روى مسلم وأصحاب السنن عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشراً). فإن كان هذا فضل الصلاة على الحبيب، فكيف لا يستكثر منها المؤمن، وإنه لشح ما له مثيل أن يكتب المؤمن ذاكراً رسول الله صلى الله عليه وسلم فيكتب بين قوسين صاداً صماء،او صلى الله عليه وسلم ويحرم نفسه من ذلك الفضل العظيم.نحذر أن نبعد عن رحمة الله إن ذكر عندنا اسمه الحبيب فبخلنا عن الصلاة عليه،
""صلاتنا على الرسول الكريم على الله عز وجل تبلغه ويبلغه سلامنا، كما جاء في الحديث، فلنتأدب مع إمام الأنبياء وخيرة الخلق صلى الله عليه وسلم، وأول هذه الآداب تعظيمه في أنفسنا، ومحبته الموصولة بمحبة الله لا تنفك، ومن الآداب أن نهدي ثواب صلاتنا لروحه الشريفة، ومنها أن نكثر من الصلاة عليه يوم الجمعة.
الملائكة يستغفرون له ما بقي اسمه صلى الله عليه وسلم
عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم قال : ( من صلى علي في كتاب لم تزل الملائكة يستغفرون له ما بقي اسمي في ذلك الكتاب ) قا ل العراقي: رواه الطبراني في الأوسط ، وأبو الشيخ في الثواب ، والمستغفري في الدعوات من حديث أبي هريرة بسند ضعيف . وعن عامر بن ربيعة سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( من صلى علي صلاة صلت عليه الملائكة ما صلى علي فليقلل عبد أو ليكثر ) رواه البيهقي بإسناد ضعيف والطبراني في الأوسط بإسناد حسن . وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة ) أخرجه الترمذي وحسنه وابن عاصم .
قال الفيروز أبادي : وفيه بشارة لأصحاب الحديث ، لأنهم يصلون على النبي صلى الله عليه وسلم قولا وفعلا ، نهاراً وليلاً ، وعند القراءة والكتابة ، فهم أكثر الناس صلاة لذلك ، واختصوا بهذه المنقبة من بين سائر فروق العلماء ، قال أبو اليمن ابن عساكر: فليهنأ أهل الحديث كثرهم الله ، بهذه البشرى وأتم الله عليهم نعمة هذه الفضيلة الكبرى، فإنهم أولى الناس بنبيهم صلى الله عليه وسلم ، وأقربهم إلى الله وسيلة يوم القيامة إلى رسولهم ، فإنهم يخلدون ذكره في طروسهم ، ويجددون الصلاة والتسليم عليه في معظم الأوقات في مجالس مذاكراتهم وتحديثهم ومعارضاتهم ودروسهم ، والثناء عليه صلى الله عليه وسلم شعارهم ودثارهم ، وبحسن نشرهم لآثاره الرفيعة تحسن آثارهم ، مع ما وفقوا له من الوقوف عند نصوص الأخبار ، واقتفائهم آثار الآثار التي هي إذا أظلم ليل الرائي { أشرقت كأنها شمس نهار } . فهم إن شاء الله الفرقة الناجية ، والعصبة المؤملة لخصوصية الراحة والجماعة الحافة به يوم النشور اللائذة اللاجئة جعلنا الله منهم وأعاد علينا من بركاتهم ورضي عنهم وصلى الله على نبينا وسلم وشرف وكرم .
وروى سليمان بن الربيع ، يرفعه ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من صلى علي في كتاب لم تزل الصلاة جارية له ما دام اسمي في ذلك الكتاب ) . وعن جعفر بن علي الزعفراني قال : سمعت خالي الحسن ابن محمد يقول : رأيت أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى في النوم فقال لي : يا أبا علي لو رأيت صلاتنا على النبي صلى الله عليه وسلم في الكتاب كيف تزهر بين أيدينا ؟
وقال بعض أهل الحديث : كان لي جار، فمات فرؤي في المنام فقيل له : ما فعل الله بك ؟ قال : غفر لي . قيل : بم ذاك ؟ قال : كنت إذا كتبت ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث كتبت [ صلى الله عليه وسلم ] . والروايات كثيرة في هذا الصدد .
وقد روى الحافظ أبو موسى في كتابه عن جماعة من أهل الحديث أنهم رؤوا بعد موتهم وأخبروا أن الله غفر لهم بكتابتهم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في كل حديث .
عن أبي هريرة رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من سره أن يكال له بالمكيال الأوفى [ وفي رواية أخرى لأبي هريرة: من سره أن يكتال بالمكيال الأوفى ] إذا صلى علينا أهل البيت فليقل: اللهم صل على محمد النبي وأزواجه أمهات المومنين وذريته وأهل بيته كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد). رواه أبو داود والنسائي [ صحيح البخاري، مسلم، موطأ مالك، الترمذي، ابن ماجة. نزل الأبرار] .