بســم الله الـرحمــن الرحيــم
السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــه ،،
من أي زمرة أنت؟ الحلقة 12 - زمرة المصالحين بين الناس
الحلقة 12:
زمرة المصالحين بين الناس
(لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (114) النساء) (وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9) الحجرات) (إنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10) الحجرات) هكذا هو الإصلاح بين الناس عبادة يتمناها الملائكة كما قال سيدنا جبريل u: لو كان لنا عبادة في الأرض لانشغلنا بعبادتين: بالإعانة للعيال والإصلاح بين الناس. هذا موقع هذه العبادة في الدين نظراً لبشاعة التقاطع والتصارم والتهاجر بين المسلمين لذا يقول r: "ألا أدلكم على عمل خير من الصلاة والزكاة والحج؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: إصلاح ذات البين". هذه العبادة تجدها في كل مجتمع، في كل قرية، في كل مجتمع، في كل حيّ في كل جماعة قد يكون واحد أو اثنين من النُدرة رجل بسيط كريم تراه موجوداً في كل مناسبة في حيّه أو في جماعته يشاركهم الأفراح والأتراح ويعين صاحب الحاجة ألوف ودود هاشٌّ باشٌ يستر قبح الناس ويظهر حسنهم حليم مع المتجاوزين ستار للمذنبين ما إن يسمع بحاجة إلا ويقصده، ما يسمع بمريض إلا ويزوره، تراه في كل حالة من الحالات التي ينبغي أن يحضرها أهل الإصلاح والكرم. هؤلاء النفر يأتون يوم القيامة في زمرة يحبها الله ورسوله ويحبها الناس كما قال r لأبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه: " يا أبا أيوب ألا أدلك على عبادة يحبها الله ورسوله؟ قال: بلى يا رسول الله، قال: أصلح بين الناس إذا تفاسدوا وقارب بينهم إذا تباعدوا". وهكذا كان أبو أيوب الأنصاري في زمانه وإلى يومنا هذا هناك في كل حيّ أبو أيوب آخر.
إذا استطعت أن تكون في هذه الزمرة فهي زمرة متجلية يوم القيامة تدخل الجنة مع أول الزُمر على صورة القمر ليلة البدر لا يحاسبون ولا يعاتبون وهم على منابر من نور ينظرون إلى الناس وهم يُحشرون إلى أن يساقوا إلى الجنّة مكرّمين معززين. فإذا أردت أن تكون من هؤلاء فما عليك إلا أن تصفّي قلبك من كل حقد ومن كل غِلّ (ولا وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ (10) الحشر)، " إن البغضاء هي الحالقة" كما قال r وهي التي تفسد على المسلم كل أخلاقه الحسنة "وخالق الناس بخلق حسن". هذه العبادة العظيمة يفسدها أن يكون في قلبك غلٌ لهؤلاء الناس فأبعِد قلبك عن الغِلّ تصبح بسهولة من هؤلاء الناس ومن هذه الزمرة التي تصلح بين الناس ومن أصلح بين الناس أصلح الله أمره ودفع عذابه كما قال
من أي زمرة أنت؟ الحلقة 13 - زمرة الدعاة إلى الله
الحلقة 13:
زمرة الدعاة إلى الله
من أعظم الزمر يوم القيامة بل هي تأتي بعد النبيين والصديقين زمرة الدعاة إلى الله عز وجل. (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33) فصلت) هذا هو الشرط: إنني من المسلمين فقط ليس له عنوان آخر (هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ (78) الحج) ليس هناك عنوان فئوي ولا طائفي ولا حزبي ولا مذهبي ولا يكون هذا داعية أبداً وإنما مفرِّق جماعة وباعث ضغينة وهذا هو واقع الحال. إذا كنت تدعو إلى الله تعالى بعد أن تعلمت العلم وويكون الداعية إلا عالماً أو متعلماً، فإذا كان له عنوان فئوي أو طائفي أو مذهبي أو حزبي فقد أفسد وهذا ما نشهده اليوم وشهده الناريخ وسالت به دماء المسلمين أنهاراً وما سالت إلا بدعاة الفتنة من طائفيين ومذهبيين وحزبيين وفئويين.
(وقال إنني من المسلمين) هذا هو الشرط لتكون داعية من الزمرة الأولى من زمر المسلمين الذين يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر. من العجيب أن هذا الداعية لا يتوقف على كثرة العِلأم وليس شرطاً أن يكون بحراً من بحار العلم وإنما قد يكفي أن تكون تعلمت كلمات معدودة لكي تفلح في إصلاح مدينة كما فعل صهيب بن عمير الذي سبق المسلمين إلى المدينة بعباءته المهلهلة وبآيات قليلة وأحدايث معدودة ينشر الإسلام في المدينة المنورة وأقيمت صلاة الجمعة في المدينة بسبب من دعوة صهيب قبل أن تقام في مكة ورسول الله r فيها. هكذا هم الدعاة الذين لا يفرّقون بين المسلمين، لا فرق بين مسلم ومسلم يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله، يشملون الجميع بعطفهم ورعايتهم وشفقتهم يحبون كل المسلمين ما داموا يقولون لا إله إلا الله محمد رسول الله وشعارهم (وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ (10) الحشرَ) هؤلاء الدعاة. لا يهم كثرة العلم للداعية ولكن يهم أخلاق العلم، أن لا ترى نفسك خيراً من الناس ولا تحتقر مذنباً ولا تعنّف إذا وعظت ولا تنفِّر وإنما تبشر الذين آمنوا كما أمرك الله عز وجل ولا تعسِّر وإنما تيسّر. بهذه النصائح والأخلاقيات التي هي أخلاقيات الإسلام في الدعوة أن تكون هاشّاً باشّاً ميسّراً لا معسِّراً تنفع المسلمين نفعاً لا ينفعه كبار العلماء الذين ملئوا علماً ولكن لا يملكون أخلاقية واحدة من أخلاقيات العِلم. نعوذ بالله من هؤلاء ونسأله أن يجعلنا من الدعاة الذين لا يفرقون بين مسلم ومسلم.