بســم الله الـرحمــن الرحيــم
السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــه ،،
من أي زمرة أنت؟ الحلقة 20 - زمرة أهل المساجد
الحلقة 20:
زمرة أهل المساجد
(فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ (36) رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (37) لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (38) النور)
هذه زمرة أهل الله . هكذا قلنا في أول حلقات هذا البرنامج أن الله تعالى يختار لك أحسن أعمالك فيبعثك مع تلك الزمرة ويُسقِط بقية الباقي من حيث أن هذا العمل أفضل أعمالك عند الله وأنت لا تعلم ما هي أفلض أعمالك ولكن الله تعالى يعلمها (ليجزيهم الله أحسن ما عملوا). آية عظيمة تبشّر أهل المساجد الذين تتعلق قلوبهم بالمساجد كما قال r في حديث السبعة الذين يظلهم الله تحت ظله يوم لا ظل إلا ظله " ورجلٌ معلق قلبه بالمساجد". وفي الحديث القدسي :" المساجد بيوتي وعُمّارها زوّاري وحقٌ على المزور أن يُكرِم زائره. ولهذا من رأيتموه يرتاد المساجد فاشهدوا له بالإيمان لقوله تعالى (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللّهَ فَعَسَى أُوْلَـئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ (18) التوبة) عندما يعمر ويُعمّر: يعمُرها بالعبادة والتعليم والذكر والإعتكاف والأذان والتنظيف وهذه من عبادات المساجد وفقهها، ويعمّرها بالبناء والصيانة، ويعمّرها بأن يفسح المجال فيها للناس (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَـئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَآئِفِينَ لهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (114) البقرة) وفي هذا الزمان شاعت محاربة أهل المساجد بل وإنهم يُقتلون على صلاة الفجر أو صلاة العشاء أو حِلق العِلم لأنهم متّهمون في كثير من دول العالم الإسلامي. (ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه) بينما قال تعالى (إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر) وفي قراءة يُعمِّر مساجد الله.
هكذا هي المساجد: إن للمساجد أوتاداً الملائكة خلتهم إذا غابوا افتقدوهم وإذا عادوا تبشبشوا لهم كما يتبشبش أهل الغائب بعودة غائبهم. المساجد فيها ملائكة موكلون إسمهم ملائكة المساجد يتعاقبون بالليل والنهار في صلاتي الفجر والعصر كما هو الحال في الدنيا الحرس في أبواب الملوك يتغيرون كل 12 ساعة. الملائكة في المساجد يتغيرون عند صلاتي الفجر والعصر هؤلاء يعرفون أوتاد المساجد ينظفونها، يعمرونها ويعمّرونها. قال r: " يا أبا ذر لأن تغدو إلى بيت من بيوت الله فتعلم آية من كتاب الله خير لك من أن تصلي مائة ركعة ولئن تعلم باباً من أبواب العلم خير لك من أن تعلّم ألف آية". هكذا تعمير المساجد، حينئذ أهل المساجد هؤلاء يأتون زمرة واحدة يوم القيامة من الزمر الأولى التي تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر اللهم اجعلنا منهم وإياكم.
من أي زمرة أنت؟ الحلقة 21 - زمرة الخائفين من الله
الحلقة 21:
زمرة الخائفين من الله
وهذه زمرة أخرى من الزمر المتجلية يوم القيامة التي تأتي على صورة القمر ليلة البدر. وهي زمرة الخائفين من الله عز وجل الذين كلما ازداد صلاحهم وازداد عملهم ازداد خوفهم (الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (35) الحج) يخافون من الله من عذابه، يخافون من هيبته ويخافون من مكره. الخوف ملأ قلوبهم شعوراً بالذلة اللذيذة على قلوبهم إلى جانب عزة المالك العظيم. هذا الخوف هو القاسم المشترك بين المخلوقات العاقلة، البشر والملائكة كلهم يخافون كما قال تعالى عن الملائكة (يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (50) النحل). وهكذا هم عباد الله يخافون ولكن الخوف نسبي. الزمرة التي نتحدث عنها زمرة لا تخاف مجرد خوف نسبي يجعلها تزداد همة في العمل واجتناباً للمعاصي وإنما خوف ملك عليها قلوبها وجعلها تتلذذ بلذة العبودية والتذلل لجلال الله عز وجل الذين (الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ) إذا ذكروا الله تعالى انقطعوا عمن حولهم وإذا دخلوا في الصلاة كأنهم لا يعرفون أحداً. هذا النوع من الخوف تميزت به مجموعة من عباد الله فارتفعت مقاماتهم عظيمة عند الله تعالى. (وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلاَ تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ (205) الأعراف) الأنبياء أشد الناس خيفة وخشية لله عز وجل وقد غفر الله ما تقدم من ذنبهم وما تأخر وكما قال: "والله إن لرسول الله إليكم وما أدري ما يفعل بي" هكذا كان يدور خوفهم، يدور خوف هذه الزمرة حول مدارات ثلاثة: أولاً سوء الخاتمة لشدة بصائرهم وحدّة بصيرتهم يعلمون أنه لا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون، كما قال أبو مليكة وهو من التابعين رضي الله عنه: أدركت من أصحاب النبي ثلاثين كلهم يخشى النفاق على نقسه وكلهم يخشى سوء الخاتمة. هذا من شدة البصيرة ومن قوة الإيمان والعلم والمعرفة بجلال الله تعالى. هذا الذي يجعل همّه كله أن يموت على خاتمة حسنة وهو من كبار الصالحين قد بلغ من معرفة الله تعالى مدى عظيماً. فالمدار الأول الذي يدور عليه هذا الخوف الذي لهذه الزمرة المتميزة بالخوف من الله تعالى خوفاً مطلقاً هو ماذا ستكون الخاتمة؟ كما في الحديث: " ومنكم من يعمل بعمل أهل الجنة حتى لا يبقى بينه وبين الجنة ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها". والمدار الثاني هو الخوف من مهابة الله تعالى ساعة الحساب شعارهم: واخجلاه منك وإن عفوت، وساعة الحساب مهيبة عندما تقف أمام الله عز وجل. والمدار الثالث هو الحرمان من الدرجات (وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً (21) الإسراء) ليس همّهم أن يأكلوا ويشربوا في الجنة وإنما همّهم أن يكونوا بالقرب من الله عز وجل في مقصورته في الفردوس الأعلى.
هذه الزمرة المتجلية التي تخاف الله على هذه المحاور نسأل الله تعالى أن يجعلنا منهم أو قريباً منهم أو أن يجعلنا نحبهم فندخل الجنة بحبّنا لهم.