الإمام القرطبى
<BLOCKQUOTE>
هو أبو عبدالله محمد بن أبي بكر بن فَرْح الأنصارى الخزرجى الأندلسى القرطبى المفسِّرولد بقرطبة من بلاد الأندلس وتعلم فيها العربية والشعر إلى جانب تعلمه القرآن الكريم وتلقى بها ثقافته الواسعة في الفقه والنحو والقراءات كما درس البلاغة وعلوم القرآن وغيرها ثم قدم إلى مصر واستقر بها
وكان رحمه الله من عباد الصالحين والعلماء العارفين، زاهد في الدنيا مشغولاً بما يعنيه من امور الآخرة وقد قضى عمره مشغولاً بين العباده والتأليف.
قال عنه الذهبي: " إمام متفنن متبحر في العلم، له تصانيف مفيدة تدل على كثرة إطلاعه ووفود عقله وفضله".الحركة العلمية في عصر القرطبى:نشطت الحياة العلمية بالمغرب والأندلس في عصر الموحدين (514 - 668 هـ) وهو العصر الذى عاش فيه القرطبى فترة من حياته أيام إن كان بالأندلس وقبل أن ينتقل إلى مصر ومما زاد الحركة العلمية ازدهاراً في هذا العصر: أن محمد بن تومرت مؤسس الدولة الموحدية كان من أقطاب علماء عصره وقد أفسح في دعوته للعلم وحض على تحصيله.
كثرة الكتب والمؤلفات التي كانت بالأندلس، وكانت قرطبة أكثر بلاد الأندلس كتباً، وأشد الناس اعتناء بخزائن الكتب، وهذه النزعات العلمية التي اتسم بها خلفاء الموحدين وتلك المؤلفات التي غمرت بلاد الأندلس وشجعت العلماء وروجت سوق العلم فتعددت الهيئات العلمية في ربوع الأندلس وبين جوانبها ونهضت العلوم الشرعية كالفقه والحديث والتفسير والقراءات وكذلك علوم اللغة والتاريخ والأدب والشعر، وكان لهذا كله أثر كبير في التكوين العلمى للإمام القرطبى - رحمه الله
من شيوخ القرطبى:1) ابن رواج وهو الإمام المحدث أبو محمد عبد الوهاب بن رواج واسمه ظافر بن على بن فتوح الأزدى الإسكندرانى المالكى المتوفى سنة 648هـ.
2) ابن الجميزى: وهو العلامة بهاء الدين أبو الحسن على بن هبة الله بن سلامة المصرى الشافعى المتوفى سنة 649 هـ وكان من أعلام الحديث والفقه والقراءات.
3) أبو عباس احمد بن عمر بن إبراهيم المالكى القرطبى المتوفى سنة 656هـ (صاحب المفهم في شرح صحيح مسلم)
4) الحسن البكرى :هو الحسن بن محمد بن عمرو التيمى النيسابورى ثم الدمشقى ابو على صدر الدين البكرى المتوفى سنة 656 هـ
مؤلفاته:
ذكر المؤرخون للقرطبى رحمه الله عدة مؤلفات غير كتاب "الجامع لأحكام القرآن" وهو ذلكم التفسير العظيم
ومـن هـذه المـؤلفـات:1) التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة (وهو مطبوع متداول)
2) التذكار في أفضل الأذكار (وهو أيضاً مطبوع متداول)
3) الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى
4) الإعلام بما في دين النصارى من المفاسد والأوهام وإجتهار محاسن دين الإسلام.
5) قمع الحرض بالزهد والقناعة.
وقـد أشـار القـرطبـى في تفسيـره إلى مـؤلفـات له منهـا:
*) المقتبس في شرح موطأ مالك بن أنس.
*) اللمع اللؤلؤية في شرح العشرينات النبوية
" تأثر القرطبى - رحمه الله - بمن قبله وتأثيره فيمن بعده "
أولاً: تأثـره بمـن قبلـه:
الذى يطالع تفسير الإمام القرطبى يجده قد تأثر كثيراً بمن سبقوه من العلماء ومنهم:
1) الطبرى: وهو أبو جعفر محمد بن جرير الطبرى صاحب "جامع البيان في تفسير القرآن" والمتوفى سنة 310هـ أفاد منه القرطبي وتأثر به خاصة في التفسير بالمأثور.
2) الماوردى: وهو أبو الحسن على بن محمد المارودى النتوفى سنة 450هـ وقد نقل عنه القرطبى وتأثر به.
3) أبو جعفر النحاس: صاحب كتابي:" إعراب القرآن، ومعانى القرآن" توفى سنة 338هـ وقد نقل عنه القرطبى كثيراً.
4) ابن عطية: وهو القاضي أبو محمد عبد الحق بن عطية صاحب "المحرر الوجيز في التفسير"، وقد أفاد القرطبى منه كثيراً في التفسير بالمأثور وفي القراءات واللغة والنحو والبلاغة والفقه والأحكام توفي ابن عطية رحمة الله سنة 541هـ.
5) أبو بكر العربي صاحب كتاب "أحكام القرآن" والمتوفى سنة 543هـ، أفاد منه القرطبى وناقشة ورد هجومه على الفقهاء والعلماء.
ثانيـاً: تأثيـره فيمــن بعــده:
تأثر كثير من المفسرين الذين جاءوا بعد القرطبى وإنتفعوا بتفسيره وأفادوا منه كثيرأ ومن هؤلاء :
1) الحافظ ابن كثير:عماد الدين إسماعيل بن عمروبن كثير المتوفى سنة 774هـ.
2) أبو حيان الأندلسى الغرناطى المتوفى سنة 754هـ وذلك في تفسيره البحر المحيط.
3) الشوكانى: القاضى العلامة محمد بن على الشوكاني المتوفى سنة 1255هـ، وقد أفاد من القرطبى كثيراً في تفسيره (فتح القدير)
وفاته
وكانت وفاته بصعيدها ليلة الاثنين التاسع من شهر شوال سنة 671 هـ وقبره بالمنيا بشرق النيل.
رحمه الله وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء .
الإمام محمد بن عبد الوهابلا يعد الإمام "محمد بن عبد الوهاب" زعيم حركة إسلامية سلفية فحسب، وإنما يعد أحد رواد الإصلاح الديني، ومجدد نبع الإسلام الصافي، الذي كادت تكدر صفوه تلك البدع والأوهام التي شاعت بين كثير من الناس في العصر الحديث، والتي وصفها بعض العلماء بوثنية العصر الحديث.
ميلاده ونشأته
وُلد "محمد بن عبد الوهاب بن داود" سنة (1115هـ = 1703م) في "العيينة" من بلاد "نجد"، ونشأ بها، وحفظ القرآن، وتلقى العلم عن أبيه الذي تولى القضاء في بلدان العارض من أقاليم نجد، منذ سنة (1139هـ = 1726م) وحتى وفاته سنة (1153هـ = 1740م).
كان شديد الذكاء، سريع الإدراك والحفظ، كما عُرف بحبه للعلم وشغفه به منذ نعومة أظفاره، فذهب إلى مكة وحج بيت الله الحرام وهو بعد في سن الشباب، وأخذ عن علمائها، ثم قصد المدينة المنورة وأقام بها نحو شهرين، وعاد إلى بلده فاشتغل بدراسة الفقه على مذهب الإمام "أحمد بن حنبل".
سافر إلى كثير من بلدان العالم الإسلامي، وحواضر العلم والثقافة؛ لينهل من العلم والمعرفة على أعلامها وعلمائها، فرحل إلى البصرة حيث أقام بها أربع سنوات، وسافر إلى بغداد فقضى فيها خمسة أعوام، وعاش في كردستان لمدة عام، وأقام في همذان عامين آخرين، وانتقل إلى "أصفهان" ورحل إلى "قم".
وعندما عاد إلى بلده كان قد تزود برصيد وافر من العلم والمعرفة، فهَالَهُ ما قد شاع بين الناس من بدع وأوهام، مثل: تقديس الأولياء، والتبرك بالقبور، وغير ذلك مما يشوب عقيدة التوحيد، ويعد مظهرًا من مظاهر الشرك وفساد العقيدة.الدعوة إلى التوحيد
كان حنبلي المذهب، يميل إلى الشدة في التعاليم الدينية، ولا يأخذ بالرخص، فاستنكر كثيرًا من البدع الفاشية بين المسلمين، ورأى فيها شركًا بالله، ودعا إلى التوحيد، وتنقية الدين من البدع، وتخليصه مما داخَلَه من انحراف، فدعا قومه إلى نبذ البدع، وطرح كل ما لم يرد في القرآن والسنة من الأحكام والتعاليم، والرجوع بالدين إلى فطرته النقية وبساطته الأولى، وسعى إلى تنقية العقيدة من تلك الشوائب والشبهات، والعودة إلى التوحيد الخالص والعقيدة الصافية؛ ولذلك فقد أطلق على حركته اسم "التوحيد" وعلى أتباعه اسم "الموحدين"، أما اسم "الوهابيين" الذي عُرفوا به فيما بعد، فقد أطلقه عليهم خصومهم، واستعمله الأوروبيون حتى صار عَلمًا عليهم.
وقد قامت دعوة "ابن عبد الوهاب" على فكرة التوحيد، فالتوحيد أساسه الاعتقاد بأن الله وحده هو خالق هذا الكون، وأنه هو المسيطر عليه، وواضع قوانينه التي يسير عليها، وليس في الخلق من يشاركه في خلقه ولا في حكمه، ولا من يعينه على تصريف أموره؛ فهو وحده الذي بيده الحكم، وهو وحده الذي يملك النفع والضر، وليس في الوجود من يستحق العبادة والتعظيم سواه.
بين ابن عبد الوهاب وابن تيمية
وقد تأثر الإمام "محمد بن عبد الوهاب" في دعوته وتعاليمه بعالم آخر جليل ظهر في القرن السابع الهجري هو الإمام "ابن تيمية الحراني"، الذي عُرف بالشجاعة وقوة الحجة، وكان لا يخشى في الله لومة لائم، حتى تعرض للسجن والتعذيب.
وكان ابن تيمية يدعو إلى الوحدانية وإخلاص العبودية لله، وترك ما اقترن بزيارة القبور من بدع أو التبرك بالأولياء، كما نادى بهدم الأضرحة حتى لا تجلب للناس الفساد في العقيدة أو الفتنة في الدين.
وقد وجدت دعوة "ابن تيمية" صدى لها في قلب وعقل "ابن عبد الوهاب"، فأخذ كثيرًا من أفكاره وآرائه التي نادى بها.
فدعا إلى محو كل ما هو مخالف للإسلام الصحيح، والعودة إلى الإسلام في صورته الأولى، في بساطته وطهارته ونقائه، وصدق التوحيد واتصال العبد بربه من غير واسطة ولا شريك.
وكان "ابن عبد الوهاب" يرى أن ما لحق بالمسلمين من ضعف وسقوط إنما هو بسبب ضعف العقيدة، والبعد عن التوحيد، فقد كانت العقيدة الإسلامية في أول عهدها صافية نقية من أي شرك، وبهذه العقيدة وحدها انتصر المسلمون وفتحوا العالم.
انتشار دعوته
لم يجد الاستجابة المنشودة من أبناء بلده، فارتحل إلى "عيينة"؛ حيث وجد معاونة- في أول الأمر- من أميرها "عثمان بن حمد بن معمر"، ولكنه ما لبث أن انقلب عليه وخذله، فانتقل بعد ذلك إلى "الدرعية" سنة (1157هـ = 1744م) التي كانت مقر "آل سعود"، وهناك عرض دعوته على أميرها "محمد بن سعود" فقبلها، وتعاهدا على الدفاع عن الدين الصحيح ومحاربة البدع، ونشر الدعوة في جميع جزيرة العرب، وأعلن الأمير "محمد بن سعود" مناصرته للتعاليم الوهابية.
وبدأت الدعوة تنتشر بين القبائل والبلاد المجاورة، فلم تمض عدة سنوات حتى عمّت الدعوة معظم بلاد نجد، وحارب الأمير قبائل كثيرة كانت تناوئ الوهابية إلى أن تُوفي سنة (1179هـ = 1765م)، فخلفه في تلك السنة ابنه الأمير "عبد العزيز بن سعود"، وكان من أنصار الدعوة، فشهدت الدعوة في عهده نموًا وانتشارًا كبيرًا، وامتد نفوذه السياسي إلى معظم بلاد "نجد"، وتجاوزها إلى بعض أنحاء "الحجاز" وأطراف العراق.
موقف العثمانيون
وفي نهاية ربيع الآخر (1206هـ = 1792م) توفي الإمام "محمد بن عبد الوهاب"، بعد أن قويت دعوته، وانتشرت بين القبائل.
وظلت الدعوة بعد وفاة مؤسسها تنمو ويتسع نفوذها ويزداد أتباعها، وبلغ نفوذ الوهابيين أقصاه، وامتد سلطانهم من أقصى الجزيرة إلى أقصاها، وشعرت الدولة العثمانية بالخطر يقترب منها، وأن الحجاز يوشك- في ظل هذه الدعوة الفتية- أن يخرج من قبضتها، وهو أمر في غاية الخطورة والحساسية بالنسبة للدولة العثمانية، فالحجاز يمثل السيادة الروحية على العالم الإسلامي كله؛ نظرًا لوجود الحرمين الشريفين فيه، وفقده يعني زوال تلك السلطة الروحية والسيادة والزعامة الدينية التي يتمتع بها الخلفاء العثمانيون.
فاستنجد العثمانيون بمحمد علي باشا- والي مصر- وطلبوا منه تجهيز جيش لمحاربة الوهابيين، وبعد عدة معارك استطاع "محمد علي" تحقيق النصر، وانهزم "الوهابيون".
وبالرغم من تلك الهزيمة التي مُني بها الوهابيون فإن تلك الدعوة ظلت باقية إلى أن هُيئ لها الانتشار والتأييد من جديد، فانتشرت في كثير من الأقطار الإسلامية: كالهند، والجزائر، واليمن، وتأثر بها في مصر عدد كبير من العلماء المجددين من أمثال: "جمال الدين الأفغاني"، والشيخ "محمد عبده"، وتلميذه "محمد رشيد رضا".
وما تزال تلك الدعوة- السلفية- تجتذب المزيد من الأتباع والأنصار كل يوم في مواجهة ذلك الطوفان الهائل من البدع والتغريب.
مؤلفاته
ترك الإمام "محمد بن عبد الوهاب" عددًا كبيرًا من الرسائل والكتب التي تدعو إلى التوحيد، وتكشف ما قد لحق به من بدع وشبهات، ومن ذلك:
1 - كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العباد.
وقد شرحه عدد من العلماء منهم:
<BLOCKQUOTE>- "أحمد بن حسن النجدي" بعنوان "الدر النضيد".
- و"حامد بن محمد بن حسن" بعنوان "فتح الله الحميد المجيد".
- و"عبد الرحمن بن حسن قصيلة" بعنوان "فتح المجيد".
</BLOCKQUOTE>2 - كشف الشبهات من التوحيد.
3 - تفسير الشهادة.
4 - رسالة في مبحث الاجتهاد والتقليد والاختلاف بينهما.
5 - الكبائر.
6 - مسائل خالف رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فيها ما عليه أهل الجاهلية.
7 - فضل الإسلام.
8 - السيرة: وهو مختصر من "سيرة ابن هشام".
9 - نصيحة المسلمين بأحاديث خاتم المرسلين.
10- رسالة في الاعتقاد وفي التوسل إلى الله.
11- أصول الإسلام.
12- أصول الإيمان.
رحمه الله وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء .
</BLOCKQUOTE>