اسامه جاد مشرف سوبر
عدد الرسائل : 3356 العمر : 53 العمل/الترفيه : معلم اول احياء وعلوم بيئه وجيولوجيا نقاط : 13737 تاريخ التسجيل : 14/02/2009
| موضوع: من سير السلف الصالح 5 الخميس ديسمبر 17, 2009 8:33 am | |
| الإمام الحسن البصرى
نسبه : هو أبو سعيد ، الحسن بن أبي الحسن بن يسار ، كان أبوه مولى لزيد بن ثابت الأنصاري ، وكان يسار من سبي حسان ، سكن المدينة ، وأعتق وتزوج في خلافة عمر رضي الله عنه بأم الحسن وأسمها خيرة، كانت مولاة لأم المؤمنين أم سلمة المخزومية .
نشأته : ولد الحسن رحمه الله لسنتين بقيتا من خلافه عمر رضي الله عنه وذهب به إلى عمر فحنكه ، ولما علمت أم المؤمنين أم سلمة بالخبر أرسلت رسولاً ليحمل إليها الحسن ، وأمه لتقضي نفاسها في بيت أم سلمة رضي الله عنها ، فلما وقعت عينها على الحسن وقع حبه في قلبها ، فقد كان الوليد الصغير قسيمـًا وسيمـًا ، بهي الطلعة ، تام الخلقة ، يملأ عين مجتليه ، ويأسر فؤاد رائيه ، ويسر عين ناظريه ، وسمته أم المؤمنين رضي الله عنها بالحسن ، ولم تكن البشرى لتقتصر على بيت أم سلمة رضي الله عنها فحسب ؛ بل عمت الفرحة دار الصحابي الجليل زيد بن ثابت رضي الله عنه ، فهو مولى أبيه .
وكان كرم الله على الحسن أن نشأ في بيت أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها ، وكانت أمه تتركه عند أم المؤمنين ، وتذهب لقضاء حوائجها ، فكان الحسن إذا بكى ألقمته أم المؤمنين ثديها ، فيدر عليه لبنـًا بأمر الله ، على الرغم من كبر سنها فضلا عن أنه لم يكن لها ولد وقتها ، فكانت أم سلمة رضي الله عنها أمـًا للحسن من جهتين : الأولى كونها زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، فهي أم له وللمؤمنين ، والثانية كونها أمـًا له من الرضاعة .
ولم يكن الحسن رضي الله عنه قاصرًا في نشأته على بيت أم سلمة رضي الله عنها فحسب ؛ بل كان يدور على بيوت أمهات المؤمنين رضي الله عنهنَّ ، وكان هذا داعيـًا لأن يتخلق الغلام الصغير بأخلاق أصحاب البيوت ، وكان هو يحدث عن نفسه ، ويخبر بأنه كان يصول ويجول في داخل بيوتهنَّ رضي الله عنهنَّ حتى أنه كان ينال سقوف بيوتهنَّ بيديه وهو يقفز فيها قفزًا .
زهده : عاش الحسن رضي الله عنه دنياه غير آبه بها ، غير مكترث لها ، لا يشغله زخرفها ولا يغويه مالها ، فكان نعم العبد الصالح ، حليف الخوف والحزن ، أليف الهم والشجن، عديم النوم والوسن، فقيهـًا زاهدًا، مشمرًا عابدًا، وفي هذا يقول : إن المؤمن يصبح حزينـًا ويمسي حزينـًا وينقلب باليقين في الحزن، ويكفيه ما يكفي العنيزة، الكف من التمر والشربة من الماء، وقال عنه إبراهيم بن عيسى اليشكري : ما رأيت أحدًا أطول حزنـًا من الحسن، وما رأيته قط إلا حسبته حديث عهد بمصيبة، وقال عنه علقمة بن مرثد : انتهى الزهد إلى ثمانية من التابعين ، فمنهم الحسن .
ولقد شهد له أهل البصرة بذلك، حدث خالد بن صفوان، وكان من فصحاء العرب، فقال لقيت مسلمة بن عبد الملك فقال لي : أخبرني عن حسن البصرة ، فقال خالد : أنا خيرٌ من يخبرك عنه بعلم، فأنا جاره في بيته وجليسه في مجلسه وأعلم أهل البصرة به، إنه امرؤٌ سريرته كعلانيته ، وقوله كفعله، إذا أمر بمعروف كان أعمل الناس به ، وإذا نهى عن منكر كان أترك الناس له، ولقد رأيته مستغنيـًا عن الناس زاهدًا بما في أيديهم، ورأيت الناس محتاجين إليه طالبين ما عنده، فقال مسلمة : حسبك يا خالد حسبك كيف يضل قوم فيهم مثل هذا ؟!!
الحسن والحكام : لما كان الحسن رضي الله عنه قد طلّق الدنيا برمتها ، وقد رخصت في عينه، فقد هان عنده كل شيء، فلم يكن يعبأ بحاكم ظالم، ولا أمير غاشم، و لا ذي سلطة متكبر، بل ما كان يخشى في الله لومة لائم، ومن ذلك أن الحجاج كان قد بنى لنفسه قصرًا في " واسط " فلما فرغ منه نادى في الناس أن يخرجوا للفرجة عليه، وللدعاء له، فخرج الحسن، ولكن لا للدعاء، بل انتهازًا للفرصة حتى يذكر الناس بالله ويعظ الحجاج بالآخرة، فكان مما قال : ليت الحجاج يعلم أن أهل السماء قد مقتوه، وأن أهل الأرض غروه، ولما حذره أحد السامعين من بطش الحجاج رد عليه الحسن قائـلاً : لقد أخذ الله الميثاق على أهل العلم ليبيننه للناس ولا يكتمونه، وفي اليوم التالي وجه الحجاج إلى الحسن بعض شرطه ثم أمر بالسيف والنطع( البساط من الجلد يوضع تحت المحكوم عليه بقطع الرأس)، فلما جاء الحسن أقبل على الحجاج وعليه عزة المسلم، وجلال المسلم، ووقار الداعية إلى الله، وأخذ يحرك شفتيه يدندن بكلام ويتمتم ببعض الحروف، فلما رآه الحجاج هابه أشد الهيبة، وما زال يقربه حتى أجلسه على فراشه، وأخذ يسأله في أمور الدين، ثم قال له : أنت سيد العلماء يا أبا سعيد، ثم طيبه وودعه، فتعجب الناس من صنيع الحجاج فقالوا : يا أبا سعيد ماذا قلت حتى فعل الحجاج ما فعل؟ وقد كان أحضر السيف والنطع، فقال الحسن : لقد قلت : يا ولي نعمتي وملاذي عند كربتي ، اجعل نقمته بردًا وسلامـًا علي كما جعلت النار بردًا وسلامـًا على إبراهيم . وكتب إلى عمر بن عبد العزيز لما ولي كتابـًا جاء فيه : إن الدنيا دار مخيـفة ، إنما أهبط آدم من الجنة إليها عقوبة ، واعلم أن صرعتها ليست كالصرعة، من أكرمها يهن، ولها في كل حين قتيل، فكن فيها يا أمير المؤمنين كالمداوي جرحه يصبر على شدة الدواء خيفة طول البلاء .
ودعاه يومـًا ابن هبيرة ،وكان يزيد بن عبد الملك قد ولي ابن هبيرة العراق وخراسان ، وكان مع الحسن الشعبي ،فسألهما ابن هبيرة في كتب تصل إليه من أمير المؤمنين فيها ما يغضب الله ؛فتكلم الشعبي فتلطف في الكلام، فلما تكلم الحسن زأر كالأسد ،وانطلق كالسهم ،وانقض كالسيف ، قائلاً : يا ابن هبيرة :خف الله في يزيد، ولا تخف يزيد في الله، واعلم أن الله يمنعك من يزيد، وأن يزيد لا يمنعك من الله، يا ابن هبيرة إنه يوشك أن ينزل بك ملك غليظ شديد لا يعصي الله ما أمره، فيزيلك عن سريرك هذا، وينقلك من سعة قصرك إلى ضيق قبرك، حيث لا تجد هناك يزيد، وإنما تجد عملك الذي خالفت فيه رب يزيد، يا ابن هبيرة، إنك إن تك مع الله وفي طاعته، يكفك بائقة ( أذى ) يزيد، واعلم يا ابن هبيرة أنه لا طاعة لمخلوقٍ كائنـًا من كان في معصية الخالق .
مكانته العلمية وأسبابها : كان رضي الله عنه جامعـًا، عالمـًا ، فقيهـًا ، ثقة ، حجة مأمونـًا فصيحـًا، ويعد الحسن رضي الله عنه سيد أهل زمانه علمـًا وعملاً، وأشدهم فصاحة وبيانـًا، وقد برع ـ رحمه الله ـ في الوعظ والتفسير براعة لا تفاق، حتى كان فارس الميدان، ويرجع ذلك إلى عدة أسباب منها : نشأته في بيت أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها ، فقد رضع من ثديها، كما رضع منها علمـًا وفقهـًا . قربه من بيوت أمهات المؤمنين ، فكان ذلك داعيـًا لأن يتعلم منهنَّ .
لزومه حلقة ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ ، فقد أخذ عنه الفقه والحديث والتفسير والقراءات واللغة . ولوعه بأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ فقد راعه فيه صلابته في الدين وإحسانه في العبادة، وزهده في الدنيا، وقوته في الفصاحة والبيان .
من روى عنهم : وقد روى الحسن رضي الله عنه عن عدد كبير من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن هؤلاء :عمران بن حصين ، والمغيرة ، وعبد الرحمن بن سمرة ، والنعمان بن بشير ، وجابر ، وابن عباس ، وابن سريع ، وأنس ، كما رأى عثمان وطلحة، وكان يحدث هو فيقول أنه أدرك سبعين بدريـًا .
ما قيل فيه : قال أبو بردة : ما رأيت أحدًا أشبه بأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم منه وقال أبو قتادة : ما رأيت أحدًا أشبه رأيـًا بعمر منه . وقال قتادة : ما جمعت علم الحسن إلى علم أحد من العلماء إلا وجدت له فضلاً عليه ، وما جالست فقيهـًا قط إلا رأيت فضل الحسن . وقال الأشعث : ما لقيت أحدًا بعد الحسن إلا صغر في عيني . وقال عطاء : ذاك إمام ضخم يقتدى به .
من كلامه رضي الله عنه : كان الحسن رضي الله عنه يتكلم بالحكمة ، قال أبو جعفر الباكر : إن كلامه أشبه بكلام الأنبياء ، وقال حماد بن زيد : سمعت أيوب يقول : كان الحسن يتكلم بكلام كأنه الدر ، وكان من كلامه :
- ابن آدم : إنما أنت أيام كلما ذهب يوم ذهب بعضك . - فضح الموت الدنيا ، فلم يترك فيها لذي لب فرحـًا . - ضحك المؤمن غفلة من قلبه .
وفاته رضي الله عنه : في العام العاشر بعد المائة الأولى وفي غرة رجب ليلة الجمعة وافقت المنية الحسن رضي الله عنه ،فلما شاع الخبر بين الناس ارتجت البصرة كلها رجـًا لموته رضي الله عنه ، فغسل وكفن ، وصلى عليه في الجامع الذي قضى عمره فيه ؛داعيـًا ومعلمـًا وواعظـًا ، ثم تبع الناس جنازته بعد صلاة الجمعة ، فاشتغل الناس في دفنه ولم تقم صلاة العصر في البصرة لانشغال الناس بدفنه . رحم الله أبا سعيد ، وتقبله في الصالحين ، وجمعنا الله به في جنة نعيم.
القاضى عياض
نسبه:
هوالإمام العلامة الحافظ الأوحد , شيخ الإسلام عياض بن موسى بن عياض بن عمرو بن موسى بن عياض اليحصبي الأندلسي، ثم السبتي المالكي.
ولد في سنة ست وسبعين وأربع مائة.
تحوَّل جدُّهم من الأندلس إلى فاس، ثم سكن سبتة. رحل القاضي إلى الأندلس سنة بضع وخمس مائة, وأخذ عن بعض مشايخها, واستبحر من العلوم، وجمع وألف، وسارت بتصانيفه الركبان، واشتهر اسمه في الآفاق.
شيوخه:
لم يحمل القاضي العلم في الحداثة، وأول شيءٍ أخذ عن الحافظ أبي علي الغساني إجازة مجردة، وكان يمكنه السماع منه، فإنه لحق من حياته اثنين وعشرين عاماً.
أخذ الحديث عن القاضي أبي علي بن سكرة الصدفي، ولازمه، وعن أبي بحر بن العاص، ومحمد بن حمدين، وأبي الحسين سراج الصغير، وأبي محمد بن عتاب، وهشام بن أحمد، وعِدَّة. وتفقَّه بأبي عبد الله محمد بن عيسى التميمي، والقاضي محمد بن عبد الله المسيلي.
قال القاضي ابن خلكان: شيوخ القاضي يقاربون المئة.
تلاميذه:
الإمام عبد الله بن محمد الأشيري، وأبو جعفر بن القصير الغرناطي، والحافظ خلف بن بشكوال، وأبو محمد بن عبيد الله الحجري، ومحمد بن الحسن الجابري، وولدُهُ القاضي محمد بن عياض قاضي دانية.
ثناء العلماء عليه:
قال خلف بن بشكوال: هو من أهل العلم والتفنن والذكاء والفهم، استقضي بسبتة مدة طويلة حُمِدت سيرته فيها، ثم نقل عنها إلى قضاء غرناطة، فلم يطول بها، وقدم علينا قرطبة، فأخذنا عنه.
وقال الفقيه محمد بن حماده السبتي: جلس القاضي للمناظرة وله نحو من ثمان وعشرين سنة، وولي القضاء وله خمس وثلاثون سنة، كان هيِّناً من غير ضعف، صليباً في الحق، ولم يكن أحد بسبتة في عصرٍ أكثر تواليف من تواليفه.
وقال ابن خلّكان: إمام الحديث في وقته, وأعرف الناس بعلومه, وبالنحو , واللغة, وكلام العرب وأيامهم وأنسابهم.
مصنفاته:
الشفا في شرف المصطفى.[/color]
ترتيب المدارك وتقريب المسالك في ذكر فقهاء مذهب مالك.
كتاب " شرح حديث أم زرع ".
كتاب " جامع التاريخ " الذي أربى على جميع المؤلفات، جمع فيه أخبار ملوك الأندلس والمغرب، استوعب فيه أخبار سبتة وعلماءها.
كتاب "مشارق الأنوار في اقتفاء صحيح الآثار": "الموطأ" و "الصحيحين".
قال: ومن تصانيفه كتاب "إكمال المعلم بفوائد مسلم".
كتاب "التنبيهات" فيه فوائد وغرائب.
وله شعر حسن.
وفاته:
توفي القاضي مغرّباً عن وطنه -رحمه الله- في سنة أربع وأربعين وخمس مائة في رمضانها، وقيل: في جمادى الآخرة منها بمراكش.
وقال ولده القاضي محمد: توفي في ليلة الجمعة نصف الليلة التاسعة من جمادى الآخرة، ودفن بمراكش سنة أربع.
قال الذهبي: بلغني أنه قتل بالرماح لكونه أنكر عصمة ابن تومرت.
]ابن حزم
نسبه:
الإمام الأوحد , البحر , ذو الفنون والمعارف أبو محمد ; علي بن أحمد بن سعيد بن حزم بن غالب بن صالح بن خلف بن معدان بن سفيان بن يزيد الفارسي الأصل , ثم الأندلسي القرطبي اليزيدي مولى الأمير يزيد بن أبي سفيان بن حرب الأموي -رضي الله عنه- المعروف بيزيد الخير , نائب أمير المؤمنين أبي حفص على دمشق , الفقيه الحافظ , المتكلم , الأديب , الوزير الظاهري , صاحب التصانيف فكان جده يزيد مولى للأمير يزيد أخي معاوية . وكان جده خلَف بن معدان هو أول من دخل الأندلس في صحابة ملك الأندلس عبد الرحمن بن معاوية بن هشام ; المعروف بالداخل .
ولد أبو محمد بقرطبة في سنة أربع وثمانين وثلاث مائة .
نشأته
نشأ في تنعم ورفاهية , ورزق ذكاء مفرطا , وذهنا سيالا , وكتبا نفيسة كثيرة , وكان والده من كبراء أهل قرطبة ; عمل الوزارة في الدولة العامرية , وكذلك وزر أبو محمد في شبيبته , وكان قد مهر أولا في الأدب والأخبار والشعر , وفي المنطق وأجزاء الفلسفة , فأثرت فيه تأثيرا ليته سلم من ذلك , ولقد وقفت له على تأليف يحض فيه على الاعتناء بالمنطق , ويقدمه على العلوم , فتألمت له , فإنه رأس في علوم الإسلام , متبحر في النقل , عديم النظير على يبسٍ فيه , وفرط ظاهرية في الفروع لا الأصول .
شيوخه
قيل : إنه تفقه أولا للشافعي , ثم أداه اجتهاده إلى القول بنفي القياس كله جليه وخفيه , والأخذ بظاهر النص وعموم الكتاب والحديث , والقول بالبراءة الأصلية , واستصحاب الحال , وصنف في ذلك كتبا كثيرة , وناظر عليه , وبسط لسانه وقلمه , ولم يتأدب مع الأئمة في الخطاب , بل فجج العبارة , وسب وجدع فكان جزاؤه من جنس فعله , بحيث إنه أعرض عن تصانيفه جماعة من الأئمة , وهجروها , ونفروا منها , وأحرقت في وقت , واعتنى بها آخرون من العلماء , وفتشوها انتقادا واستفادة , وأخذا ومؤاخذة , ورأوا فيها الدر الثمين ممزوجا في الرصف بالخرز المهين , فتارة يطربون , ومرة يعجبون , ومن تفرده يهزئون . وفي الجملة فالكمال عزيز , وكل أحد يؤخذ من قوله ويترك , إلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- .
وكان ينهض بعلوم جمة , ويجيد النقل , ويحسن النظم والنثر . وفيه دين وخير , ومقاصده جميلة , ومصنفاته مفيدة , وقد زهد في الرئاسة , ولزم منزله مكبا على العلم , فلا نغلو فيه , ولا نجفو عنه ,
ثناء العلماء عليه وقد أثنى عليه قبلنا الكبار :
قال أبو حامد الغزالي وجدت في أسماء الله -تعالى- كتابا ألفه أبو محمد بن حزم الأندلسي يدل على عظم حفظه وسيلان ذهنه .
وقال الإمام أبو القاسم صاعد بن أحمد : كان ابن حزم أجمع أهل الأندلس قاطبة لعلوم الإسلام , وأوسعهم معرفة مع توسعه في علم اللسان , ووفور حظه من البلاغة والشعر , والمعرفة بالسير والأخبار ; أخبرني ابنه الفضل أنه اجتمع عنده بخط أبيه أبي محمد من تواليفه أربع مائة مجلد , تشتمل على قريب من ثمانين ألف ورقة .
قال أبو عبد الله الحميدي كان ابن حزم حافظا للحديث وفقهه , مستنبطا للأحكام من الكتاب والسنة , متفننا في علوم جمة , عاملا بعلمه , ما رأينا مثله فيما اجتمع له من الذكاء , وسرعة الحفظ , وكرم النفس والتدين , وكان له في الأدب والشعر نفس واسع , وباع طويل , وما رأيت من يقول الشعر على البديه أسرع منه , وشعره كثير جمعته على حروف المعجم .
وقال أبو القاسم صاعد : كان أبوه أبو عمر من وزراء المنصور محمد بن أبي عامر , مدبر دولة المؤيد بالله بن المستنصر المرواني , ثم وزر للمظفر , ووزر أبو محمد للمستظهر عبد الرحمن بن هشام , ثم نبذ هذه الطريقة , وأقبل على العلوم الشرعية , وعني بعلم المنطق وبرع فيه , ثم أعرض عنه . -قلت : ما أعرض عنه حتى زرع في باطنه أمورا وانحرافا عن السنةـ قال : وأقبل على علوم الإسلام حتى نال من ذلك ما لم ينله أحد بالأندلس قبله .
قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام -وكان أحد المجتهدين- : ما رأيت في كتب الإسلام في العلم مثل "المحلى" لابن حزم , وكتاب "المغني" للشيخ موفق الدين .
مصنفاته ولابن حزم مصنفات جليلة أكبرها كتاب "الإيصال إلى فهم كتاب الخصال" خمسة عشر ألف ورقة وكتاب "الخصال الحافظ لجمل شرائع الإسلام" مجلدان وكتاب "المجلى" في الفقه مجلد , وكتاب "المحلى في شرح المجلى بالحجج والآثار" ثماني مجلدات كتاب "حجة الوداع" مائة وعشرون ورقة , كتاب "قسمة الخمس في الرد على إسماعيل القاضي" مجلد , كتاب "الآثار التي ظاهرها التعارض ونفي التناقض عنها" يكون عشرة آلاف ورقة , لكن لم يتمه , كتاب "الجامع في صحيح الحديث" بلا أسانيد , كتاب "التلخيص والتخليص في المسائل النظرية" كتاب "ما انفرد به مالك وأبو حنيفة والشافعي" "مختصر الموضح" لأبي الحسن بن المغلس الظاهري , مجلد , كتاب "اختلاف الفقهاء الخمسة مالك , وأبي حنيفة , والشافعي , وأحمد , وداود" , كتاب "التصفح في الفقه" مجلد , كتاب "التبيين في هل علم المصطفى أعيان المنافقين" ثلاثة كراريس , كتاب "الإملاء في شرح الموطأ" ألف ورقة , كتاب "الإملاء في قواعد الفقه" ألف ورقة أيضا , كتاب "در القواعد في فقه الظاهرية" ألف ورقة أيضا كتاب "الإجماع" مجيليد , كتاب "الفرائض" مجلد , كتاب "الرسالة البلقاء في الرد على عبد الحق بن محمد الصقلي" مجيليد , كتاب "الإحكام لأصول الأحكام" مجلدان , كتاب "الفصل في الملل والنحل" مجلدان كبيران , كتاب "الرد على من اعترض على الفصل" له , مجلد , كتاب "اليقين في نقض تمويه المعتذرين عن إبليس وسائر المشركين" مجلد كبير , كتاب "الرد على ابن زكريا الرازي" مائة ورقة , كتاب "الترشيد في الرد على كتاب "الفريد" لابن الراوندي في اعتراضه على النبوات مجلد , كتاب "الرد على من كفر المتأولين من المسلمين" مجلد , كتاب "مختصر في علل الحديث" مجلد , كتاب "التقريب لحد المنطق بالألفاظ العامية" مجلد , كتاب "الاستجلاب" مجلد , كتاب "نسب البربر" مجلد , كتاب "نقط العروس" مجيليد , وغير ذلك
وفاته
قال صاعد : ونقلت من خط ابنه أبي رافع , أن أباه توفي عشية يوم الأحد لليلتين بقيتا من شعبان , سنة ست وخمسين وأربع مائة فكان عمره إحدى وسبعين سنة وأشهرا رحمه الله .
ومن نظم أبي محمد بن حزم :
لـم أشـكُ صـدّا ولـم أذعن بهجران
ولا شـعرت مـدى دهــري بسـلوان
أسـماء لـم أدر معناهـا ولا خـطرت
يـومــا علــيّ ولا جـالت بميـداني
لكنمــا دائـي الأدوا الـذي عصفـت
علــي أرواحــه قدمــا فأعيــاني
تفــرُّقٌ لـم تـزل تسـري طوارقـه
إلــى مجــامع أحبــابي وخــلاني
كأنمـا البيـن بـي يـأتم حـيث رأى
لــي مذهبــا يتلــوني ويغشــاني
وكـنت أحسـب عنـدي للنـوى جـلدا
داء عَنَا فـي فـؤادي شجـوها العـاني
فقـابلتني بــألوان غــدوت بهــا
مقـابلا مــن صبابــاتي بــألـوان
| |
|