اسامه جاد مشرف سوبر
عدد الرسائل : 3356 العمر : 53 العمل/الترفيه : معلم اول احياء وعلوم بيئه وجيولوجيا نقاط : 13749 تاريخ التسجيل : 14/02/2009
| موضوع: الرحمة المهداة4 السبت ديسمبر 26, 2009 8:08 pm | |
| رحمته بأصحابه : تنوعت مظاهر رحمته بأصحابه في مواقف شتى ، وفي مجالات متعددة من الحياة اليومية. فالجهاد ، وإن كان فيه مشقة و عسر إلا أنه رحمة لهم ليرفع به درجاتهم ، ويعلي منـزلتهم ويعـوِّدهم على العزة والكرامة .. فهو رحمة بهذه المعايير إلا أن النبي يزيده معايـير أخرى لتظهـر بها شفقته ورحمتــه بأصحابه .فلا يخرج في كل سرية حتى لا يشق عليهم كما قال صلى الله عليه وسلم : ( لولا أن أشق على أمتي لأحببت أن لا أتخلف خلف سرية )1 .ويخرج في حصار الطائف ، فلم يفتحها فقال إنا قافلون غداً إن شاء الله فقال المسلمون نقفل ولم نفتح قال فاغدوا على القتال فغدوا فأصابتهم جراحات قال النبي صلى الله عليه وسلم إنا قافلون غداً إن شاء الله فكأن ذلك أعجبهم فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم )2 . وكان يحرص أشد الحرص على عدم إيقاعهم في الحرج في عدم قيامهم بحقه . فالخطر كل الخطر أن لا يوافوه حقه ..فإن تلكئوا في تنفيذ أمره رحمهم .. فهاهو يوم الحديبية عندما أمرهم بحل إحرامهم وذبح هديهم .. تلكئوا رغبة في إيفاء وعده بدخول المسجد الحرام كما أخبرهم برؤياه ورأيا الأنبياء حق .. فدخل صلى الله عليه وسلم مغضباً على أم المؤمنين أم سلمة فأخبرها بحالهم فأشارت عليه بأمر لو فعله ما كان منهم متخلف عنه فكان ما أشارت به رضي الله عنها1... إلا أن في هذه القصة منحى آخر ، وهو عدم تـثريب النبي عليهم أو شدته عليهم فلم يرِد أنه عنّفهم أو أظهر نقصهم كل ذلك رحمة بهم … ولا يريد أن يكون للشيطان عليهم طريقاً وكان صلى الله عليه وسلم شديد الحرص على أن لا يكون للشيطان عليهم سبيلا فها هو مع أم المؤمنين صفية في إحدى ليالي رمضان يوصلها إلى بيتها بعد أن قضت زيارتها له في معتكفه بالمسجد النبوي .. وإذ برجلين من أصحابه يتراجعان بعد أن رأيا النبي سائراً في طرقات المدينة مع تلك المرأة ، فقال لهما على رسلكما إنها صفية ، قالا سبحان الله يا رسول الله ، قال أعلم أن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم ، فخشيت أن يقذف في قلوبكما شيئاً أو قال شراً )2 .ولا يزاحمهم فهو يسارع بتعليمهم ما ينجيهم من الإثم رحمة بهم ... ومن الأمور التي ربما توقع الصحابة في حرج ، فلا يقومون بحقه صلى الله عليه وسلم مزاحمته في أمر من الأمور ، فكان يترفع أن يزاحمهم رحمة بهم فعن عائشة قالت : ( طاف النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع حول الكعبة على بعير يستلم الركن كراهية أن يضرب عنه الناس )3 .وإن غضب النبي فبدر منه سب وشتم لأحد من المسلمين فهو أمر خطير وويل ماحق يقع على ذلك المسلم ، أن يناله شتم النبي صلى الله عليه وسلم ، لذلك دعا النبي صلى الله عليه وسلم ربه أن يجعل شتمه للمسلمين زكاة ورحمة لهم .فعن عائشة رضي الله عنها قالت : دخل عليّ النبي صلى الله عليه وسلم بأسير فلهوت عنه فذهب فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال ما فعل الأسير قالت : لهوت عنه مع النسوة فخرج فقال مالك قطع الله يدك أو يديك فخرج فأذن به الناس فطلبوه فجاءوا به . فدخل عليّ وأنا أقلِّب يدي فقال مالك أجننت قلت : دعوت عليّ فأنا أقلب يدي أنظر أيهما يقطعان . فحمد الله وأثنى عليه ، ورفع يديه وقال : ( اللهم إني بشر أغضب كما يغضب البشر فأيما مؤمن أو مؤمنة دعوت عليه فاجعله له زكاةً وطهوراً )1 . وفي الصحيحين ( اللهم أتخذ عندك عهداً لن تخلفه فإنما أنا بشر فأي المؤمنين شتمته أذيته لعنته جلدته فاجعلها له صلاة وزكاة وقربةً تقربه بها إليك يوم القيامة )2 وعند مسلـم ( فاجعلها له زكاةً ورحمة )3 .قال النووي ( هذه الأحاديث مبنية على ما كان عليه صلى الله عليه وسلم من الشفقة على أمته والاعتناء بمصالحهم والاحتياط لهم والرغبة في كل ما ينفعهم ... وإنما يكون دعاؤه عليهم رحمة وكفّارة وزكاة ونحو ذلك إذا لم يكن أهلاً للدعاء عليه والسب واللعن ونحوه ، وكان مسلماً وإلا فقد دعا صلى الله عليه وسلم على الكفار والمنافقين ، ولم يكن ذلك لهم رحمة )4 .وهذه الرحمة بأصحابه نالتهم حتى بعد وفاتهم ، فإن مات منهم أحد حزن من أجله وبكى عليه وحرص على الصلاة عليـه ، بل كان يتفقد قبور أصحابـه فمـا رأى منهـا جديداً سأل عنـه لمن هـو ويصلي عليه ..فقد بكى على عثمان بن مضعون عند وفاته حتى سالت دموعه كما روت ذلك عائشـة رضي الله عنها 1 .وكان يوصيهم إذا توفى أحدهم أن يؤذنوه ليصلي عليه ، فعن أبي أمامة بن سهل بن حنيف أنه قال : اشتكت امرأة بالعوالي مسكينة فكان النبي صلى الله عليه وسلم يسألهم عنها ، وقال إذا ماتت فلا تدفنوها حتى أصلي عليها ، فتوفيت فجاءوا بها إلى المدينة بعد العتمة ، فوجدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نام فكرهوا أن يوقظوه فصلوا عليها ، ودفنوها ببقيع الغرقد ، فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءوا فسألهم عنها ، فقالوا قد دفنت يا رسول الله وقد جئنا فوجدناك نائماً فكرهنا أن نوقظك ، قال : فانطلقوا فانطلق يمشي ومشوا معه حتى أروه قبرها ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وصفوا وراءه فصلى عليها وكبر أربعاً )2 .وفي رواية أنه رأى قبراً جديداً فسألهم فقالوا هذه فلانة مولاة بني فلان فعرفها رسول الله .. ماتت ظُهراً وأنت نائم قائل فلم نحب أن نوقظك .. ثم قال : ( لا يموت فيكم ميت مادمت بين أظهركم إلا آذنتموني به فإن صلاتي له رحمة )3 .وعند مسلم ( إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها ، وإن الله عز وجل ينورها لهم بصلاتي عليهم )4 رحمته بأصحاب الحدود ومن أصحابه رضوان الله عليهم من قارف ذنباً فاستحق به عقوبة ليطهره الله بها ...فكانت رحمة النبي بهم أن يجنبهم إقامة الحدود وذلك إما: بالتسامح والتغافر قبل أن يرفع إليه الأمر لما روى ابن مسعود قال علمت أول حدٍ في الإسلام امرأة سرقت فقطعت يدها فتغير لذلك وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم تغيراً شديداً ثم قال : (( وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفورٌ رحيم ))1 .وقال صلى الله عليه وسلم : ( تعافوا الحدود بينكم فيما بينكم فما بلغني من حدٍ فقد وجب )2 أو بعدم أثباته على مقترف الحد إن جاء يعترف على نفسه ، فها هو يعرض عن ماعز عندما جاء يعترف بالزنا . أعرض عنه الأولى والثانية والثالثة والرابعة .. ثم قال له لعلك فاخذت قبّلت وكل ذلك ، وماعز مقر على نفسه ، حتى أن الغامدية عندما جاءت تعترف قالت ( أراك تريد أن تردني كما رددت ماعزا ... ) .وإن ثبت الحد على من لا يقوى عليه لضعف فيه خفف عنه ذلك فعن أبي أمامة بن سهل بن حنيف أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بامرأة قد زنت فقال : ممن قالت من المقعد الذي في حائط سعد فأرسل إليه فأتى به محمولاً فوضع بين يديه فاعترف فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بإثكال فضربه ، ورحمه لزمانته وخفف عنه )3 . رحمته بالشباب وربما خصت رحمته فـئة معينة من أصحابه .فهو رحيم بالشباب . فهم في مرحلة تزداد طاقتهم وحيويتهم ، فيقدّر صلى الله عليه وسلم ذلك ، ويصرفها في وجهتها فيقول : ( يا معشر الشباب من استطاعة منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ، و من لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء )1 .وهذا الإرشاد مـنّة غاية في الرحمة بهم حتى يجنبهم الوقوع في الزلل ...وهو يحس بمشاعرهم و أحاسيسهم فهذا مالك بن الحويرث قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في نفر من قومي فأقمنا عنده عشرين ليلة ، وكان رحيماً رفيقاً فلما رأى شوقنا إلى أهالينا . قال ارجعوا وكونوا فيهم وعلموهم وصلّوا فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم ، وليؤمكم أكبركم )2 . رحمته بالأطفال ومن فئات المجتمع الذين يستحقون مزيداً من العطف والعناية ، والرحمة .. الأطفال ففي مواقفه صلى الله عليه وسلم مع الأطفال تتجلى لنا صورة رائعة من الرحمة بهم .فقد كان يقبّلهم .ويشتاق لهم .ويمازحهم .ويحملهم ولو كان في الصلاة .وربما صعد على ظهره وهو ساجد .ولا يصبر أن يرى أذىً يصيبهم ولو كان في مقام الخطبة .وإن سمع بكاء طفل في الصلاة خففها .ويحزن لموت الأطفال . وإن كان من أبناء الكفار .فقد كان ينطلق إلى ابنه إبراهيم عند مرضعته ليقبله ثم يرجع 1 ...وتعجب بعض الأعراب من تقبيل النبي صلى الله عليه وسلم للصبيان فقال له صلى الله عليه وسلم : ( أو ما أملك لك أن نزع الله من قلبك الرحمة )2 .وشوقه لهم كما روى ذلك أبو هريرة قال : خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في طائفة من النهار لا يكلمني ولا أكلمه حتى جاء سوق بني قينقاع ثم انصرف حتى أتى خباء فاطمة فقال : أثم لكع يعني حسناً . فظننا أنه إنما تحبسه أمه لأن تغسله وتلبسه سخاباً . فلم يلبث أن جاء يسعى حتى اعتنق كل واحد منهما صاحبه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( اللهم إني احبه فأحبه وأحب من يحبه )3 .وتعددت صور ممازحته للأطفال رحمة بهم كما قال محمود بن الربيع رضي الله عنه ( عقلت من النبي صلى الله عليه وسلم مجّـة مجها في وجهي وأنا ابن خمس سنين من دلو )4 وكان صلى الله عليه وسلم يدلع لسانه للحسن أو الحسين فيهبش نحوه الصبي فيرفع لسانه5 وهكذا.. ومر يوماً والحسن مع الغلمان يلعب فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأخذه قال : ( فطفق الصبي هاهنا مرة وهاهنا مرة فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يضاحكه حتى أخذه .قال. فوضع إحدى يديه تحت قفاه و الأخرى تحت ذقنه ، فوضع فاه على فيه فقبله ... )6 .وكان يحملهم ولو كان في صلاة كما صح عن حمله لأمامه بنت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان إذا سجد وضعها ، وإذا قام حملها .1 وربما صعد على ظهره في الصلاة فلا ينـزله حتى ينـزل هو بطواعيته كما فعل معه الحسن أو الحسين فقام على ظهره وهو ساجد ، فأطال السجود حتى رفع بعض الصحابة ليروا ما سبب تأخره . ثم سألوا الرسول بعد انقضاء الصلاة فقال : ( ابني ارتحلني فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته )2 .ولا يصير على أذى يصيب أحدهم فعن عائشة أن أسامة بن زيد عثر بأسكفة الباب أو عتبة الباب فشج في جبهته فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم أميطي عنه الأذى أو نحي عنه الأذى قالت فتقذرته قالت : فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمص عنه الدم ويمجه عن وجهه ... )3 وكان يوماً على المنبر يخطب إذ جاء الحسن والحسين عليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران فنـزل صلى الله عليه وسلم من المنبر فحملهما ، ووضعهما بين يديه ثم قال صدق الله : (( إنما أموالكم وأولادكم فتنة )) فنظرت إلى هذين الصبيان يمشيان ويعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما )4 .وإن كان في صلاة فسمع صوت بكاء طفل تجوّز فيها كما قال صلى الله عليه وسلم : ( إني لأقوم في الصلاة أريد أن أطوِّل فيها فأسمع بكاء الصبي فأتجوز في صلاتي كراهية أن أشق على أمه )5 . أما حزنه لموت الأطفال فعندما رفع إلى رسول الله ابن بنته ونفسه تقعقع فاضت عيني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له سعد يا رسول الله ما هذا فقال : ( هذه رحمة يجعلها الله في قلوب عباده وإنما يرحم الله من عباده الرحماء )1 .وفي رواية ( إلا الرحماء ) والرحماء جمع رحيم وهو من صيغ المبالغة ومقتضاه أن رحمة الله تختص بمن اتصف بالرحمة وتحقق بها ... _ وفي الحديث ( الترغيب في الشفقة على خلق الله والرحمة لهم والترهيب من قساوة القلب وجمود العين )2 .وعن الوضيين أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إنّا كنّا أهل جاهلية وعبادة أوثان فكنّا نقتل الأولاد ، وكانت عندي ابنة لي ، فلما أجابت وكانت مسرورة بدعائي إذ دعوتها فرديت بها في البئر ، و كان آخر عهدي بها أن تقول يا أبتاه يا أبتاه فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى وكف دمع عينيه ، فقال رجل من جلساء رسول الله صلى الله عليه وسلم أحزنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له ، كفّ فإنه يسأل عمّا أهمه ، ثم قال له أعد على حديثك فأعاده فبكى حتى وكف الدمع من عينيه على لحيته ثم قال له إن الله قد وضع عن الجاهلية ما عملوا فاستأنف عملك )3 . 1 – مسلم 18762 – بخاري 43251 - 2 – البخاري 20383 – مسلم 12741 – المسند ورجاله ثقات وآخره عند مسلم 26002 – مسلم 21013 – مسلم 26014 – نووي شرح مسلم 16 / 151 ، 1521 – انظر صحيح ابن ماجة 11912 – النسائي 1943 وابن ماجة 1528والحديث عند مسلم 9563 – النسائي 1995 وسنده رجاله ثقات .4 – مسلم 9561 – المسند وهو ضعيف .2 – أبو داود 4376 ، والنسائي 48033 – نسائي 5317 ورواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح المجمع 6 / 2551 – بخاري 19052 – بخاري 6281 – مسلم 23162 – بخاري 5998 ومسلم 23173 – مسلم 2421 قوله ( لكع ) المراد بها الصغير ... و السِخَاب جمعه سخب وهو قلادة من القرنفل والمسك والعود ونحوها من أخلاف الطيب يعمل على هيئة السجة ويجعل قلادة للصبيان و الجوارِ ، وقيل هو خيط فيه خرز سمي سخاباً لصوت خرزه عند حركتها من السخب وهو اختلاط الأصوات .. وفيه استحباب ملاطفة الصبي ومداعبته رحمة له ولطفاً واستحباب التواضع مع الأطفال وغيرهم ) نووي بشرح مسلم 15 / 193 4 – البخاري 775 – انظر الصحيحين 6 – انظر صحيح ابن ماجة 1181 – بخاري 5162 – نسائي 11293 – ابن ماجة 1976 انظر صحيح ابن ماجة 1019 و أحمد 4 – صحيح الترمذي 29685 – البخاري 7071 – البخاري 2842 – الفتح 3 / 5053 – الدارمي مقدمة ( 2) وسند ضعيف والحديث مرسل و وكف أي انهمر بكثرة | |
|