الفصل الثالث عشر
فى الوسيلة
يؤمن المسلم بأن الله تعالى يحب من الأعمال أصلحها ومن الأفعال أطيبها ويحب من عباده الصالحين وأنه تعالى انتدب عباده الى التقرب منه والتودد اليه والتوسل اليه فهو لذلك يتقرب الى الله تعالى ويتوسل اليه بصالح الاعمال وطيب الاقوال فيساله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى وبلايمان به وبرسوله وبمحبته تعالى ومحبة رسوله صلى الله عليسه وسلم ومحبة الصالحين وعامة المؤمنين ويتقرب الى الله تعالى بفرائض الصلاة والزكاه والصوم والحج وبنوافلها كما يتقرب اليه بترك المحرمات واجتناب المنهيات ولا يسأل الله تعالى بجاه أحد من خلقه ولا بعمل عبد من عباده اذ ليس جاه ذى الجاه من كسبه ولا عمل صاحب العمل من عمله فيسأل الله به او يقدمه وسيلة بين يديه .
والله تعالى لم يشرع الى عباده ان يتقربوا اليه بغير أعمالهم وزكاة أرواحهم بالايمان والعمل الصالح وذلك للأدلة النقلية والعقلية الاتيه ::
الأدلة النقلية ::
1 – اخباره تعالى عن ذلك بقوله (( اليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه ))(فاطر)
وفى قوله(( يأيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا ))(المؤمنون)
وفى قوله((وأدخلناه فى رحمتنا انه من الصالحين ))(الأنبياء)
وفى قوله ((يايها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا اليه الوسيلة ))(المائده)
وقوله سبحانه((اولئك الذين يدعون يبتغون الى ربهم الوسيلة أيهم أقرب))(الاسراء)
وفى قوله((قل ان كنتم تحبون الله فاتبعونى يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم))(آل عمران)
وقوله (ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين))(آ عمران)
وقوله تعالى(( ربنا اننا سمعنا مناديا ينادى للايمان أن آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار))(آل عمران)
وفى قوله(( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون فى اسمائه سيجزون ما كانوا يعملون))(الأعراف)
وفى قوله(( واسجد واقترب))(العلق)
2 – اخبار رسوله صلى الله عليه وسلم عن ذلك بقوله (( ان الله طيب لا يقبل الا طيبا ))(رواه مسلم 65 كتاب الزكاه).
وفى قوله(( تعرف الى الله فى الرخاء يعرفك على الشده))(رواه الحديث فى الدر المنثور للسيوطى 66/1 وتفسير الطبرى 398/6).
وفوله فبما يرويه عن ربه سبحانه وتعالى(( وما تقرب الى عبدى بشئ احب الى مما افترضته عليه ولا يزال عبدى يتقرب الى بالنوافل حتى احبه ))(رواه البخارى كتاب الرقاق 38)
وفى قوله فيما يرويه عن رب العزة (( وان تقرب منى شبرا تقربت اليه ذراعا وان تقرب الى ذراعا تقربت منه باعا وان اتانى يمشى اتيته هروله))( ايضا رواه البخارى كتاب الرقاق 38)
وفى قوله فى حديث اصحاب الغار الذين انطبقت عليهم الصخره اذ توسل احدهم ببر والديه والثانى يترك ما حرم الله تعالى والثالث يرد حقه الى مستحقه مع تمنيته له بعد ان قال بعضهم لبعض (( انظروا اعمالا صالحه عملتوها لله فادعوا الله بها لعله يفرجها عنكم فادعوا وتوسلوا ففرج عنهم الصخره وخرجوا من الغار سالمين))(رواه البخارى كتاب الاجاره 12)
وفى قوله عليه الصلاة والسلام (( اقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد))(رواه مسلم 21 كتاب الصلاه)
وفى قوله(( أسألك اللهم بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته فى كتابك أو علمته احدا من خلقك أو استأثرت به فى علم الغيب عندك أن تجعل القران العظيم ربيع قلبى ونور صدرى وجلاء حزنى وذهاب همى وغمى ))(رواه الامام احمد بسند حسن وورد فى المعجم الكبير للطبرانى 210/10)
وفى قوله صلى الله عليه وسلم(( لقد سأل هذا باسم الله الأعظم الذى اذا سأل به الا أعطى وما دعى به الا أجاب))(رواه الترمذى كتاب الدعوات 63 وابن ماجه كتاب الدعاء 9).
3 – ما ورد من توسل الانبياء فى القران الكريم , وأن توسلهم كان باسماء الله تعالى وصفاته وبالايمان والعمل الصالح ولم يكن بغير ذلك أبدا فيوسف عليه السلام قال فى توسله (( رب قد آتيتنى من الملك وعلمتنى من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض انت وليى فى اتلدنيا والاخره توفنى مسلما وألحقنى بالصالحين))(يوسف)
وذو النون قال(( لآ اله الا انت سبحانك انى كنت من الظالمين))(الأنبياء)
وموسى قال(( رب انى ظلمت نفسى فاغفرلى فغفر له))(القصص)
وقال (( انى عذت بربى وربكم))(غافر)
وابراهيم واسماعيل قالا (( ربنا تقبل منا انك انت السميع العليم))(البقره)
وآدم وحواء قالا(( ربنا ظلمنا انفسنا وان لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين))(الأعراف).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــ
الأدلة العقلية::
1 – غنى الرب وافتقار العبد امر يقتضى بأن يتوسل العبد الفقير الى الله الغنى جل وعلا كى ينجو العبد الفقير مما يرهب ويظفر بما يحب ويرغب.
2 – عدم معرفة العبد ما يحبه الرب تبارك وتعالى وما يكرهه من الاقوال والافعال أمر يقتضى ان تكون الوسيلة محصورة فيما شرع الله وبين رسوله من أقوال طيبه وأعمال صالحه تفعل أو أقوال خبيثة أعمال فاسده تجتنب وتترك .
3 – كون جاه ذى الجاه من غير كسب الانسان ولا من عمل يديه أمر يقتضى ان لا يتقرب به الى الله تعالى ويتوسل , اللهم الا اذا كان قد عمل بجوارحه أو ماله على ايجاد جاه صاحب الجاه فعند ذلك له ان يسأل الله به لانه اصبح من كسبه ومن عمل يديه ان كان قد عمل ذلك ابتغاء لوجه الله تعالى وابتغاء مرضاته.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
الفصل القادم من باب العقيدة ان شاء الله
فى أولياء الله وكراماتهم – وأولياء الشيطان وضلالاتهم
جزاكم الله خيرا