الآن مع الجزء الرابع : بعنوان أحداث ما بين الهجرة للحبشة والهجرة للمدينة
ويشتمل على : الدعوة خارج مكة
جبريل وملك الجبال عليهما السلام
أسلام نفر من الجن فى وادى نخلة
عرض الإسلام على القبائل والأفراد
الإسراء والمعراج
مشاهد الإسراء والمعراج
هل رأى النبى ( ص ) ربه عز وجل
بعض مشاهد الإسراء والمعراج
الله عز وجل يُجلى بيت المقدس للنبى ( ص )
بيعة العقبة الأولى
أول سفير فى الإسلام
بيعة العقبة الثانية
شيطان يكشف المعاهدة
طلائع الهجرة
الدعوة خارج مكة
*****
النبى صلى الله عليه وسلم يخرج ليدعو أهل الطائف
**************
اشتدت مقاومة قريش للدعوة الإسلامية ونالت من رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأذى ما لم تكن تنال منه فى حياة عمه أبى طالب فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى إلى الطائف وحده من أجل إيجاد مركز جديد للدعوة يلتمس النصرة من ثقيف والمنعة بهم من قومه ولكن أهل ثقيف لم تستجب له وكان ذلك فى شوال من السنة العاشرة من النبوة والطائف تبعد عن مكة نحو ستين ميلاً سارها رسول الله صلى الله عليه وسلم ماشياً على قدميه وكان معه مولاه زيد بن حارثة وكان صلى الله عليه وسلم كلما مر على قبيلة فى الطريق دعاهم إلى الإسلام فلم تجب إليه واحدة منهم 0
وعندما وصل صلى الله عليه وسلم الى الطائف عمد الى سادة ثقيف وأشرافهم وكانوا ثلاثة إخوة ( عبد ياليل ومسعود وحبيب أبناء عمرو بن عمير الثقفى ) فجلس إليهم صلى الله عليه وسلم فدعاهم إلى الله ولكنهم لم يستجيبوا وأقام صلى الله عليه وسلم عشرة أيام لا يدع أحداً من أشرافهم إلا جاءه وكلمة ولكن دون جدوى وقالوا أخرج من بلادنا وأغروا به سفهاءهم وعبيدهم يسبونه ويصيحون به حتى أجتمع عليه الناس فوقفوا صفين وجعلوا يرمونه صلى الله عليه وسلم بالحجارة وبكلمات من السفه ورجموا عراقييه حتى أختضب نعلاه بالدماء وكان زيد بن حارثة يقيه بنفسه حتى أصابه شجاج فى رأسه وظلوا كذلك حتى ألجأوه إلى حائط ( بستان ) لعتبة وشيبة أبنى ربيعة على بعد ثلاثة أميال من الطائف ثم رجع عنه من كان يتبعه من سفهاء ثقيف فعمد الى ظل حبله من عنب فجلس تحتها فلما جلس واطمأن بعد أن صرف أصحاب البستان سفهاء ثقيف 0
ودعا صلى الله عليه وسلم وقال : اللهم إليك أشكو ضعف قوتى وقلة حيلتى وهوانى على الناس يا أرحم الراحمين أنت رب المستضعفين وأنت ربى إلى من تكلنى إلى عدو يتجهمنى أم إلى عدو ملكته أمرى إن لم يكن بك غضب فلا أبالى ولكن عافيتك هى أوسع لى أعوذ بنور وجهك الذى أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تنزل بى غضبك أو يحل علٌى سخطك لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بك 0
فلما رآه أبنا ربيعة عتبة وشيبة تحركت له رحمهما فدعوا غلاماً لهما وكان نصرانياً يقال له عداس فقالا له خذ قطفاً من العنب واذهب به إلى هذا الرجل فلما وضعه بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم مد يده إليه قائلاً بسم الله ثم أكل فنظر عداس فى وجهه صلى الله عليه وسلم ثم قال والله إن هذا الكلام ما يقوله أهل هذه البلاد فقال له رسول الله ومن أهل أى البلاد أنت وما دينك : قال أنا نصرانى من أهل نينوى فقال رسول الله من قرية الرجل الصالح يونس بن متى فقال عداس وما يدريك مل يونس أبن متى ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذاك أخى كان نبياً وأنا نبى فأكب عداس على رسول الله صلى الله عليه وسلم يقُبل رأسه ويديه وقدميه – فقال أبنا ربيعه أحدهما لصاحبه : أما غلامك فقد أفسده عليك فلما جاءهما عداس قالا له ويلك ياعداس ما لك تقبل رأس هذا الرجل ويديه وقدميه قال ياسيدى ما فى الأرض شيء خير من هذا الرجل أخبرنى بأمر ما يعلمه إلا نبى قالا له ويحك ياعداس لا يصرفنك عن دينك فإن دينك خير من دينه 0
الله عز وجل يرسل إليه صلى الله عليه وسلم
جبريل وملك الجبال عليهما السلام
**********
ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى طريق مكة بعد خروجه من بستان عتبه وشيبة كئيباً محزوناً كسير القلب فلما بلغ قرن المنازل وهى منطقة تسمى بهذا الأسم أو بقرن الثعالب ، بعث الله عز وجل إليه جبريل ومعه ملك الجبال عليهما السلام يستأ مره أن يطبق الأخشبين على أهل مكة 0
وقد روى البخارى تفصيل القصة 0 بسنده 0 عن عروة بن الزبير أن عائشة رضى الله عنها حدثته أنها قالت للنبى صلى الله علية وسلم : هل أتى عليك يوم أشد عليك من يوم أحد ؟ قال : " لقيت من قومك ما لقيت وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة ، إذ عرضت نفسى على أبن عبد ياليل بن عبد كلال فلم يجيبني إلى ما أردت فأنطلقت وأنا مهموم على وجهى فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب فرفعت رأسى فإذا أنا بسحابة قد أظلتنى ، فنظرت فإذا فيها جبريل فنادانى فقال : أن الله قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك ، وقد بعث الله إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم ، فنادانى ملك الجبال فسلم علٌى ثم قال : يا محمد ذلك ، فما شئت ، إن شئت أن أطبق عليهم الخشبين فقال له رسول الله بل أرجو ان يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئاً 0
- لقيت من قومك : المراد من قومها قريش
- قرن الثعالب : مكان ويطلق عليه أيضاً قرن المنازل
- الأخشبين : الأخشب من الجبال هو الخشن الغليظ وهما جبلا مكة ، الأول يسمى أبو قبيس والذى يقابله يسمى قعيقعان
وأطمأن قلب رسول الله صلى الله علية وسلم لهذا النصر الغيبى الذى أمده الله جل شأنه عليه من فوق سبع سماوات 0
أسلام نفر من الجن فى وادى نخلة
********
ثم واصل رسول الله صلى الله علية وسلم مسيره العودة حتى بلغ وادى نخلة وأقام فيها صلى الله علية وسلم أياماً وخلال أقامته بعث الله جل شأنه إليه نفراً من الجن استمعوا إلى القرآن الكريم وأسلموا وعادوا إلى قومهم منذرين ومبشرين كما ذكر الله تعالى فى كتابه العزيز (( وإذ صَرفنا إليك نفراً من الجن يستمعُون القُرءان فلما حضُروهُ قالوا أنصِتُوا فلما قُُضىَ ولٌوا إلى قومهم مُنذرين 0 قالوا يا قومنا إنا سمِعنا كِتاباً اُنزِلَ من بعد موُسى مُصدقاً لِما بين يديهِ يهدِى إلى الحقِ وإلى طريق مُستقيم 0 ياقومنا أجيبوُا دَاعىِ الله وإمنُوا بِه يَغفِر لكُم مِن ذُنُوبكُم ويُجُِركُم من عذابٍ أليم )) الأحقاف 29 :31
وفى سياق الروايات التى وردت فى تفسير هذا الحادث يتبين أن رسول الله صلى الله علية وسلم لم يعلم حضور ذلك النفر من الجن حين حضروا وسمعوا وإنما علم بعد ذلك حين أطلعه الله عز وجل عليه بهذه الآيات وأن حضورهم هذا كان لأول مرة وأنهم وفدوا بعد ذلك مراراً 0
وأمام هذه النصرة وهذه البشارات أقشعت سحابة الحزن واليأس التى كانت مطبقة على رسول الله صلى الله علية وسلم منذ أن خرج من الطائف حتى صمم على العودة الى مكة واستئناف عرض الإسلام وإبلاغ رسالة الله
وحينئذ قال له زيد بن حارثة ( مولاه الذى خرج معه من مكة ) كيف تدخل عليهم وقد أخرجوك ؟ ( يقصد قريش ) فقال رسول الله صلى الله علية وسلم : " يازيد إن الله جاعل لما ترى فرجاً ومخرجاً وان الله ناصر دينه ومظهر نبيه "
وسار رسول الله صلى الله علية وسلم حتى إذا دنا من مكة مكث بمنطقة تسمى حراء وبعث رجلاً من خزاعة إلى الأحنس بن شريق ليجيره فقال : أنا حليف والحليف لا يجير ، فبعث إلى سهيل بن عمرو فقال سهيل : إن بنى عامر لا تجير على بنى كعب ، فبعث إلى المُطعم بن عدٌى فقال المُطعم نعم ثم تسلح ودعا بنيه وقومه فقال البسوا السلاح وكونوا على أركان البيت فإنى قد أجرت محمداً ثم بعث إلى رسول الله صلى الله علية وسلم أن أدخل فدخل رسول الله ومعه زيد بن حارثة حتى أنتهى الى المسجد الحرام فقام المُطعم بن عدى على راحلته فنادى يامعشر قريش إنى قد أجرت محمداً فلا يهجة أحد منكم وأنتهى رسول الله صلى الله علية وسلم إلى الركن فأستلمه وطاف بالبيت وصلى ركعتين وأنصرف إلى بيته 0
وقد حفظ رسول الله صلى الله علية وسلم للمُطعم هذا الصنيع فقال فى أسارى بدر : لو كان المُطعم أبن عدى حياً ثم كلمنى فى هؤلاء النتنى لتركتهم له "
عرض الإسلام على القبائل والأفراد
************
و عاد رسول الله صلى الله علية وسلم الى مكة فى ذى القعدة سنه عشر من النبوة ليتابع عرض الإسلام على القبائل والأفراد وكان لاقتراب موسم الحج فقد كان الناس يأتون الى مكة من كل فج لأداء فريضة الحج فأنتهز رسول الله صلى الله علية وسلم هذه الفرصة فأتاهم قبيلة قبيلة يعرض عليهم الإسلام ويدعوهم إليه كما كان يدعوهم منذ السنة الرابعة وقد بدأ يطلب منهم فى هذه السنة – العاشرة – أن يؤووه وينصروه ويعينوه حتى يبلغ ما بعثه الله به ومن هذه القبائل
قبيلة بنو كلب ، بنو حنيفة ، بنى عامر بن صعصعة ( لم يقبلوا ما عرض عليهم )
كما عرض رسول الله صلى الله علية وسلم الإسلام على قبائل أخرى والوفود والأفراد وحصل من بعضهم على ردود صالحه وآمن به عدة رجال بعد هذا الموسم بقليل ومنهم سويد بن الصامت ، إياس بن معاذ ،أبو ذر الغفارى ، طفيل بن عمرو الدوسى ، ضماد الأزدى
وفى موسم الحج من السنة 11 من النبوة وجدت الدعوة الإسلامية بزوراً صالحة سرعان ما تحولت إلى شجرات باسقات أتقى المسلمون فى ظلالها الوراقة لفحات الظلم والعدوان حتى تغير مجرى الأحداث
وكان رسول الله صلى الله علية وسلم يخرج الى القبائل فى ظلام الليل حتى لا يحول بينه وبينهم أحد من أهل مكة المشركين فخرج ذات ليلة ومعه أبو بكر وعلَى فمر على منازل ذُهل وشيبان بن ثعلبة وكلمهم فى الإسلام غير أنهم لم يستجيبوا للدعوى الى الإسلام
ثم مر رسول الله صلى الله علية وسلم بعقبة منى فسمع أصوات رجال يتكلمون فعمد اليهم وكانوا ستة نفر من شباب يثرب كلهم من الخزرج وهم :-
• أسعد بن زرارة – من بنى النجار
• عوف بن حارث بن رفاعة أبن عفراء – من بنى النجار
• رافع بن مالك بن العجلان – من بنى رزيق
• قطبة بن عامر بن حدُيدة - من بنى سلمة
• عقبة بن عامر بن نابى – من بنى حَرام بن كعب
• جابر بن عبد الله بن رئاب – من بنى عبيد بن غنم
فلما لحقهم رسول الله صلى الله علية وسلم قال لهم من أنتم ؟ قالوا : نفر من الخزرج قال : " من موالى اليهود " ؟ ( أى حلفائهم ) قالوا : نعم قال : " أفلا تجلسون أكلمكم " ؟ قالوا : بلى فجلسوا معه فشرح لهم حقيقة الإسلام ودعوته ودعاهم إلى الله عز وجل وتلا عليهم القرآن فقال بعضهم لبعض : تعلمون والله ياقوم إنه للنبى الذى توعدكم به اليهود فلا تسبقنكم إليه فأسرعوا إلى إجابة دعوته وأسلموا
وكانوا من عقلاء يثرب أنهكتهم الحروب فيما بينهم والتى لا يزال لهيبها مستعراً فأملوا أن تكون دعوته صلى الله علية وسلم سبباً لنهاية الحرب وقالوا لرسول الله صلى الله علية وسلم أنهم أذا رجعوا الى أهلهم بالمدينة ندعوهم إلى أمرك ونعرض عليهم الذى أجبناك إلية من هذا الدين
ولما رجع هؤلاء إلى المدينة حملوا إليها رسالة الإسلام حتى لم تبق دار من دور الأنصار إلا وفيه ذكر رسول الله صلى الله علية وسلم
الإسراء والمعراج
*****
قال الله تعالى ( سُبحان الذِى أسرى بعَبدهِ ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذِى باركنا حولهُ لنُريهُ مِن ءاياتنا إنهُ هُو السمِيعُ البصيرُ) الإسراء :1
لقد كان لفقد رسول الله صلى الله علية وسلم لعمه وزوجته وما قاساه بعدهما من اشتداد أذى قريش وما أسفرت عنه محاولته الى الطائف من مشاق ونتائج أليمة ثم ما لقية من قريش عند عودته إلى مكة من عنت وصلف بدت أثارهما على النبى صلى الله علية وسلم حتى توجه الى الله تعالى شاكياً همومه ومعاناته ملتمساً النصر مجدداً العزم على المضى قُدماً فى تحمل مسئوليته فى نشر الدعوة مستهيناً بكل الصعاب ما دام الله راضياً عنه
فوقعت حادثة الأسراء والمعراج تسرية عن نفس النبى صلى الله علية وسلم ومواساة له وتكريماً وتثبيتاً وكان ذلك فى السنة العاشرة من البعثة بعد وفاة عمه أبى طالب وقبل هجرته إلى المدينة
مشاهد الإسراء والمعراج
*******
عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله علية وسلم " أتيت بالبرُاق وهو دابة أبيض طويل فوق الحمار ودون البغل يضع حافزه عند منتهى طرفه قال : فركبته حتى أتيت بيت المقدس فربطته بالحلقة التى يربط بها الأنبياء قال : ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين ثم خرجت فجاءني جبريل علية الصلاة والسلام بإناء من خمر وإناء من لبن فأخترت اللبن فقال جبريل علية السلام : أخترت الفطرة " 0 ( والحلقة : المراد بها هو باب بيت المقدس )
وروى أئمة الحديث تفاصيل هذه الوقعة فقال أبن القيم
******************************
•
أسرى برسول الله صلى الله علية وسلم بجسده على الصحيح من المسجد الحرام إلى بيت المقدس راكباً على البراق صحبه جبريل عليهما الصلاة والسلام فنزل هناك وصلى بالأنبياء إماماً وربط البراق بحلقة باب المسجد
• ثم عرُج به تلك الليلة من بيت المقدس إلى السماء الدنيا فأستفتح له جبريل ففتح له فرأى هنالك آدم أبا البشر فسلم عليه فرحب به ورد عليه السلام وأقر بنبوته وأراه الله أرواح السعداء عن يمينه وأرواح الأشقياء عن يساره
• ثم عرُج به الى السماء الثانية فأستفتح له فرأى فيها يحيى بن زكريا وعيسى أبن مريم فلقيهما وسلم عليهما فردا عليه ورحبا به وأقرا بنبوته
• ثم عُرج به الى السماء الثالثة فرأى فيها يوسف فسلم عليه فرد علية السلام ورحب به وأقر بنبوته
• ثم عُرج به الى السماء الرابعة فرأى فيها إدريس فسلم عليه فرد علية السلام ورحب به وأقر بنبوته
• ثم عُرج به الى السماء الخامسة فرأى فيها هارون بن عمران فسلم عليه فرد علية السلام ورحب به وأقر بنبوته
• ثم عُرج به الى السماء السادسة فلقى موسى بن عمران فسلم عليه فرد علية السلام ورحب به وأقر بنبوته
• ثم عُرج به الى السماء السابعة فلقى فيها إبراهيم علية السلام فسلم عليه فرد علية السلام ورحب به وأقر بنبوته
• ثم رُفع إلى سدرة المنتهى فإذا نبقها مثل قلاَل هَجَر وإذا ورقها مثل آذان الفيلة ثم غشيها فراش من ذهب ونور وألوان فتغيرت فما أحد من خلق الله يستطيع أن يصفها من حسنها ثم رفع له البيت المعمور وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ثم لا يعودون ثم أُُدخل الجنة فإذا فيها حبائل اللؤلؤ و ترابها المسك وعُرج به حتى ظهر ( أرتفع ) لمستوى يُسمع فيه صريف الأقلام
• ثم عُرج إلى الجبار جل جلاله فدنا منه حتى كان قاب قوسين أو أدنى فأوحى إلى عبده ما أوحى وفرض عليه خمسين صلاة فرجع حتى مّر على موسى فقال له : بم أمرك ربك ؟ قال بخمسين صلاة قال : إن أمتك لا تطيق ذلك ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك فالتفت إلى جبريل كأنه يستشيره فى ذلك فأشار : أن نعم إن شئت فعلا به جبريل حتى أتى الجبار تبارك وتعالى فوضع عنه عشراً ثم نزل حتى مر بموسى فأخبره فقال أرجع إلى ربك فاسأله التخفيف فلم يزل يتردد بين موسى وبين الله عز وجل حتى جعلها خمساً ولما قال موسى أرجع واسأل التخفيف قال " قد استحيت من ربى ولكنى أرضَى وأسلم " فلما بعد نادى مناد : قد أمضيت فريضتى وخففت عن عبادى
هل رأى النبى صلى الله علية وسلم رّبهُ عز وجل
***********
اختلف الصحابة هل رأى النبى صلى الله علية وسلم رّبهُ عز وجل تلك الليلة أم لا ؟
فصح عن ابن عباس أنه رأى رّبهُ وصح عنه أنه : رآه بفؤاده
وعن عائشة وأبن مسعود إنكار ذلك وقالاً إن قوله ( ولقد رآه نزلة أخرى ، عند سدرة المنتهى ) النجم 13 :14 أنما هو جبريل
وصح عن أبى ذر أنه سأله : هل رأيت ربك ؟ فقال " نور أنى أراه " أى حال بينى وبين رؤيته النور كما قال فى لفظ أخر " رأيت نوراً "
وقد حكى عثمان بن سعيد الدرامى أتفاق الصحابة على أنه لم يره
وقد رأى النبى صلى الله علية وسلم فى هذه الرحلة أموراً عديدة منها
***********************
• عُرض عليه صلى الله علية وسلم اللبن والخمر فأختار اللبن فقيل : هُديت الفطرة أو أحببت الفطرة أما إنك لو أخذت الخمر غوت أمتك
• رأى صلى الله علية وسلم أربعة أنهار يخرجن من أصل سدرة المنتهى نهران ظاهران ونهران باطنان فالظاهران هما النيل والفرات والباطنان نهران فى الجنة
• رأى صلى الله علية وسلم مالكاً خازن النار وهو لا يضحك وليس على وجه بِشر و بشاشة وكذلك رأى الجنة والنار
• رأى صلى الله علية وسلم أكلة أموال اليتامى ظلماً لهم مشافر كمشافر الإبل يقذفون فى أفواههم قطعاً من نار كالأفهار فتخرج من أدبارهم
• رأى صلى الله علية وسلم أكلة الربا لهم بطون كبيرة لا يقدرون لأجلها أن يتحولوا من أماكنهم ويمر بهم آل فرعون حين يعرضون على النار فيطأونهم
• رأى صلى الله علية وسلم الزناة بين أيديهم لحم سمين طيب إلى جنبه لحم غث منتن يأكلون من الغث المنتن ويتركون الطيب السمين
• رأى صلى الله علية وسلم النساء اللاتى يدخلن على الرجال من ليس من أولادهم رأهن معلقات بثديهن
• رأى صلى الله علية وسلم عيراً من أهل مكة فى الإياب والذهاب وقد دلهم على بعير نَدً لهم ، وشُرب ماءهم من إناء مغطى لهم وهم نائمون ثم ترك الإناء مغطى وقد صار ذلك دليلاً على صدق دعواه فى صباح ليلة الإسراء
الله عز وجل يُجلى بيت المقدس للنبى صلى الله علية وسلم
****************
قال ابن القيم : فلما أصبح رسول الله صلى الله علية وسلم فى قومه أخبرعم أراه الله عز وجل من أياته الكبرى فأشتد تكذيبهم له وأذاهم وضراوتهم عليه وسألوه أن يصف لهم بيت المقدس فجلاه الله له حتى عاينه فطفق يخبرهم عن آياته ولا يستطيعون أن يردوا عليه شيئاً وأخبرهم عن عيرهم مسراه ورجوعه وأخبرهم عن وقت قدومها وأخبرهم عن البعير الذى يقدمها وكان الأمر كما قال فلم يزدهم ذلك إلا نفوراً وأبى الظالمون إلا كُفوراً
يقال أن أبا بكر سُمى صديقاً من حادثة الإسراء والعراج لان النبى صلى الله علية وسلم قال ليلة أسرى به لجبريل علية السلام إن قومى لا يصدقونى فقال له : يصدقك أبو بكر وهو الصديق
بيعة العقبة الأولى
********
ذُكر من قبل أن ستة نفر من أهل بثرب أسلموا فى موسم الحج سنة 11 من النبوة ( بعقبة مِنىَ ) ووعدوا رسول الله بإبلاغ رسالته فى قومهم
وكان من جراء ذلك أن جاء فى الموسم التالى – موسم حج سنة 12 من النبوة – أثنا عشر رجلاً فيهم خمسة من الستة الذى كانوا قد التقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم فى العام السابق والسادس الذى لم يحضر هو جابر بن عبد الله بن رئاب وسبعة سواهم وهم :-
• معاذ بن الحارث ابن عفراء من بنى النجار – الخزرج
• ذكوان بن عبد القيس من بنى زريق - الخزرج
• عبادة بن الصامت من بنى غنم – الخزرج
• يزيد بن ثعلبة من حلفاء بنى غنم – الخزرج
• العباس بن عبادة بن نضلة من بنى سالم – الخزرج
• ابو الهيثم بن التيهان من بنى الأشهل – الأوس
• عُويم بن ساعدة من بنى عمرو بن عوف – الأوس
التقى هؤلاء برسول الله صلى الله علية وسلم عند العقبة بمنى فبايعوه ببيعه سميت بيعه النساء لأنها نفس بيعه النساء التى أخذها النبى صلى الله علية وسلم على النساء بعد الفتح من حيث النص
روى البخارى عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله علية وسلم قال : " تعالوا بايعوني على ألا تشركوا بالله شيئاً ولا تسرقوا , ولا تزنوا ولا تقتلوا أولادكم ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم ولا تعصونى فى معروف فمن وفى منكم فأجره على الله ومن أصاب من ذلك شيئاً فعوقب به فى الدنيا فهو له كفارة ومن أصاب من ذلك شيئاً فستره الله فأمره إلى الله إن شاء عاقبه وإن شاء عفا عنه " قال فبايعناه على ذلك
أول سفير فى الإسلام
*******
وبعد أن تمت البيعة وانتهى موسم الحج بعث النبى صلى الله علية وسلم مع هؤلاء المبايعين أول سفير فى يثرب ليعلم المسلمين فيها شرائع الإسلام ويفقههم فى الدين ويقوم بنشر الإسلام بين الذين لم يزالوا على الشرك واختار لهذه السفارة شاباَ من شباب الإسلام من السابقين الأولين وهو مُصعب بن عُمير العبدرى رضى الله عنه
نزل مصعب على أسعد بن زُرارة وأخذا يبثان الإسلام فى أهل يثرب وكان مصعب يُعرف بالمقرئ
ومن أروع ما يروى من نجاحه فى الدعوة أن أسعد بن زرارة خرج به يوماً يريد دار بنى عبد الأشهل ودار بنى ظَفر ، فدخلا فى حائط من حوائط بنى ظفر – بستان – وجلسا على بئر يقال لها بئر مرَقَ واجتمع إليهما من المسلمين ، وكان سعد بن معاذ وأسيد بن حُضير سيدا قومهما من بنى عبد الأشهل كانا على الشرك فلما سمعا بذلك قال سعد لأسيد : أذهب الى هذين ( يقصد مصعب وأسعد بن زُرارة ) فازجرهما وأنههما عن أن يأتيا دارينا ، فإن أسعد بن زُرارة ابن خالتى ولولا ذلك لكفيتك هذا
فأخذ أسيد حربته وأقبل اليهما فلما رآه أسعد قال لمصعب : هذا سيد قومه قد جاءك فاصدق الله فيه ، قال مصعب : إن يجلس أكلمه وجاء أسيد عليهما متشتماً وقال : ما جاء بكما إلينا ؟ تسفعان ضعفاءنا ؟ اعتزلانا إن كانت لكما بأنفسكما حاجة – يقصد إن تريدا النجاة بأنفسكم والخوف عليها - فقال له مصعب : أو تجلس فتسمع فإن رضيت قبلته وإن كرهته كف عنك ما تكره فقال : أنصفت ثم ركز حربته وجلس فكلمة مصعب بالإسلام وتلا عليه القرآن فال : فوالله لعرفنا فى وجهه الإسلام قبل أن يتكلم فى أشراقه وتهلله ثم قال ما أحسن هذا وأجمله ؟ كيف تصنعون إذا أردتم أن تدخلوا فى هذا الدين ، قالا له : تغتسل وتطهر ثوبك ثم تشهد شهادة الحق ثم تصلى ركعتين فقام وأغتسل وطهر ثوبه وتشهد وصلى ركعتين ، ثم قال أن ورائى رجلاً إن تبعكما لم يتخلف عنه أحد من قومه وسأرشده إليكما الآن ( يقصد سعد بن معاذ ) ثم أخذ حربته وأنصرف الى سعد وقومه وهم جلوس فى ناديهم فقال سعد : أحلف بالله لقد جاءكم بغير الوجه الذى ذهب به من عندكم – ثم عاود مصعب ما فعله أثناء لقاء أسيد مع سعد بن معاذ وعاد سعد الى قومه فلما وقف عليهم وقال : بابنى عبد الأشهل كيف تعلمون أمرى فيكم ؟ قالوا يبدنا وأفضلنا رأياً قال فأن كلام رجالكم ونسائكم علّى حرام حتى تؤمنوا بالله ورسوله – فما أمسى فيهم رجل ولا امرأة إلا مسلما أو مسلمة إلا رجل واحد وهو الأُصيرِم تا×ر إسلامه إلى يوم أحد فأسلم ذلك اليوم وقاتل وقتل ولم يسجد لله سجدة فقال النبى صلى الله علية وسلم " عمل قليلاً وأجر كثيراً "
وأقام مصعب فى بيت أسعد بن زرارة يدعو الناس الى الإسلام حتى لم تبق دار من دور الأنصار إلا وفيها رجال ونساء مسلمون إلا قليلاً
وقبل حلول موسم الحج التالى – حج السنة الثالثة عشر – عاد مصعب إلى مكة يحمل إلى رسول الله صلى الله علية وسلم بشائر الفوز
بيعه العقبة الثانية
*********
فى موسم الحج فى السنة الثالثة عشرة من النبوة حضر لأداء مناسك الحج بضع وسبعون من المسلمين من اهل يثرب جاءوا ضمن حجاج قومهم من المشركين – فلما قدموا مكة جرت بينهم وبين النبى صلى الله علية وسلم أصالات سرية أدت إلى أتفاق الفريقين على أن يجتمعوا فى أوسط ايام التشريق فى الشعب التى عند العقبة حيث الجمرة الأولى من منى وان يتم الأجتماع فى سرية تامة فى ظلام الليل
يقول كعب بن مالك الأنصارى رضى الله عنه : خرجنا الى الحج وواعدنا رسول الله صلى الله علية وسلم بالعقبة من أوسط أيام التشريق فلما فرغنا من الحج وكانت الليلة التى واعدنا رسول الله صلى الله علية وسلم
لها ومعنا عبد الله بن عمرو بن حَرام ابو جابر سيد من ساداتنا وشريف من أشرافنا أخذناه معنا – وكنا نكتم من معنا من المشركين أمرنا – فكلمناه وقلنا له يا أباجابر إنك سيد من ساداتنا وشريف من اشرافنا وإنا نرغب بك عما أنت فيه أن تكون حطباً للنار غداً ثم دعوناه إلى الإسلام وأخبرناه بميعاد رسول الله صلى الله علية وسلم
إيانا بالعقية قال فاسلم وشهد معنا العقبة وكان نقيباً
وقال كعب : فنمنا تلك الليلة فى قومنا فى رحالنا حتى إذا مضى ثلث الليل خرجنا من رحالنا لميعاد رسول الله صلى الله علية وسلم نتسلل تسلل القَطَا ، مستخفين حتى أجتمعنا فى الشعب عند العقبة ونحن ثلاثة وسبعون رجلاً وأمرأتان من نسائنا ( الأولى نُسيبة بنت كعب - أم عُمارة – من بنى مازن بن النجار والأخرى أسماء بنت عمرو – أم منيع من بنى سلمة )
فاجتمعنا فى الشعب ننتظر رسول الله صلى الله علية وسلم حتى جاءنا ومعه عمه العباس بن عبد المطلب - وكان يومئذ على دين قومه- إلا أنه أحب أن يحضر أمر ابن أخيه ويتوثق له وكان أول متكلم ليشرح للأنصار خطورة المسئولية التى ستلقى على كواهلهم نتيجة هذا التحالف فقال :-
يامعشر الخزرج – وكان العرب يسمون الأنصار خزرجاً، خزرجها وأوسها كليهما – أن محمداً منا حيث علمتم وقد منعناه من قومنا ممن هو على مثل راينا فيه ، فهو فى عز من قومه ومنعه فى بلده ، وإنه قد أبى إلا الانحياز إليكم واللحوق بكم ، فإن كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه إليه ، وما نعوه ممن خالفه ، فأنتم وما تحملتم من ذلك وأن كنتم ترون أنكم مُسلِمُه وخاذلوه بعد الخروج إليكم فمن الآن فدعوه فإنه فى عز ومنعة من قومه وبلده
قال كعب : فقلنا له : قد سمعنا ما قلت فتكلم يا رسول الله فخذ لنفسك ولربك ما أحببت
وألقى رسول الله صلى الله علية وسلم بيانه ثم تمت البيعة
وقد روى ذلك الإمام أحمد عن جابر مفصلاً قال صابر : قلنا : يارسول الله علام نبايعك ؟ قال
• على السمع والطاعة فى النشاط والكسل
• وعلى النفقة فى العسر واليسر
• وعلى الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر
• وعلى أن تقوموا فى الله لا تأخذكم فى الله لومة لائم
• وعلى أن تنصرونى اذا قدمت إليكم وتمنعونى مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم ولكم الجنة
وفى رواية كعب – التى رواها أبن أسحاق والخاصة بالبند الأخير من هذه البنود ففيه : قال كعب فتكلم رسول الله صلى الله علية وسلم فتلا القرآن ودعا إلى الله ورغب فى الإسلام ثم قال " أبايعكم على أن تمنعونى مما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم " فاخذ البراء بن معرور بيده ثم قال : نعم والذى بعثك بالحق نبياً لنمنعنك مما نمنع أزُرنا منه فبايعنا يار سول الله فنحن والله أبناء الحرب وأهل الحَلْقة ورثناها كابراً عن كابر
قال فأعترض القول- والبراء يكلم رسول الله صلى الله علية وسلم – ابو الهيثم بن التيهان فقال يارسول الله أن بيننا وبين الرجال حبالاً وإنا قاطعوها – يقصد اليهود – فهل عسيت إن نحن فعلنا ذلك ثم أظهرك الله أن ترجع إلى قومك وتدعنا ؟
قال : فتبسم رسول الله صلى الله علية وسلم ثم قال " بل الدُم الدُم والهدمُ الهدمُ، أنا منكم وأنتم من أحارب من حاربتم وأسالم من سالمتم
وبعد أن تمت المحادثة حول شروط البيعة وأجمعوا على الشروع فى عقدها قام رجلان ممن أسلموا فى مواسم سنتى 11 ، 12 من النبوة قام أحدهما تلو الأخر ليؤكدا للقوم خطورة المسئولية حتى لا يبايعوه - رسول الله صلى الله علية وسلم – إلا على جلية من الأمر ويتأكدوا من استعداد القوم للتضحية
قال ابن إسحاق : لما أجتمعوا للبيعة قال العباس بن عباده بن نضلة : هل تدرون علام تبايعون هذا الرجل " قالوا نعم قال : إنكم تبايعونه على حرب الأحمر والأسود من الناس فأن كنتم ترون أنكم إذا نهكت أموالكم مصيبة ، وأشرافكم قتلا أسلمتموه ، فمن اآن فهو والله إن فعلتم جزى الدنيا والآخرة وإن كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه إلية على نهكَة الأموال وقتل الأشراف فخذوه فهو والله خير الدنيا والآخرة
قالوا : فإنا نأخذه على مصيبة الأموال وقتل الأشراف فمالنا بذلك يار سول الله إن نحن وفينا بذلك ؟ قال : " الجنة " قالوا : أبسط يدك فبسط يده فبايعوه
وفى رواية جابر ( قال ) فقمنا نبايعه ، فاخذ بيده أسعد بن زرارة وكان أصغر السبعين – فقال رويدا يا أهل يثرب إنا لم نضرب إليه اكباد الأبل الإ ونحن نعلم أنه رسول الله وأن إخراجه اليوم مفارقه العرب كافة ، وقتل خياركم ، وأن تعضكم السيوف ، فإما أنتم تصبرون على ذلك فخذوه ، وأجركم على الله ، وإما أنتم تخافون من أنفسكم خيفة فذروة فهو أعذر لكم عند الله
وهنا بعد التأكد من خطورة البيعة وأستعداد القوم للتضحية بدأت البيعة العامة قال جابر : قمنا إليه – الى رسول الله صلى الله علية وسلم – فأخذ علينا البيعة يعطينا بذلك الجنة
أما بيعه المرأتين اللتين شهدتا الوقعة فكانت قولاً ما صافح رسول الله صلى الله علية وسلم أمرآة أجنبية قط
وبعت أن تمت البيعة طلب رسول الله صلى الله علية وسلم أن يختاروا أثنى عشر زعيماً يكونون نقباء على قومهم يكفلون المسئولية عنهم فى تنفيذ بنود هذة البيعة فقال للقوم : أخرجوا إلىّ منكم أثنى عشر نقيباً ليكونوا على قومهم بما فيهم وتم اختيارهم فى الحال ، تسعة من الخزرج وثلاثة من الأوس
نقباء الخزرج وهم :-
1 – أسعد بن زرارة بن عدس
2 – سعد بن الربيع بن عمرو
3 – عبد الله بن رواحة بن تعلبة
4 – رافع بن مالك بن العجلان
5 – البراء بن معرور بن صخر
6 – عبد الله بن عمرو بن حَرَام
7 – عبدة بن الصامت بن قيس
8 – سعد بن عبادة بن دليم
9 – المنذر بن عمرو بن خُنيس
نقباء الأوس وهم :-
1 – أسيد بن خضر بن سماَك
2 – سعد ين خيثمة بن الحارث
3 – رفاعة بن عبد المنذر بن زبير
ولما تم اختيارهم أخذ عليهم رسول الله صلى الله علية وسلم ميثاقاً أخر بصفتهم رؤساء مسئولين قال لهم " أنتم على قومكم بما فيهم كفلاء ككفالة الحواريين لعيسى أبن مريم وأنا كفيل على قومى " - يعنى المسلمين – قالوا : نعم
شيطان يكشف المعاهدة
*********
عندما تم ابرام المعاهدة وكان القوم على وشك الأنفضاض اكتشفها أحد الشياطين وكان ذلك فى اللحظة الأخيرة ولم يتمكن من ابلاغ زعماء قريش هذا الخبر سراً ليباغتوا المجتمعين وهم فى الشعب ، فقام الشيطان على مرتفع من الأرض وصاح بأعلى صوت سمع قط : يأهل الجباجب – المنازل – هل لكم فى مُذمّم والصباة معه ؟ - يقصد محمد صلى الله علية وسلم والمسلمين – قد أجتمعوا على حربكم ، فقال رسول الله صلى الله علية وسلم" هذا أَزبّ العقبة ، أما والله ياعدو الله لأتفرغن لك " ثم أمرهم أن ينفضوا إلى رحالهم
وعند سماع صوت هذا الشيطان قال العباس بن عبادة بن نضلة : والذة بعثك بالحق إن شئت لنميلن على أهل منى غداً باسيافنا فقال فقال رسول الله صلى الله علية وسلم " لم نؤمر بذلك ولكن أرجعوا إلى رحالكم فرجعوا وناموا حتى أصبحوا
لما قرع هذا الخبر آذان قريش وقعت فيهم ضجة وسارورتهم القلائل والأحزان لانهم كانوا على معرفة تامة بعواقب مثل هذه البيعة ونتائجها بالنسبة إلى أنفسهم وأموالهم فما أن أصبحوا حتى توجه وفد كبير من زعماء مكة إلى أهل يثرب ليقدم احتجاجه على هذة المعاهدة
وكان مشركوا الخزرج لا يعرفون شيئاً عن هذة البيعة لانها تمت فى سرية تامة فى ظلام الليل ، أخذ هؤلاء المشركون يحلفون بالله ما كان من شئ وما علمناه حتى أتو عبد الله بن أبى بن سلول فجعل يقول هذا باطل وما كان هذا وما كان قومى ليفتاتوا على بمثل هذا ولو كنت بيثرب ما صنع قومى هذا حتى يؤامرونى
أما المسلمون فنظر بعضهم الى بعض ثم لاذوا بالصمت فلم يتحدث أحد منهم بنفى أو أثبات ومال زعماء قريش الى تصديق المشركين فرجعوا خائبين
ثم عاد زعماء مكة وهم على شبة اليقين من كذب هذا الخبر لكنهم لم يزالوا يدققون النظر فيه حتى تأكدوا أن الخبر صحيح وأن البيعة قد تمت فعلاً وذلك بعد أن نفر الحجيج إلى أوطانهم فسارع فرسانهم بمطاردة حجاج يثرب ولكن بعد فوات الأوان ، ألا أنهم تمكنوا من رؤية سعد بن عبادة والمنذر ابن عمرو فطاردوهما فأما المنذر فأعجز القوم – لم يتمكنوا منه – وأما سعد فألقوا القبض علية وربطوا يديه الى عنقه وجعلوا يضربونه ويجرونه حتى أدخلوه مكة فجاءه المطعم بن عدى والحارث بن أمية فخلصاه من أيديهم ووصل القوم جميعاً الى المدينة
هذه هى أهم أحداث العقبة الثانية والتى تعرف ببيعه العقبة الكبرى
طلائع الهجرة
****
وبعد أن تمت بيعه العقبة الثانية ونجح الإسلام فى تأسيس وطن له وسط صحراء تموج بالكفر والجهالة وهذا كان أكبر كسب حصل علية الإسلام منذ بداية الدعوة ، بعد ذلك أذن رسول الله صلى الله علية وسلم بالهجرة إلى هذا الوطن
وبدأ المسلمون بالهجرة بعد أن تركوا ورائهم تجارتهم وأموالهم وربما أهلهم وأخذ المشركون يحولون بينهم وبين خروجهم لمّا كانوا يحسون به من الخطر وهناك أمثلة على ما لقيه المهاجرين من المشركين أثناء الهجرة فهذا أبو سلمة يمنعون عنه زوجتة وأبنه من الخروج معه ، و صهيب بن سنان الرومى ضحى بماله حتى يخلوا سبيله فبلغ ذلك رسول الله صلى الله علية وسلم فقال : ربح صهيب ربح صهيب وغيرهم كثير
وخرج الناس أرسالأً يتبع بعضهم البعض وبعد شهرين وعدة أيام من بيعه العقبة الكبرى لم يبق بمكة من المسلمين إلا رسول الله صلى الله علية وسلم وأبو بكر وعلى ومن أحتبسه المشركون كرهاً – وعاد عامة من كان هاجر بأرض الحبشة إلى المدينة
شعر المشركون بتفاقم الخطر الذى يهدد كيانهم فصاروا يبحثون عن أنجح الوسائل لدفع هذا الخطر الذى مبعثه الوحيد هو حامل لواء دعوة الإسلام محمد صلى الله علية وسلم
فتم عقد اجتماع بدار الندوة وتوافد عليه زعماء القبائل القرشية ليتدارسوا خطة للقضاء على حامل الدعوة الإسلامية ( سيدنا محمد صلى الله علية وسلم ) ولما جاءوا إلى دار الندوة اعترضهم إبليس علية لعنه الله ووقف على الباب فقالوا له من الشيخ : قال شيخ من أهل نجد سمع بالذى بتّ له فخضر معكم ليسمع ما تقولون وعسى ألا يعدمكم منه راياً ونصحاً قالوا أجل فأدخل فدخل معهم
وعند اكتمال تواجد الزعماء دار النقاش وعرض الاقتراحات والحلول فمنهم من قال نخرجه من بين أظهرنا وننفيه من بلادنا ، ومنهم من قال أحبسوه فى الحديد وأغلقوا عليه باباً ، وهنا تقدم كبير مجرمى مكة أبو جهل بن هشام برأيه وهو ان يأخذوا من كل قبيلة فتى شاباً قويا ثم يأخذ كل منهم سيفاً صارماً ويعمدوا الى محمد ( صلى الله علية وسلم ) فيضربوه ضربه رجل واحد فيقتلوه ويتفرق دمه فى القبائل جميعاً – ومنهم من قال أن هذا الرأى هو رأى الشيخ ( أبليس )