الفصل السادس عشر
الايمان بوجوب محبة محبة اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأفضليتهم
واجلال أئمة الاسلام وطاعة ولاة أمور المسلمين .
[size="5"][/size]
يؤمن المسلم بوجوب محبة اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وآل بيته وأفضليتهم على من سواهم من المؤمنين والمسلمين وأنهم فيما بينهم متفاوتون فى الفضل وعلو الدرجة بحسب اسبقيتهم فى الاسلام فأفضلهم الخلفاء الراشدون الأربعه : أبو بكر , وعمر , وعثمان , وعلى رضى اله تعالى عنهم اجمعين
ثم العشرة المبشرين بالجنة وهم الراشدون الاربعه وطلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام وسعد بن ابى وقاص وسعيد بن زيد وابو عبيده عامر بن الجراح وعبد الرحمن بن عوف ثم أهل بدر ثم المبشرون بالجنة من غير العشره كفاطمة الزهراء وولديها الحسنين وثابت بن قيس وبلال بن رباح وغيرهم ثم اهل بيعة الرضوان وكانوا الف وربعمائة صحابى رضى الله تعالى عنهم اجمعين .
كما يؤمن المسلم بواجب طاعة ولاة أمور المسلمين وتعظيمهم واحترامهم والجهاد معهم والصلاة خلفهم وحرمة الخروج عليهم ولذا يلتزم حيال كل هؤلاء المذكورين بآداب خاصه
أما أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وآل بيته :
1 – يحبهم لحب الله تعالى وحب رسوله لهم , اذ اخبر تبارك وتعالى انه يحبهم ويحبونه فى قوله (( فسوف يأتى الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون فى سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ))(المائده)
كما قال فى وصفهم (( محمد رسول الله والذين معه أشدآء على الكفار رحماء بينهم ))(الفتح)
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( الله الله فى اصحابى لا تتخذوهم غرضا بعدى فمن احبهم فبحبى احبهم ومن أبغضهم فبغضى أبغضهم ومن أذاهم فقد أذانى ومن آذى الله يوشك أن يأخذه ))(رواه الترمذى 3862 وحسنه )
2 – يؤمن بأفضليتهم على غيرهم من سائر المسلمين والمؤمنين لقوله تعالى فى ثنائه عليهم (( والسابقون الاولون من المهاجرين والانصار والذين اتبعوهم باحسان رضى الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجرى من تحتها الانهار خالدين فيها ابدا ذلك الفوز العظيم ))( التوبه )
وقال رسول الله عليه الصلاة والسلام (( لا تسبوا اصحابى فان احدكم لو أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه ))(رواه ابو داوود 4658 باسناد حسن )
3 – أن يرى ان ابا بكر افضل اصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام ومن دونهم على الاطلاق وان الذين يلونه فى الفضل هم عمر ثم عثمان ثم على رضى الله عنهم اجمعين وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم (( لو كنت متخذا من أمتى خليلا لاتخذت ابا بكر ولكن اخى وصاحبى ))(رواه البخارى 126/1)
وقول ابن عمر رضى الله عنه كنا نقول للنبى صلى الله عليه وسلم حى ابو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم على فبلغ ذلك النبى عليه الصلاة والسلام فلم ينكرها ولقول على رضى الله عنه خير هذه الامه بعد نبيها هو ابو بكر ثم عمر ولو شئت لسميت الثالث أى عثمان رضى الله عنهم اجمعين - كنز العمال 32684 , 36139 .
4 – أن يقر بمزاياهم ويعترف بمناقبهم كمنقبة ابى بكر الصديق وعمر وعثمان فى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحد وقد رجف وهم فوقه (( اسكن أحد انما عليك نبى وصديق وشهيدان )) وكقوله لعلى رضى الله عنه (( أما ترضى ان تكون منى بمنزلة هارون من موسى ؟ وقوله فاطمة سيدة نساء اهل الجنه وكقوله للزبير ابن العوام (( ان كل نبى حوارى وان حواريى الزبير بن العوام وكقوله فى الحسن والحسين اللهم أحبهما فانى احبهما وكقوله لعبد الله بن عمر ان عبد الله رجل صالح(رواه البخارى 31/5 , 47 و 51 /9)كقوله زيد بن حارثه : أنت اخونا ومولانا ( رواه البخارى 232/3 , 180 و 29 /5)وقوله لجعفر بن ابى طالب : أشبهت
خلقى وخلقى( رواه البخارى 242/3 , 180 و 24/5)
وقوله لبلال بن رباح : سمعت دف نعليك بين يدى فى الجنه وكقوله فى سالم مولى ابى حذيفه وعبد الله بن مسعود وأبى بن كعب ومعاذ بن جبل (رواه البخارى 34 و 45 /5)وكقوله فى عائشه : وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام ( رواه البخارى فى صحيحه 5419)
وكقوله فى الانصار (( لم ان الانصار سلكوا واديا او شعبا لسلكت فى وادى الانصار ولولا الهجرة لكنت امرأ من الانصار ))( رواه البخارى 38/5)
وقال(( الانصار لا يحبهم الا مؤمن ولا يبغضهم الا منافق فمن احبهم احبه الله ومن ابغضهم ابغضه الله ))( رواه البخارى فى صحيحه 3783) وكقوله فى سعد بن معاذ (( اهتز العرش لموت سعد بن معاذ ))( رواه البخارى 3803)
وكمنقبة اسد بن حضير اذ كان مع احد اصحاب النبى صلى الله عليه وسلم فى بيت رسول الله فى ليلة مظلمه فلما خرجا واذا نور بين ايديهما يمشيان فيه فلما تفرقا تفرق النور معهما – وردت هذه القصه فى صحيح البخارى 3805)
وكقوله لابى بن كعب (( ان الله أمرنى ان أقرأ عليك : (( لم يكن الذين كفروا ...))(البينه) قال وسمانى ؟! قال نعم فبكى أبى .(( رواه الامام احمد 130 /3)
وكقوله فى خالد بن الوليد (( سيف من سيوف الله مسلول ))(رواه البخارى فى صحيحه 3757)
وكقوله فى الحسن (( ابنى هذا سيد ولعل الله ان يصلح به فئتين من المسلمين ))(رواه البخارى 249/4 , 32/5)
وكقوله فى ابى عبيده(( لكل أمة أمين وان اميننا ايتها الامه ابو عبيدة بن الجراح ))(رواه البخارى 218/5 , 109/9) رضى الله عنهم وأرضاهم اجمعين .
5 – يكف عن ذكر مساوئهم ويسكت عن الخلاف الذى شجر بينهم لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (( لا تسبوا اصحابى )) وقوله (( لا تتخذوهم غرضا بعدى ))وقوله (( فمن آذاهم فقد آذانى ومن أذانى فقد أذى الله ومن أذى الله يوشك ان يأخذه))(سبق تخريج الحديث)
6 – أن يؤمن بحرمة زوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنهن طاهرات مبرءات وأن يترضى عليهم ويرى ان افضلهن خديجة بنت خويلد وعائشة بنت ابى بكر وذلك لقول الله تعالى (( النبى أولى بالمؤمنين من انفسهم وازواجه أمهاتهم ))(الاحزاب)
وأما ائمة الاسلام من قراء ومحدثين وفقهاء فانه :
1 – يحبهم ويترحم عليهم ويستغفر لهم ويعترف لهم بالفضل لانهم ذكروا فى قول الله تعالى (( والذين اتبعوهم باحسان رضى الله عنهم ورضوا عنه ))( التوبه)
وفى قول الرسول صلى الله عليه وسلم (( خيركم قرنى ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم))( رواه البخارى 224 / 3 , 176 و 113 / 8 , ورواه مسلم 214 كتاب فضائل الصحابه)
فعامة القراء والمحدثين والفقهاء والمفسرين كانوا من اهل هذه القرون الثلاثه الذين شهد لهم رسول الله بالخير وقد أثنى الله على المستغفرين لمن سبقوا بالايمان فى قوله (( ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان))( الحشر) فهو اذا يستغفر لكل المؤمنين والمؤمنات
2 – لا يذكرهم الا بخير ولا يعيب عليهم قولا ولا رأيا ويعلم انهم كانوا مجتهدين مخلصين فيتأدب معهم عند ذكرهم ويفضل رأيهم على رأى من بعدهم وما رأوه على ما رآه من اتى بعدهم من علماء وفقهاء ومفسرين ومحدثين ولا يترك قولهم الا لقول الله او قول رسول الله صلى الله عليه وسلم او قول صحابته رضوان الله عليهم اجمعين
3 – ان ما دونه الائمة الاربعه : مالك والشافعى وابو حنيفة واحمد وما رأوه وقالوه من مسائل الدين والفقه والشرع هو مستمد من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وليس لهم الا ما فهوه من هذين الاصلين او استنبطوه منهما او قاسوه عليهما .
4 – يرى ان الاخذ بما دونه احد هؤلاء الاعلام من مسائل الفقه والدين جائز وان العمل به عمل بشريعة الله عز وجل مالم يعارض بنص صريح صحيح من كتاب الله او سنة رسوله صلى الله علي وسلم فلا يترك قول الله او قول رسوله لقول احدا من خلقه كائنا من كان وذلك لقوله تعالى (( ياأيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدى الله ورسوله ))( الحجرات)
وقوله (( ما كان لمؤمن ولا مؤمنه اذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم))(الاحزاب)
وقوله صلى الله عليه وسلم (( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد )) ( رواه البخارى 91 /3 , 132 /9 , ورواه مسلم 18 كتاب الأقضيه )
وقوله (( والذى نفسى بيده لا يؤمن احدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به ))(رواه النووى وقال فيه حسن صحيح )
5 – يرى انهم بشر يصيبون ويخطئون فقد يخطئ احدهم الحق فى مسألة من المسائل لا عن قصد وعمد – حاشاهم – ولكن عن غفلة او سهو او نسيان او عدم احاطه فلهذا المسلم لا يتعصب لرأى احدهم دون آخر بل له ان يأخذ عن اى واحد منهم ولا يرد قولهم الا لقول الله , او قول رسول الله صلى الله عليه وسلم .
6 – يعذرهم فيما اختلفوا فيه من بعض مسائل الدين الفرعيه ويرى ان اختلافهم لم يكن جهلا منهم ولا تعصب لآرائهم وانما كان : اما ان المخالف لم يبلغه الحديث أو رأى نسخ هذا الحديث الذى لم يأخذ به أو عارضه حديث اخر فرجحه عليه او فهم منه مالم يفهمه غيره اذ من الجائز ان تختلف الافهام فى مدلول اللفظ فيحمله كل على فهمه الخاص ومثال هذا ما فهمه الامام الشافعى رضى الله عنه من نقض الوضوء بمس المرأة مطلقا فهما من قوله تعالى ( او لامستم النساء))( المائده ) فقد فهم او لامستم المس , ولم ير غيره فقال بوجوب الوضوء لمجرد مس المرأه وفهم غيره المراد من الملامسه فى الاية الجماع فلم يوجبوا الوضوء بمجرد المس بل لا بد من قدر زائد كالقصد او وجود اللذه .
وقد يقول قائل : لم لم يتنازل الامام الشافعى عن فهمه ليوافق باقى الائمة ويقطع دابر الخلاف عن الامه ؟
الجواب : انه لا يجوز له ابدا ان يفهم عن ربه شيئا لا يخالجه فيه ادنى ريب ثم يتركه لمجرد رأى او فهم امام اخر , فيصبح متبعا لقول الناس تاركا قول الله وهو من اعظم الذنوب عند الله تعالى .
نعم .. لو ان فهمه من النص عارضه نص صريح من كتاب او سنه لوجب عليه التمسك بدلالة النص الظاهره ويترك ما فهمه من ذلك اللفظ الذى دلالته ليست نصا صريحا ولا ظاهرا اذ لو كانت دلالته قطعية لما اختلف فيه اثنان من عامة الأمه فضلا عن الائمه .
وأما ولاة أمور المسلمين فانه :
1 – يرى وجوب طاعتهم لقوله تعالى (( ياأيها الذين آمنوا اطيعوا الله والرسول وأولى الامر منكم ))( النساء)
ولوقل الرسول صلى الله عليه وسلم (( اسمعوا واطيعوا وان تأمر عليكم عبد حبشى كأن رأسه زبيبة))(رواه البخارى 78/9)
وقوله (( من أطاعنى فقد أطاع الله ومن عصانى فقد عصى الله ومن أطاع أميرى فقد أطاعنى ومن عصى اميرى فقد عصانى ))(رواه البخارى 77 / 9)
ولكن لا يرى طاعتهم فى معصية الله عز وجل لان طاعة الله مقدمة على طاعتهم فى قوله (( ولا يعصينك فى معروف ))(الممتحنه)
ولان الرسول عليه الصلاة والسلام قال (( انما الطاعة فى المعروف))( رواه البخارى 89/9 , ورواه مسلم 40 , 39 كتاب الاماره )
وقال ايضا (( لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق ))( رواه البخارى 109/9 ومسلم 9 كتاب الاماره )
وقوله (( لا طاعة فى معصية الله ))(رواه الامام احمد 131و409/1 , 66/5 )
وقال ايضا عليه الصلاة والسلام (( السمع والطاعة على المرء المسلم فيما احب وكره مالم يؤمر بمعصيه فاذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة))(رواه البخارى 78/9 , وابو داوود 2626 , والترمذى 17/7 , والامام احمد 17/2)
2 – يرى حرمة الخروج عليهم او اعلان معصيتهم لما فى ذلك من شق عصا الطاعة على سلطان المسلمين ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن ينصح لهم فى غير اهانه وانتقاض كرامة لقوله صلى الله عليه وسلم (( الدين النصيحه )) قلنا : لمن ؟ قال (( لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ))( رواه مسلم 95 كتاب الايمان )
4 – ان يجاهد وراءهم ويصلى خلفهم وان فسقوا وارتكبوا المحرمات التى هى دون الكفر لقوله عليه الصلاة والسلام لمن سأله عن طاعة امراء السوء (( اسمعوا وأطيعوا فانما عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم )) ( رواه مسلم 49 و 50 كتاب الايمان )
لقول عبادة بن الصامت : بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة فى منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأن لا ننازع الامر اهله قال (( الا ان تروا كفرا بواحا عندكم فيه من الله برهان ))( رواه الامام مسلم 42 كتاب الايمان ومعنى بواحا اى ظاهرا مكشوفا ومعنى برهان دليل وحجه )