الهِجْرَة والإخْرَاج
يَخْلِط كَثِير مِنَ النَّاس بَيْنَ لَفْظَتَيْ الهِجْرَة والإخْرَاج في حَقّ النَّبِيّ صَلَّى الله عليه وسَلَّم، فالذي حَدَثَ أنَّ الكُفَّار أخْرَجُوا النَّبِيّ صَلَّى الله عليه وسَلَّم مِنْ مَكَّة، ولكِنَّه لَمْ يُهَاجِر مِنْهَا، ودَلِيل ذَلِك قَوْل الله تعالى [ وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ]، وقَوْله أيْضَاً [ إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ ... ] الآيَة، وقَوْل النَّبِيّ صَلَّى الله عليه وسَلَّم [ ما أطْيَبكِ مِنْ بَلَد وأحَبّكِ إليّ، ولولا أنَّ قَوْمِي أخْرَجُونِي مِنْكِ ما سَكَنْتُ غَيْركِ ]، أمَّا الهِجْرَة فهِيَ تُقَال في حَقّ بَاقِي المُسْلِمِين الذين هَاجَرُوا بنَاءً عَلَى أمْر النَّبِيّ صَلَّى الله عليه وسَلَّم لَهُم، فالجَمِيع هَجَرَ مَكَّة إلى المَدِينَة، ولكن المُسْلِمِين هَجَرُوا مَكَّة هِجْرَةً بنَاءً عَلَى أمْر النَّبِيّ صَلَّى الله عليه وسَلَّم، وهو هَجَرَهَا إخْرَاجَاً مِنْ قَوْمه، وتَنْفِيذَاً لأمْر الله تعالى له بالخُرُوج.
المَيْتْ والمَيِّتْ
لَفْظَة المَيْتْ بثبُوتْ اليَاء تَعْنِي كُلّ مَا لَيْسَ بِهِ روح، ودَلِيل ذَلِك قَوْله تعالى [ وَآيَةٌ لَّهُمُ الأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ ]، والإحْيَاء لا يكون إلاَّ بَعْد المَوْت، وكَذَلِك قَوْله تعالى [ إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللّهِ ... ] الآيَة، أمَّا لَفْظَة المَيِّتْ بتَشْدِيد اليَاء فتَعْنِي كُلّ مَا بِهِ روح، ولكن ما سَيَؤُول إلَيْه حَاله في النِّهَايَة بالمَوْت، بدَلِيل قَوْله تعالى لرسول الله صَلَّى الله عليه وسَلَّم [ إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ ].
حَسْبِي مِنْ سُؤَالِي عِلْمه بحَالِي
هذا يُحْكَى عن الخَلِيل عَلَيْه السَّلام لَمَّا أُلْقِيَ في النَّار، قال جِبْرِيل عِنْدَ ذَلِك [ ألَكَ حَاجَة؟ قال: أمَّا إلَيْكَ؛ فلا، قال جِبْرِيل: فسَلْ رَبّك، فقال إبْرَاهِيم: حَسْبِي مِنْ سُؤَالِي عِلْمه بحَالِي ]، وفي لَفْظ آخَر [ عِلْمه بحَالِي يُغْنِي عن سُؤَالِي ]، وقد قال ابن تَيْمِيَّة في هذا القَوْل [ كلام بَاطِل ]، وفي تَنْزيه الشَّرِيعَة لابن عِرَاق نَقَلَ عن ابن تَيْمِيَّة أنَّه مَوْضُوع، وقال الألْبَاني في السِّلْسِلَة الصَّحِيحَة [ لا أصْلَ لَهُ ]، ثُمَّ قال بَعْدَ بَحْث نَفِيس [ وبالجُمْلَة فهذا الكلام المَعْزو إلى إبْرَاهِيم عَلَيْه الصَّلاة والسَّلام لا يَصْدُر مِنْ مُسْلِم يَعْرِف مَنْزِلَة الدُّعَاء في الإسْلام، فكَيْفَ يَقُوله مَن سَمَّانَا مُسْلِمِين ].
اسْتَجَرْتُ برسول الله
الاسْتِجَارَة برَسُول الله صَلَّى الله عليه وسَلَّم هي اسْتِجَارَة بمَخْلُوق، وهي عَلَى ثَلاثَة أنْوَاع:
1- اسْتِجَارَة بِهِ في حَيَاته فيِمَا يَقْدِر عَلَيْه مِن أُمُور الدُّنْيَا، فهذا جَائِز.
2- اسْتِجَارَة بِهِ في حَيَاتِه فيِمَا لا يَقْدِر عَلَيْه، وهو مِن خَصَائِص الله سُبْحَانه وتَعَالَى، وهذا شِرْك أكْبَر يَحْرُم عَمَله أو إقْرَاره.
3- اسْتِجَارَة بِهِ بَعْد وَفَاته صَلَّى الله عليه وسَلَّم، وهذا شِرْك أكْبَر مُخْرِج مِنَ المِلَّة، يَحْرُم عَمَله أو إقْرَاره.
السَّامُّ عَلَيْكُم (سَامُّو عَلِيكو)
تُشْرَع مِنَ المُسْلِم جَوَابَاً عَلَى سلام الكَافِر، أمَّا جَوَابَاً لمُسْلِم فلا تَجُوز؛ لأنها دُعَاء عَلَيْه بالسَّامّ وهو المَوْت، ولأنها مُعَامَلَة للمُسْلِم بما يُعَامَل بِهِ الكَافِر، وهذا اعْتِدَاء وهَضْم لحَقّ المُسْلِمِين، ومُخَالَفَة لشَرِيعَة رَبّ العَالَمِين، فعن عَائِشَة رَضِيَ الله عنها قَالَت [ اسْتَأذَن رَهْط مِن اليَهُود عَلَى رسول الله صَلَّى الله عليه وسَلَّم فقالوا: السَّامُّ عَلَيْكُم، فقالت عَائِشَة: بَلْ عَلَيْكُم السَّامُّ واللَّعْنَة، فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسَلَّم: يا عَائِشَة؛ إنَّ الله يُحِبّ الرِّفْق في الأمْر كُلّه، قَالَت: ألَمْ تَسْمَع ما قالوا؟ قال: قد قُلْتُ: وعَلَيْكُم ]، وعن أبي هُرَيْرَة أنَّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسَلَّم قال [ لا تَبْدَءوا اليَهُود ولا النَّصَارَى بالسَّلام، فإذا لَقِيتُم أحَدهُم في طَرِيق فاضْطَرُّوه إلى أضْيَقه ].
سَبِّ الدِّين:
أجْمَعَ عُلَمَاء المُسْلِمِين عَلَى أنَّ مَنْ سَبَّ الله أو سَبَّ رَسُوله أو سَبَّ دِينه، فهُوَ كَافِر، حتى ولو كان مُقِرَّاً بما أنْزَلَهُ الله، وسَوَاء كان مُتَعَمِّدَاً أو مَازِحَاً، مُدْرِكَاً أو غَيْر مُدْرِك، ويَنْبَغِي عَلَيْه أنْ يَغْتَسِل ويَنْطِق بالشَّهَادَتَيْن ليَدْخُلَ الإسْلام مِنْ جَدِيد.
لا إلَه إلاَّ الله .. مُحَمَّد رَسُول الله:
كَلِمَة انْتَشَرَت بَيْنَ النَّاس بسَبَب ما يُشَاهِدُونَه في وَسَائل الإعْلام الفَاسِد، فلَيْسَ المَقْصُود مِنْهَا التَّوْحِيد، بَلْ المَقْصُود تَأمِين قَائِل شِقّهَا الأوَّل مِنَ الضَّرَر، فهذه الكَلِمَة أصْبَحَت تُقَال عِنْدَ الافْتِرَاق والبُعْد؛ سَوَاء بالسَّفَر أو بغَيْره، وأصْبَحَت وَسِيلَة إنْهَاء المُكَالَمَات التِّلِيفُونِيَّة، ويُقْصَد بها التَّعَوُّذ مِنَ الشَّرّ، وسُرْعَة عَوْدَة الغَائِب، وضَمَان سَلامَته، وكأنَّهَا مُعَوِّذَة مِنَ المُعَوِّذَات الشَّرْعِيَّة ضِدّ الخَطَر، أو كأنَّهَا وَسِيلَة تَحِيَّة، أو كأنَّهَا أسْرَع وَسِيلَة مُوَاصَلات، فهذه الكَلِمَة أنْزَلَهَا الله لتَكُون كَلِمَة تَوْحِيد، وبَابَاً للدُّخُول في الإسْلام، ومِنْهَاج عَمَل يَعِيش عَلَيْه المُسْلِم، ولَمْ يَجْعَلها تَحِيَّة بَيْنَ المُسْلِمِين، ولَمْ يَجْعَلها مُعَوِّذَة ضِدّ الخَطَر، وهي لَيْسَت بقَادِرَة عَلَى تَحْقِيق شَيْء، إنَّمَا هي وَسِيلَة، خَصَّهَا الله بمُهِمَّة وَاحِدَة فقط وهي الدُّخُول في الإسْلام، ولَمْ يَجْعَلها وَسِيلَة لسُرْعَة عَوْدَة الغَائِب أو ضَمَان سَلامَته وما إلى ذَلِك مِنْ أُمُور، فلا يَجُوز اسْتِخْدَامها كتَحِيَّة عِنْدَ التَّقَابُل أو الافْتِرَاق، أو لإنْهَاء المُكَالَمَات، أو كِتَابَتها عَلَى وَرَقَة ثُمَّ شَقّ الوَرَقَة شِقَّيْن ليَأخُذ كُلّ طَرَف شِقّ لضَمَان التَّقَابُل مَرَّة أُخْرَى، أو جَعْل شِقَّيْهَا في صورة قِلادَة يَتَقَلَّد بها الرِّجَال والنِّسَاء، فهذا الفِعْل أشْبَه بعَمَل الأحْجِبَة والتَّمَائِم التي يقوم بها الدَّجَّالِين، وهذه البِدْعَة مِنْ اخْتِرَاعهم، قاموا باخْتِيَار كَلِمَة مِنْ صَحِيح الدِّين حتى يَنْشُرُوا بِدْعَتهم عَلَى النَّاس في صُورَة يَتَقَبَّلُونَهَا، والله تعالى حَدَّدَ لَنَا كُلّ الأُمُور، ولَمْ يَتْرُك شَيْئَاً ليَتَفَضَّل بِهِ هؤلاء العُقَلاء عَلَيْنَا ويُكْمِلوا لَنَا ما غَابَ بَيَانه عن الله ورسوله، فعِنْدَ التَّحِيَّة واللِّقَاء والفراق أمَرَنَا الله بقول ( السَّلام عَلَيْكُم )، وهي تَحِيَّة أهْل الجَنَّة، وعِنْدَ الرُّقْيَة عَلَّمَنَا عَلَى يَد رسوله صَلَّى الله عليه وسَلَّم الرُّقْيَة الشَّرْعِيَّة، وعِنْدَ الفراق حَدَّدَ لَنَا ما نقوله بجَمِيل السَّلام وحُسْن الدُّعَاء وكَمَال النَّصِيحَة، ولَمْ يَرِد عن رسول الله صَلَّى الله عليه وسَلَّم وصَحَابَته والتَّابِعِين في أي مَوْضِع سَوَاء الأحَادِيث الصَّحِيحَة أو حتى الضَّعِيفَة أنَّ هُنَاك مَنْ اسْتَخْدَم هذه الكَلِمَة كتَحِيَّة أو تَمِيمَة للحِفْظ مِنَ الضَّرَر أو لإنْهَاء لِقَاء أو لسُرْعَة رَدّ الغَائِب، وبالتَّالِي فهي بِدْعَة، والبِدْعَة هي كُلّ أمْر مُسْتَحْدَث لَيْسَ لَهُ أصْل في الدِّين ولَيْسَ لَهُ ما يُبَرِّر صِحَّته شَرْعَاً بالدَّلائِل والبَرَاهِين القَاطِعَة.
الاسْتِهْزَاء بالله وبِرَسُوله وبِكُتُبه:
قال تعالى [ وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ 65 لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ]، ونَرَاه في أُمُور كَثِيرَة، فمَثَلاً نَرَاه فيِمَن يَخْتَرِعُون النِّكَات عن المَلائِكَة، وعن عَذَاب القَبْر ونَعِيمه، ونَرَاه فيِمَن يُحَرِّفون القُرْآن في قَوْلهم لَيَّاً بألْسِنَتهم فيُبِيحُون حَرَامَاً ويُحَرِّمُون حَلالاً تَوَافُقَاً مَعَ أهْوَاءهم وأهْوَاء مَنْ وَرَاءهم، ونَرَاه أيْضَاً في المُتَكَلِّمِين اسْتِخْفَافَاً واسْتِهْزَاءَاً، جَهْلاً وجَهَالَةً، ويَدْخُل في نَفْس المَوْضُوع مَنْ يَسْتَهْزِأ بالرِّجَال الذين أطْلَقُوا لِحَاهُم، وسِيمَاهُم في وُجُوههم مِنْ أثر السُّجُود، ومَنْ حَافَظَت عَلَى حَيَاءها وجَسَدَها بالنِّقَاب، ومَنْ لا يَسْتَمِع الغِنَاء، ومَنْ لا تَعْرِف الرَّقْص، ومَنْ يَرْفُضُون الاخْتِلاط ويَتَأدَّبُون بآدَابه، فيُقَال عَنْهُم مُتَخَلِّفُون، مُتَشَدِّدُون، مُتَزَمِّتُون، لا يَنْتَمُون إلى العَصْر الحَدِيث ولا إلى المَدَنِيَّة والتَّقَدُّم، وهؤلاء ما اسْتَهْزَءوا بالشَّخْص لنَفْسه، فرُبَّمَا لا يَعْرِفونَه أصْلاً، وإنَّمَا اسْتَهْزَءوا بالدِّين الذي بَدَا في مَظْهَره، فنقول لَهُم كما قال الله تعالى في كِتَابه [ إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُواْ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ 29 وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ 30 وَإِذَا انقَلَبُواْ إِلَى أَهْلِهِمُ انقَلَبُواْ فَكِهِينَ 31 وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلاء لَضَالُّونَ 32 وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ 33 فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُواْ مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ 34 عَلَى الأَرَائِكِ يَنظُرُونَ 35 هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ 36 ].
وَصْف الشَّرْع بالظُّلم (خَاصَّة في الأُمُور المُتَعَلِّقَة بالمَرْأة):
بَدَءوا بأنَّ الحِجَاب تَقْيِيد، وقَرَار المَرْأة في بَيْتها مِنَ الظّصلى الله عليه وسلم لها، ثُمَّ عَمَل المَرْأة هو الضَّمَان والحِمَايَة لها مِنْ غَدْر الزَّمَان، ثُمَّ الآن يُطَالِبُون بإلْغَاء [ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ ]، وإلْغَاء فَتْرَة العِدَّة للمُطَلَّقَة والأرْملَة، ثُمَّ تَحْرِيم وتَجْرِيم تَعَدُّد الزَّوْجَات، وتَحْرِيم الخِتَان، وبما أنَّ الأُمُور وَصَلَت إلى هذا الحَدّ، فالحِجَاب حُرِّيَّة شَخْصِيَّة، والمَرْأة قَاضِي شَرْعِي للنِّسَاء، وإمَام في المَسْجِد، فإذا ما وَاجَهْنَاهُم بالدِّين قالوا كَلِمَتهم الشَّهِيرَة التي حَفِظُوها سَوِيَّاً ويُرَوِّجُون لبِضَاعَتهم العَفِنَة اعْتِمَادَاً عَلَيْها [ هذا كَلامٌ مَضَى، وكان يُنَاسِب الوَقْت الذي نَزَلَ فِيهِ، ولكُلّ وَقْت مُتَغَيِّرَاته ومُتَطَلِّبَاته، هل تُرِيدُون أنْ نَعِيش في الألْفِيَّة بنَفْس تَفْكِير الجَاهِلِيَّة ]، فيَعْتَبِرُون الدِّين عَادَات وتَقَالِيد بَالِيَة، وَرَثْنَاهَا عن أسْلافنَا، وهي تَقْبَل التَّغْيِير والتَّبْدِيل تَبَعَاً للظُّرُوف والوَقْت والمَكَان، كما أنَّ بها هَمَجِيَّة ورَجْعِيَّة لا تَتَنَاسَب مَعَ التَّحَضُّر والمَدَنِيَّة السَّائِدَة الآن، وهذا كُلّه كلام يَهْدِم العَقِيدَة، ويُخْرِج مِنَ الإسْلام، ولَيْسَ لَهُم إلاَّ قَوْل الله تعالى [ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ 21 وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَيْنَ شُرَكَآؤُكُمُ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ 22 ثُمَّ لَمْ تَكُن فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ وَاللّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ 23 انظُرْ كَيْفَ كَذَبُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ 24 وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا حَتَّى إِذَا جَآؤُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَذَآ إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ 25 وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِن يُهْلِكُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ 26 وَلَوْ تَرَىَ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى النَّارِ فَقَالُواْ يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ 27 بَلْ بَدَا لَهُم مَّا كَانُواْ يُخْفُونَ مِن قَبْلُ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ 28 ].
فلان لا يرْحَم ولا يَتْرُك رَحْمَة رَبَّنا تَنْزِل:
كَلِمَة لا يَنْبَغِي أنْ تُقَال عَلَى الإطْلاق، وكأنَّ النَّاس لا تَقْرَأ القُرْآن أبَدَاً، ويَا لَلْعَجَب مِمَّن يَتَبَارَوْنَ في رَمَضَان في خَتْم القُرْآن أكْثَر مِنْ مَرَّة، وذَلِك كُلّ عَامْ، وتَجِدْهُم يَقُولُون هذه الكَلِمَات، فمَنْ ذَا الذي يَسْتَطِيع أنْ يَقِف في وَجْه الله ويَمْنَع إرَادَتهُ؟ إنَّه إذَن أحَقُّ بالعِبَادَة مِنَ الله؛ لأنَّه أقْوَى مِنَ الله ولَهُ قُدْرَة عَلَيْه، كَلاَّ .. فالله تعالى لا يُؤُدُه شَيْء، ولا يُنَازِعْه في سُلْطَانِه مُنَازِع، ألَمْ يَقْرَءُوا قَوْل الله جَلَّ وعَلا [ مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا ومَا يُمْسِكْ فَلاَ مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ]، ألَمْ يَسْمَعُوا عن ابن عَبَّاس رَضِيَ الله عَنْهُمَا أنَّه قال [ كُنْتُ خَلْفَ النَّبِيّ صَلَّى الله عليه وسَلَّم يَوْمَاً فقال: يا غُلام، إنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَات، احْفَظ الله يَحْفَظك، احْفَظ الله تَجِدْهُ تِجَاهك، إذا سَألْتَ فاسْأل الله، وإذا اسْتَعَنْتَ فاسْتَعِن بالله، واعْلَم أنَّ الأُمَّة لو اجْتَمَعَت عَلَى أنْ يَنْفَعُوكَ بشَيْء لَمْ يَنْفَعُوكَ إلاَّ بشَيْء قد كَتَبَهُ الله لك، وإنْ اجْتَمَعُوا عَلَى أنْ يَضُرُّوكَ بشَيْء لَمْ يَضُرُّوكَ إلاَّ بشَيْء قد كَتَبَهُ الله عَلَيْك، رُفِعَت الأقْلام وجَفَّت الصُّحُف ].